إسرائيل تريد طرد البدو الرحل من أراضيهم
يصر سكان مضارب بدوية فلسطينية في اقصى الشمال الشرقي للضفة الغربية على البقاء في اماكنهم رغم المحاولات الاسرائيلية المتكررة لترحيلهم منها.
واضطر عدد من العائلات التي صادرت قوات اسرائيلية يوم السبت خيامها لافتراش الارض بانتظار وصول مساعدات من مؤسسات محلية واجنبية تمكنهم من اعادة بناء غيرها.
وقال علي الفقير لرويترز الذي ازالت القوات الاسرائيلية الخيمة التي كانت تأويه وعشرة من افراد عائلته” حضروا في ساعة مبكرة صباح اليوم وبدأ الجنود بفك الخيام وتحميلها في سيارات شحن كبيرة بعد ان اعدنا بناء ما دمروه قبل يومين.”
واضاف “يريدون (الجيش الاسرائيلي) طردنا من هذه المنطقة ولكننا سنبقى هنا مهما فعلوا لا يوجد مكان اخر نذهب اليه.
وتصنف اسرائيل المنطقة على انها مناطق تدريب عسكري ويمكن قراءة لافتات على جانب الطريق تدل على ذلك.
وتسكن مئات العائلات من البدو في خيام على اراض ممتدة على سفوح وتلال ما يعرف بالاغوار الشمالية بحثا عن الماء والعشب لعشرات الالاف من رؤوس الاغنام والابقار اضافة الى عدد محدود من الابل.
وقال عارف دراغمة رئيس مجلس محلي المضارب البدوية “منذ ثلاث سنوات بدأت قوات الاحتلال حملة منظمة لطرد سكان المضارب البدوية من مكان سكنهم واخلاء المنطقة منهم تمهيدا للاستيلاء على الارض واقامة مزيد من المستوطنات ومعكسرات التدريب عليها.”
واضاف لرويترز فيما كان يحاول اجراء اتصالات مع عدد من الجهات الداعمة لسكان المضارب البدوية “نجحنا يوم الخميس بادخال خيم جديدة بدعم من الصليب الاحمر الدولي بدل الخيام التي تم هدمها من قبل قوات الاحتلال يوم الخميس.”
وتابع قائلا “واليوم رغم انه يصادف السبت وهو عطلة رسمية لدى اليهود الا اننا تفاجأنا فيهم مع طلوع الشمس وقد حاصروا المكان بقوات كبيرة وبدأو بتفكيك الخيام ونقلها بسيارات شحن كبيرة حتى لا يعاد بناؤها.”
ولا يريد سكان المضارب البحث عن مكان اخر يلجأون اليه في المنطقة الشاسعة التي تقدر بالاف الدونمات لانهم يعرفون انهم سيواجهون نفس المصير.
واجتمعت النسوة التي تم هدم خيام اسرهن في منزل صغير من الصفيح لاعداد الخبز والطعام على نار الحطب فيما كان الاطفال يلهون على ارجوحه وضعت على شجرة مجاورة.
وقال الشاب فؤاد دراغمة فيما كان يستعد لبناء حظيرة لاغنامه في نفس المكان الذي ازيلت منه خيام “سبق وان جاء بعض السكان من منطقة اخرى الى هنا اليوم وماذا حصل؟ تبعوهم الى هنا وهدموا خيامهم.”
واضاف لرويترز “قوات الاحتلال تحاول ترحلينا على مراحل ولكننا تعلمنا الدرس ولن نترك هذا المكان الى مكان اخر.”
وتشهد اثار قديمة في المنطقة التي تم هدم الخيام فيها على حياة كانت تعج بها في الماضي ومنها طاحونة قمح كانت تعمل على المياه في العصر العثماني اضافة الى بقايا بناء كبير يقال انه كان يستخدم فندقا.
ويتذكر على الزهدي وهو في السبعينات من العمر بحسرة كيف كانت هذه المنطقة قبل عام 1967 حيث كان فيها نبع للمياه المعدنية كان يقصدها الكثير من الفلسطينيين والاجانب طلبا للعلاج.
وقال لرويترز “كان الناس يأتون الى هنا طلبا للعلاج حيث كانت الحمامات وكانت هذه الساحة تتحول الى مخيم يمضي فيه الناس عدة ايام.”
واضاف “بعد احتلال المنطقة عام 1967 عملت قوات الاحتلال على تدمير الحمامات وعلى اغلاق النبع من خلال حفره وصب الباطون (الخرسانة) فيه وبدأت في استخدام المنطقة للتدريب العسكري واقامة عدد من المعسكرات فيها اضافة الى المستوطنات.”
ومما يجعل المنطقة الشاسعة مقصدا للبدو طبيعتها الدافئة التي تساعد على نمو العشب مبكرا بعد اي كمية امطار تهطل عليها.
وعملت السلطات الاسرائيلية يوم السبت على تحويل منطقة الاغوار الشمالية الى منطقة عسكرية مغلقة ومنعت اي احد من الدخول اليها بمن فيهم محافظ المنطقة.
ووقف محافظ طوباس مروان الطوباسي الذي تتبعه منطقة الاغوار الشمالية مطولا عند حاجز عسكري اسرائيلي رفض السماح له بالدخول رغم انه يحمل بطاقة الشخصيات المهمة التي من المفترض ان تسمح له بعبور الحواجز الاسرائيلية.
ورفض جنود الحاجز السماح لاي أحد بالعبور بسيارته وقال الجندي الاسرائيلي انه بامكان المحافظ ومن يريد العبور سيرا على الاقدام للوصول الى المنطقة التي تم هدم الخيام فيها والتي تبعد عدة كيلومترات.
وقال الطوباسي لرويترز فيما كان يقف على الحاجز “نريد ايصال مساعدات الى الناس التي تم هدم خيامها ولكن كما ترى يمنعونا من المرور انها سياسية تطهير عرقي تمارسها اسرائيل في هذه المنطقة.”
واضاف “انظر انهم يحاولون جعل هذه المنطقة للتدريب العكسري ويضعون اشارات على مكعبات اسمنية على جوانب الطريق تشير الى انها منطقة اطلاق النار الدخول اليها ممنوع مع ان الناس … هناك قبل عشرات السنين.”
توجد في المنطقة التي يعيش بها البدو في خيام ويستخدمون الحطب للطهي وإعداد الخبز عدد من المستوطنات التي يمكن مشاهدة انها تمتد على حساب اراضي الفلسطينيين وكان اخرها الاعلان عن اضافة ما يقارب من مئتي وحدة استيطانية لمستوطنة روتم المقامة على اراضي المنطقة.
واعلنت اسرائيل مرارا انها لن تخلي هذه المنطقة التي تمتد لتصل الى نهر الاردن لاسباب امنية ويرفض الفلسطينيون ذلك ويقولون انهم يقبلون بوجود قوات دولية عليها لفترة محددة من الزمن.
وينتظر عدد من سكان المضارب القريبة ان تقوم اسرائيل بمحاولة لترحليهم وقال الشاب عدي عليان (22 عاما) فيما كان يقف على باب خيمته على بعد عدة كيلومترات من المنطقة التي تم هدم الخيام فيها “ربما سياتون الينا نحن ايضا ولكننا ولدنا هنا وسنبقى هنا.”