لبنان على كف عفريت الحرب الأهلية
عين مساء الاحد العقيد عماد عثمان رئيسا لفرع المعلومات في قوى الامن الداخلي اللبنانية خلفا للواء وسام الحسن الذي قتل الجمعة في انفجار سيارة مفخخة في شرق بيروت مع شخصين آخرين، بحسب ما ذكرت الوكالة الوطنية للاعلام. وقالت الوكالة “عين المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، وبعدما تشاور مع وزير الداخلية العميد مروان شربل، العقيد عماد عثمان رئيسا لشعبة المعلومات خلفا للواء الشهيد وسام الحسن”. وكان عثمان من ضمن الفريق الذي عمل مع وسام الحسن عندما كان هذا الاخير مديرا للمراسم مع رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري الذي قتل في تفجير آخر العام 2005. بعد ذلك، تولى عثمان رئاسة سرية الحرس الحكومي خلال فترة رئاسة سعد الحريري، نجل رفيق الحريري، للحكومة التي سقطت في كانون الثاني/يناير 2011.
وعلق سعد الحريري، ابرز اركان المعارضة الحالية، على تعيين العقيد عماد عثمان، بالقول ان هذا الاخير “عصامي ومؤسساتي”، وقال ردا على سؤال في اتصال هاتفي مع تلفزيون المستقبل ان عثمان “عمل مع اللواء اشرف ريفي ومع اللواء وسام الحسن. انه يعرف المهنة، عصامي، مؤسساتي يعمل لصالح الدولة”. واضاف “نتمنى له التوفيق ونتمنى ان نرى انجازات كبيرة لشعبة المعلومات”.
إلا أن هذا لم يقف حائلاً دون تفاقم الوضع بشكل خطير جداً فقد أفادت الأنباء عن تراشق نيران في محلة الكولة بين مؤيدي تيار المستقبل وشبان من حركة أمل وحزب الله كما تم إطلاق النار على قوات الجيش اللبناني. كما حصلت اشتباكات في طريق الجديدة في غرب بيروت دون أن يعرف بالتحديد الجهات المتقاتلة. كما رصدت حواجز طيارة في منطقة قصقص والمزرعة وكذلك على اوتوستراد المدينة الرياضية وخلف الجامعة العربية.
وتأتي هذه التحركات تتويجاً لحركة عنف كبرى أعقبت تشييع اللواء وسام الحسن ورفيقه. وكان متظاهرون يشاركون في تشييع رئيس فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي، حاولوا اقتحام مقر رئاسة الحكومة في بيروت، ما دفع القوى الامنية إلى إطلاق النار في الهواء بكثافة لتفريقهم، مستخدمة أيضاً القنابل المسيلة للدموع للغرض نفسه. وحاول المتظاهرون وتنتمي غالبيتهم إلى حزبي “القوات” و”الكتائب” ، اقتحام الاسلاك الشائكة عند المدخل الرئيسي للسراي الحكومي، وازالوا حاجز الاسلاك الذي يعيق الوصول الى السراي، والقوا حجارة وقطعا خشبية باتجاه القوى الأمنية، ما تسبب باصابة عدد من عناصر الامن بجروح. كما اصيب بعض المتظاهرين بالاختناق والإغماء نتيجة القنابل المسيلة للدموع. واعادت القوى الامنية بمساندة من الجيش اللبناني الحاجز، بعدما ابعدت المتظاهرين الذين كرروا محاولة الاقتحام اكثر من مرة.
ودعا رئيس الحكومة السابق سعد الحريري المتظاهرين الغاضبين الى “الهدوء والانسحاب من الشارع فورا”. وقال الحريري في اتصال عبر قناة “المستقبل” ان “الحكومة يجب ان تسقط، ولكن هذا يجب ان يحدث بطريقة سلمية، وانا اطالب كل المناصرين وكل الموجودين في الطرقات الان ان ينسحبوا”. وأضاف الحريري “القوى الامنية موجودة لحمايتهم وليست اعداءهم”، مبديا استعداده لـ”ارسال حرس بيت الوسط لحماية السراي الحكومي”. كما دعا الرئيس فؤاد السنيورة الى انسحاب المتظاهرين من الشوارع.
من ناحيته، طالب رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع “كلّ مناصري القوات اللبنانية والمحازبين والاصدقاء وشعب قوى 14 آذار في ساحة رياض الصلح بالكف عن مهاجمة السراي الكبير فوراً والاستمرار بالتعبير الهادئ والسلمي عن مطالبهم”.
