كيري: الاقتصاد المصري أولوية ولا ندعم أي حزب
قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يوم السبت إن حاجة مصر إلى عودة اقتصادها للوقوف على قدميه أمر بالغ الأهمية وملح وإنه يتعين على الحكومة التوصل لاتفاق بشأن قرض مع صندوق النقد الدولي.
وتراجعت احتياطيات مصر من العملات الأجنبية إلى ما يزيد قليلا على ثلث مستوياتها قبل ثورة عام 2011 وفقدت عملتها أكثر من ثمانية بالمئة مقابل الدولار منذ نهاية العام الماضي.
وقال كيري لمديري شركات مصريين وأمريكيين في القاهرة “إنه لأمر بالغ الأهمية وضروري وملح أن يشتد عود الاقتصاد المصري وأن يعود للوقوف على قدميه.” وأضاف “من الواضح لنا أنه يجب التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي وأننا يجب أن نمنح السوق تلك الثقة.”
وكانت مصر قالت يوم الخميس إنها ستدعو فريقا من صندوق النقد الدولي لاستئناف محادثات قرض بقيمة 4.8 مليار دولارالذي اتفق عليه من حيث المبدأ في نوفمبر تشرين الثاني الماضي لكن تقرر تجميده بناء على طلب من القاهرة في خضم أعمال عنف في الشهر التالي.
ووصل كيري إلى مصر في أول زيارة له لدولة عربية منذ توليه منصبه الجديد لإجراء محادثات مع قادة البلد الذي يعاني من أزمة سياسية واقتصادية بعد عامين من الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك.
وقال كيري إنه سيجري محادثات مع مرسي يوم الأحد بشأن أشياء يمكن للولايات المتحدة أن تقدمها لمصر من بينها مساعدة الاقتصاد المصري ودعم الشركات الخاصة وزيادة الصادرات المصرية للولايات المتحدة.
واستطرد قائلا “لكن هذه أشياء لا يمكننا تقديمها إلا مع… الثقة بأنكم تتخذون اختياراتكم واليقين بأن مصر ستتخذ القرارات الاقتصادية الأساسية الصائبة فيما يتعلق بصندوق النقد الدولي.”
وكان مسؤول أمريكي كبير قال في وقت سابق يوم السبت إن كيري سيشدد على أهمية تحقيق توافق سياسي في مصر بشأن إصلاحات اقتصادية مؤلمة لكن ضرورية للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي.
وترى الولايات المتحدة ضرورة أن تزيد مصر حصيلة الضرائب وأن تخفض دعم الطاقة وهي إجراءات من المرجح ألا تحظى بتأييد شعبي إذا أجبرت حكومة الإخوان المسلمين التي يقودها مرسي على اتخاذها.
وقال المسؤول للصحفيين قبيل وصول كيري إلى القاهرة “رسالته الأساسية هي أنه من المهم للغاية أن تقوم مصر الجديدة على أساس اقتصادي متين.”
وقال المسؤول الذي اشترط عدم نشر اسمه “من أجل التوصل إلى اتفاق على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية بموجب اتفاق مع صندوق النقد ينبغي أن يتوافر اتفاق … سياسي أساسي بين كل الأطراف الفاعلة داخل مصر.”
وأبدى وزير الاستثمار أسامة صالح أمله في إمكانية إبرام اتفاق بنهاية ابريل نيسان.
وقد جمدت الحكومة المصرية قرار زيادة الضرائب لكن من المرجح أن يواجه الرئيس محمد مرسي احتجاجات شديدة نظرا لأن خفض الدعم الذي يطالب به صندوق النقد سيرفع تكاليف المعيشة في بلد ينتشر فيه الفقر.
وتلتهم مخصصات دعم الطاقة نحو 20 بالمئة من ميزانية الحكومة مما يزيد من العجز الذي من المتوقع أن يرتفع إلى 12.3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية الحالية.
وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية إن مجموعة من المتظاهرين المعارضين لمرسي أشعلت النار في صور لكيري أمام وزارة الخارجية حيث من المقرر أن يذهب إليها في وقت لاحق يوم السبت لإجراء محادثات مع وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو.
وكانت مجموعة صغيرة من المحتجين المعارضين نظمت في وقت سابق مسيرة من ميدان التحرير مركز انتفاضة عام 2011 إلى وزارة الخارجية للاحتجاج على الزيارة. وحمل بعض المتظاهرين رسوما كارتونية تصور كيري بلحية ويقول بعضها إن كيري عضو في جماعة الإخوان المسلمين. وحمل آخرون لافتات تعلن الرفض لزيارة كيري وصورا تضع على وجه مرسي ملامح ميزت الزعيم النازي الألماني أدولف هتلر.
والمظاهرة أمام وزارة الخارجية مظاهرة سلمية. لكن مصادر أمنية قالت إن شبانا اشتبكوا يوم السبت مع الشرطة في مدينة المنصورة بدلتا النيل حيث قتل متظاهر وأصيب عشرات آخرون بجراح اليوم السابق. وفي مدينة بورسعيد في شمال شرق مصر أشعل محتجون النار في مركز للشرطة.
يأتي تجدد الاشتباكات في المنصورة وبورسعيد مع بدء أول زيارة لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري لمصر يوم السبت لتعطي أمثلة لاندلاع متكرر للاضطرابات التي تواجهها الحكومة لكن لا توجد صلة بين زيارة كيري وتجدد الاشتباكات. وإصلاح الشرطة ووزارة الداخلية وهو مطلب رئيسي للانتفاضة التي أطاحت بمبارك في فبراير شباط عام 2011 .
ومن المقرر أن يؤكد كيري على ضرورة التوصل لاتفاق بين الأطياف السياسية بشأن الإصلاحات وكسب موافقة مجلس الشورى عليها.
وقال المسؤول الأمريكي “إنهم بحاجة إلى… أشياء مثل زيادة حصيلة الضرائب وتقليص دعم الطاقة وتوضيح إجراءات تصديق مجلس الشورى على اتفاق الصندوق.”
لكن آمال التوصل إلى توافق سياسي بين الإسلاميين وأحزاب المعارضة تبدو ضئيلة. فقد أعلنت أحزاب ليبرالية ويسارية معارضة مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقررة بين ابريل ويونيو حزيران اعتراضا على دستور أفرزته جمعية هيمن عليها الإسلاميون وبعض الخلافات الأخرى.
وقال كيري إنه لم يأت إلى مصر لدعم أي حزب سياسي أو أي شخص بعينه وإنما جاء لإظهار التزام الولايات المتحدة بالديمقراطية وحقوق الإنسان.
وقال “نرى أنه من المهم للغاية أن يتوحد الشعب المصري حول تلك القيم وأن يتوحد أيضا لمواجهة التحدي الاقتصادي (في) هذه اللحظة المحددة.”
واجتمع كيري مع زعماء من المعارضة يوم السبت لكن شخصيات بارزة من المعارضة لم تشارك في المحادثات من بينهم حمدين صباحي الذي رفض حضور الاجتماع.
لكن كيري عقد اجتماعا منفصلا مع الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى الذي خسر الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة التي أجريت العام الماضي. وجاء صباحي في الترتيب الثالث في هذه الانتخابات.
وتحدث كيري تليفونيا مع المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي الذي يتزعم حزبا سياسيا آخر.