خاص- المجلس الوطني لن يشارك في وفد روما
باريس – بسّام الطيارة
ما زالت المعارضة السورية تتخبط واختفت صورة «معارضة موحدة تحت تسمية الائتلاف الوطني» يقوده رئيس اعترف به عدد لا بأس به من دول العالم. سبب هذه الانشقاقات الاختلاف بين الأفرقاء بين حل سياسي تحضر له القوى الكبرى وبين حل عسكري تتمسك به مكونات مؤثرة داخل الائتلاف مدعومة من قوى إقليمية.
هذا الخلاف يقود إلى «انسحاب المجلس الوطني» أي الكتلة الأكبر والأكثر تأثيراً، من الوفد الذاهب إلى مؤتمر أصدقاء سوريا في روما. فقد علمت «أخبار بووم» أن «جدلاً عنيفاً ساد الاجتماع الأخير في القاهرة» عندما أعلن الإخوان المسلمون بأنهم لا يوافقون البتة على توجهات الرئيس معاذ الخطيب، ولم يترددوا من طرح «مسألة عزله سياسياً» عن طريق الامتناع عن المشاركة. ويرى الإخوان أن «الحسم العسكري هو السبيل الوحيد للوصول إلى أهداف الثورة، وأن الحوار مع النظام أياً كان ممثله هي خيانة للثورة».
وبالطبع يطرح هذا التحول إلى العلن لصراع الأجنحة معضلة جديدة على القوى المنكبة على محاولة إيجاد حل للأزمة السورية، أي لموسكو وواشنطن بدرجة أولى. بالطبع لا يغيب الآن عن أي مراقب أن الولايات المتحدة وروسيا كانت قد وجدتا حلاً وسطاً يقوم على دعم الحوار السياسي عبر ضغط روسي على دمشق لتأخذ مساراً أكثر ليونة في مقاربتها للمبادرة التي أطلقها الخطيب والمدعومة اليوم من القوى الغربية.
وحسب مصدر روسي مقرب من هذا الملف فإن موسكو وضعت أمام المعلم خلال زياره الأخيرة مجموعة «أسئلة بشكل مطالب محددة»: ١) عدم التشديد على إجراء الحوار الوطني في دمشق لغياب مصداقية مثل هذا اللقاء. ٢) إطلاق سراح «عدد كبير من السجناء» كرد إيجابي على عرض الخطيب. ٣) الإفراج عن عبد العزيز الخير الذي كانت موسكو قد حصلت له على ضمانات قبل أن يعود إلى سوريا بعد جولة في الخارج» والذي «اختفى على طريق المطار» حسب بعض المصادر اإعلامية السورية الرسمية، بينما تعرف المخابرات الروسية حسب المصدر الروسي «بأنه موجود لدى علي مملوك الذي استلمه من مخابرات القوات الجوية» ما يدل حسب المصدر على تحضيرات لنوع «من عرض المبادلة السياسية». وتريد موسكو أن يكون الخير ضمن وفد هيئة التنسيق الذي يستعد لزيارة العاصمة الروسية في الاسبوع الثاني من آذار. ٤) الإعلان عن استعداد النظام لمحاورة المعارضة المسلحة، وهو مطلب أميركي لدعم الجيش السوري الحر. وقد نفذ المعلم المطلب الرابع من موسكو، بينما طلب العودة إلى الرئاسة السورية في ما يتعلق بالنقاط الثلاث الأولى.
ولكن يبدو أن الخلاف داخل الائتلاف السوري المعارض يعود ويرمي كرة الضغط في ملعب واشنطن، ويظهر أن الأميركيين مثلهم مثل الروس غير قادرين على الضغط على الطرف المقرب منهم. ويبرز هذا دور الحلفاء الإقليميين للأطراف المتحاربة من تركيا وقطر والسعودية وإيران.
إذ أن تصلب الإخوان المسلمين جاء «بعد وصول كميات لا بأس بها من شحنات الأسلحة» حسب مصدر فرنسي متابع. وقد بان أثر هذا التطور النوعي على أسلحة المعارضة بالتقدم الذي أحرزته قواتها في الأيام القليلة الماضية حيث عوضت على الخسارت التي أصابتها عندما «جف تدفق التسليح» نتيجة الضغوط الأميركية. ومن هنا يمكن القول إن «عودة التسليح كان لخربطة التوافق الأميركي الروسي على حل تفاوضي». ومن المؤكد أن هذا المنعطف الذي استقوت بها القوى الإسلامية التي لا ترى إلا حل عسكري في أفقها، سيزيد من تصلب النظام، وبالتالي احتدام المعارك.
ويقول أحد ديبلوماسي أوروبي مقرب من ملف سوريا بأنه «علينا أن توقع انشقاقات كبيرة داخل الائتلاف نتيجة ضغوط خارجية تفرز بشكل نهائي القوى» وأن واشنطن بالتوافق مع موسكو قد قررت دعم معاذ الخطيب بالسلاح وبالمال وبالضغط على الجيش السوري الحر ليلتزم بقرارات الائتلاف والمجلس العسكري، على أن تضغط موسكو للحصول على تنازلات من دمشق. وقد بان ذلك من كلام جون كيري في مؤتمره الصحافي مع لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي. إذ أكد أن المساعدات التي ستقدم للمعارضة «يجب أن تتوجه إلى المناطق المحررة وأن على المعرضة أن تسعى لتوزيع الإغاثة» وأضاف بأن عليها «أن تحافظ على مؤسسات الدولة» وأنهى بالقول أن على المعارضة «أن تساعد الشعب على مقاومة نداءات العنف والتطرف» وفي ذلك رسالة واضحة المعاني. وقد وافقه فابيوس على ذلك، مؤكداً أنهما سوف يلتقيا بالخطيب في وروما وقال متوجها للمعارضة «أريد أن أنصحها بتسريع الحل السياسي لأنه أفضل الطرق لوضع حد المذابح». وأشار كيري بدوره «إننا نسعى لتوحيد المعارضة حتى يغير الأسد حسابته». وقد أكد فابيوس «سيتحدث إلى بوتين ولافروف» وأضاف «من يريد استذكار اتفاق جنيف ليعرف أننا نعمل ما بوسعنا لإيجاد حل ويجب استغلال هذه الفرصة».
إنها اسلوب اليد المدودة لحل سياسي مبني على توافق القوى الكبرى، واستبعاد كل المعارضي للحل السياسي، نجاح هذا الأسلوب أو فشله سيظهر على أرض المعارك الت يسجلت أمس ١٢٠ قتيل.