الداعية النجار: شرب بول الإبل دواء إسلامي
نشرت وكالة الأنباء رويترز تحقيقاً مثيرا حول «إطلالة الدعاة المتشددين» عبر القنوات التلفزيونية المصرية، حيث يظهر بشكل فاضح العلاقة بين رفع الرقابة على الإعلام بعد الربيع العربي والاستعمال «الخطر» في بعض الأحيان للحرية المكتسبة.
عندما أوصى الباحث الإسلامي زغلول النجار بشرب بول الإبل ووصفه بأنه علاج إسلامي لأمراض لا شفاء لها في برنامج تلفزيوني الشهر الماضي انهالت مكالمات غاضبة على البرنامج خلال دقائق. وقال الطبيب المعروف خالد منتصر في البرنامج الذي استضاف النجار “الطب قائم على الدليل.. مش معقولة حعلمك يا دكتور.” وأضاف أنه ليس راضيا عما يحدث للمسلمين بسبب أفكار كأفكار النجار.
أصبح الإعلام المصري الذي كان يخضع يوما لرقابة شديدة من الدولة يحظى بحرية ليعبر الجميع عن أفكارهم ونظرياتهم ونصائحهم التي ربما تكون غريبة أو تنم عن جهل وما يراه البعض خطرا محدقا.
وأغلب الحديث هو نتاج محمود وحتمي للإصلاحات الديمقراطية التي دعت إليها انتفاضات الربيع العربي لفتح المجال لأصوات جديدة.
لكن بعض المصريين يخشون أن يستغل تلك الحريات متشددون إسلاميون وأشخاص نصبوا أنفسهم خبراء في الدين لبسط نفوذهم في مجتمع ما زال يحاول الوقوف على قدميه بعد شهور من الاضطرابات.
وانتقد المفتي علي جمعة فتاوى يصدرها دعاة غير مؤهلين وإطلاق آراء كالقول بأن علاج المرضى ببول الإبل من التوجيهات الإسلامية. وقال إبراهيم نجم المتحدث باسم المفتي إن مثل هذا الحديث خطأ.
وفاز الرئيس المصري الإسلامي محمد مرسي في انتخابات في يونيو حزيران ومن أكبر الاختبارات التي تواجهه كيفية تعامله مع المتشددين الذين تثير أفكارهم قلق المسلمين المعتدلين والمسيحيين.
وتتعرض جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي لها والتي تعهدت باحترام الديمقراطية لضغط لاتخاذ موقف واضح.
وقال المحلل السياسي نبيل عبد الفتاح إن الاخوان الآن في السلطة ولابد أن يتصرفوا باعتبارهم حكاما وأن يحددوا موقفهم من الآراء المتشددة والأشخاص الذين يعبرون عنها.
وعندما كان الرئيس السابق حسني مبارك في السلطة كانت الحكومة تحكم الرقابة على وسائل الإعلام وكثيرا ما كان مديرو القنوات الفضائية يتعرضون لمضايقات من أمن الدولة إذا أغضب الضيوف السلطات.
وكما كانت هذه القيود تقمع النشطاء المطالبين بالديمقراطية وتحد من انتقاد نظام مبارك فإنها كانت تكبح أيضا التطرف الديني.
وفي حين يرحب بعض المصريين بالنقاش الحر الذي تشهده البلاد اليوم يرى آخرون أن إذاعة أفكار متعصبة أو غريبة تجعلها أكثر قبولا وتشجع التعصب وفي بعض الأحيان تستغل الجهل في مجتمع محافظ دينيا ويعاني فيه كثيرون من الأمية.
وسارع مسؤولون في الحكومة ومعلقون في وسائل الإعلام بانتقاد عبد المنعم الشحات وهو شخصية سلفية مشهورة عندما لمح في العام الماضي إلى ضرورة تغطية التماثيل القديمة بما في ذلك تمثال أبي الهول أمام أهرام الجيزة معتبرا إياها من الأوثان.
وفي فبراير شباط قال الشحات إنه ينبغي منع مباريات كرة القدم والسماح فقط بسباقات الخيول والجمال كما كان يحدث في عهد الرسول محمد.
وقال سلفيون آخرون إن تحية العلم المصري أو غناء النشيد الوطني مناف للإسلام وطلبوا من المسلمين اعتبار أي شخص “علماني أو ليبرالي” كافرا ورفضوا تعليم اللغة الانجليزية في المدارس.
وأدان المفتي ترديد مثل تلك التصريحات باسم الدين.
وقال نجم المتحدث باسمه إن الهواة غير المدربين الذين يحاولون إصدار الفتاوى ليسوا علماء حقيقيين وفتاواهم هي آراء مستقلة غير علمية يصدرونها وفقا لأهوائهم وأغراضهم.
وليس هناك مؤشرات كثيرة على أن مثل هذه الآراء تؤخذ على محمل جدي لكنها تثير قلق المصريين المعتدلين في مرحلة حساسة.
وتعكف الجمعية التأسيسية المؤلفة من مئة فرد من المتخصصين والساسة والأكاديميين وآخرين على وضع دستور جديد يحدد دور الإسلام والشريعة في الحكومة المصرية والنظام القانوني. وثار خلاف بين الليبراليين والإسلاميين حول المواد الدستورية.
وثارت حفيظة الكثير من المشاهدين عندما وافقت المذيعة هالة سرحان في برنامجها على طلب عاصم عبد الماجد الشخصية البارزة بالجماعة الإسلامية السلفية إجراء المقابلة معه عبر حاجز لأنها ليست محجبة.
وكتب أحد المشاهدين على موقع يوتيوب حيث وضع الفيديو الخاص بالمقابلة “كان أكرم لهالة سرحان أن تعتذر عن هذه الحلقة المخجلة على أن تقبل على نفسها هذا الوضع.”
وعبر شريف الحسيني وهو محام يبلغ من العمر 35 عاما عن رأي قطاع كبير من المصريين بقوله “من الأسباب التي خاطرت بحياتي من أجلها في الاحتجاجات العام الماضي هو أن تتقدم البلاد وليس بالطبع أن تتأخر للوراء لعصر ما قبل التاريخ.”
لكن يرى آخرون أن مثل هذه الشكاوى تظهر أن المجتمع لم يتقبل بعد الانفتاح الديمقراطي.
وقال المحلل السياسي مصطفى السيد “في الولايات المتحدة الأمريكية خرج هذا الفيلم المسيء للرسول وهنا أيضا هناك من لهم آراء سديدة وآراء غير سديدة” مضيفا أن الحكومة من واجبها تشجيع الفكر المعتدل.
وقال “هذه هي الضريبة التي يجب أن يدفعها كل مجتمع عن حرية التعبير