لقاء باريس: تمويل الائتلاف أو خطر أن تكسب الجماعات الإسلامية
باريس- بسّام الطيارة
تحت تسمية «اجتماع دعم الائتلاف الوطني السوري» (International meeting in support of the Syrian National Coalition) حضر ممثلو ٥٤ دولة على مستوى الموظفي تحت رعاية فرنسية قادها االسفير الفرنسي في سوريا والموجود منذ أشهر في باريس «إيريك شوفاليه»، في غياب زعيم الائتلاف الشيخ معاذ الخطيب، كما غابت عنه كافة الوجوه الاسلامية البارزة سواء في المجلس الوطني أو الائتلاف، بينما حضره «سفير الائتلاف» في باريس منذر ماخوس، ونائبا الرئيس رياض سيف وسهير الاتاسي، إلى جانب أحمد عاصي الجربا ومثل المجلس الوطني رئيسه جورج صبرا.
برنامج الاجتماع كما يوحي بقوة عنوانه هو دعم الائتلاف في تلك «المرحلة الحرجة» حسب قول أحد المشاركين العرب الذي فضل كتم هويته. وبالطبع يقفز إلى الذهن مباشرة الدعم المالي، وقد أكد المصدر العربي المشارك بأن «اللقاء ليس لإجراء كشف حول من وفى بتعهدات سابقة» (في إشارة إلى مؤتمر مراكش ووعود بـ ١١٥ مليون دولار) ولكن، حسب خارطة الطريق التي حصلت «أخبار بووم» عليها فإن الأهداف الأربعة المرسومة تتلخص بكلمة واحدة «تقوية هيكلية الائتلاف» وإن أبرز ذلك تحت أربعة بنود: ١) تأمين الضروريات للمواطنين في الداخل الذين لا يستفيدون من برامج المعونات الإنسانية، ٢) إكمال عملية تنظيم هيكلية الائتلاف بهدف تشكيل حكومة انتقالية، ٣) العمل على وضع الكتائب المقاتلة ضمن الجيش السوري الحر تحت قيادة سياسية موحدة، ٤) تحضير عملية الانتقال السياسية ومرحلة التي تليها بالتعاون مع المجتمع الدولي لبناء سوريا تحترم الديمقراطية وحقوق الإنسان وحكم القانون.
بالطبع غابت أي إشارة إلى «الدعم المالي» للائتلاف علماً أن المصدر العربي أكد بأن «الدول التي وعدت بمساعدات لم تفي بوعودها» وأضاف بأن «نقص التمويل يمكن أن يقود إلى شلل» أعمالها خصوصاً في المجال الإنساني، الذي «بات مدخل للعمل السياسي في ظل الظروف الحالية» حسب قوله.
وقد أكد ديبلوماسي فرنسي يتابع الملف السوري عن قرب، ضرورة «دعم الائتلاف» لرفع قدرتها على منافسة الجهاديين. وهو تجسيد لما قاله الوزير لوران فابيوس في مداخلته في افتتاح اللقاء (انقر هنا) حين صرح إن الاجتماع «يجب أن يركز على جعل المعارضة أكثر تماسكا سياسيا وعسكريا لتشجيع المساعدة الدولية. وأضاف «في مواجهة انهيار دولة ومجتمع هناك خطر بأن تكسب الجماعات الإسلامية أرضا إذا لم نتصرف كما ينبغي».
خطر حضور الجهاديين كان وراء كل كلمة نطق بها المصدر الديبلوماسي الفرنسي المتابع، كما كانت حاضرة وراءالبنود الأربعة التي ارتكزت عليها خارطة الطريق. حتى عندما دخل الديبوماسي بـ«لعبة الأرقام» في محاولة تخفيف ما تتناوله وسائل الإعلام من أعداد للمجاهدين قال «حتى ولو كان العدد خمسة عشر ألف اسلامي متطرف في سوريا فهم لا يشكلون كتلة كبيرة في وسط المئة والخمسين ألف مقاتل معارض» ولكنه اعترف بأن «العدد غير قليل» واستدرك «لكن لا يجب المبالغة فيه ونحن نعمل على حل هذه المشكلة». ووصل إلى بيت قصيده بقوله وكأنه يخاطب المانحين والائتلاف في آن واحد«إذا كنا نريد بديلاً عن التطرف الاسلامي وعن النظام الحالي فينبغي منح الائتلاف الامكانيات المادية اللازمة لذلك»، وتابع بأن «ما يدعو له الائتلاف، هو بناء سوريا لا مكان فيها لجبهة النصرة» وأعترف «اذا لم نساعد الائتلاف وأصبح الإسلاميون الأنشط إغاثيا وعسكرياً، فمن الطبيعي ان تذهب الناس نحو من يساعدهم »، مذكراً بما قاله فابيوس «على الائتلاف ان يثبت للسوريين إنه إلى جانبهم، وأن يلبي حاجاتهم الغذائية». ثم حذر الديبلوماسي الفرنسي بأنه في حال التلكؤ «نكون أمام خيارين لا ثالث لهما إما بقاء النظام السوري أو انتشار فوضى يواكبها صعود اسلامي متطرف» فيما لو استمر الامتناع عن مساعدة الائتلاف ماليا.
بالمقابل نقل مصدر فرنسي أجواء اللقاء في الداخل وقال «اننا لا زلنا نعمل من أجل بناء معارضة قادرة على الاستجابة لطموحات الشعب السوري وتلبية حاجاته ، وقد قطعنا شطراً كبيراً باتجاه هذا الهدف»، وكشف أن المجتمعين ، توصلوا الى تحريك «بعض التعهدات من خارج حلقة الخليج»، وأن الائتلاف حصل على ما يكفي لتشغيل هياكله عدة أشهر. كما أشار إلى «أن المصريين عرضوا مساعدات مالية وتقنية لتسيير مكاتب الائتلاف في القاهرة ، كما عرضت تركيا مساعدته على تسيير شؤونه في اسطنبول».
ونقل أن رياض سيف ألقى مداخلة لتحسين عمل الائتلاف تحت عنوانين «الشرطة والأمن»، وإعادة هيكلته وأن طروحاته لقيت إجماعا على ضرورة العمل بها كما هو ضروري العمل على إعادة هيكلة المجلس العسكري. كما قدمت سهير الاتاسي مداخلة عن جهود الائتلاف الاغاثية. فكشفت أن الائتلاف «أقام أكثر من ١٠٠ مستوصف و٢٠٠ مستودع لتوزيع الأدوية، وأنشأ ست غرف عمليات خصوصاً في شمال البلاد. كما تحدثت عن مفاوضات تجري مع الامم المتحدة لتنسيق العمل معها وذلك لتحديد آليات التعاون والحصول على مساعدات منها.
وتحدث جورج صبرا عن مسار العدالة في الفترة الانتقالية وسبل تعزيز الامن في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، في اطار ما وصفه المصدر الفرنسي بأنه «جهد لا بد منه لتعزيز مصداقية الائتلاف في مواجهة الجماعات المتطرفة» .