بالمقابل حمّل رئيس كتلة “المستقبل” فؤاد السنيورة الحكومة اللبنانية مسؤولية اغتيال رئيس فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي اللواء وسام الحسن، مؤكدا ان “لا حوار ولا كلام قبل سقوطها”. وقال السنيورة في كلمة القاها أثناء تشييع الحسن أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت “لا كلام قبل رحيل الحكومة” و”ليكن واضحا وجليا وسنقولها بصراحة: لا حوار على دم الشهداء ولا حوار على دماء اللبنانيين”.
واضاف متوجها الى ميقاتي “اخرج يا دولة الرئيس ميقاتي الى حيث يريدك اللبنانيون، والا فانت متهم بالتغطية على المجرمين والقتلة”.
وتابع “اخرج لان الشعب اللبناني لن يقبل بعد اليوم استمرار حكومة الاغتيال”، مكررا ثلاث مرات “الآن انت المسؤول”. وقال السنيورة “هذه الحكومة هي المسؤولة عن جريمة اغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن ورفاقه الشهداء، فلترحل اذن”.
وبرر هذه المسؤولية بوجود “تآمر ومساعدة محلية للقاتل الجبان والذي اصدر الاوامر بالقتل”، مضيفا “هناك مساعدة ومؤازرة بدات من مطار بيروت وصولا الى مكان الجريمة في الاشرفية”. وتوجه للرئيس ميقاتي بالقول “لم يعد بامكانك الاستمرار كما انت وحيث انت واستمرارك في موقعك يعني انك موافق على ما جرى”، مذكرا بان الحكومة “ولدت من رحم الانقلاب المسلح الذي نفذه حزب الله والنظام السوري”.
وختم السنيورة “لا لحكومة تعمل على تغطية الجريمة. نعم لحكومة انقاذية محايدة برئيسها واعضائها يطمئن اليها اللبنانيون وتحمي اللبنانيين وتعبر باللبنانيين الى مرحلة جديدة. هذا هو طريق الانقاذ”.
وفي طرابلس قام النائب معين المرعبي، يرافقه عدد من أنصار “تيار المستقبل”، بالاعتصام أمام منزل الرئيس نجيب ميقاتي. وشهد الاعتصام تلاسنا بين عناصر الحرس الحكومي والمرعبي، الذي اجتاز حاجز قوى الأمن الداخلي، ونفذ اعتصامه في الشارع المقابل لمنزل ميقاتي. ثم عمد عدد من المعتصمين إلى نصب ثلاث خيم بالقرب من المنزل واحدة من ناحية جامع الغندور، واثنتان من جهة فندق “كواليتي إن”.
واستمرت أعمال القنص بين التبانة وجبل محسن في طرابلس، وقد تطورت منذ قليل على “محور ستاركو”، وأدت الى إصابة خمسة أشخاص في شارع سوريا، ليرتفع عدد المصابين الى 8 أشخاص اليوم، وإلى 13 شخصاً منذ بدء عمليات القنص مساء الجمعة.
افادتمصادر متقاطعة في عكار، عن اطلاق نار كثيف في البيرة، وانتشار عدد كبير من المسلحين على الطريق العام وبالقرب من مدرسة الشيخ عبد الواحد. كما أقدم عدد من الشبان على قطع طريق عام العبدة ـ طرابلس بالسواتر التربية في الاتجاهين ما تسبب بزحمة سير خانقة، ويتم العمل على نصب خيم وسط الطريق، تعبيرا عن رفضهم لاغتيال اللواء وسام الحسن، وللمطالبة بإستقالة الحكومة. وجرى إغلاق الحدود الدولية بين لبنان وسوريا عند معبري العريضة والعبودية، من الجانب السوري بشكل تام، ولوحظ تواجد كثيف لمواطنين سوريين تجمعوا أمام معبر العريضة بهدف الدخول الى سوريا من دون أن يتم السماح لهم بذلك. من جهة أخرى، تستمر الاجراءات الامنية في مدينة حلبا، حيث اقام الجيش اللبناني نقاطا ثابتة وحواجز تفتيش.
وفي البقاع الأوسط قامت مجموعات من الشبان، بقطع طرق شتورة، سعدنايل، تعلبايا، وطريق ضهر البيدر عند مفرق جديتا. وأفيد عن احتكاك بين قاطعي الطرق وركاب إحدى السيارات، الذين أطلقوا النار في الهواء أثناء عبورهم الطريق المقطوعة. وفي البقاع الغربي، اعتصم حشد من محازبي ومناصري “تيار المستقبل” أمام منسقيتهم في جب جنين، وشارك في الاعتصام النائب أمين وهبي، وحشد من محازبي وكوادر ومسؤولي الوحدات الحزبية، وأعضاء هيئة قيادة وكالة داخلية البقاع الجنوبي في الحزب التقدمي الاشتراكي، يتقدمهم وكيل الداخلية نواف التقي، ولفيف من مشايخ طائفة الموحدين الدروز يتقدمهم عضو المجلس المذهبي للطائفة الشيخ أسعد سرحال.
