مصر: سلسلة استقالات لوزراء مرسي
استقال وزير إسلامي من الحكومة المصرية اليوم الخميس بعد أيام من استقالة وزير آخر في الوقت الذي يحاول فيه الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين تدعيم سلطته وحشد التأييد لإجراءات تقشف لا تحظى بقبول شعبي.
وكشفت الأزمة الاقتصادية والمعركة على الدستور الجديد عن انقسامات حادة بين مرسي المدعوم بحلفائه الاسلاميين وقوى المعارضة وأخرت استعادة الاستقرار بعد الانتفاضة التي اندلعت قبل نحو عامين.
ويتهم المعارضون مرسي الذي فاز في أول انتخابات رئاسية حرة في مصر في يونيو حزيرن بإحداث استقطاب في المجتمع من خلال فرض دستور ذي صبغة اسلامية ومثير للانقسام ويقولون إن مرسي ينتهج ذات السبل الاستبدادية لسلفه حسني مبارك.
ووجهت أعمال عنف دامية سبقت إقرار الدستور ضربة للاقتصاد المتداعي. ورفض المعارضون نتيجة الاستفتاء الذي قالوا إن مخالفات واسعة شابته كما رفضوا دعوة مرسي للمشاركة في الحوار الوطني.
وقالت اللجنة العيا للانتخابات التي أشرفت على الاستفتاء إن نحو 64 في المئة من نحو 32 في المئة من الناخبين أقروا الدستور.
وقبل تعديل وزاري أعلن عنه مرسي أمس الأربعاء قدم وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية الذي ينتمي لحزب الوسط الإسلامي المعتدل استقالته قائلا إنه غير راض عن بطء وتيرة الإصلاحات.
وقال في الاستقالة “توصلت لنتيجة قاطعة مؤداها أن كثيرا من السياسات والاجتهادات تتناقض مع قناعاتي الشخصية… بل ولا أراها معبرة عن طموحات شعبنا بعد ثورة هائلة” مشيرا إلى الانتفاضة التي أسقطت مبارك مطلع العام الماضي.
وأضاف أن إقرار الدستور الجديد في استفتاء للناخبين أجري هذا الشهر تطلب “البدء في مرحلة جديدة تختلف فيها السياسات والآليات عما سبق بحيث يشعر المواطنون بأن تغييرا جذريا وإيجابيا قد لحق بنية النظام السياسي وطريقة الأداء الحكومي.”
وهذه ثاني استقالة من الحكومة بعد وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الذي قال إنه عجز عن التكيف مع ثقافة العمل الحكومي.
وفي وقت سابق اليوم قدمت مسيحية استقالتها من عضوية مجلس الشورى الذي يهيمن عليه الإسلاميون في مؤشر على استمرار التوتر السياسي في البلاد بعد يوم من إنفاذ الدستور الجديد.
ومنح الدستور الجديد الذي وضعته جمعية تأسيسية هيمن عليها الإسلاميون مجلس الشورى سلطة التشريع لحين انتخاب مجلس للنواب.
ويفترض أن يكون الدستور الذي أقره الناخبون في استفتاء عام هذا الشهر أساسا لنظام ديمقراطي واقتصادي مستقر. لكن المعارضة تقول إن الدستور ذو صبغة إسلامية الى حد كبير ولا يحمي الأقليات.
وتبرز استقالة نادية هنري التي كانت تمثل الكنيسة الإتجيلية في مجلس الشورى مخاوف المسيحيين الذين يمثلون نحو عشرة في المئة من السكان من المكاسب السياسية التي حققها الإسلاميون منذ الإطاحة بمبارك.
ونقل مبارك (84 عاما) من السجن الذي يقضي فيه عقوبة السجن المؤبد إلى مستشفى القوات المسلحة بالمعادي اليوم لعلاجه من كسر في الضلوع ودوار وارتشاح على الرئىة بحسب مصدر طبي.
