المشهد السياسي والعسكري في سوريا
اعلن وزير الخارجية السوري وليد المعلم أمس الاثنين في موسكو ان السلطات السورية “جاهزة للحوار مع كل من يرغب بالحوار بما في ذلك من حمل السلاح”. وقال المعلم قبيل اجراء محادثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف “نحن جاهزون للحوار مع كل من يرغب بالحوار بما في ذلك من حمل السلاح” في اشارة واضحة الى المعارضة المسلحة التي تقاتل نظام الرئيس السوري بشار الاسد. وتابع “اننا نعتقد ان الاصلاح لن يأتي من خلال سفك الدماء، بل ياتي من خلال الحوار”، مشيرا الى تشكيل ائتلاف حكومي للتفاوض مع “معارضة الداخل والخارج”.
واكد نظيره الروسي ان الحل الوحيد “المقبول” في سوريا هو تسوية سياسية للنزاع المستمر في البلاد منذ عامين. وقال لافروف “لا بديل مقبولا عن تسوية سياسية يتم التوصل اليها من خلال توافق مواقف الحكومة والمعارضة” محذرا من استمرار النزاع الذي ادى الى مقتل سبعين الف شخص منذ بدايته في اذار/مارس 2011 بحسب الامم المتحدة.
واضاف ان الوضع في سوريا “على مفترق طرق”، متابعا ان “هناك الذين يؤيدون مواصلة سفك الدماء وهذا يهدد بانهيار الدولة والمجتمع، وهناك قوى تتحلى بالمنطق وتزداد ادراكا لضرورة بدء المحادثات في اسرع ما يمكن للتوصل الى تسوية سياسية. ان عدد مؤيدي هذا الخط الواقعي يتزايد” بحسب وزير الخارجية الروسي. وتابع لافروف ان “على الشعب السوري تقرير مصيره من دون تدخل اجنبي”.
كما دعت روسيا التي تزود سوريا بالسلاح رئيس ائتلاف المعارضة السورية احمد معاذ الخطيب الى زيارة موسكو وافادت الخارجية الروسية انه قد يلبي الزيارة في مطلع اذار/مارس. ومساء الاثنين، قررت المعارضة السورية المشاركة في مؤتمر اصدقاء سوريا الذي سيعقد في روما الخميس المقبل، وذلك بعدما كانت علقت مشاركتها فيه، وفق ما اعلن رئيس الائتلاف السوري المعارض احمد معاذ الخطيب عبر صفحته على موقع فيسبوك.
وقال الخطيب ان الائتلاف المعارض قرر المشاركة في المؤتمر بعدما تلقى “وعودا” من وزير الخارجية الاميركي جون كيري ونظيره البريطاني وليام هيغ “بمساعدات نوعية لرفع المعاناة عن شعبنا ولما قد يتيحه هذا الاجتماع من فرص مفتوحة لدعم الشعب السوري”. واذ نقل الخطيب عن كيري وهيغ “رفضهما الكامل للاعمال المتوحشة التي يقوم بها النظام” السوري، اكد انه “سيتم من خلال النتائج العملية لهذه المشاركة إعادة تقييم علاقات المعارضة السورية مع الأطراف الدولية”.
وكان الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية اعلن السبت تعليق مشاركته في مؤتمر اصدقاء سوريا الخميس احتجاجا “على الصمت الدولي” على “الجرائم المرتكبة” في حق الشعب السوري ولا سيما بعد اطلاق صواريخ على حلب الجمعة اسفرت عن مقتل عشرات المدنيين. كما قرر رفض تلبية دعوتين لزيارة واشنطن وموسكو. الا ان الخطيب اعلن في وقت سابق الاثنين ان المعارضة السورية تدرس مشاركتها في مؤتمر اصدقاء الشعب السوري، بعد “وعود تلقتها من دول كبرى” بالدعم “الواضح والنوعي”. وكان كيري دعا في وقت سابق الاثنين الائتلاف السوري المعارض الى المشاركة في اجتماع روما.
وقال كيري خلال مؤتمر صحافي مع نظيره البريطاني “ادعو المعارضة السورية للانضمام الينا لاسباب عملية، لاطلاعنا على الوضع”، مضيفا “انه الوقت المناسب لنا للتفكير بما يمكننا بذله اكثر”. وتابع “عليهم ان يأتوا وان يلتقوا بنا لان البلدان (المشاركة في الاجتماع) مفيدة”.
