المشهد في سوريا قتال في الشمال ويدبلوماسية مجمدة
اعلن الجيش الحر تحقيق “تقدم كبير” على جبهات عدة الثلاثاء في محافظة حلب في شمال سوريا في مواجهة قوات النظام، فيما اوردت الامم المتحدة ان عدد ضحايا النزاع المستمر في سوريا ناهز 70 الف قتيل.
وكان مقاتلو المعارضة السورية استولوا في وقت سابق أمس الثلاثاء على مطار الجراح العسكري في محافظة حلب في اطار عملية عسكرية واسعة تستهدف مطارات ومراكز عسكرية اخرى في شمال البلاد.
من جهته، دعا الرئيس السوري بشار الاسد خلال ترؤسه الاجتماع الاول للحكومة بعد اجراء التعديل الوزاري عليها، الى تضافر الجهود بين مؤسسات الدولة والمواطن من اجل التخفيف من آثار الازمة، متهما “الجهات التي تستهدف” سوريا بالعمل على تدمير البنية التحتية للبلاد. ونقلت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) عن الاسد قوله في الاجتماع “ان الجهات التي تستهدف سوريا عملت بشكل ممنهج في محاولة منها لتدمير البنية التحتية للبلاد، وهي بذلك تستهدف الشعب السوري اولا واخيرا”.
ميدانيا، قال رئيس المجلس العسكري في محافظة حلب العقيد عبد الجبار العكيدي في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس “تمت اليوم، والحمد لله، السيطرة بشكل كامل على مطار كشيش (الجراح) واللواء 80 (المكلف حماية مطار حلب الدولي)، بالاضافة الى سلسلة حواجز على الطريق الممتدة من مطار حلب الى مدينة حلب، بينها الكازية والمنارة والملعب”. واشار الى انه بفعل “هذه الانتصارات، باتت الاوضاع صعبة جدا لقوات النظام في مطارات حلب ومنغ والنيرب”، معربا عن امله في الاستيلاء عليها قريبا. واوضح العكيدي ان “العملية العسكرية الواسعة” القائمة في حلب اتخذت “بقرار من غرفة عمليات حلب”، بالتنسيق بين “قادة الجيش الحر والالوية والكتائب على الارض”.
واكد مصدر عسكري سوري والمرصد السوري لحقوق الانسان المفرب من المعارضة انسحاب القوات النظامية من مطار الجراح. واظهرت اشرطة فيديو نشرت على موقع “يوتيوب” وجود طائرات حربية بعضها من طراز “ميغ” على ارض المطار وفي عنابره. وقال المرصد في بيانات متلاحقة ان “مقاتلين من جبهة النصرة ولواء التوحيد وكتائب اخرى سيطرت على اجزاء كبيرة من اللواء 80″، قبل ان “تتمكن القوات النظامية من اعادة السيطرة على المدخل الرئيسي للواء (…) بعد استقدام دبابات متطورة من مطار النيرب العسكري”. واشار الى ان هذه الدبابات “بدات بالقصف على تجمعات الكتائب المقاتلة في محيط اللواء والمطار”.
وذكر المرصد ان معركة “اللواء 80 اهم من مطار الجراح، لانه في حال تمكن المقاتلون من السيطرة على اللواء، سيعرض ذلك مطاري حلب (جنوب شرق المدينة) والنيرب الملاصق له والاقرب الى المدينة، لخطر السقوط”.
وكان المعارضون استولوا قبل فترة على مطار مرج السلطان العسكري الصغير في ريف دمشق وكانت توجد فيه طائرتان او ثلاث خارج الخدمة. كما استولوا في 11 كانون الثاني/يناير على مطار تفتناز العسكري في محافظة ادلب في شمال غرب البلاد الذي كان يضم مروحيات معظمها دمرت او اصبحت خارج الخدمة نتيجة المعارك. وتوقفت حركة الملاحة الجوية في مطار حلب الدولي منذ الاول من كانون الثاني/يناير بسبب العمليات العسكرية في محيطه.
