ترجمة “العرقية والقومية .. وجهات نظر انثروبولوجية” لـ توماس هايلاند
يقول توماس هايلاند اريكسن في كتابه المترجم من الانجليزية الى العربية “العرقية والقومية .. وجهات نظر انثروبولوجية” ان العرقية لا تعني العنصرية وان مصطلح عنصر ليس مصطلحا علميا.
جاء الكتاب في 311 صفحة متوسطة القطع وصدر عن عالم المعرفة في الكويت. الترجمة من الانجليزية الى العربية هي من صنع الدكتورة لاهاي عبد الحسين.
في الفصل الاول من الكتاب قال المؤلف “اصبحت كلمات مثل “الجماعات العرقية”.. “العرقية” و”الصراع العرقي” مصطلحات شائعة باللغة الانجليزية. وتستمر في البروز على نحو سريع في الاعلام في اخبار التلفزيون.. في البرامج السياسية والمحادثات. على سبيل المحادثات العادية يمكن ان يقال الشيء ذاته بالنسبة الى “الامة” و”القومية” ولابد من التسليم بأن معنى اي من هذه المصطلحات غالبا ما يبدو اشكاليا وغامضا.”
اضاف انه “في الانثربولوجيا الاجتماعية والثقافية كانت العرقية ولا تزال موضع الاهتمام منذ اواخر الستينات وتبقى موضع التركيز المركزي للبحوث اليوم.”
ويقول ان من بعض ما تقوم به المقاربات الانثربولوجية هو انها تمكننا “من ان نتقصى الطرق التي يعرف ويدرك بها الناس العلاقات العرقية. كيف يتكلمون ويفكرون حول جماعاتهم وخصائصها البارزة كما هي الحال مع الجماعات الاخرى. وكيف يتم الحفاظ على وتفنيد وتحويل وجهات نظر عالمية معينة … اخيرا فان الانثربولوجيا الاجتماعية من حيث انها علم مقارن تدرس كلا الجانبين من الاختلافات والتشابهات بين الظوهر العرقية. انها توفر اذن رؤية ذات فارق دقيق ومعقد للعرقية في العالم المعاصر.
“سبب مهم للاهتمام الاكاديمي الراهن بالعرقية والقومية يكمن في حقيقة ان مثل هذه الظواهر تصبح منظورة في العديد من المجتمعات بحيث صار من المستحيل تجاهلها … في بداية القرن العشرين نبذ منظّر اجتماعي رائد مثل ماكس فيبر “الفعل العرقي للجماعة المحلية” كمفهوم تحليلي.
“حمل فيبر كذلك على ان “الظواهر البدائية” مثل العرقية والقومية تتنازل في الاهمية وبالنهاية تنمحي نتيجة الحداثة.. التصنيع والفردانية. شارك العديد من العلماء الاجتماعيين وجهة النظر هذه منذ بداية القرن العشرين وحتى منتصفه. على اي حال تم اثبات خطأ وجهة النظر هذه اخيرا. في الحقيقة تنامت العرقية.. القومية واشكال اخرى لسياسات الهوية من حيث الاهمية السياسية في العالم بعد الحرب العالمية الثانية ولا تزال مستمرة في القرن الحادي والعشرين.”
اضاف “كانت الحرب والنزاعات المسلحة الاخرى في التسعينات والالفية الثالثة نزاعات داخلية بصورة نموذجية. والعديد منها -من سريلانكا وفيجي الى رواندا والكونجو والبوسنة- يمكن ان توصف بدرجة معقولة كنزاعات عرقية.”
وقال ان الهويات العرقية اصبحت “قضايا مهمة في السنوات الاخيرة كما شهدنا على سبيل المثال في نمو الاحزاب اليمينية القومية في الانتخابات الاوروبية العام 2009. يخشى العديد من الاوروبيين من فقدان هويتهم القومية والعرقية والتوحد الثقافي بعد الاندماج الاوروبي المحكم. وآخرون ممن يأخذون وجهة نظر اكثر ايجابية لمثل هذه الصيرورات يرحبون بإمكانات قيام اتحاد هوية اوروبية لتحل محل الهويات العرقية والقومية في عدد من السياقات.”
قال اريكسن كما قال باحثون اخرون ان “العرقية تبدو مصطلحا جديدا وكان ذلك في السبعينات من القرن الماضي. لكن اول ظهور للكلمة في القاموس جاء في قاموس اكسفورد الانجليزي العام 1972. يعزى اول استخدام لها الى عالم الاجتماع الامريكي ديفيد رايزمان العام 1953.”
لكن كلمة “عرقي” أقدم بكثير “انها مشتقة من الكلمة الاغريقية “إثنو” (والمشتقة بدورها من كلمة اثنيكوز) التي معناها في الاصل “وثني”. استخدمت بهذا المعنى بالا نجليزية منذ اواسط القرن الرابع عشر حتى اواسط القرن التاسع عشر عندما بدأت تشير تدريجيا الى خصائص “عنصرية” في الولايات المتحدة الامريكية.
“جاءت كلمة “العرقيات” لتستخدم في فترة الحرب العالمية الثانية ككلمة مهذبة للاشارة الى اليهود.. الايطاليين.. الايرلنديين.. والناس الاخرين ممن اعتبروا بمستوى ادنى بالنسبة الى الجماعة المهيمنة ذات الاصل الانجليزي بدرجة كبيرة.
” منذ الستينات اصبحت “الجماعات العرقية” و”العرقية” كلمات مألوفة في الانثربولوجيا الاجتماعية الناطقة بالانجليزية.”
ورأى انه بلغة الحياة اليومية “لا يزال لكلمة “العرقية” رنة “قضايا الاقلية” و”العلاقات العنصرية” ولكن في الانثروبولوجيا الاجتماعية فإنها تشير ببساطة الى جوانب العلاقات بين الجماعات التي تعتبر نفسها وتعتبر من قبل الاخرين متمايزة ثقافيا.”
وفي الحديث عن “العرقية والعنصر” قال “باديء ذي بدء يجب ان يقال القليل من الكلمات حول العلاقة بين “العرقية” و”العنصر”.” مصطلح العنصر “ليس مصطلحا علميا… لا يميل علم الوراثة الحديث الى ان يتكلم عن العناصر. هناك سببان رئيسيان لهذا. اولا.. كان ولا يزال هناك الكثير من التهجين بين الشعوب بحيث ان لا معنى للحديث عن الحدود الثابتة بين الجماعات العنصرية. ثانيا.. لا يتبع توزيع السمات الفيزيولوجية الطبيعية الموروثة حدودا واضحة.”
ورغم الجهد المبذول في ترجمة الكتاب فلابد موضوعيا من الاعتراف بأن الترجمة العربية لم تكن دائما واضحة بل إننا نلجأ في بعض الأحيان إلى التكهن بالمعنى المقصود.