شجاعة ريم الجريش قياساً على تغريدات «مجتهد»
هل «مجتهد» هو «روبن هود» السعودية؟ سؤال طرحه على «برس نت» العديد من القراء الذين يتابعون تعليقاتنا على تغريدات «مجتهد». في الواقع إن مجتهد هو «الظاهر من جبل ثلج حرية التعبير» في السعودية وهي موجة أفسحت لها المجال الثورة الرقمية وانتشار المواقع الاجتماعية التواصلية. ولكن في أرض المملكة العديد من الشحعان الذين لا يترددون في الإفصاح عن هويتهم والنزول إلى الشارع، بينهم نساء.
بدا «مجتهد» في بداية تغريداته وكأنه حالة فريدة في المجتمع السعودي، إلا أن بروزه اعتمد على معرفته بما يحدث داخل البلاط الملكي، خصوصاً في ما يتعلق بصحة الملك عبد الله. إلا أن مجتهد بعد خروج الملك متعافياً عاد إلى تغريدات تصب مباشرة في صميم التغريد النقدي لتصحيح الاعوجاج في أروقة الحكم. ولكن من نافل القول إن «مجتهد» يلحق بما تفرضه أحداث المجتمع وما تسلط عليه «تغريدات أخرى» أضواء نقدها وانتقادا والحالات الشاذة في تسيير أمور الدولة.
قبل حوالي ٢٤ ساعة عرد «مجتهد» بما يلي :«سأغرد بعد قليل إن شاء الله عن معلومات وصلتني من مسؤول في الداخلية عن خطتهم للتعامل مع ريما الجريش زوجة معتقل وناشطة في قضايا المعتقلين».
من هي ريما الجريش؟ هل يفضح «مجتهد» سراً عندما «يعلن» عن تغريدته؟
إن بحثاً بسيطاً في المواقع الاجتماعية كافياً لزن يفيد أن ريما الجريش معروفة من قبل العامة ومشهورة (ولربما شهرتها تفوق شهرة «مجتهد» لولا حشرية المتابعين واتدفاعهم لمعرفة ما يحصل مع العاهل السعودي والله أعلم).
ولكن «مجتهد» يتجاهل شهرة المواطنة ريما الجريش ويغرد «للتعريف ريما الجريش زوجة السجين محمد الهاملي الذي سجن منذ أكثر من 8 سنوات ومثل غيره لم توجه له تهمة ولم يحاكم وبقي معتقلا بهوى الداخلية». في الواقع هذه معلومة يعرفها نصف سكان المملكة إن لم نقل أكثرهم. قصة الجريش مرتبطة أولاً وأخيراً بقصة النظام البوليسي الذي يربط أوصال المملكة العربية السعودية.
وفي ظل «مرض الملك عبد الله» وتصاعد التساؤولات حول صحته وحول مسألة الوراثة وولاية العهد زالت كمامات الخوف عن الأفواه وطفت إلى سطح الأحاديث في المواقع الاجتماعية اليومية مسائل عدة تتعلق بالمجتمع السعودي وممارسات الحكام.
ولكن ريما الجريش لم تختبئ وراء شاشات الحواسيب وأغطية الأسماء المموهة والتغريدات المغفلة لتنشط، فهي تنزل إلى الشارع وتحمل لواء الدفاع عن المعتقلين بشكل تعسفي أي عن «المعتقلين السياسيين» ومنهم زوجها المعتقل منذ ثماني سنوات …من دون محاكمة.
هذا الحراك على خلفية قضية المعتقلين يقلق السلطات الأمنية السعودية وباتت تستهدف الحراك عبر استهداف ذوي المعتقلين. ولجأت لذلك للعديد من «الحيل الإدارية» التي تعرفها جيداً الأنظمة البوليسية فهي تستدعي أسر المعتقلين «للتوقيع على أوراق بيضاء ومن يرفض يهدد بالاعتقال»، وذلك بهدف «تخويفهم وإسكاتهم».
في ١٩ آب/أغسطس اعتقلت السلطات السعودية الناشطة والمدونة السعودية ريما الجريش (واسمها الكامل ريما عبد العزيز) وصادف ذلك صباح يوم العيد عندما كانت في طريقها للمسجد للاحتفال بعيد الفطر. كانت ريما تخطط لتوزيع 500 هدية تحتوي على رسائل لنشر الوعي (حسب قولها) بقضية الاعتقال التعسفي بالسعودية. وكتبت «تغرد» (قمنا بتجهيز ٥٠٠ هديه لكن بقي العبارات اتحفونا بما لديكم من عبارات وسنقوم بالاختيار ومن ثم طباعتها وتثبيتها على الهدايا).
