القوات الفرنسية على أبواب تمبكتو
رقص سكان مدينة غاو بشمال مالي التي استولت عليها قوات فرنسية ومالية من المتمردين الاسلاميين في الشوارع على وقع الطبول والموسيقى يوم الاحد فيما طرد هجوم تقوده فرنسا المتمردين أيضا من تمبكتو.
وتأتي المكاسب التي حققتها القوات الفرنسية والمالية في مطلع الأسبوع في غاو وتمبكتو تتويجا لتدخل فرنسي قوي في مستعمرتها السابقة أسفر عن طرد مقاتلين متشددين متحالفين مع تنظيم القاعدة باتجاه الشمال نحو الصحراء والجبال.
وفي غاو وهي أكبر مدينة في الشمال حيث حظر المتمردون الاسلاميون الموسيقى والتدخين وقطعوا أيدي اللصوص وأمروا النساء بارتداء الحجاب قدم الآلاف التحية للقوات التي حررت البلدة وهم يرددون الهتافات قائلين “مالي.. مالي.. فرنسا.. فرنسا”.
وساعدت القوات الخاصة الفرنسية مدعومة بطائرات مقاتلة من طراز رافال وطائرات هليكوبتر من طراز تايجر في الاستيلاء على البلدة في ساعة مبكرة من صباح يوم السبت.
وكان بين الحشود المحتفلة في غاو كثيرون يدخنون السجائر ونساء غير محجبات وبعض الرجال يرتدون السراويل القصيرة. ورفع الشباب على الدراجات النارية أعلام مالي وفرنسا والنيجر التي ساعدت قواتها أيضا في تأمين المدينة القديمة على نهر النيجر.
وقالت هوى توري (25 عاما) وهي ترتدي رداء افريقيا تقليديا ملونا كان محظورا من قبل المتمردين باعتباره شفافا أكثر مما يلزم “الآن يمكننا أن نتنفس بحرية.. نحن أحرار كالرياح اليوم.. نشكر كل أصدقائنا في جميع أنحاء العالم الذين ساعدونا”.
كما وصلت قوات فرنسية ومالية في مطلع الاسبوع إلى بلدة تمبكتو الصحراوية التجارية على بعد أكثر من 300 كيلومتر إلى الغرب من غاو. وتعمل القوات على استعادة سيطرة الحكومة على المنطقة التي تدرجها منظمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) كموقع للتراث الانساني العالمي.
وقال مصدر عسكري مالي إن القوات الفرنسية والمالية لم تواجه أي مقاومة حتى وصلت إلى أبواب تمبكتو وسيطرت على المطار. وتعمل القوات على طرد أي مقاتلين إسلاميين متمردين ما زالوا مختبئين في المدينة التي توجد بها مساجد وآثار ومنازل من الطوب اللبن.
وقال المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه “تمبكتو حساسة لا يمكنك دخولها دون ترتيبات”.
وما زلت بلدة شمالية ثالثة وهي كيدال مقر الطوارق في شمال شرق مالي النائي الوعر في أيدي المتمردين.
وتدعم الولايات المتحدة واوروبا العملية التي اجازتها الأمم المتحدة في مالي لصد التهديد الذي يمثله الإسلاميون المتشددون حتى لا يستغلوا صحراء مالي كقاعدة يشنون منها هجمات دولية.
ودمر مقاتلون من التحالف الاسلامي في شمال مالي الذي يضم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي وجماعة انصار الدين المالية الاسلامية وحركة الوحدة والجهاد في غرب افريقيا مزارات قديمة مقدسة لدى المسلمين الصوفيين في تمبكتو مما أثار غضبا دوليا.
كما طبقوا حد السرقة والرجم.
وفيما تقدمت قوات فرنسا ومالي في شمال البلاد يجري نقل قوات افريقية من قوة التدخل القارية إلى البلاد جوا ويتوقع أن يصل قوامها إلى 7700 بالرغم من التأخير بسبب مشاكل تتعلق بالامداد والتموين ونقص امكانية النقل الجوي.
وأرسلت فرنسا طائرات حربية و2500 جندي إلى مالي بعد نداء من الحكومة لباريس لمساعدتها عندما شن متمردون إسلاميون هجوما الى الجنوب نحو العاصمة باماكو في وقت مبكر من يناير كانون الثاني. واستولوا على عدة بلدات استعادها الفرنسيون.
وفي مواجهة الهجوم المضاد الفرنسي المالي المستمر منذ أسبوعين ينسحب المتمردون فيما يبدو شمالا إلى الصحراء والمعاقل الجبلية.
ويخشى الخبراء العسكريون من أنهم قد يشنون هجمات كر وفر في حرب عصابات ضد الحكومة من هناك.
وعرض زعيم الحركة الوطنية لتحرير أزواد أن يساعد مقاتلو جماعته في الصحراء الهجوم الذي تقوده فرنسا. والحركة الوطنية لتحرير أزواد هي حركة التمرد الرئيسية للطوارق في مالي التي خطفت القاعدة وحلفاؤها الماليون المحليون تمردها الانفصالي الاولي.
وقال إبراهيم أغ محمد الصالح متحدثا من واجادوجو في بوركينا فاسو إن الحركة الوطنية لتحرير أزواد تستعد لمهاجمة قوات الاسلاميين المتحالفين مع القاعدة المنسحبين وزعماءهم الذين قال إنهم يختبئون في تيدماني وجبال تيغارغار في منطقة كيدال.
وفي كونا على بعد 500 كيلومتر الى الجنوب الشرقي من غاو التي تمت استعادتها من المتمردين في الآونة الاخيرة ما زال بعض الناس يشعرون بالخوف.
وقالت سالو توري وهي احد المقيمات في تمبكتو في منتصف العمر وكانت قد فرت من تلك البلدة قبل ثلاثة اشهر “لا أحد يعتقد أن المتمردين سيستسلمون دون مقاومة. ربما يعيدون تجميع صفوفهم لشن هجوم.. هناك مخاوف من حرب عصابات.”