عرض مُحَسَّن تحمله مجموعة «٥+١» في مفاوضاتها مع إيران
باريس- بسّام الطيارة
تستمر سلسلة لقاءات التفاوض بين إيران وجموعة «٥+١» متنقلة من عاصمة إلى أخرى فيجتمع الفريقان يوم الاثنين والثلاثاء في كبرى مدن كازاخستان «ألمتاي»، لجولة جديدة من المباحثات يشارك فيها سعيد جليلي رئيس مجلس الامن القومي الإيراني.
وكانت تأويلات لما نطق به نائب الرئيس الأميركي قبل أسبوع ونيف حول «مباحثات ثنائية» قد خلقت نوعاً من البلبلة بين المتابعين هذا الملف رغم أن مصدراً غربياً ديبلوماسياً مشاركاً في المفاوضات قد أكد لـ«أخبار بووم» بأنه «لا مانع لدى مجموعة الستة من مباحثات ثنائية طالما أن الهدف هو دعوة إيران إلى الاتزام بقرارات الأمم المتحدة»، والجديربالذكر هو أن طهران رفضت هذا العرض.
بالطبع يوجد جديد يدفع إلى لقاء ألمتاي . ورغم تلكؤ المصدر الغربي في الإجابة واستعمال لغة خشبية جامدة يمكننا القول إن «شيئاً جديداً» تحمله مجموعة الستة تفسيراً لقول المصدر «لقد أخذنا بالاعتبار ملاحظات الإيرانيين». ولمح ديبلوماسي آخر إلى أن المقاربة الجديدة باتت «تفعلون كذا نفعل كذا» بعد أن كانت «إذا لم تفعلوا كذا لا نفعل كذا»، وشرح بأن ذلك هو تطبيق لما يسمى نتائج لقاء بغداد حين فاجأ المفاوض الإيراني مجموعة الستة باحتمال التوصل إلى اتفاق من دون شرط رفع العقوبات، والذي أسس لما يسمى خطة «بناء ثقة» تقوم على مقايضة إيجابية وعدم اللجوء الى التهديد، أي التقدم تدريجيا «خطوة خطوة» نحو الهدف المنشود.
وبالطبع لا يمكن إلا تسجيل تراجع مجموعة الستة مقابل تقدم البرنامج الإيراني، وهو ما يعترف به المصدر الديبلوماسي. فبعد أن كان الهدف الأول «منع التخصيب بنسبة ٣ في المئة» بات اليوم وقف التخصيب بنسبة ٢٠ في المئة. ويكفي إلقاء نظرة على الأرقام التي كشفها المصدر لـ«أخبار بووم» حول «واقع حال البرنامج النووي الإيراني اليوم» لنعرف مدى التقدم الذي قام به الإيرانيون خلال «سنوات التفاوض». وتعتمد هذه الأرقام على تقارير استخباراتية وتقارير الوكالة الدولية للطاقة النووية الدولية (IAEA) «وبعض ما أرادالإيرانيون كشفه». فقد بدأت إيران بنصب جيل ثان من أجهزة التخصيب في منشأة «نانتز» وتعرف تحت تسمية «أي أر ٢» (IR2) وقد أبلغت مفتشي الطاقة الدولية بأن «١٨٢ جهاز طارد دخلت حيز الخدمة» من أصل ٢٠٠٠ جاهزة للعمل. كما علم فريق الخبراء أن أجهزة أكثر تطوراً تعرف باسم «أي أر ٦» (IR6) قد تم تصنيعها ويتم تشغيلها من حين لآخر لتجربتها. ويقول خبير رافق المفاوضات بأن إيران «كانت تشغل ٢٠٠٠ جهاد من الجيل الأول «أي أر ١» (IR1) عندما بدأت المفاوضات قبل أربع سنوات، وكشف أنها تملك اليوم حوالي ١٢ ألف جهاز طرد من الجيل الأول تشغل فقط ٨٥٥٠ جهاز على مدار الساعة. وبما أن أجهزة الجيل الثاني تعمل بقدرة تفوق خمس مرات أجهزة الجيل الأول لذا يتوقع الغربيون أن يدخل البرنامج النووي الإيراني مرحلة جديدة وبوتيرة أسرع.
إلا أن الخبير النووي أكد لـ«أخبار بووم» أن إيران ما زالت «حريصة على عدم تجاوز عتبة الخطر» أي الخط الأحمر الذي وضعه رئيس الوزراء الإسرائيلي في خطابه أمام مجلس الأمن أي «٢٤٠ إلى ٢٥٠ كيلوغرام من اليوانيوم الغازي المخصب بنسبة ٢٠ في المئة». ويشرح بأنهم يعيدون تحويل كميات لا بأس بها من اليوانيوم المخصب بنسبة ٢٠ في المئة إلى يورانيوم صلب أي إلى وقود للمفاعلات النووية وهو ليس للاستعمالات العسكرية ولا يمكن العودة إلى الوراء بعد تحويله، بحيث لا يتجاوز مخزونها هذه العتبة. ويقدر الخبير المخزون الحالي من اليورانيوم المخصب بنسبة ٢٠ في المئة بـ «١٦٧ كيلوغرام». ولكن طهران تزيد في نفس الوقت من قدرتها على التخصيب بحيث تتحول «دولة على عتبة القدرة النووية» إذ أن زيادة أعداد أحهزة الطرد وتطويرها يزيد من قدرتها على تجاوز العتبة بسرعة «عندما تقرر ذلك». ويرى الخبير بأنه ف يحال اتخذ اية الله علي خامنئي قرار تجاوز العتبة فإن القدرة على تخصيب ١٤ كيلوغرام شهرياً يجعل «نافذة مرور إيران إلى نادي القدرات النووي العسكرية» بحلول أيار/مايو من هذه السنة.
إذا ماذا يمكن أن يكون محور التفاوض خصوصاً وأن عملية تحويل المخزون المخصب بنسبة ٢٠ في المئة إلى يورانيوم صلب «يلغي تلقائياً» عرض مبادلة غاز اليورانيوم بوقود صلب أو تحويله في بلد ثالث كما كانت المجموعة تعرض على إيران. بالطبع فإن العقوبات ما زالت إلى جانب التهديد الإسرائيلي «بضربة» وتعهد الرئيس الأميركي باراك حسين أوباما بـ«بمنع إيران بكل الوسائل من الحصول على القنبلة النووية» هي الأوراق التي يحملها المفاوضون.
إلا أن الديبلوماسي كشف عن توجه جديد على مستوى العقوبات يمكن أن «يضاعف شدتها» وهو منع كل المعاملات الإيرانية باليورو ليس فقط مع الدول الأوروبية بل أيضاً مع الدول الأخرى بحيث أن كل معاملة باليورو تغطي عملية تجارية لإيران تتعلق بمواد محظورة سوف يمتنع المصرف المركزي الأوروبي عن مقصاتها. علما ًأن العقوبات الحالية قد كلفت ايران ٨ في المئة من ناتجها القومي في السنة المنصرمة، ما ينعكس خسارة تقدر بـ ٤٩ مليار دولار من عائداتها النفطية.