«ساندي» يشل الحياة شرق الولايات المتحدة
اصيبت معظم المناطق الشمالية الشرقية من الولايات المتحدة بالشلل مع توقف وسائل النقل العام والغاء الرحلات الجوية واقفال المدارس الاثنين مع قرب وصول الاعصار ساندي الذي اطلق عليه اسم “فرانكستورم” (العاصفة الوحش) ويهدد باحداث اضرار ودمار في المنطقة حيث تصاحبه رياح عاتية وامطار غزيرة.
ويلقي الاعصار بثقله على الحملة الانتخابية قبل ثمانية ايام من الانتخابات الرئاسية، فقد اوقف الرئيس الاميركي باراك اوباما حملته في حين اعلن منافسه الجمهوري ميت رومني انه سيوقفها مساء الاثنين.
وفي هذه المنطقة الاكثر اكتظاظا بالسكان في البلاد، قد يتاثر خمسون الف شخص سواء جراء الفيضانات المتوقعة بسبب الامطار الغزيرة او جراء انقطاع التيار الكهربائي بسبب سقوط الاشجار تحت تاثير العواصف.
وقال اوباما في كلمة في البيت الابيض في ختام اجتماع خلية ازمة ان “الاولوية هي العمل بما يؤدي الى انقاذ الارواح”.
واضاف “هذه عاصفة خطيرة وكبيرة، ورسالتي الاولى لجميع الناس على الجهة الشرقية من البحر ومنتصف المحيط الاطلسي الى الشمال، ان ياخذوا هذه العاصفة على محمل الجد”.
وقال اوباما ايضا “اتبعوا تعليمات مسؤولي الولاية والمسؤولين المحليين لانهم سيقدمون لكم افضل النصائح حول كيفية التعامل مع هذه العاصفة خلال الايام المقبلة”.
وجاءت تصريحات اوباما بعد زيارة لمقر وكالة ادارة الطوارئ الفدرالية اطلع خلالها على وضع العاصفة التي تقترب من البلاد، مؤكدا انها عاصفة تتحرك ببطء ويستغرق مرورها والخروج منها وقتا طويلا.
ويسمح له وقف حملته الانتخابية في وقت حرج بالظهور في مظهر “القائد” بعيدا عن التقصير الذي اخذ على جورج بوش اثناء مرور الاعصار كاترينا في العام 2005.
من جهته، الغى المرشح الجمهوري لقاءاته الانتخابية المتوقعة اعتبارا من مساء الاثنين “احتراما لملايين الاميركيين” المهددين بالاعصار.
وسيبلغ الاعصار ساندي مساء الاثنين نيوجيرزي على مقربة من اتلانتيك سيتي التي تعتبر “لاس فيغاس الساحل الشرقي”، بحسب مصلحة الارصاد الجوية.
وقد اخلت غالبية سكان هذا المنتجع الساحلي البالغ عدد سكانه 40 الفا، المدينة التي حظرت الشرطة الدخول اليها، كما افاد مراسل لوكالة فرانس برس.
لكن البعض راى ان الوقت بات متاخرا: فقد نشرت احدى نزيلات فندق وتدعى اوبري فيلان على تويتر صورا للمنتجع الساحلي وقد غمرته المياه.
وكان مركز الاعصار الاثنين عند الساعة 11,00 (15,00 ت غ) على بعد 415 كلم جنوب نيويورك ويتجه نحو الشمال الغربي بسرعة عادت لتهبط الى 30 كلم في الساعة، بحسب اخر نشرة للمركز الوطني الاميركي للاعاصير.
ويشتد الاعصار ساندي الاثنين مع اقترابه من الساحل الشمالي الشرقي للولايات المتحدة مصحوبا برياح تقدر سرعتها ب150 كلم في الساعة، بحسب اخر نشرة للمركز، وبات السكان على بعد 800 كلم يشعرون به.
وازداد انخفاض الضغط الجوي المنخفض تاريخيا ليبلغ 943 هكتوباسكال عندما يكون الضغط العادي 1015 هكتوباسكال، بحسب طائرة لرصد الاعاصير، كما اوضح المركز.
وبحسب مصالح الارصاد الجوية، فان الامتداد الكبير للعاصفة وضعف تحركها ومصاحبتها لبرد قارس مصدره كندا هي التي تجعله خطيرا جدا.
وعلى ساحل الاطلسي، كان المحيط يزبد والمطر يهطل كما دلت مشاهد شبكات التلفزيون التي اوفدت صحافيين لتغطية كل ذلك.
وتوقع حاكم ولاية ميريلاند مارتن اومالي ان “يكون ذلك طويلا. الايام المقبلة ستكون صعبة. سيموت اناس وسيقتل اخرون خلال العاصفة”.
في البحر، تمكنت مروحيات خفر السواحل الاميركيين الاثنين من انقاذ 14 من افراد طاقم سفينة هي نموذج للسفينة الشراعية التاريخية “اتش ام اس باونتي”، فر منها طاقمها بسبب الاعصار ساندي، الا ان شخصين لا يزالان في عداد المفقودين، بحسب خفر السواحل.
