الأولاد النوابغ: من هم؟ وكيف نهتم بهم؟
من هم الأولاد النوابغ أو أصحاب القدرات الفائقة؟ هذا السؤال يفتج الباب على كم من المسائل التربوية والنفسية والمطلوب من الأمهات والآباء الانتباه لها في سن مبكرة.
الأولاد النوابغ هم الذين يحصلون على معدل ذكاء أعلى من المتوسط. مشاكلهم كثيرة لكن ليس مع العلوم أو حل المسائل الرياضية بل …مع المجتمع. فهم نادراً ما يكونون من الأوائل في الصف مع ذلك فهم يُعانون من الحسد، وأحيانا من التهميش.
الأمثلة كثيرة منهم من يتعلم القراءة في سن الرابعة، أو يحفظ عن ظهر قلب أسماء علمية (مثل الديناصورات وأسماء الكواكب ونبات والحيوانات وأصواتها المختلفة) قبل أن يتجاوز عمره ست سنوات. في معظم الأحوال فإن هؤلاء يتمتعون بمعدّل ذكاء يفوق الـ ١٢٥. وهم يتميزون بفضولٍ زائد ومستوى خطابٍ لا يناسب أعمارهم إلى جانب ذاكرة قوية ونضوج في فهم المسائل المعقدة في بعض الأحيان بشكل يتجاوز فهم الكبار/
ويقدر الخبراء أه عدد النوابغ هو ما بين ٣ و٥ في المئة من السكان في كل مجتمع. وبالتالي فإن الأمر لا يقتصر على مجتمع معين ولا على سكان مناطق معينة بلا هي نسبة من سكان العالم ولا علاقة للوراثة في الأمر.
ويفسر علماء بأن هؤلاء الأطفال الذين يتمتعون بقدرات فائقة، ليسوا أكثر ذكاء من الآخرين، ولكن لديهم طريقة مختلفة في التفكير. فهم لا يحللون الأمر بطريقة أفقية أو عامودية بل ينظرون إلى المساذل نظرة ترابطية تشمل أوجه متعددة للمسألة. ومن هنا يستطيعن أن يحلوا مسألة رياضية أو مسألة معينة ولكن من دون القدرة على شرح المسلك أو الطريقة المتبعة. وبسبب مميزات في خلايا مخهم (اللدونة العصبية) وترابط أوثق بين شقي الدماغ يستطيعون معالجة كم هائل من النعطيات والمعلومات بسرعة فائقة تجعلهم يعطون النتيجة بشكل مباشر وشمولي.
وينبه الخبراء إلى ضرورة الانتباه إلى هؤلاء النابغين خوفاً من أن يسبب تجاهلهم ردات فعل معاكسة مثل أن لا تعمل قدراتهم الفكرية بكامل طاقتها فينعكس ذلك على صحتهم البدنية والعقلية. وقد لوحظ في عدد من الحالات أن بعضهم يلجأ إلى التظاهر بعدم القدرة على القراءة أو الكتابة خوفاً من «التمييز» بينه وبين أقرانه (وهذه الحالات بين الفتيات اللواتي يفضلن التكيف على التميز) . وبالفعل فإن «الملل هو عدو النابغين»، ويصيبهم الملل عندما يكونون في صفوف أدنى من مستوى تفكيرهم بيصاب عقلهم بالخمول وفي بعض الأحيان ينعكس الأمر على صحتهم، أو يظهرون هذا عبر القيام بحركات غير مفهومة أو لا تفسير لها (مثل الارتماء على الأرض أو كسر أواني من دون سبب).
وفي بعض الحالات يعجز الأهل عن الإجابة على الأسئلة الكثيرة (إما بسبب مستوى التعليم المتدني أو المستوى الاجتماعي) التي يوجهها طفلهم النابغة (وهو غير دارين بقدراته)، فيكف الطفل عن إبراز مقدراته وينطوي على نفسه، خوفاً من إحراج عائلته. ومع الوقت يفقد هؤلاء الأطفال الرغبة بالمعرفة بسبب غياب المحفزات والاعتراف بمواهبهم.
من هنا وجب على الأهل الانتباه إلى مقدرات الطفل والتساؤل ما إذا كان في المكان المناسب بالنسبة لأقرانه، ولكن دون الوقوع في هاجس البحث عن النبوغ في أي سؤال يطرحه الطفل. يوجد مراكز متخصصة وعلماء نفس يستيعن تقييم مستوى ذكاء الطفل وإهداء النصح للأهل. ويتم ذلك بعد «تقييم علمي مبني على مجموعة من التمارين المتخصصة التي يجريها المتخصص للطفل». وفي حال صح التشخيص بأن الطفل لديه مستوى ذكاء يتجاوز الـ ١٢٥ عندها يتم تدارس مقدراته الدراسية ومستوى الصف المطلوب أن يكون الطفل فيه بالنسبة لمستوى ذكاءه.
(تتسبب هذه الخطوة ببعض المشاكل في المدارس عادة بسبب تمنع الإدارة عن قبول ترفيع الطفل. وفي بعض الأحين تحاول الإدارة «تسهيل الأمر» على الأهل فيقولون «الأفضل أن يبقى في صفه من دون ترفيع فتكون علاماته جيدة جداً» وهذا خطأ جسيم لأن الطفل عندها يدخل في دوامة الملل.)
إلى جانب الانتقال إلى صف أعلى ينصح الطبيب بـ«نشاطات فرعية إضافية» تشمل النشاط الرياضي (ينصح بالدراجات وركوب الخيل والسباحة لأنه هذه الرياضات تتطلب تشغيل عدد كبير من الحواس : نظر وسمع والعضلات إلى جانب التفكير لقيادة الدراجة أو للسيطرة على الحصان أو لضبط التنفس في السباحة) وينصح بنشاط موسيقي (بيانو أو غيتار أو كمنجة). وهذا النشاط ضروري جداً للطفل النابغة حتى لا تذهب كل طاقاته نحو التفكير فقط.
بالطبع على الأهل أن يدركوا أن تدريب ودعم القدرة التي يمتلكها طفلهم مسألة أساسية حتى سن الرابعة عشر، وسوف يقول لهم الأخصائي إن طفلهم سوف يكون «مستقلاً فكرياً من كافة النواحي بعد هذا السن» في حال تم مراعاة نبوغه وهو في سن مبكرة. أي أنه يستطيع أن يدرس ويطور فكره وينهل العلم من دون أي مساعدة، وعندها يرون ثمرة جهدهم في السنوات الأولى.