«شمدص جهجاه» بطل رواية جان داية
اصدر الباحث اللبناني جان داية الكتاب الرابع والعشرين للاديب الراحل سعيد تقي الدين بعنوان “شمدص جهجاه” وقال ان المواد المتوفرة لديه من نتاج الاديب الساخر ستصل بالعدد الى 31 كتابا.
الكتاب الجديد حمل عنوانا لم يختره له مؤلفه بل ناشره الذي اعطاه الاسم الاشهر بين شخصيات اخترعها المسرحي والقصصي والكاتب اللبناني الشهير وهو اسم شمدص جهجاه.
صدر الكتاب عن مؤسسة فجر النهضة وجاء في 211 صفحة متوسطة القطع.
جان داية الباحث الناشر كتب على غلاف الكتاب موضحا بعض الامور التي تعود الى شخصية شمدص جهجاه. تحدث عن اغتراب سعيد تقي الدين في الفلبين سنوات طويلة ثم عن عودته الى لبنان وإلى مسقط رأسه بلدة بعقلين.
قال “قبيل عودته من مغتربه الفلبيني صب سعيد تقي الدين عبر مجلة تايم الامريكية جام سخريته على محررها الذي اتهم فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية الشيخ بشارة خليل الخوري بالجنون.”
لكن بعد رجوع سعيد تقي الى لبنان من غربته الطويلة وجد ان الامور مختلفة عما كان قد تصوره عن بعد. اضاف الناشر يقول “ولكن بعد رجوعه الى بعقلين اطلق على اول رئيس جمهورية في العهود الاستقلالية اسم شمدص جهجاه.
“ولم يكن فخامته السياسي الوحيد الذي انعم عليه ساهر بعقلين بذلك اللقب الغريب العجيب” فقد شملت التسمية الرئيس الراحل كميل شمعون والراحلين الاخرين الدكتور شارل مالك وزير الخارجية ومندوب لبنان الدائم لدى الامم المتحدة والزعيم السياسي كمال جنبلاط ورئيس الوزراء صائب سلام “ومعظم نجوم الطبقة السياسية في لبنان”.
أضاف الناشر يقول “من هو شمدص جهجاه؟ وهل تكون التسمية من اختراعات سعيد تقي الدين؟” وتساءل مستعملا تعبير “السعتقة” المشتق من سعيد تقي الدين على طريقة الاديب الساخر فقال “وكيف صار هؤلاء السياسيون في الادبيات السعتقية شمادصة جهاجهة؟ وماذا كتب عنهم على ضوء معرفته بهم وليس بما قرأه لهم او سمعه منهم؟ ان عشرات النصوص المجهولة الساخرة والهامة التي يحتضنها هذا الكتاب تتولى الجواب.”
والواقع هو ان شخصية شمدص جهجاه متعددة الجوانب نجدها تتمثل حينا بسياسي وحينا آحر بمثقف او اكاديمي وغير ذلك.
وفي مقدمة الكتاب كتب جان داية يقول “لم يخترع سعيد تقي الدين في مسرحياته وقصصه القصيرة ومقالاته ورفات اجنحته الشخصيات السياسية والثقافية والاجتماعية التي ضربت الرقم القياسي في ممارسة الفساد والافساد خاصة وان الامم وبخاصة امته تعج بتلك النماذج.
“ولكنه اخترع لبعض هؤلاء اسماء كاريكاتورية من مثل شمدص جهجاه وبندر علوش وعوسج شنديب وقرقحفوش المستكي وقعفر طيون السيسباني وقرنفلة بنت جبور الطهنشاوي وربما يكون اختراعه شمل احدى صفات تلك الشخصيات وهي التفاكه او “التهاضم” باعتبار انها كانت وما زالت تمارس المثالب بثقالة دم قياسية ما يضاعف من اذاها على الافراد والمجتمعات.”
