الرئيسية » مختارات »

صعود الأكراد في سوريا

بقلم: هيكو ويمن* ومُظّهِر سلجوق**
انسحب النظام السوري المحاصَر من المناطق ذات الغالبية الكردية الواقعة في الشمال والشمال الشرقي من البلاد منذ صيف 2012. حتى الآن، يبدو أن المستفيد الأساسي من شبه الحكم الذاتي الذي تتمتّع به حالياً “كردستان الغربية” (بحسب الجغرافيا السياسية الكردية)، هو “حزب الاتحاد الديمقراطي” (PYD)، وهو حزب كردي سوري نافذ أسّسه في العام 2003 مقاتلون سوريّو الأصل ينتمون إلى “حزب العمال الكردستاني” في جبال قنديل في شمال العراق. لقد أطلق انسحاب الجيش وقوى الأمن السورية من المناطق الكردية من دون إراقة الكثير من الدماء، فضلاً عن التشنّجات بين “حزب الاتحاد الديمقراطي” وجهات ثورية أخرى، موجةً من الاتهامات والشكوك حول مخطّطات الحزب على الصعيدَين الوطني والإقليمي وحوافزه.
يُلفَت في هذا السياق إلى أن “حزب الاتحاد الديمقراطي” نجح، في وقت قصير جداً، في إنشاء جيش مدجّج بالسلاح يتألّف من نحو 10 آلاف مقاتل ويُعرَف بـ”وحدات الحماية الشعبية” (YPG)، فضلاً عن هياكل مدنية محلية ذاتية التنظيم تحت مسمّى “حركة المجتمع الديمقراطي” (TEV-DEM). نظرياً، يتقاسم “حزب الاتحاد الديمقراطي” السلطة مع نحو 15 حزباً كردياً (شكّلت “المجلس الوطني الكردي”) في إطار “المجلس الأعلى الكردي” الذي أُسِّس في 12 تموز/يوليو الماضي من خلال جهود الوساطة التي قام بها مسعود البرزاني، رئيس إقليم كردستان العراق وزعيم “الحزب الديمقراطي الكردستاني” الذي هو من الأحزاب الكردية الأساسية في العراق. لكن على الأرض، يعتبر “حزب الاتحاد الديمقراطي” أن شركاءه في المجلس هم مجرّد عملاء للبرزاني نفسه الذي ينظر الحزب بكثير من الشك والريبة إلى علاقته الوثيقة بتركيا. فضلاً عن ذلك، منع “حزب الاتحاد الديمقراطي” أيّ وجود كردي مسلّح من خارج دائرة الموالين له في “وحدات الحماية الشعبية” – وقد تحدّثت تقارير في الآونة الأخيرة عن مناوشات مسلّحة مع “حزب الوحدة الكردي” في سوريا (يكيتي) في مدينتَي الدرباسية والقامشلي.
وتصادم “حزب الاتحاد الديمقراطي” و”وحدات الحماية الشعبية” مراراً مع مقاتلين من “الجيش السوري الحر” المرتبط بـ”المجلس الوطني الكردي” عن طريق الائتلاف السوري المعارض. ووقعت الصدامات في شكل خاص في بلدة رأس العين المختلطة الواقعة مباشرة عند الحدود التركية، ولايزال القتال يشتعل من حين إلى آخر على الرغم من كل محاولات الوساطة. وتصدّى “حزب الاتحاد الديمقراطي” أيضاً لمحاولات “الجيش السوري الحر” دخول المناطق الكردية في حلب وحولها، واتّهم تركيا بتحريض العناصر الإسلامية (مثل “جبهة النصرة” و”غرباء الشام”) ودعمهم في غزواتهم داخل المناطق الكردية.
أدّى التشنّج بين “حزب الاتحاد الديمقراطي” و”الجيش السوري الحر” – وجهات ثورية أخرى – إلى توجيه أصابع الاتّهام إلى “حزب الاتحاد الديمقراطي” بأنه يتصرّف وكأنه ينفّذ أوامر عمليات بالنيابة عن النظام السوري. في أواخر كانون الأول/ديسمبر الماضي، هاجمت قبائل عربية مكاتب الحزب في مدينة الحسكة المختلطة رداً على العنف الذي كان النظام قد مارسه سابقاً بحق المحتجّين، واتّهمت “حزب الاتحاد الديمقراطي” بالتعاون مع النظام. لكن في حين أن موقف الحزب يزيد حكماً من تعقيدات الأمور بالنسبة إلى “الجيش السوري الحر” وداعميه الأتراك، الأمر الذي يصبّ عملياً في مصلحة النظام السوري، ليست هناك أدلّة فعلية على وجود تعاون ناشط بين الجانبَين. فالنظام يستهدف من حين إلى آخر مناطق يسيطر عليها “حزب الاتحاد الديمقراطي”، ولو بوتيرة أقل بكثير من المناطق التي يتواجد فيها “الجيش السوري الحر”. إضافةً إلى ذلك، غالب الظن أن هياكل الحكم الذاتي التي طوّرها الأكراد مؤخراً لن تتمكّن من الصمود في حال نجح بشار الأسد في استعادة السيطرة على كامل الأراضي السورية. بيد أن التشنّجات بين “حزب الاتحاد الديمقراطي” و”الجيش السوري الحر” تحمل خطراً واضحاً بتأزّم العلاقات بين العرب السنّة والأكراد في هذا الجزء من البلاد، فيما تجد جماعات مسيحية كبيرة نفسها عالقة في الوسط.
الاتهام الثاني الأساسي الذي يُوجَّه إلى “حزب الاتحاد الديمقراطي”، ولاسيما من جانب تركيا التي تزداد عصبيّةً، هو أن الحزب ليس أكثر من مجرد واجهة لـ”حزب العمّال الكردستاني”. رسمياً، ينكر “حزب الاتحاد الديمقراطي” أن يكون له أيّ ارتباط من هذا القبيل نظراً إلى الضرر الذي يمكن أن يلحق بصورته. لكن حتى لو تجاهلنا أن بعض القادة الكبار في “حزب الاتحاد الديمقراطي” يتحدّرون من “حزب العمّال الكردستاني”، تعكس اللغة والرموز (وأكثرها وضوحاً للعيان صورُ زعيم “حزب العمال الكردستاني” المسجون عبدالله أوجلان)، والهياكل التنظيمية (ولاسيما وجود نساء مقاتلات في الرتب الدنيا)، تلك المستعملة في “حزب العمال الكردستاني”. فضلاً عن ذلك، ليس واضحاً كيف تمكّن الأكراد السوريون من أن ينشئوا بمفردهم الإطار اللوجستي والبنيوي الضروري لتشكيل قوّة عسكرية فعلية من أكثر من 10 آلاف مقاتل.
في الوقت نفسه، ليست هناك أدلّة كافية حتى الآن تثبت أن مقاتلين أكراداً يحاولون التسلّل إلى الأراضي التركية من سوريا. ففي حين تسعى القيادة في كلٍّ من “حزب الاتحاد الديمقراطي” و”حزب العمال الكردستاني” إلى حرمان تركيا من أيّ ذريعة للتدخّل المباشر (الذي أجازه البرلمان التركي في مطلع تشرين الأول/أكتوبر 2012 من دون تحديد مكان حدوثه) تبقى الأولوية بالنسبة إلى هؤلاء القادة بناء هياكل تتمتّع بحكم ذاتي وإنشاء قوات عسكرية. تنسجم هذه الأولوية مع التحوّل الاستراتيجي الأوسع الذي يشهده “حزب العمال الكردستاني” منذ العام 2000، إذ تخلّى عن الدعوة إلى قيام دولة كردية مستقلّة وموحّدة، ويسعى بدلاً من ذلك إلى حكم ذاتي ضمن الحدود القائمة.
تبدو الفرصةُ المتاحةُ الآن لإنشاء منطقة كردية ثانية تتمتّع بحكم ذاتي (بعد العراق) – بما يسمح لتنظيمٍ تأسّس بعد “حزب العمال الكردستاني” بتسلّم إدارة الهياكل الخاصة بشبه الدولة الكردية، وكذلك للاضطلاع في مرحلة معيّنة بدور في التفاوض حول مستقبل سوريا – فرصةً قيّمةً جداً إلى درجة أن الحزب لن يكون على الأرجح مستعداً للتفريط بها. فضلاً عن ذلك، فإنّ الأراضي الوعرة الواقعة في الشمال والشمال الغربي لجبال قنديل في شمال العراق، حيث مقرّ “حزب العمال الكردستاني”، تؤمّن منطلقاً أفضل من منطقة الحدود التركية-السورية لشنّ غزوات داخل الأراضي التركية، فالجزء الأكبر من المنطقة الحدودية يمكن الوصول إليه بسهولة، كما تسهل مراقبته نسبياً من الجانب التركي.