وبالطبع لم يمر الاعتقال مرور الكرام فقد استاء العديدون من هذا الاعتقال ونزلت «مظاهرة متواضعة جداً تندد بها العمل.
httpv://www.youtube.com/watch?v=qLEAg6GeMAA
وكانت ريما الجريش قد أجرت مقابلة مع تلفزيون الحرة حيث كشفت عن أسباب ملاحقتها بسبب عنادها وتصميمها على فضح الممارسات غير القانونية.
httpv://www.youtube.com/watch?v=–83cFrAZ84
ولكن «ما فتح المجال لتدخل مجتهد» كان حديثها عن «الأمير محمد بن نايف». كل ما يمس العائلة المالكة يستفز «مجتهد» رغم أن لا شاردة ولا واردة تحدث في المملكة دون أن يكون للعائلة المالكة دور في توجيهها أو دفعها أو وقفها.
إذا يبدو أن الأمر استفز «مجتهد». فغرد: «حاولت الداخلية تخويفها بوسائل كثيرة لكنها دائما تقلبها على الداخلية وكانت آخر محاولة هي ايقافها بطريقة إرهابية مع ابنائها عيد الفطر الماضي».
إلا أنه يرمي الانزعاج على عاتق الأمير محمد فيكتب«كما وعدتكم بعض التغريدات عن انزعاج محمد بن نايف من ريما الجريش وحرصه على مضايقتها ماديا واجتماعيا وأمنيا حتى يرغمها على ما يريد». ولكن أليس أولى بـ«مجتهد» أن يقول لنا ماذا يريد محمد بن نايف عوضاً عن التلميح؟؟
ينتقل «مجتهد» نحو وصف نشاط ريما الجريش فيكتب «ريما الجريش أول الناشطات في قضايا المعتقلين ومعروفة بالشجاعة والمبادرة وكانت في مقدمة المجوعة المجتمعة أمام مديرية لمباحث بريدة سنة 1428» ويضيف «وتعرضت بسبب ذلك التجمع للأعتقال ولم يثنها أن تشارك في كل التجمعات والنشاطات التالية رغم أنها تتعرض للاعتقال وكافة أشكال الضغط في كل مرة».
يتحدث «مجتهد» عن نوايا وزارة الداخلية من دون توضيح «وكانت نية الداخلية أن تبقيها في السجن عبرة لغيرها من أقارب المعتقلين لولاحملة د. عبد الله الحامد للدفاع عنها والتي تعرض لكثير من الأذى بسببها». لا يصف لنا «مجتهد» الأذىالذي تعرضت له الجريش (بالطبع كل اعتقال تعسفي يلحق أذى بالمعتقل). ويتابع «واستمرت ريما في هذا النشاط المعلن وفي كل مرة تكون في مقدمة المعتصمين والمعتصمات أو المشاركين والمشاركات في أي نشاط لصالح قضية المعتقلين».
هنا يتطرق «مجتهد» لـ«تغريدات» الجريش. السؤال:«عل تأججت الغيرة في نفس مجتهد من منافسة الجريش له؟» الله أعلم. ولكنه يكتب«حين توجه النشطاء للتويتر كانت من أكثر الكتاب جرأة وصراحة وتكتب ما يحصل لها بالتفصيل وتعلن وجهة نظرها ورأيها بكل تحدي». وهنا يعود إلى حادثة القبض عليها يوم العيد (وإن كان الأمر قد تم قبل شهور وكل أبناء المملكة قد سمعوا بالقصة)، فيغرد «كانت تريد المشاركة بنشاط لمعايدة أبناء المعتقلين فاعترضت المباحث سيارتها بالسلاح واوقفت مع اطفالها ولولا حملة التويتر لربما لم يطلق سراحها». ويتابع معترفاص بشجاعتها «وكتبت بنفسها عن تلك القصة بالتفصيل بكل شجاعة ووصفت الداخلية والمباحث وجنود محمد بن نايف بما يستحقون أن يوصفوا به».
هنا نتوقف لنقول «إن «مجتهد» بخلاف السيدة ريما جريش مختبئ وراء تغريداته ومجهول الهوية بينما هذه السيدة المصونة تغرد وتنزل إلى الشارع وتتعرض للشرطة وتخبر السجون».
