ممنوع على الثوار الأسلحة الكيميائية والطيران السوري
باريس- بسّام الطيارة
في كل مرحلة من الثورة السورية تتصدرواجهة الإعلام «مسألة» تتكاثف حولها التعليقات: قبل أسابيع كان ملف الكيميائي السوري، اليوم «سلاح الطيران السوري».
الثورة قائمة منذ ٢١ شهراً، أخبارها احتلت الصفحات الأولى في الإعلام العالمي قبل أن تتراجع رويداً رويداً مع «مقاومة» الأسد وعدم انهيار النظام كما «توقع خبراء عديدون». وقد اعترف ألآن جوبيه وزير الخارجية الفرنسي السابق بأن أحد خطايا الغرب هو التخطيط على أساس أن «النظام سوف ينهار بسرعة». ويضيف مصدر فرنسي بأن هذه الخطيئة ليست الوحيدة ويذكر بأن الاعتقاد الراسخ في «عهد شهر العسل مع المجلس الوطني السوري» بأن المعارضة سوف تكون «ديموقراطية وعلمانية» فإذا بها منخورة من القوى السلفية أما الخطيئة الثالثة فكانت عدم الأخذ بعين الاعتبار لقوة السلفيين وارتباط أقوى الكتائب بينهم بتنظيم القاعدة وأنهم لا يخفون رغبتهم بإعلان «جمهورية إسلامية». مع كل ما يعنيه هذا بالنسبة لبعد الصراع السني الشيعي مع ما يمكن أن يجر ذلك من نتائج على لبنان والأردن والعراق.
وقد قاد ذلك إلى «تمنع الغرب» من تسليح المعارضة والضغط على الحلفاء العرب (قطر والسعودية) للنظر ملياً بالوجهة النهائية للسلاح المرسل للمعارضة وعدم تسليم سلاح مضاد للطائرات.
ومنذ أن «تنبه» الغرب إلى هذه الخطايا الثلاث وإلى أن بعضها يغذي حجج روسيا والصين، وفي ظل عدم تفكك سلطة الأسد على الجيش خرجت إلى الإعلام مسألة «الأسلحة الكيميائية» وضجت التحليلات حول الملف السوري بأخبار كيميائية. وبعد فترة قصيرة جداً خفتت أخبار الكيميائي. يلمح المصدر الأوروبي إلى أن «مسألة السلاح الكيميائي قد أُطِرَت»، ويتوسع بالشرح بالقول إن إسرائيل أرسلت لائحة (إلى باريس وواشنطن ولندن وبرلين وعمان) تبرز فيها أماكن تواجد مستودعات تلك الأسلحة بشكل مفصل (٢٧ مستودع موزعة بين وسط البلاد وغربه، إضافة إلى ١٣ شاحنة كبرى تتنقل باستمرار في المناطق الآمنة حيث لا توجد قوات للمعارضة) وشرحت الدولة العبرية أنها قررت مهاجمة مستودعات الأسلحة الكيميائية ليس لحماية المعارضة ولكن «لمنع وقوع هذه الأسلحة في يد الكتائب السلفية أو أن يعمد حزب الله لسحب كمية منها» حسب قول المصدر. إلا أن تطمينات جاءت من موسكو ملمحة إلى أن «حماية هذه الأسلحة في عهدة روسية» وأنه لا خوف من استعمالها من قبل النظام ولا من وقوعها في «أيادي شريرة»، وبالتالي فإن أي هجوم على هذه الأسلحة سوف يقود إلى مواجهة مع «حرس روس» وهو ما يمكن أن يعقد الأمر بشكل دراماتيكي، هاهيك عن أن الأردن الذي استقبل على أرضه فرق كوماندوس أميركي وبريطاني وفرنسي (كما هو الحال على الحدود التركية واللبنانية)، لمراقبة هذه الأسلحة، وضع فيتو على أي عمل عسكري إسرائيلي عبر أراضيه.
ولكن منذ أن اتسعت دائرة القتال في شمال سوريا وبدأت المعارضة المسلحة تسجل بعض النقاط على الأرض واقتربت من ريف العاصمة، خفت الحديث عن الكيميائي وانطلق فجأة في سماء الإعلام الحديث عن «سلاح الجو» وباتت الأنباء تتحدث يومياً عن محاصرة أو ضرب أو اقتحام قاعدة جوية هنا وهناك. بالطبع كون قوات النظام تسيطر على الأجواء وتمنع المعارضة من تثبيت أقدامها على الأرض في الوقت الذي يتمنع الغرب عن تقديم سلاح مضاد للطائرات كان من الطبيعي أن تحاول المعارضة المسلحة احتلال القواعد الجوية لمنع الطيران من ضربها.
ولكن كما حصل مع الصواريخ المضادة للطائرات حصل مع …الطائرات الحربية: الخوف من أن تقع في أيدي الثوار.
يفسر المصدر بأن الدوائر الغربية أصابها هلع كبير من أن «يقع قسم من الطيران الحربي السوري في أيدي الكتائب السلفية». فقد وصلت معلومات استخباراتية تقول بأن عدد من مقاتلي «لواء التوحيد» و«جبهة النصرة» من قدامى رواد الطيران الحربي في ليبيا والعراق وأن بعضهم قادر على قيادة الطائرات في حال الوصول إليها. ويقول المصدر بأن «الطيران الحربي السوري ليس صوري كما كان الحال في ليبيا بل يشكل قوة ضاربة» من هنا يتابع المصدر «بات الخوف أن يصبح لأنصار تنظيم القاعدة …سلاح جوي لأول مرة».
من هنا تفيد المعلومات بأنه تم اتخاذ عدد من الخطوات منها تشديد الرقابة على تحرك الكتائب السلفية المقاتلة التي تقوم بها بعض قوات الكوماندوس غربية عبر زيارات خاطفة للأراضي السورية، إضافة إلى تحرك «المستشارين الغربيين» لمرافقة كل هجوم على قواعد جوية. وتقول معلومات أن عدد من الطيارين «الأجانب» يرافقون الثوار لوضع اليد على الطائرات المقاتلة أو تعطيلها في حال تعذر سحبها إلى خارج البلاد.
من هنا يمكن تفسير خبر ورد في الصحافة السورية يتحدث عن القبض على أربعة ضباط طيارين أتراك أثناء محاولتهم التسلل إلى أحد مطار «كويرس» العسكري قرب حلب. وقد نفت رئاسة أركان الجيش التركي خبر اعتقال الطيارين واكتفت بالقول «إن التقرير غير صحيح».
ولكن هذا لا يمنع الثوار من تكرار محاولة وقف الطيرات السوري عن العمل: فذكرت مصادر المعارضة أن جماعة «جبهة النصرة» و«لواء احرار الشام» ووحدات أخرى تقاتل في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا تهاجم مطار «تفتناز» العسكري.