فرنسا تطبق على تمبكتو والجهاديين يحرقون مكتبة التراث
أطبقت قوات فرنسية ومالية أمس الإثنينعلى بلدة تمبكتو احد مواقع التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) بعدما أحرق مقاتلون إسلاميون فارون عدة مبان في البلدة ومن بينها مكتبة للمخطوطات لا تقدر بثمن.
ودون إطلاق رصاصة واحدة لايقافهم سيطر ألف جندي فرنسي بينهم جنود مظلات و200 جندي مالي على المطار وأحاطوا بالبلدة التاريخية التي تقع عند نهر النيجر سعيا لمنع فرار المقاتلين المتحالفين مع تنظيم القاعدة.
جاءت السيطرة على تبمكتو بعد سيطرة سريعة لقوات فرنسية ومالية في مطلع الأسبوع على مدينة جاو وهي بلدة مالية شمالية كبيرة أخرى يسيطر عليها تحالف جماعات للإسلاميين المتشددين منذ العام الماضي.
وجاء تدخل فرنسا قبل أسبوعين في مالي المستعمرة الفرنسية السابقة بناء على طلب من حكومة مالي لكنه يحظى أيضا بدعم دولي واسع ودفع المقاتلين الإسلاميين باتجاه الشمال خارج البلدات وفي الصحراء والجبال.
وقال متحدث باسم الجيش الفرنسي إن القوات الهجومية في تمبكتو حرصت على تجنب القتال داخل البلدة حتى لا تلحق أضرارا بالكنوز الثقافية والمساجد والأضرحة الدينية التي تقام فيها الدروس الدينية.
لكن رئيس البلدية هال عثمان قال إن المقاتلين الإسلاميين الفارين أحرقوا مكتبة أقامتها جنوب افريقيا بالمدينة وتحتوي على آلاف المخطوطات القيمة.
وأضاف لرويترز عبر الهاتف من باماكو “أشعل المتمردون النيران في معهد أحمد بابا الذي أقامته جنوب إفريقيا حديثا… هذا وقع قبل أربعة أيام.”
وأضاف انه علم بهذا من مسؤول الاتصالات التابع للبلدية والذي كان قد تحرك صوب الجنوب قبل يوم.
ولم يتمكن عثمان على الفور من تحديد مدى الضرر الذي لحق بالمبنى.
وذكر رئيس البلدية أن المتمردين الإسلاميين أشعلوا النار أيضا في مكتبه ومنزل أحد أعضاء البرلمان.
ومعهد أحمد بابا واحد من عدة مكتبات في المدينة تحتوي على وثائق أثرية يرجع تاريخها إلى القرن الثالث عشر وسمي باسم شخصية ولدت في تمبكتو وكانت معاصرة للكاتب الانجليزي وليام شكسبير.
ويحتوي المعهد على أكثر من 20 ألف مخطوطة بعضها كان محفوظا في سراديب تحت الأرض.
ولم تواجه القوات الفرنسية والمالية مقاومة حتى الان في تمبكتو لكنها واجهت صعوبة في الخوض في متاهة من المساجد القديمة والاثار والمنازل المصنوعة من الطوب اللبن بين الحارات لطرد أي إسلاميين مختبئين.
وقال اللفتاننت تيري بيركار المتحدث باسم الجيش الفرنسي في باريس “علينا أن نتوخى أقصى درجات الحذر. ولكن بشكل عام فإن العناصر الضرورية في مواقعها لتولي السيطرة.”
وقال الحاج بابا حيدرة وهو عضو برلمان عن تمبكتو لرويترز في باماكو إن المتمردين الإسلاميين تركوا المدينة. وأضاف “هربوا جميعا. وقبل رحيلهم دمروا بعض المباني من بينها منازل.”
ويدعم الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة العملية التي تقودها فرنسا في مالي بصفتها ضربة لخطر الجهاديين الإسلاميين الأصوليين الذين يستخدمون منطقة الصحراء في غرب افريقيا كمنصة إطلاق لشن هجمات في العالم.
