سوريا: معارك والحكومة تدعو المعارضين والمسلحين الى الحوار
وقعت الثلاثاء معارك عنيفة في حمص السورية التي عادت الى الواجهة منذ ايام مع التصعيد العسكري في غرب المدينة الذي تحاول القوات النظامية السيطرة عليه، بحسب مصادر المعارضة، في وقت توقعت موسكو ان يطول النزاع في سوريا حيث لا افق بعد لاي تسوية.
في الوقت نفسه، وصل حوالى مئة مواطن روسي الى مطار بيروت آتين من سوريا في طريقهم الى موسكو. وكان دبلوماسي روسي اعلن انه سيتم اجلاؤهم من سوريا التي “يرغبون بمغادرتها” من دون ان يعني ذلك وجود خطة لاجلاء الرعايا الروس من جانب السلطات.
ميدانيا، اورد المرصد السوري المقرب من المعارضة “معلومات من مشفى حمص العسكري تفيد بمقتل وجرح ما لا يقل عن 130 عنصرا من القوات النظامية والمسلحين الموالين لها في المنطقة خلال الايام الثلاثة الفائتة”. واوضح في وقت لاحق انه تم التعرف على 23 من القتلى، الا انه رجح ان يكون عدد القتلى اكبر. وتتركز الاشتباكات بين القوات النظامية والمجموعات المقاتلة المعارضة في منطقتي السلطانية وجوبر حيث استمرت المعارك اليوم وافيد عن مزيد من الضحايا في صفوف الطرفين وبين المدنيين. وقال المرصد ان “غرب حمص منطقة استراتيجية لانها محاذية للطريق السريع الذي يربط دمشق بالساحل، وهي مفتاح الوصول الى العاصمة، والحركة التجارية، والسلاح الذي يدخل سوريا عبر البحر المتوسط”.
وواصلت القوات النظامية السورية قصفها الجوي والمدفعي لمناطق في ريف دمشق حيث استمرت الاشتباكات.
وافاد مصادر المعارض عن مقتل ثمانية مواطنين هم خمسة اطفال وسيدتان ورجل جراء القصف بالطيران الحربي على بلدة بالا في ريف دمشق، واربعة اشخاص هم ثلاثة مقاتلين ورجل مجهول الهوية في اشتباكات مع القوات النظامية وقصف على مدينة دوما، واربعة مواطنين من عائلة واحدة جراء قصف على بلدة بيت سوى. كما اشارت الى استمرار الاشتباكات في مدينة داريا التي تحاول القوات النظامية استكمال السيطرة عليها منذ اسابيع.
ونقلت وكالة الانباء السورية الرسمية “سانا” من جهتها عن مصدر مسؤول انه “تم القضاء على عدد من الارهابيين في مزارع العالية والعب وتل كردي في منطقة دوما”، بينهم “متزعم مجموعة ضمن ما يسمى لواء الاسلام”. في محافظة الحسكة (شمال شرق)، استمرت الاشتباكات الثلاثاء بين مقاتلين معارضين وآخرين اكراد في مدينة راس العين الحدودية مع تركيا،وحسب مصادر متقاطعة فقد قتل ما لا يقل عن 56 مقاتلا من الجانبين في هذه الجولة من المعارك التي بدأت في 16 كانون الثاني/يناير.
ويسعى الاكراد اجمالا موالين ومعارضين للنظام الى تحييد مناطقهم عن المعارك والى الاحتفاظ بالسيطرة عليها لانفسهم.
وقتل في اعمال عنف في مناطق مختلفة من سوريا اليوم 76 شخصا، بحسب حصيلة اولية للمرصد الموجود في لندن الذي يقول انه يعتمد للحصول على معلوماته على شبكة واسعة من المندوبين والمصادر الطبية في كل انحاء البلاد.
في موسكو، قال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ردا على سؤال صحافي عن احتمال انتصار معارضي الرئيس بشار الاسد، “في البداية اشارت بعض التوقعات الى شهرين او ثلاثة او اربعة اشهر، اما الان (فالنزاع مستمر منذ نحو) سنتين. ان الوضع يمكن ان يتطور بطرق مختلفة. اعتقد ان النزاع قد يطول”.