وقال الخفر ان طائرة تابعة للبحرية من طراز اتش سي-130 لا تزال في الموقع قبالة ساحل نورث كارولاينا للبحث عن المفقودين الاثنين.
واضاف ان “الاشخاص ال14 نقلوا جوا الى محطة اليزابيث سيتي الجوية حيث سيستقبلهم عناصر الخدمات الطبية الطارئة”.
وعلقت شركة امتراك جميع خدمات الحافلات والقطارات في منطقة الساحل. كما توقفت حركة الحافلات والقطارات في نيويورك وفيلادلفيا وواشنطن.
وغرقت نيويورك الاثنين في هدوء لافت. فقد الغيت اكثر من 7400 رحلة طيران كان من المقرر ان تنطلق من الساحل الشرقي، وتوقفت حركة المواصلات البرية، وتم الايعاز لموظفي الحكومة غير الاساسيين بعدم الحضور الى اماكن العمل.
واعلنت بورصة نيويورك وناسداك واسواق الاوراق المالية في شيكاغو انها ستغلق يوم الاثنين وربما حتى يوم الثلاثاء.
والغت الامم المتحدة اجتماعاتها في مقرها في نيويورك، كما ستغلق مسارح برودواي وكارنيغي هول ابوابها، والغيت الدراسة في مدارس بالتيمور وبوسطن وواشنطن وعدد من البلدات الصغيرة الاخرى.
وصدرت الاوامر لمئات الالاف من سكان المناطق الساحلية المنخفضة بمغادرة المنطقة، وذكر مراسل وكالة فرانس برس ان منتجع ريهوبوث الساحلي في ديلاوير تحول الى مدينة اشباح بعد انتهاء مهلة الاخلاء الاجباري للمنطقة.
وكانت سلطات نيويورك امرت الاحد باجلاء 370 الف شخص من المناطق الساحلية المنخفضة مع اقتراب وصول الاعصار الذي ازدادت قوته خلال الليل واجبر المنطقة الساحلية الشرقية باكملها على وقف حياتها المعتادة.
لكن عددا من المواطنين يفضلون العودة الى منازلهم. وقالت كانديس رولاند وهي نيويوركية في السابعة والستين خرجت تلتقط صورا لارتفاع منسوب المياه في حي باتري بارك في جنوب مانهاتن “اعتقد ان كل شيء سيجري على احسن حال بالنسبة الينا، المبنى الذي اقطن فيه يمكنه ان يقاوم رياحا بسرعة 200 كلم/ساعة”.
الا انها تقر بان الاعصار ساندي “اسوأ من ايرين”، الاعصار الذي ضرب في اب/اغسطس 2011 وخلف 47 قتيلا.
من جهة اخرى، افادت تقديرات اولية لشركة “ايكيكيت” المتخصصة ان الاعصار ساندي قد يسبب اضرارا بقيمة تتراوح بين 10 الى 20 مليار دولار ويؤدي الى خسارة شركات التامين ما بين 5 الى 10 مليارات دولار.
وقالت شركة الدراسات هذه في بيان ان “ساندي عاصفة كبيرة للغاية تؤثر على 20 بالمئة من السكان في الولايات المتحدة. والاضرار الاقتصادية (المتوقعة) تقدر ب10 الى 20 مليار دولار”.
واضافت ان “الاضرار المشمولة ببوالص التامين تقدر بما بين 5 الى 10 مليارات دولار”.
وعلى سبيل المقارنة، فان الاضرار التي سببها الاعصار ايرين في 2011 قدرت بعشرة مليارات دولار، بينما اضرار الاعصار آيك الذي ضرب الولايات المتحدة في العام 2008 كلفت الاقتصاد الاميركي 20 مليار دولار، كما قالت ايكيكيت.
والاعصار كاترينا الذي دمر نيواورلينز في 2005 كلف بين 40 و66 مليار دولار
وفي بوسطن كما في فيلادلفيا او واشنطن، يتكرر السيناريو نفسه. المدارس مقفلة ووسائل النقل العام متوقفة. وفي العاصمة الفدرالية وجهت الدعوة الى الموظفين في منطقة كولومبيا لعدم التوجه الى اعمالهم ولزوم منازلهم وابقت بعض المتاجر ابوابها مقفلة.
وقبالة البيت الابيض، قالت كيث تاي وابنها “امامنا وقت وبالتالي فهذه ليست مشكلة في الحقيقة”.
وسيشعر بالاعصار ساندي سكان في اماكن بعيدة. فسوف تغطى جبال فيرجينيا الغربية بنحو متر من الثلج بينما امواج بحيرة ميشيغن على بعد اكثر من الف كلم من الاطلسي قد تصل الى علو متر، بحسب الارصاد الجوية الوطنية.
وقد اسفر الاعصار حتى الان عن مقتل 66 شخصا بعد مروره في الكاريبي.