سوريا: الغموض البناء يهيمن على لقاء ميونيخ الرباعي
باريس – بسّام الطيارة
سألت «أخبار بووم» الناطق الرسيم لوزارة الخارجية الفرنسية «فيليب لاليو» التعليق على إعلان رئيس الائتلاف الوطني السوري معاذ الخطيب قبوله بالتفاوض مع النظام، ثم تغيير موقفه في بيان الائتلاف الصادر من القاهرة.
جواب الناطق الرسمي «عودوا إلى تصريحات الوزير هذا الصباح».
ماذا قال الوزير لوران فابيوس عند استقباله وزير خارجية الأردن؟ تحدث فابيوس وكأنه يقرأ في بيان القاهرة الذي خرج بعد ساعات طويلة من المناقشات الحامية والذي لا يحمل «جواباً حاسماً» يقطع الطريق على تصريح الخطيب وفي نفس الوقت يرضي «معارضي الخطيب داخل المعارضة»، وقد فسر الوزير الفرنسي «ما يريد الخطيب قوله» بما يلي «حقيقة إن رئيس الائتلاف، وهو شخص مميز، وهو اتخذ موقفاً بقوله إنه لا مجال للتفاوض مع بشار الأسد، ولكن بالمقابل توجد اتصالات عدة». (Alors c’est vrai que le président de cette Coalition, qui est un homme tout à fait remarquable, a pris position en disant qu’il n’était pas question de discuter avec Bachar Al-Assad, mais qu’en revanche il y a de nombreux contacts. ). وتابع بأن الهدف هو إيجاد حل للمسألة السورية حيث تتزايد أعداد القتلى يومياً (…). وتابع بأن «هذه هي روحية» تصريح الخطيب، وهو يذهب في نفس اتجاه تصريح «الأخضر الإبراهيمي».
ثم استطرد فابيوس تفسيراً لما أراد قوله الإبراهيمي «فقد استعاد /اتفاق جنيف/وفسر بأن مضمون النص يشير إلى أن المرحلة الانتقالية التي أشير إليها بـ/the governing body/تعني أن بشار الأسد لم يعد له دور خلال هذه المرحلة، بينما في المقابل، فإن أشخاص آخرين لديهم دورا حاسما». (Revenant sur « l’accord de Genève », il a expliqué que, dans son esprit, la transition qui devrait intervenir – appelée à Genève «the governing body»- signifiait que M. Bachar Al-Assad n’avait plus de rôle dans cette période mais qu’en revanche, d’autres personnes avaient le rôle décisif.)
من هنا يبدو أن الجدل يدور حول مسألة «تفسير التفسيرات» وتجاوز«تفسير تصريحات معاذ الخطيب» وعاد أدراجه إلى «تفسير بيان جينف» أي عودة إلى الوراء كما كان الحال قبل أشهر عدة.
وقد دخلت واشنطن أيضاً على خط التفسيرات إذ صرح السفير الأميركي في سوريا «روبرت فورد» خلال مقابلة أجرتها معه «فرانس 24» أن «لا حلّ سياسياً بوجود الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة أو في المرحلة الانتقالية»، ولفت «الانتباه» متحدثاً باسم المعارضة الى أنها «لن تقبل به» وذهب أبعد من الوزير فابيوس بقول أن المعارضة لن تقبل ببشار«لا هو ولا الدائرة المحيطة به، على طاولة الحكومة الانتقالية» وأضاف «أبلغنا أصدقاءنا الروس بذلك»، وأنهى «نحن مع بيان جنيف الذي طلب من النظام والمعارضة تشكيل حكومة انتقالية، لكن مع تنحّي الأسد».
الجواب الروسي جاء بعد دقائق على لسان الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية «ألكسندر لوكاشيفيتش» الذي انتقد تلك المقابلة وقال في بيان «إن الخارجية الروسي تنظر إلى هذه المقابلة كدليل جديد على أن عددا من شركاء روسيا لا يتخلون عن أي محاولة للتأثير على الرأي العام في البلدان العربية وبالدرجة الأولى على المعارضة السورية وداعميها». وأضاف البيان أن ذلك يتم عبر تهيئة أجواء لا تسمح باللجوء إلى الحل السياسي لتسوية الأزمة السورية كما إلى المبادئ التي تم التوافق عليها في لقاء جنيف في 30 حزيران 2012.
