“صاحب الجلالة” (طلال سلمان)
بسّام الطيارة
ما أن قرأت رسالة أستاذ الصحافة، الكبير طلال سلمان، الموجهة إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود، حتى سارعت واشتريت علبة محارم لمسح وتجفيف دموعي.
البكاء ليس على مصير اللبنانيين العاملين الذين لا يزالون مقيمين في دول الخليج الست، أو الذين طردتهم دولة الإمارات قبل سنة أو الذين لا يحصلون على فيزا عمل لأسباب مرتبطة بانتماءاتهم أو ميولهم، أو لنقلها صراحة: بسبب ديانتهم وتحديداً مذهبهم.
دموعي لم تذهب إلى هؤلاء، بل إلى الوقت الذي أضاعه «المعلم الصحافي» في كتابة رسالة ترجي واسترحام تذكر بالرسائل المرفوعة في عهود خلت.
عما يبحث طلال سلمان بكتابه هذا؟
هل يسعى لإنقاذ «ما يمكن إنقاذه من عاملين في أرجاء الخليج»؟
فهو يعلم أنه يتوجه إلى حكام لا يؤمنون بالتنوع أياً كان المضمار. أكان تنوع وجهات نظر أم تنوع آراء أم تنوع …المعتقدات. حين يكتب طلال سلمان «إن اللبنانيين، داخل السلطة وخارجها، منقسمون حول الوضع في سوريا»، يعتقد أن ذلك يكفي ليقول الملك السعودي للأقلام المتكلمة باسمه «كفوا عن مضايقة بلاد الأرز فهم منقسمون»، أو أن يأمر بوقف المضايقات على أساس أنه يكفي لبنان «الانقسام حول المسألة السورية»!
حضرة المعلم الكبير طلال سلمان، أنت أدرى العالمين ببواطن الشؤون السياسية وكيف تستعمل الدول كل أداوات قوتها لخدمة مصالحها. الخليج، وعلى رأسه المملكة الوهابية، في صراع مع سوريا وإيران، وهي تدعم الثورة للإطاحة بحليف إيران الأول في المنطقة العربية. فأنت الأدرى بأن نداء السعي وراء الديموقراطية الآتي من الخليج هو للاستهلاك الإعلامي فقط لا غير.
هذه الدول قررت وضع كل طاقاتها لربح المعركة السورية، ولبنان بموقعه مهم جداً لربح هذه المعركة. يمكن للبنان أن يكون مثل الأردن ـ حيث تدرب قوات خاصة أجنبية الثوار- أم مثل تركيا التي تلعب دور قاعدة انطلاق للثوار، أما أن يكون منقسماً « ويمنع تهريب السلاح منها وإليها شبه مستحيل لا سيما في ظل الانقسام حول الموقف مما يجري فيها» فهذا آخر هم لحكام الخليج.
أنت لا تحمل فقط يا أستاذ طلال «هم اللبنانيين المقيمين في الخليج». تحمل أيضاً هم التنوع الطائفي والمذهبي الذي هو أبرز مميزات لبنان، فهل تظن أن حكام الخليج يقدّرون هذا التنوع الغني لأهل لبنان، خارج الاستهلاك الإعلامي، والذي يشيرون إليه بـ«على اختلافهم».
لو اكتفيت يا استاذ طلال سلمان ببداية رسالتك لجاءت برداً وسلاماً وبلسماً لجروح القلق اللبناني.
حين ذكَّرتَ بـ«كفاءات -اللبنانيين- العلمية وزهوهم بأنهم إنما يساهمون ـ ولو كأفراد ـ في نهضة المملكة والخليج عموماً بعلمهم وخبراتهم». فهذا وحده كاف.
لماذا؟ لأن أهل الخليج وإن هم لم يعترفوا بذلك، يدركون جيداً أن «نهضتهم» قامت ونشأت بجهد وعلم وكفاءة أهل لبنان وفلسطين وسوريا ومصر. وذلك لم يكن حباً بهؤلاء بل لأنهم «الأفضل بين المتوفر لهم» آنذاك والمتوفر لهم حتى يومنا هذا، وإلا «فإلى بنغلادش وباكستان وفيليبين …در». أنت قلتها أيضا عندما وصمت أهل لبنان بأنهم يحملون «صدق إيمانهم بوحدة أمتهم»، ولكن اختيار أهل الشوام وأهل النيل كان بالنسبة لأهل الخليج «مجبراً أخاك لا بطل». وإلا لكان عليهم تعلم لغة شكسبير لنهل العلم من مدرسين انكليز أو هنود، لكانت المستشفيات امتلأت بممرضات كنديات وهولنديات وسويديات ولكان صعب على الحكام فرض الحجاب عليهن مع مرور الوقت.
لو حصل من قبل حكام الخليج هذا الإيمان بأننا أمة واحدة لما كان التهديد والوعيد والاستقواء بالأشقاء حاضراً عند كل خلاف مع عاصمة دولة عربية فيدفع ثمنها مواطنون لا ناقة لهم ولا جمل في الأمور.
ألا تذكر الـ ٨٠٠ عائلة لبنانية التي تم تسفيرها من الإمارات في السنة الماضية.
إذا كنت تخاف من سحب الودائع، فإن الودائع في لبنان موجودة ليست لسواد عيون المصرفيين اللبنانيين فقط، بل لبراعتهم في تشغيلها وتثميرها. أضف إلى أن الثقة لم تعد موجودة في المصارف الغربية وخصوصاً الأميركية، إذ يكفي أن يقع محام «شاطر» على من يدعي أنه تضرر بسبب الوهابية حتى يأمر أصغر قاضٍ في نيويورك بحجز أموال هذا الأمير أو هذا المتمول الكبير. ثم لم ينس أهل الخليج كيف تم «تدفيع» حاكم الإمارات الشيخ زايد ٧٠ مليار دولار بسبب مصرف الـ بي سي سي أي، والموضة اليوم هي تدفيع المصارف لسد أزمة مالية تعصف بالغرب.
لا تخف يا أستاذ طلال على حكام الخليج، فهم يعرفون من أين تؤكل الكتف ولن ينشروا غصن العمالة والكفاءة والمعرفة اللبنانية الجالسين عليها.
ثم أنت تتحدث عما تكتبه الصحافة الخليجية، أنت يا أبا الصحافة هل تظن أن هذه الصحافة تكتب ما «لا يروق لحكامها»؟ هل تظن أن التسعير الطائفي الـ«مكتوب بنفس طائفي بغيض» يمكن أن يمر من دون رقابة في هذه الدول؟ هذا التسعير يدخل ضمن نفس الاستراتيجية وصولاً لأهداف هذه الدول.
عد لنا يا أستاذ طلال سلمان كما ذكرت في مطلع افتتاحيتك في وصف نفسك على لسان الملك «هذا عربي، عربي، عربي، وقلمه صادق في إخلاصه لأمته». فلا تكتب لاستدرار الشفقة ولا للاسترحام الملك.
اللبنانيون و الا من رحم ربك علموا الخليجيين غير الاشياء المنكره !!
تاريخ نشر التعليق: 2013/03/13و حتي الي فرنسا وصلت تقنيات اللبنانيين و لديكم في ذلك قصص اللبنانيين المتورطين في الفضائح المالية و فضائح اخلاقية ..
أود هنا ان انوه الي ان في لبنان اقلية محترمة و نزيهة و اما الاغلبية الساحقة فهي متخصصة في النهب و الاحتيال .
انشروا ان كنتم فعلا ديمقارطيين
مين بسام الطيارة ؟؟
تاريخ نشر التعليق: 2013/03/12اُكتب تعليقك (Your comment):