وقال ان من المؤكد ان شمدص جهجاه هو الاكثر شهرة والاطول عمرا في ذاكرة قراء سعيد تقي الدين “وقد ظهر هذا الاسم للمرة الاولى في مسرحية سعيد تقي الدين “نخب العدو” المكتوبة في مانيلا في الفلبين عام 1936 والمنشورة عام 1946. الا ان اسما اخر سبق هذا الاسم الى الظهور وهو اسم قرنفلة بنت جبور الطهنشاوي وذلك في افتتاحية جريدة الميزان الادبية سنة 1925.
ويبدو ان تحديد شخصية شمدص لم يأت دفعة واحدة بل على دفعات ومناسبات.
وفي سياق تعريف سعيد تقي الدين بهذه الشخصية -وصاحبها هنا هو مغترب عن لبنان- يقول بادئا بالنواحي الايجابية منها “انه اللبناني الوحيد في مهاجر الدنيا الذي لا يدعي امام الافرنج انه من بيروت وان عائلته ذات املاك واسعة في الوطن القديم وان رئيس الجمهورية ابن عمه واخواله وزراء… وان اجداده باريسيون توطنوا سوريا زمن الحروب الصليبية.”
اما النواحي السلبية -وهي كثيرة طبعا- فيختصرها سعيد تقي الدين بهذا الكلام “شمدص صاحب مروءة اذا كانت المروءة لا تكلف عملة.”
ويتحدث سعيد عن نماذج شمدص جهجاه وكيف يتحول كثير منها بطرق او بأخرى من حال الى حال. وتحت عنوان (رفة جناح) حيث كان يكتب افكارا وخواطر كتب يقول في مجلة (الصياد) عام 1948 “لقيت منذ يومين صديقي شمدص جهجاه يركب سيارة رقمها لا يتجاوز عدد اصابع يده وبرفقته شرطي عتليتي وقد وقفت السيارة قريبا من (منطقة) الروشة… شمدص ماغيرو يركب سيارة حكومية ويصبح بحاجة الى شرطي يرافقه وهو الذي اعتاد ركوب البغلة ومرافقة المكارين.”
ونقرأ له تحت (رفة جناح) اخرى قوله “قال لي شمدص جهجاه: الكرة الارضية يسكنها شمدص جهجاه وبليونان من مخاليق البشر. ليس للبليونين من اهمية قط.”
وفي مسرحية (نخب العدو) يقول عن شمدص انه “اغترب ورأى اكثر بقاع الدنيا ودعي بكارلوس في امريكا الجنوبية وبتشارلي في امريكا الشمالية. لا هو مع الحكومة و لاهو مع المعارضة. فهو يحب الفريقين وكذلك يحتقرهما.”
والكتاب الجديد هو التاسع من كتب سعيد تقي الدين الذي يصدر لاول مرة.
نقرأ بعض (رفات جناح) سعيد في الكتاب خاصة تلك التي تعود الى الجرن الذي تدق فيه (الكبة).. الاكلة اللبنانية الشهيرة. يقول “لو ان في لبس الرأس اظهار الوطنية لكنت اول من وضع على رأسه ذلك الوطني الصحيح: جرن الكبة.”
وعلق على كلام لصحفي اجنبي فقال “ليت البيون روس الصحافي الامريكي كان صادقا حين قال اننا بغال.. اذن لتناولناه بلبطة.”
ونقرأ عن البطالة في لبنان سنة 1947 اذ يقول “بلغت البطالة في لبنان الى حد ان النملة لا تجد عملا على بيدر القمح.”
وعلق سنة 1950 على تقارير خبراء فقال “ما كان اغنانا عن استيراد السماد الكيماوي لو استعملنا تقارير الخبراء سمادا طبيعيا.”
وكان قد اشتق كلمة (صرعز) من كلمتي صرح عزام في اشارة الى كثرة تصريحات عبد الرحمن عزام الذي كان يومها الامين العام لجامعة الدول العربية. قال سنة 1952 في رفة جناح “ارتطمت سيارة عزام باشا بالتراموي فتحطمت مقدمتها. وحالا صرح رفعته بأن المؤخرة لاتزال سليم