واوضح وزير الخارجية الاميركي “اريد ان يعلم اصدقاؤنا داخل مجلس المعارضة السورية اننا لا نأتي الى روما للتحدث فقط. نذهب الى روما لاتخاذ قرار بشأن المراحل المقبلة (…) حتى لو انني اود الاشارة الى ان سياسة الولايات المتحدة هي البحث عن حل سلمي”.
وسارع رئيس هيئة الاركان في الجيش السوري الحر سليم ادريس الاثنين الى الرد على دعوة المعلم الى الحوار، مؤكدا ان المعارضة المسلحة ترفض الجلوس الى طاولة الحوار قبل تخلي الرئيس السوري عن السلطة وقبل وقف “كل انواع القتل” و”سحب الجيش” من المدن.
وقال ادريس في اتصال هاتفي مع قناة “العربية” الفضائية ردا على سؤال حول تصريح المعلم “لم نتلق هذا الطرح بشكل رسمي ولا نثق بالنظام”.
من جهة أحرى وانتقدت المفوضة العليا لحقوق الانسان نافي بيلاي الاثنين في جنيف فشل مجلس الامن الدولي في احالة الازمة السورية الى المحكمة الجنائية الدولية. وقالت بيلاي ان “مجلس الامن فشل حتى الان حيال سوريا على الرغم من التقارير المتكررة التي تشير الى جرائم معممة او منهجية اضافة الى انتهاكات، الصادرة عن مكتبي ولجنة التحقيق الدولية حول سوريا”.
من عمان قال وزير خارجية بلجيكا ديدييه ريندرز الاثنين ان بلاده تدعم ايجاد حل سياسي للازمة في سوريا، مصرا على ان أي مفاوضات متعلقة بهذا الحل يجب ان تستثني الرئيس بشار الاسد. وقال الوزير البلجيكي في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الاردني ناصر جوده “ندعم المفاوضات لكن دون الأسد واعتقد انها لا زالت بعيدة ومستحيلة، لكن هناك اشخاص من النظام والطائفة العلوية يطلبون التنسيق مع المعارضة للقيام بالمزيد”.
ميدانيا سقط 46 قتيلا من القوات النظامية والمقاتلين المعارضين خلال 24 ساعة في بلدة خان العسل ومحيطها، احد آخر معاقل القوات النظامية في ريف حلب الغربي، في معارك عنيفة، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان المقرب من المعارضة. من جهة ثانية، اسقط مقاتلو المعارضة الاثنين طائرة مروحية فوق مطار منغ في ريف حلب حيث تستمر المعارك ايضا. وذكر معارضون ان الاشتباكات مستمرة بين مقاتلين معارضين والقوات النظامية في محيط مدرسة الشرطة في بلدة خان العسل، وقد قتل فيها خلال 24 ساعة ما لا يقل عن 16 مقاتلا معارضا و30 عنصرا من القوات النظامية. ووصفت هذه الاشتباكات بانها “الاعنف منذ اشهر” في المنطقة، وتمكن خلالها مقاتلو المعارضة من السيطرة على حاجز ومبنى ومستودعات الكهرباء التي كانت تتمركز فيها القوات النظامية في البلدة.
وذكرت لجان التنسيق المحلية ان “الطيران الحربي” السوري “كثف غاراته الاثنين على المناطق المحيطة بمدرسة الشرطة”. في محافظة الحسكة (شمال شرق)، سيطر مقاتلون معارضون بينهم عناصر من جبهة النصرة “بشكل كامل على بلدة تل حميس التي تبعد نحو 45 كيلومترا جنوب مدينة القامشلي” الواقعة تحت سيطرة القوات النظامية، وذلك “بعد اشتباكات عنيفة استمرت اياما”، بحسب المرصد.
ونفذ الطيران الحربي السوري الاثنين غارات في مناطق عدة، قتل في احداها خمسة مواطنين في قرية بليون في منطقة جبل الزاوية في ادلب (شمال غرب). كما شملت الغارات مناطق في محافظات حماة (وسط) والرقة (شمال) ودرعا (جنوب) وريف دمشق. وشهدت دمشق الاثنين اشتباكات في بعض احيائها الجنوبية والشرقية.
من جهة ثانية، جاء في بيان للمرصد بعد ظهر الاثنين ان “مجموعة مسلحة في حي برزة (في شمال العاصمة) اغتالت ضابطا برتبة عقيد طيار اثناء توجهه الى عمله صباح اليوم”. وقتل 98 شخصا في اعمال عنف في مناطق مختلفة من سوريا الاثنين،