“ساندي” يربك حياة الملايين في شمال شرق أميركا
واجه شمال شرق الولايات المتحدة ارتباكا وانقطاعا في الكهرباء لفترات طويلة، بعد ان غمرت المياه مساحات شاسعة منذ ان اجتاح الاعصار ساندي المناطق الساحلية التي شهدت ارتفاعا قياسيا في منسوب مياء البحر ورياحا عاتية وامطارا غزيرة، فيما قفز عدد القتلى إلى 45 شخصا على الاقل وقدرت الخسائر بمليارات الدولارات.
وسيقضي ملايين السكان في مدينة نيويورك والمناطق الاخرى التي تضررت بشدة، أياما بل ربما اسابيع حتى يفيقوا من أثر الاعصار ساندي الذي اعتبر بالفعل أكثر تدميرا من الاعصار ايرين الذي ضرب نفس المنطقة العام الماضي. وقالت احدى شركات تقييم حجم الكوارث ان ساندي تسبب في خسائر مؤمن عليها بلغت 15 مليار دولار. وقتل ساندي 18 شخصا في مدينة نيويورك من بين 23 قتيلا في الولاية بينما قتل ستة في نيوجيرزي. كما حدثت وفيات في سبع ولايات اخرى. وقالت وزارة الطاقة الأميركية إن أكثر من ثمانية ملايين منزل وشركة في عدة ولايات دون كهرباء بعد ان اسقطت الاشجار التي اقتلعها ساندي خطوط الكهرباء.
وكانت العاصفة عطلت حملات انتخابات الرئاسة الأميركية قبل أسبوع من يوم الانتخاب، وضربت الساحل في ساعة متأخرة يوم الاثنين ثم حولت غضبها الى الداخل واستمرت في تقدمها في اليابسة حاملة ثلوجا وأمطارا مطيحة بحملة غير مسبوقة لتشجيع التصويت المبكر وأثارت تساؤلات بشأن مدى استعداد بعض الدوائر الانتخابية لان تفتح أبوابها يوم التصويت في السادس من نوفمبر/ تشرين الثاني.
وبعد ان تدفقت المياه في شبكة مترو الأنفاق بمدينة نيويورك، يحاول السكان تسيير حياتهم بدونها حيث ستظل مغلقة عدة أيام. وغمرت المياه مناطق كثيرة من وول ستريت حي المال في مانهاتن وان عبر مسؤولون عن أملهم في اعادة فتح الاسواق الاربعاء. وظلت أسواق المال مغلقة يومي الاثنين والثلاثاء على التوالي.
وتعتبر العاصفة ساندي أكبر عاصفة تشهدها البلاد على مدى أجيال وكانت تحمل رياحا بقوة رياح الاعصار حين وصلت الى اليابسة مساء الاثنين قرب منتجع اتلانتيك سيتي في نيوجيرزي وألحقت الدمار بالمنطقة السياحية جيرزي شور. وحملت المياه السيارات المتوقفة ورفعتها الى طريق سريع مهجور.
ومع توقف الحملة الانتخابية والمنافسات الحزبية يعتزم الرئيس الديمقراطي باراك أوباما ومنافسه الجمهوري ميت رومني وحاكم ولاية نيوجيرزي الجمهوري كريس كريستي تفقد المناطق التي اعلنت مناطق كوارث في الولاية يوم الاربعاء.
وبعد تنحية السياسة جانبا في هذه اللحظة أشاد كريستي يوم الثلاثاء بالرئيس الديمقراطي نظرا للاستجابة الأولية للحكومة. وقال كريستي وهو مؤيد متحمس لرومني “استجابة الحكومة الاتحادية عظيمة. أجريت اتصالا تليفونيا مرة أخرى مع الرئيس شخصيا في منتصف ليل أمس وكان الرئيس رائعا في هذا.”
وجمد أوباما ورومني حملتيهما لليوم الثاني لكن المرشح الجمهوري يعتزم استئنافها بالتوجه الى فلوريدا في وقت لاحق يوم الاربعاء ومن المرجح ان يستأنف اوباما حملته يوم الخميس ليقوم بخمسة أيام أخيرة ومتواصلة من الجولات وحتى يوم الاقتراع.
وأتاحت الازمة فرصة لاوباما لأن يظهر قدراته الرئاسية وهو يشرف على استجابة الحكومة. ونقل مساعد لأوباما عن الرئيس الأميركي قوله لفريق التعامل مع الكارثة الذي شكله في غرفة الأزمة بالبيت الأبيض “أريد أن يشير الجميع إلى هذا…ولا أريد أن اسمع أننا لم نفعل شيئا لأن البيروقراطية حالت دون ذلك.”
وكان أوباما أعلن في أعقاب العاصفة حالة طوارئ اتحادية في ولايتي نيويورك ونيوجيرزي. ويواجه أوباما الذي بذل كل جهد كي يظهر أنه يسيطر على الاوضاع خطرا سياسيا إذا فشلت الحكومة الاتحادية في الاستجابة بشكل جيد لما بعد العاصفة كما كان الحال مع سلفه الرئيس جورج بوش الذي فشل في التعامل مع الإعصار كاترينا في عام 2005 .
وقالت هيئة الأرصاد الجوية الوطنية إن الإعصار ساندي وهو أكبر اعصار تشهده الولايات المتحدة من حيث المساحة التي امتدت اليها الرياح، تسبب في ارتفاع منسوب البحار نحو 4.2 متر في وسط مانهاتن مقارنة مع الرقم القياسي السابق الذي بلغ ثلاثة أمتار خلال الإعصار دونا عام 1960. واضطرت مدينة نيويورك الى الغاء احتفال الهالويين الذي كان مقررا مساء الأربعاء كما تهدد ساندي بتعطيل سباق الماراثون لمدينة نيويورك يوم الاحد المقبل.
وانقطعت الكهرباء عن المنطقة السفلى من مانهاتن بعد ان غمرت المياه احدى المحطات الفرعية وقررت شركة الخدمات (كونسوليديتد اديسون) اغلاق محطات اخرى كإجراء احترازي. وعاني من انقطاع الكهرباء في المنطقة 250 الفا. وقال رئيس بلدية نيويورك مايكل بلومبرج “ليس من المبالغة في شيء القول انها مثل الصور التي شاهدناها لنهاية الحرب العالمية الثانية.” وأضاف “المنطقة كلها سويت بالارض. كل ما بقي من كثير من المنازل هو المداخن والاساسات.”
وأغلقت المستشفيات في المنطقة كلها مما اضطر المرضى الى التوجه الى مناطق اخرى. كما اضطر مستشفى نيويورك الجامعي إلى إجلاء أكثر من 200 مريض من بينهم رضع على أجهزة تنفس صناعي في وحدة الرعاية المركزة لحديثي الولادة بعد تعطل المولدات الاحتياطية.
أما شركات الطيران فألغت أكثر من 18 الف رحلة رغم ان مطارين من ثلاثة مطارات في منطقة مدينة نيويورك يعتزمان استئناف خدمة محدودة يوم الأربعاء.