المرزوقي شاهد في قضية اغتيال شكري بلعيد
استمع قاض الخميس للرئيس التونسي المنصف المرزوقي كشاهد في قضية اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد الذي تقول عائلته ان الرئيس يعرف الجهة التي امرت باغتياله.
وقتل بلعيد بالرصاص امام منزله بالعاصمة تونس في السادس من شباط/فبراير الحالي ما اجج ازمة سياسية بلغت ذروتها في 19 شباط/فبراير الجاري باستقالة رئيس الحكومة حمادي الجبالي، الامين العام لحركة النهضة الاسلامية الحاكمة.
وقالت رئاسة الجمهورية في بيان مقتضب “استقبل رئيس الجمهورية محمد المنصف المرزوقي صباح اليوم قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس والذي استمع اليه كشاهد في قضية اغتيال المرحوم شكري بلعيد” دون ذكر مزيد من التفاصيل.
وقال مراقبون ان هذه المرة الاولى التي يستجوب فيها القضاء رئيسا للبلاد منذ استقلال تونس عن الاستعمار الفرنسي سنة 1956.
وكانت وسائل اعلام قالت في وقت سابق ان الرئيس التونسي كان على علم بتلقي شكري بلعيد تهديدات بالقتل قبل اغتياله. لكن عدنان منصر الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية نفى ذلك.
وقال عبد المجيد شقيق شكري بلعيد لفرانس برس “ابلغني شكري (قبل اغتياله) ان الرئاسة اعلمته بانه مهدد بالقتل وان الرئيس عرض عليه توفير حماية امنية شخصية له، لكنه رفض لانها تمثل طريقة لمراقبته”.
واضاف ان “الرئيس يعرف على الاقل الجهة التي قررت اغتيال شكري” بلعيد.
وكانت عائلة بلعيد اتهمت في اكثر من مناسبة حركة النهضة الاسلامية الحاكمة ورئيسها راشد الغنوشي بتدبير اغتيال المعارض اليساري فيما نفت الحركة هذه الاتهامات ووصفتها ب”المجانية والكاذبة”.
ولوحت حركة النهضة بمقاضاة كل من وجه اليها مثل هذه الاتهامات.
ويقول متابعون ان شكري بلعيد كان “أشرس” معارض لحكم الاسلاميين في تونس.
والثلاثاء الماضي اعلن علي العريض وزير الداخلية في الحكومة المستقيلة والقيادي في حركة النهضة ان الشرطة اعتقلت اربعة “متشددين دينيين” يشتبه بمشاركتهم في اغتيال بلعيد لافتا الى ان القاتل المفترض مازال هاربا دون اعطاء تفاصيل حول الجهة التي امرت بالاغتيال.
ولم يكشف الوزير عن اسماء المشتبه بهم في قضية الاغتيال.
لكن مصدرا قضائيا ابلغ فرانس برس ان القاتل المفترض اصيل ولاية جندوبة ويدعى كمال القضقاضي وسبق له الاقامة في الولايات المتحدة.
وقال طيب القضقاضي والد كمال ان ابنه كان يقيم في الولايات المتحدة حيث تابع دراسته الجامعية على نفقة الدولة التونسية.
وصرح الاب الذي يقطن في ولاية جندوبة (شمال غرب) لاذاعة “موزاييك اف ام” التونسية الخاصة، ان ابنه اصبح لا يزوره الا نادرا وبمعدل مرة في السنة منذ ان طلق والدته.
واضاف ان كمال حاصل على شهادات من جامعات اميركية “ويتكلم خمس لغات، وقد عرضوا عليه الدخول الى الامن” في اشارة على الارجح الى تلقيه عرض عمل من و زارة الداخلية التونسية بعد ان اتم دراسته في الولايات المتحدة.
ولم يذكر الاب تواريخ سفر ابنه للدراسة في الولايات المتحدة او عودته منها ولا التخصص الذي درسه.
ووصف طيب القضقاضي ابنه بانه وديع “لا يستطيع قتل فرخة” لكنه دعا الله ان يقتص منه ان ثبت انه قاتل بلعيد الذي اغتيل بالرصاص امام منزله في 6 شباط/فبراير 2013.
وقال “ان كان (كمال) ليس صافيا (هو القاتل)، فليتحمل مسؤوليته وليخلص الله الحق منه قبل (..) الحكومة”.
واضاف “اتوجه الى ولدي (واقول له) ان (..) كنت قتلت انسانا مناضلا، فليأخذ الله حقه منك”.
وبسبب الازمة السياسية التي عمقها اغتيال بلعيد، خفضت وكالة موديز الخميس تصنيف تونس الائتماني درجة واحدة الى مستوى “ب أ 1” من “ب أأ3” وأدرجتها ضمن قائمة “المقترضين المضاربين” دون ان تستبعد تخفيض تصنيفها مجددا بسبب الازمة السياسية.
وفسرت الوكالة هذا التخفيض ب”عدم الاستقرار السياسي المتزايد في البلاد وتأثيراته على الاقتصاد” و”التاخر في اعتماد الدستور الجديد وتنظيم الانتخابات” العامة المقبلة و”التدهور المحتمل لمؤشرات الدين التونسي”.
وللخروج من الازمة السياسية، رشحت حركة النهضة باعتبارها الحزب صاحب اغلب المقاعد في المجلس الوطني التاسيسي (البرلمان) علي العريض لخلافة حمادي الجبالي الذي استقال من رئاسة الحكومة بعدما رفضت الحركة مقترحه تشكيل حكومة تكنوقراط غير متحزبة.
والجمعة كلف الرئيس التونسي المنصف المرزوقي مرشح حركة النهضة علي العريض تشكيل حكومة جديدة، وذلك بموجب القانون المؤقت لتنظيم السلطات العمومية في تونس.
وبحسب هذا القانون يتعين على علي العريض تقديم تشكيلة الحكومة وبرنامج عملها الى رئيس الجمهورية في اجل لا يتعدى 15 يوما من تاريخ تكليفه بتشكيلها اي في الثامن من آذار/مارس المقبل.
ويحيل الرئيس تشكيلة الحكومة على مصادقة المجلس التأسيسي (البرلمان).
والاربعاء اعلنت حركة النهضة موافقتها على مطالب المعارضة وحزبي “المؤتمر” و”التكتل” شريكيها العلمانيين في الحكم، تحييد كافة وزارات السيادة.
وتهيمن حركة النهضة على اغلب الوزارات في الحكومة المستقيلة وبينها ثلاث سيادية هي العدل والداخلية والخارجية فيما يتولى عبد الكريم الزبيدي (مستقل) وزارة الدفاع منذ 2011 .
ويتولى علي العريض وزارة الداخلية، ونور الدين البحيري (قيادي في حركة النهضة) وزارة العدل، ورفيق عبد السلام وزارة الخارجية، والاخير صهر راشد الغنوشي.
وقال راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة انه سيتم اسناد وزارات السيادة التي يتولاها اسلاميون الى “شخصيات خارجة عن كل الاحزاب”.
لكن محمد بنور الناطق الرسمي باسم حزب “التكتل”، شريك النهضة في الائتلاف الحكومي، طالب الاربعاء الحركة بالتراجع عن التعيينات الادارية التي قامت بها منذ توليها الحكم نهاية 2011.
واعلنت احزاب معارضة ان حركة النهضة قامت منذ توليها الحكم بتعيين اكثر من 1200 من المقربين منها على راس الادارات العمومية “للسيطرة على مفاصل الدولة”، معتبرة ذلك “اختراقا لمفاصل الدولة” ويهدد “حياد الادارة”.