حركة عدم الانحياز: للتميز بين الإرهاب والكفاح المشروع للشعوب
طالبت مجموعة دول حركة عدم الانحياز بتطبيق استراتيجية الأمم المتحدة الدولية لمحاربة “الإرهاب” بشكل شفاف وشامل ومتوازن، مؤكدة أهمية التمييز بين “الإرهاب” والكفاح المشروع للشعوب.
وأكد السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة محمد خزاعي أن الحركة ترى أنه لا يجب المساواة بين “الإرهاب” والكفاح المشروع للشعوب الخاضعة للاستعمار أو السيطرة الخارجية والاحتلال الأجنبي، من أجل تقرير مصيرها والتحرر.
وفي اجتماع مجلس الأمن الدولي حول مكافحة “الإرهاب” أضاف خزاعي نيابة عن حركة عدم الانحياز “لا بد من التنديد دائما بالمعاملة الوحشية للشعب القابع تحت الاحتلال الأجنبي باعتبارها أكبر أشكال الإرهاب، ويتعين مواصلة إدانة استخدام سلطة الدولة لقمع الشعوب التي تمارس حقها غير القابل للتصرف في تقرير المصير والتي تكافح من أجل إزالة الاحتلال الأجنبي”.
وأشارت حركة عدم الانحياز إلى الروابط المتزايدة بين الجريمة المنظمة وتمويل “الإرهاب” الذي يشمل غسيل الأموال، بما يؤكد الحاجة إلى تعزيز التعاون وجهود التنسيق بين الدول.
وقال خزاعي إن حركة عدم الانحياز تؤمن بأن التعاون تحت مظلة الأمم المتحدة هو أكثر السبل فاعلية لمحاربة “الإرهاب” الدولي.
وكان سفير سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري اتهم دولاً ذات نفوذ بإحباط اتخاذ أي اجراءات ملموسة لمكافحة “الإرهاب” الذي يمارس في سوريا.
وأكد الجعفري، أمام جلسة مجلس الأمن التي عقدت تحت عنوان “الأخطار التي تهدد السلام والأمن الدوليين نتيجة للأعمال الإرهابية”، انه على رغم الإقرار الدولي المتأخر بوجود مجموعات “إرهابية” مسلحة يتبع بعضها إلى تنظيم “القاعدة”، والتي ترتكب أفظع الجرائم في سوريا، فإن بعض الدول لا تزال مستمرة علناً في سياساتها الداعمة لهذه التنظيمات “الإرهابية”، من خلال مدها بالمال والسلاح والتدريب وإصدار الفتاوى وتوفير الملاذ الآمن لها ودعمها سياسياً وإعلامياً.
وأضاف السفير السوري “لقد قرعنا ناقوس الخطر مراراً في هذا المجلس، ودعونا للتبصر والحكمة وحذرنا في مئات البيانات واللقاءات والرسائل الرسمية التي قدمناها للأمم المتحدة وأجهزتها خلال الأزمة في سوريا، من مخاطر تدفق الإرهابيين إلى بلادي، تحت مسميات هدامة مثل الجهاد المذهبي والطائفي والحرب المقدسة ضد النسيج الاجتماعي المتنوع الذي يميز الشعب السوري”.
وتابع “طالبنا الدول الداعمة لهذه الجماعات الإرهابية بالكف عن ذلك، ودعونا مجلس الأمن والجمعية العامة ولجان مكافحة الإرهاب لتحمل مسؤولياتها بهذا الشأن، إلاّ ان دولاً ذات نفوذ أحبطت اتخاذ أية إجراءات ملموسة لمكافحة الإرهاب الذي يمارس في بلادي سوريا، لا بل إن هذه الدول ذات النفوذ في هذا المجلس قد حالت حتى دون إصدار 7 بيانات صحافية تدين عمليات إرهابية أودت بحياة مئات السوريين الأبرياء”.
وأكد السفير السوري ان التدخل الإقليمي والدولي في شؤون سوريا الداخلية أصبح فجاً، والتغاضي عن انتهاكات بعض الدول لأبسط المبادئ التي قامت عليها ما يسمى بالشرعية الدولية صار مخجلاً، واستغلال الدم السوري لتنفيذ اجندات سياسية و”إرهابية” وشريرة وتدميرية أضحى فاضحاً، ودعا إلى التعامل بشكل حاسم مع مسألة مكافحة “الإرهاب” في العالم.
من جهته قال الأمين العام الأمم المتحدة بان كي مون خلال الجلسة إنه لا يمكن لأي سياسة لمكافحة “الإرهاب” أن تكون فاعلة من دون معالجة الظروف التي تؤدي إلى انتشار الإرهاب، مضيفاً أن هذا هو الركن الأول من الاستراتيجية العالمية لمكافحة “الإرهاب” الدولي.