الى ذلك، قطع افراد مجموعة مسلحة رأس تمثال للشاعر ابو العلاء المعري في مسقط رأسه مدينة معرة النعمان في محافظة ادلب بشمال غرب سوريا التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة، بحسب ما افاد المرصد السوري الثلاثاء.
وادت اعمال العنف في مناطق مختلفة الى مقتل 185 شخصا هم 34 مدنيا و73 مقاتلا معارضا و78 جنديا نظاميا في حصيلة غير نهائية للمرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا ويؤكد اعتماده على شبكة من الناشطين والمصادر الطبية داخل سوريا.
في نيويورك، اعلنت مفوضة حقوق الانسان في الامم المتحدة نافي بيلاي الثلاثاء ان حصيلة قتلى النزاع المستمر في سوريا تقترب من 70 الف شخص، ودانت اخفاق مجلس الامن الدولي في الاتفاق على تحرك لوقف العنف في البلد المضطرب.
وكانت بيلاي اعلنت الشهر الماضي ان عدد القتلى وصل الى 60 الف شخص. واضافت ان “غياب التوافق بشان سوريا وما نتج عنه من عدم اتخاذ اي تحرك كان كارثيا، ودفع المدنيون من جميع الاطراف الثمن”، منتقدة انقسام مجلس الامن حول النزاع المستمر منذ 23 شهرا.
في انقرة، افاد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الثلاثاء ان الانفجار الذي وقع الاثنين عند مركز حدودي بين تركيا وسوريا نتج عن تفجير سيارة مفخخة. ووقع الانفجار على مقربة من معبر باب الهوى الحدودي السوري، وقتل فيه 14 شخصا سوريين واتراك. وقال رئيس الحكومة التركية ان بلاده “ستتخذ من دون تردد الاجراءات اللازمة” حين تتضح “ملابسات هذا الاعتداء بالكامل”.
دبلوماسيا، حث الامين العام للامم المتحدة بان كي مون النظام السوري على التجاوب مع دعوة رئيس الائتلاف المعارض للتحاور من اجل انهاء الازمة. وقال بان كي مون ان الاقتراح الذي تقدم به احمد معاذ الخطيب للتحاور مع النظام خارج سوريا “هو مناسبة يجب عدم تفويتها وفرصة للانتقال من منطق عسكري هدام الى مقاربة سياسية واعدة”. واضاف “انه عرض شجاع (…) اطلب بالحاح من الحكومة السورية ومن مجلس الامن التجاوب معه”.
في الرياض، قال وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل “اذا كان المجتمع الدولي لا يريد ان يفعل شيئا فليسمح للسوريين بالدفاع عن انفسهم (…) فالاعتداء الوحشي الذي يرتكبه النظام يتطلب تمكين الشعب”. واضاف ان “المشكلة الحقيقة هي النظام السوري الذي يرفض انتقال السلطة والتوصل الى حل سلمي”.
ورد وزير الاعلام السوري عمران الزعبي مساء على الفيصل، قائلا ان “قيادات الشعب السوري ومصيره ومستقبله يحدد في دمشق ومن السوريين وحدهم وليس من قبل احد آخر”، بحسب شريط عاجل بثه التلفزيون الرسمي السوري.
وقال الزعبي ان “حرص سعود الفيصل على دماء السوريين يشبه حرصه على دماء السعوديين لا سيما في بعض مناطق المملكة، واذا كان حريصا كما يزعم فعليه مكافحة الارهاب لا مساندته ودعمه”.
في باريس، اعرب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس عن اسفه الثلاثاء لوجود كميات كبيرة من الاسلحة في سوريا، متهما بصورة ضمنية موسكو بتسليمها، وذلك ردا على سؤال حول انتقادات نظيره الروسي سيرغي لافروف الذي قال إن الأسلحة التي سلمت للمقاتلين في ليبيا باتت تستعمل ضد الفرنسيين في الشريط الصحراوي الساحلي.