الوريث والبيمبو
إميلي حصروتي
إن صدف و زرت لبنان ستعلم أن الموعد الوحيد الذي تحترمه الدولة اللبنانية هو موعد قطع التغذية بالتيار الكهربائي عن المناطق، أما سائر المواعيد فلا يشفع لها أن تكون دستورية كالإنتخابات النيابية أو معيشية كتحويل سلسلة الرتب و الرواتب الى مجلس النواب أو انسانية كإقرار قوانين ضد تعنيف المرأة، إذ أن المواعيد و الاستحقاقات كلها قابلة للمماطلة و التأجيل و حتى الإلغاء. اللبناني بطبعه لا يحب المواعيد، لا يفهم لمَ باقي الشعوب تعطيها هذه الأهمية أو لمَ يُتعب سفير بريطانيا في لبنان نفسه بالتغريد عن ضرورة اتمام الانتخابات النيابية في موعدها، لمَ العجلة؟
نعم، لمَ العجلة و ما الضير إن أتى طوني سليمان فرنجية الى مجلس النواب متأخرا أشهراً أو سنة؟ هل سينطق ابن الخمس و عشرين ربيعا بما يخالف سياسة والده أم تراه قادر أن يتزحزح عنها قيد أنملة؟ سيأتي نائبا عاجلا أم آجلا، قدره أن يأتي طالما والده النائب الحالي سليمان فرنجية رشحه و هو ضمن المجلس الذي سيشرع القانون الانتخابي الجديد الذي سيُنتخب على أساسه. لا فزع على طوني فهو آتٍ الى المجلس النيابي و قد يكون في سيارة مصفحة و ليس على صهوة جواد و لكن ذلك للضرورة الأمنية البحتة.
الطقم المعهود عائد الى المجلس النيابي حتما و الخطر الوحيد الذي يمكن أن يعرقل الانتخاب الديمقراطي من الشعب لأحدهم قد يكون شهيداً هنا أو هناك يصبح وريثه نائبا بالتزكية، ففي لبنان يحترمون الموت و يبايعون أهل الميت نوابا و زعماء أو يشترون منهم تركة الشهادة لصالح شخص آخر، انظروا لسعد الحريري و سامي الجميل و ابن عمه نديم و نايلة تويني و الباقين الذين لعقوا بمرارة الدم عن الاسفلت باتجاه المجلس النيابي فتفهمون.
المساكين الحقيقيون في المجلس النيابي اللبناني هم هؤلاء المتسلقين الذين دخلوه عن كفاءة و جدارة أثبتوهما في شتم أعداء الزعيم – الرافعة الذي منّ عليهم بمدة اربع سنوات صلاحية جديدة مرفقة بحصانة نيابية، هؤلاء هم من سيتعرض للمسائلة الحقيقة. سيُسأل النائب الفلاني “العصامي”: كم مرة ازرق نابك و انت تدافع عن وليّ نعمتك؟ كم مرّة بديت كآكل أهلك و أنت تبرّر لولي نعمتك ما قال أو فعل؟ و أصدقكم القول إنها مسائلة صارمة في زمن اليوتيوب و التسجيلات البوليسية، فلن يخفى شيء على الزعيم.
لكن فئة المتسلقين قادمة على منافسة شديدة من الانتهازيين الذين يقولون في سرّهم أن غيرهم ليس أفضل منهم و هم غالبا ما يشيرون إلى أنفسهم على مواقع التواصل الإجتماعي بعبارة “شخصية عامة”، فالتعريف هنا هام جدا في زمن التواصل الاجتماعي حيث تغريدة تصنع زعيم و أخرى تنهيه. لا حاجة بعد الآن لانتظار بث جلسات مناقشة الموازنة العامة في المجلس النيابي لمعرفة من هم الصقور و من الحمائم في المجلس، خلص.. انتهى ذاك الزمن و إليك بزعماء تويتر و فايسبوك “الشخصيات العامة”. مِن هؤلاء أذكر نتالي فضل الله صاحبة وكالة نتاليز لعرض الأزياء على جسر النقاش و أي مكان و الإعلامي جورج قرداحي صاحب الباع الطويل في الإستعانة بصديق أو إجراء مكالمة في اللحظة الأخيرة لإنقاذ الموقف و يخطر على بالي ايضا الموهوب شربل خليل مقتبس فكرة الدمى الناطقة التي تحركها الأيادي الخفية الذي قال إنه لن يمانع فكرة ترشيحه و غيرهم من الإعلاميين و الفنانين الذين أعلنوا أو لم يعلنوا بعد عن ترشحهم للإنتخابات النيابية المقبلة.
في هذه السَلطة التي اختلط فيها الخيار بالبندورة و الفجل والبصل بالقرص عنّة (حشيش برّي)، أقرُ إني تلقيت خبر نيّة ميريام كلينك بالترشح للمجلس النيابي بسعادة لا توصف، ميريام كلينك فتاة الفيديو كليب و الإعلانات و القط عنتر الذي أقام الدنيا و أقعدها، هي نفسها صاحبة أغنية “تفه” و هو صوت يصدره اللبنانيون عندما يقرفون من شيء ما، هي التي تشارك في برنامج الزعيم الذي يعرض على تلفزيون الجديد للفوز بدعم ترشيحها للمجلس النيابي، هذه الإنسانة التي رأى الوطن العربي على طوله و عرضه سيقانها و مفاتنها باتت اليوم تمثلني كلبنانية إلى المجلس النيابي. بشعرها الأشقر المصبوغ تمثلني، بعري ساقيها تمثلني و بصدرها الناتئ من سنتيمترات القماش الرقيق تمثلني، هي الوحيدة التي لا تدعي ما ليس فيها بل هي الوحيدة التي سأصدقها إن قالت أنها ستعمل من أجل لبنان. لا أرى كيف ستملأ ميريام كلينك جيوبها من أموال الشعب المسكين و هي لا تحلف إلا بالميني جوب، إني أشعر بتوق عظيم لأرى النمرة الزرقاء و قد رقدت هانئة على خلفية سيارة الهامر الزهري الخاص بميريام و أكاد اراهن انها ستزنر النمرة النيابية بشريط رقيق من الفرو الأبيض كثلوج لبنان. باختصار شديد، لا يهم ماذا ستفعل ميريام كلينك داخل المجلس النيابي إن كتب لها ذلك، فالجهابذة الذين يقطنونه الآن لم يفعلوا شيئا أيضا. هي تظهر في فيديو «الثورة».