في هذا الوقت، جددت الحكومة السورية دعوتها المعارضين و”من يحملون السلاح” الى الحوار.
ونقلت “سانا” عن رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي قوله “نحن منفتحون على كل القوى السياسية بمن فيها المعارضة الوطنية الداخلية والخارجية وحتى بالتواصل مع المسلحين الذين غرر بهم عندما يلقون السلاح ويعودون الى أحضان الوطن لنتحاور ولنساهم معا في بناء سوريا الجديدة وسوريا الديموقراطية وسوريا التعددية”.
وجدد الحلقي في تصريح صحافي عقب اجتماع لمجلس الوزراء التاكيد ان الحكومة السورية “جادة في انجاز البرنامج السياسي لحل الازمة” الذي اقترحه الاسد وان “الاجتماعات متتالية ومستمرة من أجل وضع الالية التنفيذية”.
من جهة ثانية، اتهمت دمشق الثلاثاء تنظيم القاعدة في سوريا بتنفيذ التفجير الانتحاري في ريف حماة الاثنين الذي اوقع 32 قتيلا بحسب السلطات، و42 بحسب المرصد السوري.
وذكرت وزارة الخارجية في رسالتين متطابقتين وجهتهما الى رئيس مجلس الامن وامين عام الامم المتحدة ان “المجموعات الارهابية المسلحة وفي مقدمتها تنظيم القاعدة في سوريا +جبهة النصرة+ استمرت بتنفيذ عملياتها الارهابية الاجرامية وذلك من خلال قيامها بعمل ارهابي جبان اخر نفذه انتحاري ضد المواطنين الامنين بتاريخ 21 كانون الثاني/يناير في وسط مدينة السلمية التابعة لمحافظة حماة”.
وقالت الرسالة ان الانفجار دمر المشفى الوطني في السلمية واخرجه من الخدمة، فيما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان اليوم ان الانفجار استهدف مقرا للجان الشعبية المسلحة الموالية للنظام.
في الرياض، صرح وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل في مؤتمر صحافي عقب انتهاء القمة التنموية ان “المأساة السورية للاسف تكمن في وجود حكومة ترفض اي حل”. وقال “يواصلون تصور ان كل من يقاتلهم ارهابي ومن غير المرجح التوصل لحل سياسي معها”.
وتابع الفيصل “نحن في مازق كبير”، داعيا مجلس الامن “الى القيام بمسؤوليته” في هذه المسألة.
وكان الامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي رأى الاثنين انه لا توجد حتى الان “اي بارقة امل” بنجاح مهمة الموفد الدولي الخاص الى سوريا الاخضر الابراهيمي.
ودعا الى ان يجتمع مجلس الامن الدولي “فورا ويصدر قرارا ملزما بوقف اطلاق النار حتى يتوقف شلال الدم في سوريا”.
في نيويورك، جدد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الثلاثاء “ثقته التامة” بموفده الى سوريا الاخضر الابراهيمي، مع اقراره بوجود “فرص ضئيلة” راهنا لتسوية الازمة في هذا البلد.
وقال بان “انا ممتن للاخضر الابراهيمي لصلابته وصبره وعزمه الكبير وتفانيه”، مضيفا “في تقييمنا المشترك ان جمع السوريين (حول طاولة التفاوض) لا يزال يتطلب مسيرة طويلة”، معتبرا ان “الوضع قاتم جدا وصعب جدا ولا نرى كثيرا من الفرص حتى الان لتسوية” النزاع.
وكان بان والابراهيمي اعربا عن “خيبتهما الكبرى وقلقهما امام اتساع عمليات الرعب والمجازر والتدمير التي تقوم بها الحكومة والمعارضة وتغذيها القوى الخارجية التي تقدم اسلحة الى الطرفين”، بحسب ما اعلن المتحدث باسم الامم المتحدة مارتن نيسيركي.