«مجتهد» يعترف بهذا الأمر بشكل باطني فيقول «ولأنها بتلك الدرجة من الشجاعة والتحدي ولأن الداخلية لا تستطيع اعتقالها دون دفع ثمن فقد سعى محمد بن نايف لتدميرها نفسيا وإرغامها على الخنوع».
هل هذا ما يخاف منه «مجتهد»؟ الله أعلم.
هنا تكمن قوة «مجتهد» فهو يعرف ما يحصل «وراء كواليس الحكام والأمراء» هل «مجتهد» من العائلة المالكة ولكنه غير موافق على تصرفات بعض أمراءها؟ الله أعلم.
فهو يكتبك « أولا تمكن محمد بن نايف من تحييد اخوتها وأقاربها بإشعارهم أن من يتعاطف معها سيعتبر متعاطفا مع زوجها ومن ثم متعاطف مع الإرهاب». ويعرف تفاصيل النتائج فيغرد «ومع الأسف نفع هذا التخويف لدرجة أن الأقارب لم يتخلوا عنها معنويا فحسب بل تخلوا عنها ماديا خوفا من أن يحاسبوا من قبل الداخلية على ذلك». ويضف في التفاصيل «حين فزَّع (أخاف) بعض الطيبين )الذين رغبوا) في مساعدتها تتبعتهم الداخلية واحداً واحداً وأخذت عليهم التعدات للتوقف عن دعمها وإلا سيتعرضون للمسائلة بسبب دعم الارهاب».
ويصف بع ضما يعرفه العامة حين يكتب «وكانت الداخلية قد سحمت بدعم رسمي لأقارب المعتقلين الذين يلتزمون بالصمت على وضع قريبهم المعتقل وبالطبع حرمت هي من ذلك لأن لم تصمت». ويشرح «في تنقلها وحركتها كانت تستخدم سيارات بسائق خصوصي وتم استدعائهم وإخبارهم أن مساعدتها في التنقل سوف تحسب عليهم مشاركة في نشاط ضد الدولة» ،يتابع «وحين انسحب هؤلاء لجأت لأصدقاء أبنائها وهؤلاء بدورهم تعرضوا للاستدعاء واضطروا للتوقف عن المساعدة فاصبحت بدون اي وسيلة نقل».
التفاصيل التي يعطيها «٬جتهد» رهيبة وتنم عن معرفته بكافة أركان وزارة الداخلية وما يحدث داخلها فهو يقول «عادت للداخلية وطالبت بسيارة زوجها المصادرة وقالت أنتم فتشتو السيارة وانتهيتم منها وهي ملك العائلة عليكم ان تعيدوها فرفضت الداخلية رفضا باتا»، ويضيف «وليس غريبا رفض الداخلية تسليم السيارة لأن كل ما صودر منها في اعتقالات سابقة لم ترجعه الداخلية إليها بما في ذلك الجوالات وجهاز ايباد لأطفالها».
يغرد «مجتهد» واصفاً شجاعة السيدة الجريس يقول «وحينما يأس محمد بن نايف من تخليها عن النشاط حاول خداعها بأن زوجها سيطلق سراحه قريبا فكان ردها أن نشاطها من أجل كل المعتقلين وليس زوجها فقط».
لا نعرف كيف يعيش «مجتهد» ولكنه يصف وضع السيدة الشجاعة فيغرد «وهي الآن تعيش حصارا اقتصاديا واجتماعيا ونفسيا فتكاليف الحياة العادية عجزت عنها وايجار المنزل لم يدفع ولا تستطيع التنقل واقاربها يتحاشونها». ويضف «ومع كل هذا الحصار لم تتراجع ولم يبق في جعبة محمد بن نايف إلا استخدام ورقة زوجها وهو ما اخبرني المصدر بأنه بدأ به بطريقة خبيثة وقذرة».
كيف ؟؟
لا يقول «مجتهد» ما أخبره المصدر (؟) من تفاصيل لتطويع الناشطة ولكنه يبتهل إلى الله مساعدة هذه المأة الشجاعة التي لا تختبئ وراء حاسوبها فيغرد «اسأل الله لها الحماية ولعل في نشاط المهتمين بقضايا المعتقلين ما يكون سببا في فرج كبير وتطوى هذه الصفحة السوداء في تاريخ هذا الوطن».