وكان سقط في مستشفى السجن في الأسبوع قبل الماضي وأصيب بحسب محام موكل عنه تحدث إلى رويترز.
وكان مرسي قد عين قبل أيام 90 عضوا في مجلس الشورى بينهم مسيحيون وليبراليون ونساء بالإضافة إل أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين وسلفيين.
وقالت هنري في استقالتها التي نشرتها صحيفة الأهرام المملوكة للدولة إن الليبراليين وغيرهم من المجموعات الصغيرة لم يكن تمثيلهم ملائما في المجلس بعد تعيين التسعين عضوا الذين يسمح إعلان دستوري صدر العام الماضي لمرسي بتعيينهم.
وجاء في كتاب الاستقالة الذي وجهته هنري إلى رئيس المجلس أحمد فهمي “وافقت على عضوية مجلس الشورى بالتعيين في إطار صيغة توافقية أكدت أن الثلث المعين سيكون من القوى المدنية بالكامل الأمر الذى يحقق التوازن المطلوب فى عضوية المجلس.
“بما أن هذا لم يتحقق لذا أرجو تقبل اعتذارى عن عدم قبول التعيين.”
ولم تحضر هنري جلسة المجلس أمس وهي الأولى بعد تعيين ثلث الأعضاء.
وقالت هنري في اتصال هاتفي لرويترز إنها استقالت فعلا.
ويخشى المعارضون أن يصدر مجلس الشورى قوانين تقيد الحريات خلال الفترة التي تسبق انتخاب مجلس النواب الذي يتوقع انتخابه في الشهور الأولى من العام المقبل.
وقال مرسي إن إقرار الدستور وانتخاب مجلس النواب سينهي الاضطراب السياسي ويسمح له بالتركيز على القضايا الاقتصادية الملحة. ويقول أيضا تؤيده في ذلك جماعة الإخوان المسلمين إن الشعب مل الاضرابات والاحتجاجات والاعتصامات ويريد الالتفات إلى قضايا الحياة اليومية.
وألقى الصراع بين مرسي ومعارضيه بالشك على إمكانية أن تستطيع الحكومة زيادة الضرائب والأسعار من أجل أن تحصل مصر على قرض 4.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.
وهوى الجنيه إلى أدنى مستوى منذ ثماني سنوات أمام الدولار هذا الأسبوع في وقت اندفع فيه مصريون لسحب ودائعهم من البنوك.
وقال وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي إن الجيش -الذي هيمن على مصر عشرات السنين والذي لديه مصالح اقتصادية واسعة في البلاد- مستعد لمساعدة الاقتصاد.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية عن السيسي قوله “الاقتصاد المصري يمر بمرحلة بالغة الصعوبة.” وشدد على “حرص القوات المسلحة على المشاركة في تنفيذ العديد من المشروعات التنموية والخدمية في كافة ربوع مصر وفاء لما تعهدت به لخدمة الشعب العظيم.”
وتأتي الاستقالات قبيل التعديل الوزاري الذي قال مصدر لرويترز إنه سيشمل نحو ثماني حقائب.
وربما تهدد أي استقالة أخرى شرعية مجلس الشورى في وقت يقدم فيه المجلس على تشريعات عاجلة لإدخال إصلاحات صعبة يتطلبها علاج الاقتصاد.
وانتخب ثلثا أعضاء المجلس هذا العام وأغلبهم أعضاء في حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين وسلفيون.
وقال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع في رسالته الأسبوعية إلى المصريين “نكرر التأكيد على أن الواجب على الأمة أن تتصالح فيما بينها وأن تنسى خلافاتها وأن تتوقى الدخول في تصفية حسابات.”
وأضاف “لنعمل بجد على نزع فتيل معارك الاستنزاف المتبادلة لأن ذلك يضر ولا ينفع ويفرق ولا يجمع ويبدد الجهود والطاقات فيما لا طائل وراءه.