لكن منذ اندلاع الأزمة في سورية، ينفّذ “حزب العمال الكردستاني” مزيداً من العمليات في جنوب شرق الأناضول، مع تسجيل زيادة لافتة في أعداد المقاتلين من أصل إيراني-كردي في صفوف الإصابات من الجانب الكردي، في حين أن “حزب الحياة الحرة الكردستاني” (PJAK) (النسخة الإيرانية من حزب العمال الكردستاني) أوقف تقريباً عملياته على الأراضي الإيرانية. حتى أن بعض التقارير تورد نظريات تتحدّث عن نشوء تحالف استراتيجي بين “حزب العمال الكردستاني” وإيران في محاولة لممارسة ضغوط على تركيا، وتعزيز موقع الأسد من جديد. لكن حتى في غياب إعادة اصطفاف واضحة كهذه، كان محتّماً أن يؤدّي النزاع حول الأزمة السورية إلى تقويض التعاون الأمني التركي-الإيراني في المنطقة الحدودية. فإيران تعتبر أن تغاضيها عن التسلّل الكردي إلى تركيا يُقدّم لها فائدة مزدوجة تتمثّل في الضغط على رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان انتقاماً من دعمه للثورة السورية، وفي الوقت نفسه توجيه الجهود الانفصالية للأكراد المتململين في الداخل نحو مناطق أخرى.
لقد أضفت هذه التطوّرات على مايبدو ديناميكية جديدة على النزاع المستمرّ منذ وقت طويل على قيادة “حزب العمال الكردستاني”، بين مراد كارايلان وباهوز أردال/فهمان حسين (الذي غالباً مايُشار إليه بـ”الدكتور باهوز”) الذي كان قائد “قوات الدفاع الشعبي” من 2004 إلى 2009 قبل أن يطرده كارايلان. يبدو أنّ أردال، وهو قائد شاب يدعم العمل العسكري، عاود نشاطه في العام 2011، بعدما أتاحت الأحداث في سوريا هامشاً أكبر لاعتماد المقاربة العسكرية. من الواضح أن الوقت والسنّ يصبّان في مصلحة أردال (شرط أن ينجح كما فعل حتى الآن في النجاة من القبض عليه أو من القتل في المعركة)، كما تؤدّي خلفيته السورية دوراً في هذا المجال، في هذه المرحلة الزمنية حيث من المحتّم أن تقود سيطرة الأكراد على شبه دولة خاضعة لهم إلى تعزيز ثقل العنصر السوري في الهيكلية العامة لـ”حزب العمال الكردستاني”. ولذلك، يُتوقَّع أن تساهم الأزمة السورية في التعجيل في حدوث تغيير في الجيل القيادي داخل “حزب العمال الكردستاني”، بحيث تنتقل دفّة القيادة إلى أشخاص أصغر سناً وأكثر راديكالية يخوّلهم موقعهم الحالي ممارسة ضغوط عسكرية على تركيا من جهة، وإثبات قدرتهم على المحافظة على الاستقرار في خضم الفوضى من جهة أخرى.
وما الجهود التي تبذلها تركيا مؤخراً لإعادة إطلاق المفاوضات مع زعيم “حزب العمال الكردستاني” المسجون، عبدالله أوجلان ، سوى انعكاس في جزء منها لحجم المخاوف التركية من النوايا التي يخبّئها الحزب، وللحاجة الملحّة إلى كبح عناصره الأكثر تشدّداً. لاتمتلك تركيا الكثير من الخيارات الأخرى لمعالجة هذا الوضع الذي تتحمّل هي نفسها جزءاً من المسؤولية في التسبّب به، وذلك من خلال موقفها المتشدّد من نظام الأسد، وسياستها في قمع الأكراد. فلم يتبقَّ لأي من حلفائها في جنوب الحدود – “الجيش السوري الحر” أو مسعود البرزاني – طاقات كبيرة يستطيع توظيفها لممارسة ضغوط على “حزب العمال الكردستاني” أو “حزب الاتحاد الديمقراطي”. ومن شأن شنّ اجتياح واسع النطاق داخل الأراضي السورية (أو العراقية) أن يؤدّي إلى حشد السكّان المحليين خلف “حزب العمال الكردستاني”، وإلى زجّ القوات التركية في حرب عصابات في أرض أجنبية وشديدة العدوانية؛ وفي مثل هذه الأوضاع نادراً ماتسير الأمور على مايرام بالنسبة إلى الجيوش النظامية. لكنه قد يكون السيناريو المفضل بالنسبة إلى “حزب العمال الكردستاني”.
نقلاً عن النشرة الصادرة عن مركز كارنيغي للسلام الدولي