ويساعد الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة بمعلومات المخابرات ونقل القوات جوا وإعادة تزويد الطائرات بالوقود والمواد اللوجيستية لكنهما لا يعتزمان إرسال قوات قتالية إلى مالي.
وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس لتلفزيون فرانس 2 “يجري تحرير مالي شيئا فشيئا.”
وفي جاو الواقعة على بعد أكثر من 300 كيلومتر شرقي تمبكتو رقص سكان فرحون على أنغام الموسيقى في الشوارع يوم الأحد احتفالا بتحرير هذه البلدة القديمة الأخرى الواقعة في منطقة نهر النيجر.
وقال متمردو الطوارق الماليون العلمانيون يوم الاثنين إنهم يسيطرون الان على بلدة كيدال الشمالية بعدما خرج منها حلفاؤهم الإسلاميون.
وقال الكولونيل محمد اج نجم القائد العسكري للحركة الوطنية لتحرير أزواد لرويترز هاتفيا عبر القمر الصناعي من البلدة الواقعة في شمال شرق مالي “نحن المسيطرون الان.”
وكيدال آخر معقل كان يسيطر عليه مقاتلون إسلاميون متحالفون مع القاعدة بعد أن سيطرت قوات فرنسية ومالية على بلدتي جاو وتمبكتو.
وردا على سؤال عن مكان مقاتلي جماعة أنصار الدين الذين كانوا يسيطرون على كيدال قال أج نجم “ذهبوا.”
وقال متمرد آخر في الحركة الوطنية لتحرير أزواد اتصلت به رويترز نفس الشيء لكن لم يرد تأكيد مستقل على الفور.
وكانت تمبكتو في السابق مقصدا للسائحين والدارسين بسبب كنوزها الثقافية.
وصدم العالم بسيطرة مقاتلي الطوارق عليها في أول ابريل نيسان حيث خطف إسلاميون أصوليون تمردهم الإنفصالي فيما بعد وفرضوا الشريعة الاسلامية.
ودمر الإسلاميون المتشددون الذين ينتهجون تفسيرا متشددا للاسلام العشرات من الاضرحة القديمة التي يتردد عليها الصوفيون في تمبكتو بدعوى أنها وثنية.
وطبق الإسلاميون حد قطع يد السارق ورجم الزاني في الشريعة كما فرضوا الحجاب على النساء.
وخرجت نساء كثيرات يوم الاثنين للاحتفال بطرد الإسلاميين وخلعن الحجاب وقمن بتدخين السجائر وشغلوا الموسيقى بعد رفع الحظر الذي كان يفرضه الإسلاميون.
ومع توغل القوات الفرنسية والمالية في شمال مالي تنقل جوا قوات افريقيا من قوة تدخل مدعومة من الأمم المتحدة ويتوقع أن يصل قوامها إلى 7700 جندي إلى مالي رغم تأخيرات بسبب مشاكل لوجيستية.
ووبخ توماس بوني يايي رئيس الاتحاد الافريقي المنتهية ولايته دول الاتحاد بسبب بطء استجابتهم بمساعدة مالي بينما كان لفرنسا القوة الاستعمارية السابقة زمام المبادرة في العملية العسكرية.
وأشار يايي إلى أن تكلفة قوة التدخل الافريقيا تصل إلى مليار دولار وقال إن ما يصل إلى عشر دول افريقية قد يطلب منها أن ترسل قوات.
وترسل بوركينا فاسو وبنين ونيجيريا والسنغال وتوجو والنيجر وتشاد قوات بينما تعهدت بوروندي ودول أخرى بالمساهمة.
ويتوقع أن يطلب الاتحاد الافريقي مئات الملايين من الدولارات كدعم لوجيستي ولتمويل القوة الافريقية في مالي وذلك في مؤتمر للمانحين يعقد في أديس أبابا يوم الثلاثاء.
وحث يايي دولا أخرى في حلف شمال الاطلسي أيضا ودولا آسيوية على الاقتداء بفرنسا وإرسال قوات إلى مالي. وقال “علينا أن نحرر حزام الساحل من خطر الارهاب.”