كما أقدمت مجموعات من الشبان الغاضبين، على قطع الخط العام الذي يربط المصنع – مثلث بيادر العدس – مثلث ضهر الأحمر، وصولاً إلى مثلث كفرمشكي وتفرعاته نحو الجنوب عبر الحاصباني، ونحو مثلث سد القرعون في البقاع الغربي، مشعلين الإطارات المطاطية، ومستخدمين الجرافات في رفع الردميات وأكوام الأتربة والصخور، وذلك في محلة البيرة – عزة، وفي الرفيد وعند مدخل ضهر الأحمر، في قضاء راشيا، كما عمد شبان مقنعون يحملون العصي على سد المنافذ المؤدية إلى جب جنين وتقطيع أوصال منطقة البقاع الغربي، بإحراق الإطارات وسط شبكة الطرق الرئيسية التي تصب عند مثلث كامد اللوز – جب جنين – غزة، مانعة بذلك السيارات من الوصول إلى عشرات القرى والبلدات، إلا عبر طرق فرعية، وشبكة المواصلات الجانبية. وقامت مجموعات أخرى بقطع الطريق الرئيسية المؤدية إلى منطقة البقاع الغربي في حوش الحريمة وفي غزة، ما حدا بالعابرين إلى سلوك مسافات طويلة عبر مسالك ترابية وسط السهل للوصول إلى قراهم.
وقام بعض الشبان بمهاجمة عيادة طب الأسنان العائدة للمنفذ العام لـ”الحزب السوري القومي الاجتماعي” في البقاع الغربي الدكتور نضال منعم المحاذية لمثلث جب جنين، كامد – غزة، حيث أضرموا النيران في محتوياتها، متسببين بأضرار جسيمة بالمعدات والآلات والأجهزة الطبية.
قامت القوى الأمنية برفع العوائق والإطارات والحجارة والسواتر الترابية عند مفرق بلدة برجا. ومع ساعات الصباح الأولى، شهد الاوتوستراد حركة سير خفيفة من وإلى الجنوب وبيروت. وعند مفرق الدبية، في محلة السعديات كان لافتا وجود عمود حديدي للكهرباء، تم إقفال الطريق بواسطته. وأفيد أن الشابين ع. ب. ط. (إصابة في الرأس وحالته خطرة)، وأ. ض.، من بلدة كترمايا، أصيبا بطلقات نارية مساء في منطقة وادي الزينة، ونقل ع. ب. ط. إلى “مستشفى سبلين الحكومي” للمعالجة، بينما نقل أ. ض. إلى احد مستشفيات صيدا.
شهدت شوارع عكار حركة طبيعية مساء، مع إعادة فتح الطرق بشكل جزئي أمام السيارات والمارة. كما عمل الجيش اللبناني على استقدام تعزيزات أمنية في محيط بلدة حلبا وتحديدا أمام مركز الحزب القومي. وأقام حواجز في أكثر من منطقة، بدءا من مفترق بلدة الجديدة وحتى بلدة كوشا. وعمل على تسيير دوريات في شوارع المنطقة.
وتوقفت حركة العبور بين لبنان وسوريا، حيث فوجئ موظفو الجمارك من الجانب اللبناني بعدم إدخال أي من السيارات والشاحنات التي أنجزت معاملاتها إلى الداخل السوري، بينما تم السماح للسيارات اللبنانية بالعبور إلى لبنان. وفي وادي خالد انطلقت تظاهرة، احتجاجا على اغتيال العميد وسام الحسن، وشارك فيها حشد كبير من أبناء المنطقة الذين رفعوا الشعارات واللافتات المنددة.
خيّم الدخان الأسود على سماء طرابلس وانتشرت مجموعات مسلحة غاضبة في شوارع عاصمة الشمال. وفي البداوي، شهدت الطرق أعمال حرق إطارات وظهورا مسلحا، وإقفالا فرض على المنطقة التي ارتفعت فيها لافتات وصور تستنكر وتتوعد بالقصاص.
واستمرت أعمال القنص على محور الريفا ـ جبل محسن، وأفيد عن مقتل الطفلة جنى كمال الدين، وتبلغ من العمر تسع سنوات، وهي من سكان جبل محسن، لترتفع حصيلة المناوشات على مدار 48 ساعة إلى قتيلة و14 جريحاً.