* هيكو ويمن باحث في “المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية” في برلين، يتولّى تنسيق مشروع “التغيير النخبوي والحراك الاجتماعي الجديد في العالم العربي” الذي يديره المعهد.
** مُظّهِر سلجوق باحثة مساعدة في “منتدى الأمن العام” في برلين.

اُكتب تعليقك (Your comment):

صحافة اسرائيل

إعلان

خاص «برس - نت»

صفحة رأي

مدونات الكتاب

آخر التعليقات

    أخبار بووم على الفيسبوك

    تابعنا على تويتر

    Translate »
    We use cookies to personalise content and ads, to provide social media features and to analyse our traffic. We also share information about your use of our site with our social media, advertising and analytics partners.
    Cookies settings
    Accept
    Privacy & Cookie policy
    Privacy & Cookies policy
    Cookie name Active

    Privacy Policy

    What information do we collect?

    We collect information from you when you register on our site or place an order. When ordering or registering on our site, as appropriate, you may be asked to enter your: name, e-mail address or mailing address.

    What do we use your information for?

    Any of the information we collect from you may be used in one of the following ways: To personalize your experience (your information helps us to better respond to your individual needs) To improve our website (we continually strive to improve our website offerings based on the information and feedback we receive from you) To improve customer service (your information helps us to more effectively respond to your customer service requests and support needs) To process transactions Your information, whether public or private, will not be sold, exchanged, transferred, or given to any other company for any reason whatsoever, without your consent, other than for the express purpose of delivering the purchased product or service requested. To administer a contest, promotion, survey or other site feature To send periodic emails The email address you provide for order processing, will only be used to send you information and updates pertaining to your order.

    How do we protect your information?

    We implement a variety of security measures to maintain the safety of your personal information when you place an order or enter, submit, or access your personal information. We offer the use of a secure server. All supplied sensitive/credit information is transmitted via Secure Socket Layer (SSL) technology and then encrypted into our Payment gateway providers database only to be accessible by those authorized with special access rights to such systems, and are required to?keep the information confidential. After a transaction, your private information (credit cards, social security numbers, financials, etc.) will not be kept on file for more than 60 days.

    Do we use cookies?