وأشار بان كي مون في كلمته إلى ثلاثة أوجه للركن الأول من الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب الدولي.
وقال ان الوجه الأول هي “الصلات المهمة بين التنمية والأمن، لا شيء على الإطلاق يمكن أن يبرر الإرهاب، لا مظالم، ولا أهداف، ولا أي قضية يمكن أن تبرر الأعمال الإرهابية، وفي الوقت ذاته، يجب أن نزيل الظروف التي تغذي هذه المشكلة. فالإرهاب يتقيح حيث تتوطن الصراعات، وحيث لا تتم حماية حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية والحياة البشرية ويسود الإفلات من العقاب”. وأضاف ان الوجهين الآخرين للاستراتيجية العالمية لمكافحة “الإرهاب” هما أهمية الحوار والتفاهم.
وشدد الأمين العام على أهمية أن تطغى الدعوات للرحمة والاعتدال على صوت التعصب والتطرف، مشيراً إلى تزايد استخدام تكنولوجيا المعلومات لنشر الكراهية. وقال ان “الإرهابيين والمتطرفين يستغلون وسائل الإعلام الاجتماعية لزيادة تطرف المواطنين”. وأكد أهمية أن تحل رسائل السلام والتنمية ورفاهية الإنسان، محل الرسائل “الإرهابية”. وشدد على أن تحقيق تقدم في كل هذه المجالات يتطلب بذل جهود مطردة من جانب الدول، بشكل فردي وجماعي.
وحث الجهات الفاعلة الإنسانية والأمنية والسياسية على الانخراط في حوار مفتوح لضمان أن لا تعوق الجهود الرامية إلى منع أعمال الإرهاب إيصال المساعدات ذات الطبيعة الإنسانية للمدنيين في الوقت المناسب.
ورأى بان كي مون ان “هذا هو الأمر الأكثر أهمية ونحن نتعامل مع حالات الطوارئ الإنسانية المتزايدة في كل أنحاء العالم، هذا العام، نواجه تحديات في مالي ومنطقة الساحل الأوسع، حيث يتغذى الإرهاب من العوز المدقع ويقوض التنمية من طريق العنف والتعصب وانتهاكات حقوق الإنسان، إنني أرحب بعزم مجلس الأمن على التصدي للتحدي في تلك المنطقة وجهاً لوجه، وأقدر بشكل خاص نهج المجلس الحساس للعوامل الأساسية التي أدت إلى هذا الوضع الأمني الوخيم”.
ومن بين ضحايا “الإرهاب” خلال العام الماضي، أشار بان إلى الفتاة الباكستانية ملالا يوسفزاي، التي تعرضت لإطلاق النار عليها مع زميلاتها، وقال إنه تأثر جداً بجهودها الشجاعة للدفاع عن الحق الأساسي في التعليم، المنصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكذلك في تعاليم الإسلام، مضيفاً انه يفخر بأن يعتبر نفسه بين مؤيديها والمتمنين لها بالشفاء.
أما وزيرة الخارجية الباكستانية حنا رباني خار، التي ترأست الجلسة، فقالت إن التهديد الذي يشكله “الإرهاب” لا ينحصر في هذا اليوم أو في الغد أو في الأسبوع المقبل أو في العام المقبل، إنما هو يؤثر لمدة طويلة، داعية جميع المشاركين في المناقشة العامة إلى مواصلة الاستعداد للتغلب على هذه الآفة.
وأوضحت الوزيرة الباكستانية ان المبادرة الباكستانية لعقد هذه المناقشة تتجذر في هدف المجلس المشترك للسلام العالمي والأمن، الاستقرار والتنمية.
وقالت “بما انه يشكل تهديداً للسلام والأمن الدوليين، فإن الإرهاب يؤثر مباشرة على جميع بلداننا ومناطقنا، وكذلك على الأفراد والمجتمعات، وقد بيّن العقد الأخير ان الإرهاب لا يعرف حدوداً جغرافية”.
وشددت على ان “ما نبحث عنه هو نهج شامل ومترابط أكثر فاعلية بكثير من جهودنا الحالية والذي لا يحقق نصراً فقط في المعارك ولكن في الحرب”.
وأكدت ان التنمية والأمن مترابطان، “فالتنمية تساعد على تلبية الاحتياجات البشرية الأساسية، وبناء مقدرة المجتمعات المحلية، ومنع الإرهاب، وإيجاد فرص العمل للشباب، ومشاركتهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية ينشئ بيئة مواتية لنجاح سياسات مكافحة الإرهاب”.