الإبراهيمي من موسكو: إمكانية تعديل بسيط على اتفاق جنيف
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان استخدام روسيا لحق النقض على قرارات الامم المتحدة بفرض عقوبات على سوريا يحركها مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول ذات السيادة. واتهم بوتين واشنطن باستغلال المخاوف الخاصة بحقوق الانسان لتبرير محاولاتها لفرض ارادتها على العالم. واكد بوتين على ان موسكو لن تسمح بأن يتكرر في سوريا ما حدث في ليبيا العام الماضي عندما ساهم تدخل قام به حلف شمال الاطلسي وسمح به مجلس الامن الدولي بعد امتناع روسيا عن التصويت في الاطاحة بحكم معمر القذافي .
جاء ذلك في اليوم الذي استقبل فيه سيرجي لافروف المبعوث الدولي للأزمة السورية الأخضر الإبراهيمي أمس السبت الذي قال إن سوريا تواجه “جحيما” مالم يتم التوصل لاتفاق ينهي الصراع المستمر منذ 21 شهرا غير أن محادثاته في روسيا لم تثمر عن أي بوادر لحدوث انفراجة بعد أسبوع من الجهود الدبلوماسية المكثفة. وأكد الإبراهيمي ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إنه لا تزال هناك فرصة للتوصل إلى حل عبر التفاوض للصراع الذي أودى بحياة ٤٤ ألف شخص وأثار انقساما بين القوى العالمية.
غير أن لافروف أكد على موقف روسيا بأن رحيل الرئيس السوري بشار الأسد يجب ألا يكون شرطا مسبقا لعملية سياسية قائلا إن مثل هذه المطالب “خاطئة” وإن رفض المعارضة الحديث مع الحكومة هو “موقف يعني طريقا مسدودا”. وقال الإبراهيمي “إذا كان البديل الوحيد حقا هو إما الجحيم أو العملية السياسية فينبغي علينا جميعا أن نعمل دون توقف تجاه العملة السياسية.” وأضاف “إنها (عملية) صعبة ومعقدة للغاية ولكن ليس هناك خيار آخر.”
وأطلق لافروف تحذيرا مماثلا في مؤتمر صحفي مشترك قائلا “لا تزال الفرصة قائمة للتوصل إلى تسوية سياسية ونحن ملتزمون بانتهاز هذه الفرصة إلى أقصى مدى.” غير أن لافروف لم يشر إلى أن بلاده ستتراجع عن موقفها بعد استخدامها حق النقض (الفيتو) لعرقلة صدور ثلاثة قرارات من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة كانت تهدف إلى الضغط على الأسد. وقال “عندما تقول المعارضة إن رحيل الأسد هو وحده الذي سيسمح لها ببدء حوار حول مستقبل بلدها فإننا نعتقد أن هذا خطأ بل ويؤدي الى نتائج عكسية… تكلفة هذا الشرط المسبق هو أرواح المزيد من المواطنين السوريين.” كما أن لافروف كان قد أشار إلى أن الأسد قال سرا وعلنا إنه لن يرحل مضيفا أن روسيا “ليس لديها القدرة على تغيير ذلك.”
وقال الإبراهيمي “جوهر هذه العملية السياسية.. هو اتفاق جنيف ويجب أن يكون كذلك”.وهو اتفاق توصلت إليه قوى عالمية في جنيف في حزيران/يونيو بما فيها الولايات المتحدة وروسيا يدعو إلى تشكيل حكومة انتقالية ولكن الاتفاق لم يوضح دور الأسد. وأضاف دون توضيح “ربما يكون هناك تعديل بسيط أو تعديلين ولكنه أساس معقول لعملية سياسية من شأنها أن تساعد الشعب السوري.” وقال الابراهيمي ان خطة لحل الصراع من الممكن ان تعرض في النهاية على مجلس الامن الدولي لتحصل على دعمه لكن بعد التأكد اولا من أنها ستكون فعالة. وقال “ما نحتاج اليه هو قرار يمكن أن يكون فعالا واعتقد ان من الممكن الوصول إلى هذه المرحلة اذا واصلنا المحادثات.”
وكان الإبراهيمي التقى مع الأسد ومسؤولين آخرين خلال زيارة لسوريا الأسبوع الماضي استغرقت خمسة أيام. ومن المقرر أن يلتقي المبعوث الدولي مع دبلوماسيين بارزين من الولايات المتحدة وروسيا في الأسابيع المقبلة بعد اجتماعين مماثلين عقدهما الشهر الجاري ولكنهما لم يثمرا عن أي بوادر لحدوث انفراجة. ودعا الإبراهيمي أثناء زيارته لدمشق يوم الخميس إلى تشكيل حكومة انتقالية تتولى الحكم لحين إجراء انتخابات في سوريا قائلا إنه لن يلبي مطالب الشعب السوري سوى إحداث تغيير جوهري ولكنه لم يحدد المشاركين في هذه الحكومة.
إلا أن متحدث باسم الائتلاف الوطني السوري المعارض قال يوم الجمعة إن الائتلاف لن يتفاوض مع نظام الأسد في حين رفض زعيم الائتلاف معاذ الخطيب أول دعوة من روسيا لإجراء محادثات مطالبا لافروف بالاعتذار عن دعم موسكو للأسد وأن توجه روسيا دعوة واضحة إلى الأسد بالتنحي. وسارع لافروف إلى رفض هذه المطالب قائلا ان المعارضة يجب أن “تتوقف عن التفكير في طموحاتها وان تفكر في الشعب السوري” لكنه اكد على استعداد روسيا لاجراء الاجتماع في مكان اخر خارج اراضيها. وقال لافروف “اذا كانوا يعتقدون ان روسيا يمكن ان تلعب اي دور في هذه المأساة فعليهم ان يجتمعوا معنا.”
وكان المكتب الإعلامي للأمم المتحدة قد أعلن أن المبعوث الدولي لم يحدد ما إذا كان على الرئيس السوري بشار الأسد البقاء في الحكم حتى نهاية ولايته. وأشار إلى أن الإبراهيمي قال إن “العملية الانتقالية يجب أن تبدأ بأسرع ما يمكن، وانه يجب تشكيل حكومة بأسرع ما يمكن، وانه يأمل بإمكانية حل الأزمة في العام 2013 لأنه لا يمكن الانتظار حتى العام 2014”. وجاء ذلك في إطار توضيح دعوة الإبراهيمي حول ضرورة “تشكيل حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات” تقود سوريا إلى الانتخابات، والتي فسرها معارضون على أنها تفتح الباب أمام بقاء الأسد في سدة الحكم حتى إجراء الانتخابات في العام 2014.
وسوريا واحدة من أكبر مستوردي السلاح الروسي كما انها تستضيف قاعدة صيانة بحرية روسية على ساحل البحر المتوسط هي القاعدة العسكرية الروسية الوحيدة خارج الاتحاد السوفيتي السابق.