    Yes (Cookies are small files that a site or its service provider transfers to your computers hard drive through your Web browser (if you allow) that enables the sites or service providers systems to recognize your browser and capture and remember certain information We use cookies to help us remember and process the items in your shopping cart, understand and save your preferences for future visits, keep track of advertisements and compile aggregate data about site traffic and site interaction so that we can offer better site experiences and tools in the future. We may contract with third-party service providers to assist us in better understanding our site visitors. These service providers are not permitted to use the information collected on our behalf except to help us conduct and improve our business. If you prefer, you can choose to have your computer warn you each time a cookie is being sent, or you can choose to turn off all cookies via your browser settings. Like most websites, if you turn your cookies off, some of our services may not function properly. However, you can still place orders by contacting customer service. Google Analytics We use Google Analytics on our sites for anonymous reporting of site usage and for advertising on the site. If you would like to opt-out of Google Analytics monitoring your behaviour on our sites please use this link (https://tools.google.com/dlpage/gaoptout/)

    Do we disclose any information to outside parties?

    We do not sell, trade, or otherwise transfer to outside parties your personally identifiable information. This does not include trusted third parties who assist us in operating our website, conducting our business, or servicing you, so long as those parties agree to keep this information confidential. We may also release your information when we believe release is appropriate to comply with the law, enforce our site policies, or protect ours or others rights, property, or safety. However, non-personally identifiable visitor information may be provided to other parties for marketing, advertising, or other uses.

    Registration

    The minimum information we need to register you is your name, email address and a password. We will ask you more questions for different services, including sales promotions. Unless we say otherwise, you have to answer all the registration questions. We may also ask some other, voluntary questions during registration for certain services (for example, professional networks) so we can gain a clearer understanding of who you are. This also allows us to personalise services for you. To assist us in our marketing, in addition to the data that you provide to us if you register, we may also obtain data from trusted third parties to help us understand what you might be interested in. This ‘profiling’ information is produced from a variety of sources, including publicly available data (such as the electoral roll) or from sources such as surveys and polls where you have given your permission for your data to be shared. You can choose not to have such data shared with the Guardian from these sources by logging into your account and changing the settings in the privacy section. After you have registered, and with your permission, we may send you emails we think may interest you. Newsletters may be personalised based on what you have been reading on theguardian.com. At any time you can decide not to receive these emails and will be able to ‘unsubscribe’. Logging in using social networking credentials If you log-in to our sites using a Facebook log-in, you are granting permission to Facebook to share your user details with us. This will include your name, email address, date of birth and location which will then be used to form a Guardian identity. You can also use your picture from Facebook as part of your profile. This will also allow us and Facebook to share your, networks, user ID and any other information you choose to share according to your Facebook account settings. If you remove the Guardian app from your Facebook settings, we will no longer have access to this information. If you log-in to our sites using a Google log-in, you grant permission to Google to share your user details with us. This will include your name, email address, date of birth, sex and location which we will then use to form a Guardian identity. You may use your picture from Google as part of your profile. This also allows us to share your networks, user ID and any other information you choose to share according to your Google account settings. If you remove the Guardian from your Google settings, we will no longer have access to this information. If you log-in to our sites using a twitter log-in, we receive your avatar (the small picture that appears next to your tweets) and twitter username.

    Children’s Online Privacy Protection Act Compliance

    We are in compliance with the requirements of COPPA (Childrens Online Privacy Protection Act), we do not collect any information from anyone under 13 years of age. Our website, products and services are all directed to people who are at least 13 years old or older.

    Updating your personal information

    We offer a ‘My details’ page (also known as Dashboard), where you can update your personal information at any time, and change your marketing preferences. You can get to this page from most pages on the site – simply click on the ‘My details’ link at the top of the screen when you are signed in.

    Online Privacy Policy Only

    This online privacy policy applies only to information collected through our website and not to information collected offline.

    Your Consent

    By using our site, you consent to our privacy policy.

    Changes to our Privacy Policy

    If we decide to change our privacy policy, we will post those changes on this page.
    Save settings
    Cookies settings