وشدد البيان على أن اتفاق جنيف نص على الحوار بين كافة أطراف الصراع من دون أي شروط مسبقة، مضيفا «هذا هو مضمون ومعنى بيان جنيف الذي حرفه السفير الأميركي بشكل مباشر أو غير مباشر». وأضاف أن المسألة تتعلق «بقراءة سيئة لوثيقة استهلك اعدادها طاقات كبيرة وبينها طاقات وجهود ممثلين عن الولايات المتحدة».
من هنا يبدو الشرخ واسعاً بين روسيا من جهة وبين الدول الغربية الداعمة للمعارضة. من هنا العجب من تسريبات لمصدر بالمعارضة السورية أشار إلى أن أركانها «ستلتقي بمسؤولين من الولايات المتحدة وروسيا والامم المتحدة في ميونيخ (اليوم السبت) لمناقشة التحول السياسي في سوريا». إلا أن نائب وزير الخارجية الروسي أحجم عن تأكيد الأمر لا بل نفاه في تغريدة على موقع تويتر قال فيها «حتى اليوم لم يرد ذكر مثل هذا الاجتماع في برنامج وزير الخارجية الروسي».
ووكان مسؤولون بالائتلاف الوطني السوري قد أكدوا أمس أن رئيس الائتلاف معاذ الخطيب سيلتقي بنائب الرئيس الامريكي «جو بايدن» ووزير الخارجية الروسي «سيرجي لافروف» ومبعوث الامم المتحدة الاخضر الابراهيمي على هامش مؤتمر الامن والتعاون في اوروبا الذي يعقد في مدينة ميونيخ الألمانية، في ما وصوفوه بأنه «اجتماع رباعي».
ولم تتردد مصادر مقربة من المعارضة من القول «إن روسيا تشجعت لحضور الاجتماع بعد عرض الخطيب ؤجراء محادثات مع مسؤولين سوريين» واعتبرت أن بيان القاهرة تبنى «الغموض البناء» بشأن اذا ما كان يجب ان يتنحى الأسد قبل بدء عملية التحول على أساس أن هذا الغموض «حرك الامور».
إن دلّ ذلك على شيء فهو أن المعارضة السورية ممثلة في الائتلاف الذي يضم 70 عضوا ويهيمن عليه الاسلاميون والذي تم تشكيله بدعم غربي وعربي فيكانون الاول ديسمبر يعتبر «الخطيب رئيساً مساوياً في السلطة للأعضاء وليس رئيسا مطلقاً، فقد طالبت القيادة مجتمعة من الخطيب عدم الرد على اي مقترحات تقدم له في ميونيخ دون الرجوع اليها.
وكانت نتيجة هذه الانتقادات الحادة من قبل الإسلاميين في المكتب السياسي والمجلس الوطني السوري للخطيب أن تراجع عن تصريحه الذي عبر فيه عن استعداده للجلوس مع مسؤولين سوريين للتفاوض بشأن الانتقال السياسي شرط أن يطلق الاسد سراح الاف السجناء السياسيين الذين القى القبض عليهم منذ بدء الانتفاضة، وهو نوع من الاعتراف بدورٍ للأسد.وقد وصف المعارض السوري البارز كمال اللبواني الذي قضى سنوات طويلة في سجون الاسد تصريحات الخطيب بأنها «خطأ قاتل اضفى الشرعية على الاسد ومن الممكن ان يهدد روح الانتفاضة».
ولم يرد أي من معارضيه حسب مصادر مقربة أن يرى «أن هذا التنازل هو الذي فتح الباب امام إمكانية إجراء محادثات السبت»… في حال تم اللقاء بعد أن وضعت موسكو النقاط على الحروف.
وقد علمت «أخبار بووم» أن المكتب السياسي للائتلاف انتخب لجنة لصياغة بيان سياسي يضع «استراتيجية للسلام او الحرب» اذا فشلت الجهود الدولية في التفاوض لانهاء حكم الاسد، ذلك أن أعضاء المكتب السياسي اتفقوا على الا يطالب الخطيب او يقبل في الاجتماع بأقل من رحيل الاسد ودعم دولي لاعادة بناء سوريا كدولة ديمقراطية.
ومن اللافت للنظر أن لاليو الناطق باسم الكي دورسيه عاد للتأكيد في جوابه على أن «ما قام به الأسد ويقوم به يومياً قد صنف من قبل مجلس حقوق الإنسان جرائم حرب وهي من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية».