حزب الله: لا حل من دون الأسد
قال نائب أمين عام حزب الله اللبناني الشيخ نعيم قاسم إن لا حلا سياسيا للازمة السورية المستمرة منذ 23 شهرا بدون الرئيس بشار الاسد وإنه لا يتوقع هذا الحل خلال الأشهر القليلة المقبلة.
جاءت تصريحات قاسم خلال إستقباله وفدا من رويترز برئاسة مايكل ستوت رئيس تحرير الوكالة في أوروبا والشرق الاوسط وأفريقيا الذي يزور لبنان حاليا.
وعبر قاسم عن اعتقاده بأن الاسد “سيترشح بعد سنة للرئاسة والخيار للشعب وأرجح أن يختاره الشعب.” وتساءل “كيف يصل الإنسان إلى السلطة؟…إما أن يصل بالقوة وإما أن يصل عبر الإنتخابات. الرئيس الاسد يقول أنا شخص منتخب وإذا أردتم شيئا آخر تعالوا إلى الانتخابات وأنا مرشح مثلي مثل الآخرين هم لا يريدون هذا.” وقال قاسم “إلى الآن أنا قلت أن هناك ثلاثة أو أربعة أشهر كحد أدنى بلا حل. ممكن أن تبقى الامور إلى عام 2014 لحين وقت الرئاسة.”
وأضاف “إذا تم الحل السياسي هذا يعني أن يكون هناك نوع من الإشراف على الإنتخابات يطمئن الأطراف المختلفة وعندها تكون النتيجة هي نتيجة الصناديق. هذا الخيار هو جزء من الحل السياسي ومن أراد أن يصل إلى نتيجة ويعتقد أن له شعبية في سوريا يمكنه أن يراهن على هذا الحل للتغيير.” واعتبر أن “الازمة في سوريا أزمة وجود وليست أزمة سياسية فقط. ليس فقط أزمة وجود العلويين هناك العلويون والشيعة والمسيحيون والدروز ويوجد قطاع كبير من السنة الذي ليس هم سلفيون ولا يسيرون معهم ويوجد صوفيون وعلمانيون.”
ويواجه الرئيس السوري انتفاضة منذ 23 شهرا ما لبثت ان تحولت إلى حرب أهلية أدت حسب تقديرات الامم المتحدة الى سقوط 70 الف قتيل ونزوح مئات الالاف.
وأعاقت الانقسامات الدولية مجلس الأمن التابع للامم المتحدة عن اتخاذ إجراء لوقف الصراع السوري. وعرقلت روسيا والصين ثلاثة قرارات أيدتها دول غربية وبعض الدول العربية بهدف ممارسة ضغوط على الأسد.
وقال نائب أمين عام حزب الله “الأزمة في سوريا طويلة وتفاجأ الغرب والمجتمع الدولي بمدى صمود النظام السوري وشعبيته وكل التقديرات بزوال أو سقوط هذا النظام خلال شهرين أو أكثر كانت خاطئة ومبنية على تمنيات وليس على معطيات. وتم تضخيم المعارضة ودورها وقدراتها إعلاميا وسياسيا من خلال إستخدام وسائل إعلام عربية وعالمية خلافا للواقع.”
وأضاف قاسم “أصبح واضحا اليوم أن المشكلة في سوريا ليست مشكلة موالاة ومعارضة. المشكلة في سوريا مشكلة قرار دولي إقليمي عربي يريد إسقاط النظام لإسقاط جزء من مشروع يخالف المسار الإمريكي الإسرائيلي. وبوضوح النظام يدافع عن نفسه مع أنصاره في معركة يراها معركة وجود وليست معركة سلطة.”
وقال “تصرفات المسلحين والدول الداعمة خلال هذه الفترة أثبتت بأن المطروح خلاف المشروع المقاوم. ومنذ أربعة أشهر تقريبا أي منذ تفجير مقر الامن القومي في سوريا وما كان يخطط له وقتها من معركة دمشق بدأ النظام يربح بشكل واضح بالنقاط وبدا التوتر واضحا عند الدول الداعمة للمسلحين من خلال إقتراحاتهم وتصريحاتهم وادائهم العملي كردة فعل على الخسائر الميدانية الواضحة.”
وفي تقييمه للمعارضة السورية قال قاسم “كل حديث اليوم عن حلول سياسية هي مجرد تصريحات حتى الآن لأن جو المعارضة جو مفكك ولا توجد إدارة واحدة والدول الداعمة مختلفة في كيفية المقاربة السياسية للملف السوري. لذا أتوقع عدة أشهر من الحديث المعلن عن ضرورة الحل السياسي من دون ثمرة عملية ومن دون إجراءات ميدانية بإنتظار أن يفرز الميدان نتائج مختلفة ولو قليلا عن الوضع الحالي لتنضج الخطوات الأولى للحل السياسي إذ لا يوجد حل عسكري في سوريا ولا يمكن تغيير المعادلة بالتدخل الخارجي.”
وكان قاسم يتحدث مع مجموعة من صحفيي رويترز في مكان لم يكشف عنه في ضاحية شيعية من بيروت تم نقلهم اليه بواسطة سيارة ذات زجاج معتم أخذتهم الى موقف للسيارات تحت الارض قبل الوصول الى قاعة الاجتماع ذات النوافذ المغطاة بستائر سميكة. وكان القصد من الاحتياطات الامنية المعقدة والتي شملت ازالة جميع أجهزة الاتصالات والتسجيل قبل الرحلة حماية قيادة حزب الله من هجوم محتمل. وكان حزب الله خاض حربا على مدى 34 يوما مع اسرائيل عام 2006 ادت الى مقتل نحو 1200 شخص في لبنان معظمهم من المدنيين و160 شخصا في اسرائيل معظمهم من الجنود. وكانت اسرائيل قتلت أمين عام حزب الله السابق في هجوم صاروخي عام 1992.
وبدا قاسم الذي كان يرتدي جلبابا رماديا وعمامة بيضاء ويتحدث بعربية فصحى مرتاحا تماما خلال المحادثة وفي بعض الاحيان كان يبتسم ويطلق النكات.
ولا يخفي حزب الله وقوفه الى جانب الرئيس السوري لكنه يقول انه لا يتدخل في الشأن السوري. وقال قاسم “لم نخف يوما موقفنا السياسي المؤيد لبقاء النظام ومعالجة الثغرات وتلبية المطالب المعيشية والسياسية بحوار بناء داخل الأطر الدستورية السورية ورفضنا منذ اليوم الأول التدخل الدولي الإقليمي العربي المتعدد الجنسيات في محاولة تغيير النظام السوري وإيجاد مشروع آخر.”
وأضاف “أمريكا ضائعة في الخطوات التي تريد إتخاذها في سوريا فهي من ناحية ترغب بأن يسقط النظام ومن ناحية أخرى تخشى أن تفقد السيطرة ما بعد النظام ومع ذلك تركت الأمور ودعمت بما يؤدي إلى إسقاط النظام لكنها فشلت والآن هي في حيرة هل تتابع بطريقة سياسية والارض غير ممسوكة بالقدر الكافي من جهتها أم لا هي في حالة ضياع وتنتظر النتائج الميدانية ولكنها متورطة في الدعم العسكري بشكل مباشر وغير مباشر.”
واشار الى ان “لبنان يتأثر بسوريا بنسبة ما وهو ليس معزولا عن تطورات الوضع السوري ولكن أعتقد إلى الآن أن الوضع مضبوطا في الداخل اللبناني بالقرار السياسي المعنون بعنوان النأي بالنفس بمعنى عدم زج لبنان بمفردات الازمة السورية … يعني لا توجد معارك في لبنان انسجاما مع المعارك الموجودة في سوريا.”
ويؤكد لبنان انه يستضيف الان مليون سوري ثلثهم من المسجلين رسميا كلاجئين فارين من الصراع والباقون عمال سوريون وعائلاتهم.
وكان حزب الله قد نشأ قبل 30 عاما بمساعدة الحرس الثوري الايراني لقتال القوات الاسرائيلية التي غزت لبنان في عام 1982 ومازال يتمتع بدعم مالي وعسكري من طهران وسوريا.
وفي معرض حديثه عن الازمة النووية الايرانية قال نائب امين عام حزب الله إن أي هجوم اسرائيلي على البرنامج النووي الايراني سيشعل المنطقة بأسرها.
ولم تستبعد الولايات المتحدة واسرائيل توجيه ضربة عسكرية لايران لوقف برنامجها النووي الذي يعتقد الغرب انه يهدف لانتاج أسلحة نووية وتقول ايران ان اغراضه سلمية.
وقال قاسم “أمريكا لا تريد ضرب إيران لأنها تعتقد أن الثمن سيكون باهظا والنتيجة لن توقف النووي الإيراني السلمي وانما ستؤجله لبضع سنوات لكن في المقابل ستكون مصالح امريكا في المنطقة وحلفائها واسرائيل في خطر كبير لا يمكن إدراك نتائجه مسبقا. وقد صرح وزير الدفاع الأميركي السابق بأن أي حرب على ايران ستؤدي إلى زيادة في الإرباك الإقتصادي لإمريكا وإرتفاع في أسعار النفط وخلل في الادارة العالمية فضلا عن نتائج غير محسوبة لضربة إيران.”
وأضاف “اما إسرائيل فهي متحمسة لضرب إيران لكن أن تضع أمريكا في الواجهة لأنها وحدها عاجزة عن تحقيق شيء فضلا عن النتائج التي تترتب عليها. أما إذا وضعت أمريكا في الواجهة فستكون المعركة الأساسية من وجهة نظر إسرائيل مع أمريكا علما بأن التقدير الأمريكي بأن إسرائيل ستتحمل أوزارا كثيرة منها التهديد الوجودي كما ذكرت تصريحات بعض المسؤولين الأمريكيين.”
وتابع يقول “تقدير الامريكان أن إسرائيل في مثل هذه المعركة تتحمل مسؤولية وجودية لإسرائيل أي ان يصبح وجودها مهددا وهذه تعابير استعملها الامريكيون. بمعنى آخر أي إعتداء على ايران سيشعل المنطقة ولن يبقى محصورا.”