لودريان: الحرب في مالي حرب ضد الإرهاب
وصل وزير الدفاع الفرنسي جان-ايف لودريان الخميس الى شمال شرق مالي في زيارة مفاجئة حيث اشاد بالقوات الفرنسية التي تخوض منذ ثلاثة اسابيع مع القوات التشادية معارك ضد الاسلاميين المسلحين المتحصنين في تلك المنطقة.
وبدأ لودريان الذي سيبقى حتى الجمعة في مالي، زيارته في جبال ايفوقاس قرب الحدود مع الجزائر حيث تدور المعارك الاكثر حدة ضد الجهاديين المسلحين المرتبطين بالقاعدة الذين تراجعوا الى تلك المنطقة منذ ان استعادت القوات الفرنسية والافريقية ابرز مدن في الشمال، غاو وتمبكتو وكيدال.
ثم زار لاحقا غاو، اكبر مدينة في شمال مالي التي قتل قربها الاربعاء رابع جندي فرنسي منذ اطلاق العملية الفرنسية في 11 كانون الثاني/يناير لطرد الجهاديين الذين كانوا يحتلون شمال مالي منذ تسعة اشهر. وافاد مراسل وكالة فرانس برس ان كبار ضباط الجيش الفرنسي والمالي بينهم رئيس اركان الجيش المالي الجنرال ابراهيم ديمبيلي كانوا في استقبال الوزير الفرنسي في مطار غاو.
وقال لودريان في كلمة القاها امام حوالى 250 جنديا كانوا يلقون النشيد الوطني الفرنسي معه “شعوري الاول هو الفخر، انا فخور لانني وزير دفاع لقوات تسلك مثل هذا السلوك”. واشاد “بالمزايا المهنية وبشجاعة وانضباط وعطاء” العسكريين الفرنسيين المشاركين في عملية مالي.
وبعد غاو يتوجه الوزير الفرنسي الى باماكو حيث يبقى حتى مساء الجمعة ويلتقي الرئيس المالي بالوكالة ديونكوندا تراوري ورئيس الوزراء ديانغو سيسوكو. ويتوقع ان يزور لودريان مساء الجمعة بوركينا فاسو في ختام زيارة من يومين الى مالي، كما اعلنت الوزارة الخميس.
وسيجري لودريان محادثات مساء الخميس في باماكو مع نظيره المالي الكولونيل ياموسى كامارا. وسيلتقي صباح الجمعة الرئيس المالي ديونكوندا تراوري ورئيس الوزراء جانغو سيسوكو. وبعد الظهر يتوقع ان يعقد لقاءات في مطار باماكو مع قادة القوة الافريقية والبعثة الاوروبية لتدريب الجيش المالي والعملية العسكرية الفرنسية.
وكانت وزارة الدفاع الفرنسية اعلنت في وقت سابق في باريس ان هدف الزيارة “توجيه رسالة فخر واعتزاز” للجنود الفرنسيين.
وقال لودريان في بيان صادر عن الوزارة متوجها الى الجنود الفرنسيين “عبر قيامكم بطرد الجهاديين من اخر معاقلهم، انتم تشكلون رأس حربة هذه الحرب التي لا هوادة فيها ضد المجموعات الارهابية التي لا تزال تضرب في مالي”.
واضاف “على كاهلكم، وكذلك على كاهل اشقائنا من الجيش التشادي الذين ادرك معاناتهم واشيد بشجاعتهم الكبرى، يلقى من الان وصاعدا قسم كبير من نجاح عملية سيرفال” موجها تحية الى العسكريين الفرنسيين الاربعة الذين سقطوا في مالي.
ويشارك حوالى اربعة الاف جندي فرنسي في عملية سيرفال الى جانب حوالى 800 جندي تشادي في شمال شرق مالي.
واكد لودريان “تصميم فرنسا على اعادة السيادة لدولة وشعب مالي” بحسب الوزارة.
واوضح الوزير لشبكة فرانس-24 ان “العملية لم تنته بعد” مذكرا بان الهدف هو استعادة مالي “سيادتها”. وقال “بعد ذلك سننسحب تدريجيا لتسليم البعثة الافريقية المهام تحت اشراف الامم المتحدة”.
وقد اعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الاربعاء ان بدء الانسحاب الفرنسي سيتم اعتبارا من نيسان/ابريل وهو ما اكده وزير الخارجية لوران فابيوس الخميس.
وقال فابيوس “اعتبارا من نيسان/ابريل، سيبدأ خفض عدد القوات. وهذا لا يعني اننا سنغادر بين ليلة وضحاها، يجب ان نكون واقعيين جدا، ذلك رهن بما يحصل على الارض”.
واضاف من جانب اخر ان فحوصات الحمض النووي الريبي اجريت على جثث اسلاميين قتلوا في مالي لتحديد ما اذا كان بينها فعلا جثتا اثنين من ابرز زعمائهم: عبد الحميد ابو زيد ومختار بلمختار اللذان اعلنت تشاد مصرعهما وهو ما لم تؤكده باريس بعد بسبب عدم وجود ادلة كافية.
وفي السياق نفسه، رد هولاند الخميس على سلفه نيكولا ساركوزي من دون ان يسميه بعدما انتقد التدخل العسكري الفرنسي في مالي.
وقال هولاند في احتفال لمناسبة اليوم العالمي لحقوق النساء في باريس “اذا كان البعض يتساءلون لمعرفة سبب وجود فرنسا في مالي فهو ان نساء كن ضحايا الظلم والهمجية”. واضاف “اذا كان البعض يتساءلون، فلان نساء كن يجبرن على وضع النقاب وكن لا يجرؤن على الخروج من منازلهن ويتعرضن للضرب لانهن يردن ان يكن احرارا”.
من جهته اعلن الجنرال ابراهيم ديمبيلي الذي يقوم بزيارة تستغرق 48 ساعة الى غاو لاستقبال لودريان للصحافيين ان “اكثر من 70% من العمل قد انجز” ضد الاسلاميين المسلحين المتحصنين في منطقة بين غاو وكيدال وتيساليت. واضاف “لكن المهمة لم تنته” مشيرا الى انها ستستمر “الى ما بعد الانسحاب التدريجي” للقوات المسلحة الفرنسية. واقر بان “العناصر المتبقية ستواصل بث الرعب، ولن يتحقق الامن الكامل في اي مكان” معتبرا انه “يجب اعطاء الوقت للجيش المالي لتنظيم صفوفه”.
وميدانيا، اعلنت هيئة اركان الجيوش الفرنسية الخميس ان اكثر من مئة مقاتل اسلامي قتلوا على ايدي القوات الفرنسية منذ بدء المعارك في منتصف شباط/فبراير في وادي اميتيتاي (شمال شرق) الذي استعاد الفرنسيون السيطرة عليه في الايام الماضية.
وقال المصدر نفسه ان ذلك هو عدد الجثث التي احصاها فعليا الجنود الفرنسيون لكن بدون احتساب عدد ضحايا الضربات الجوية الذي من الصعب تحديده. وتابع ان حوالى 50 جهاديا قتلوا في نفس الفترة في غاو (شمال) حيث قتل جندي فرنسي الاربعاء.
وهذه الحصيلة لا تشمل الخسائر التي الحقها حوالى 800 جندي تشادي يقاتلون الى جانب الفرنسيين، بالاسلاميين في شرق اميتيتاي. ويقول التشاديون ايضا انهم قتلوا حوالى مئة جهادي وانهم خسروا 25 جنديا.
وواصل الجنود الفرنسيون الخميس تمشيط هذا الوادي الذي يعتبر ملاذا لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي. وقال الناطق باسم هيئة الاركان الفرنسية الكولونيل تييري بوركار في تصريح صحافي ان “تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي كان مستقرا في هذه المنطقة وكان يرغب في البقاء فيها”. واعتبر ايضا انه “من المرجح ان قسما من الارهابيين تمكن من الفرار”.
والحصيلة الاجمالية للعملية الفرنسية التي اطلقت في 11 كانون الثاني/يناير لا تزال تقدرها وزارة الدفاع “بمئات” القتلى من المقاتلين الاسلاميين.
وصادق مجلس الوزراء المالي الاربعاء على تشكيل لجنة حوار ومصالحة سيقوم الرئيس المالي بالوكالة ديونكوندا تراوري بتعيين اعضائها سريعا. واورد قرار اصدرته الحكومة ان مهمة اللجنة تقضي ب”السعي، عبر الحوار، الى (تحقيق) مصالحة بين كل المجموعات المالية”، اضافة الى “تسجيل القوى السياسية والاجتماعية المعنية بعملية الحوار والمصالحة”. واعرب الاتحاد الاوروبي عن تاييده لتشكيل اللجنة الذي اعتبره “خطوة مهمة” نحو المصالحة.
من جهة اخرى، افاد مصدر قضائي فرنسي الخميس ان جهاديا فرنسيا اعتقل في مالي في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي نقل الى فرنسا الثلاثاء حيث اودع الحبس على ذمة التحقيق. واضاف المصدر نفسه ان ابراهيم «عزيز وتارا» الذي يحمل ايضا الجنسية المالية، متهم بالسعي للانضمام الى مجموعات اسلامية جهادية تنشط في المنطقة.
وكانت السلطات المالية اعتقلت هذا الرجل البالغ الخامسة والعشرين في سيفاري في وسط البلاد. وهو يخضع بالفعل للمراقبة القضائية في فرنسا في قضية اخرى في اطار مكافحة الارهاب ممنوع بسببها من مغادرة البلاد.