الاتفاق الأميركي الروسي: لقاءات تمهيدية بين السوريين يعقبها حوار وطني
باريس – بسّام الطيارة
ماذا كانت حصيلة لقاء لندن قبل أيام بين «مخائيل بوغدانوف» (Mikhaïl Bogdanov) و«ويليام برنز» ( William Burns)؟ ما هي نتائج هذا الاجتماع؟ ما هي أسباب«تراجع دور الأخضر الإبراهيمي» بقوة، وما هي العوامل التي تفسر هذا التقارب الأميركي الروسي المغلف بـ«طبقة سميكة من اللاثقة المتبادلة» حسب قول ديبلوماسي مقرب من هذه الدوائر؟
كشف مصدر متابع أن الديبلوماسية الروسية قد حصلت على «تفويضاً أميركيا» بإدارة مجموعة من المبادرات التي تذهب في عدة اتجاهات سعياً وراء حل سياسي. وتابع المصدر أن الأميركيين حصلوا مقابل هذا التفويض على قبول روسي بتسليح المعارضة بشكل «مضبوط» وصولاً إلى نوع من التوازن على الأرض وهو ما «يسهل» قبول النظام بحوار «مشروط» بقبول المعارضة السورية لمحاورين يمثلونه.
ويقول المصدر إن الروس والأميركيين باتوا مقتنعين بأن توسع رحى الحرب في سوريا يمكن أن يصيب دول الجوار وفي مقدمتها لبنان والأردن ما ينذر باشتعال المنطقة بأكملها.
وبالفعل انطلقت الديبلوماسية الروسية ضمن شبكة اتصالات مع كافة أرجاء المعارضة في سباق مع واشنطن التي أعطت الضوء الأخضر للأوروبيين للذهاب شوطاً آخراً في مسألة تسليح المعارضة.
وفي الواقع فإن واشنطن وموسكو تتسابقا مع سعي قطر لعرقلة أي حل سياسي عبر الدفع نحو تشكيل حكومة مؤقتة لا يريدها أي طرف من أطراف المعارضة لأسباب متفواتة (راجع أخبار بووم أنقر هنا).
يقول أحد أقطاب المعارضة أن موسكو تراهن على انشقاق داخل الائتلاف المعارض السوري لـ«سحب معاذ الخطيب رئيس الائتلاف من شباك الإخوان المسلمين» ومحاولة تأسيس «جبهة معارضة واسعة قابلة بالحوار» بشكل يعزل الإخوان المسلمين بحيث يبدون أقرب إلى الكتائب الإسلامية المتطرفة، ما يضعف دور قطر. وتسعى موسكو أيضاً لدفع هيئة التنسيق الوطني السوري المعارض إلى واجهة التفاوض المطروحة عبر دمجها في هذه الجبهة العريضة. ويسعى وفد من هيئة التنسيق إلى الانفتاح على العواصم الغربية لدعم هذا التوجه. فقد علمت «أخبار بووم» أن الوفد المعارض المؤلف من هيثم مناع ورجاء الناصر الذي زار موسكو حيث اجتمع بسيرغي لافروف وبوغدانوف، استقل الطائرة مباشرة لزيارة إلى واشنطن حين من المحتمل أن يلتقي بـوليم برنز.
وحسب مصادر مرافقة للملف فقد استطاعت موسكو الحصول على قبول دمشق بمفاوضات تتم في عاصمة أوروبية (فيينا أو جنيف) ومن المحتمل أن يكون وزير الخارجية وليد المعلم أو (وزير المصالحة علي حيدر) على رأس وفد يضم مستشارين سياسيين وعسكريين يمثلون النظام. إلا أن تمثيل المعارضة ما زال يخضع لمشاورات بين أفرقاءها وبين العواصم الداعمة لها. وقد حسم عاملين حسب المصادر المتابعة أولاً سوف تتمثل المعارضة غير المنتمية للائتلاف ضمن الوفد العريض للمعارضة وسوف يترأس معاذ الخطيب المعارضة ويتكلم باسمها مجتمعة. وتعتمد موسكو على واشنطن كي تفعل علاقاتها مع الرياض لمنع الدوحة من عرقلة هذا السيناريو للمفاوضات، بينما تكفل هي مباشرة بالضعغط على أنقرة. خصوصاً وأن هيكلية هذه المفاوضات تشكلت بحيث تحفظ ماء وجوه المعارضة والنظام. إذ أنها سوف تحصل في المرحلة الأولى تحت عنوان «لقاءات تمهيدية» عبر الإبراهيمي الذي سوف يلعب دور «المكوك» بحيث ينقل من مكان إقامة ممثلي النظام إلى مكان إقامة ممثلي المعارضة لوضع «جدول أعمال المرحلة الثانية» أي مسار تشكيل حكومة انتقالية. بالطبع فإن مسألة بقاء أو رحيل بشار الأسد سوف تترك للمرحة الثانية التي سوف تجمع المعارضة وممثلي النظام حول طاولة واحدة.
وهذه المرحلة الثانية ستلتئم تحت عنوان «الحوار الوطني السوري» والذي من المفترض أن يقود إلى وقف لإطلاق النار وتسليم السلطات التنفيذية إلى حكومة انتقالية تتشارك فيها المعارضة إلى جانب سياسيين يمثلون النظام.
هل ينعقد الحوار الوطني في دمشق؟ الحكومة السورية تطالب بذلك وتقول إنها مستعدة لتقديم ضمانات إلا أن الجميع (بما فيهم الروس) يشككون في إمكانية أن تحصل اللقاءات الأولى على الأقل في عاصمة الأمويين.
الأسئلة الذي يجب على المعارضة وممثلي الأسد أن يجيبوا عليها حسب المصدر المتابع هي:
-أي تصور لأي نظام سوف ينبثق عن الحوار الوطني؟
– كيف يمكن تأمين تماسك النظام في المرحة المقبلة بعد الحرب الأهلية التي عصفت على البلاد؟
– ما هي الضمانات التي يمكن أن يحصل عيلها الأسد والمقربين منه؟
– هل هو «حل يمني»؟
– من يمكن أن يحل محل الأسد في حال قبل ترك الحكم؟
– ما هي ضمانات المجتمع الدولي بإمكانية الوصول إلى المناطق المنكوبة وسكانها لنجدتهم؟
– ما هي الضمانات التي سوف تقدم لروسيا لحفظ مصالحها في سوريا وفي المنطقة؟
– ما هي الضمانات التي يمكن أن تجعل إيران داعمة لهذا الحل؟
– ما هو الموقف من الكتائب الجهادية التي تدعم الثورة الآن ويورد الغرب التخلص منها؟
– ما هو موقف هذه الكتائب الجهادية من حل يضع حداً لنفوذها في البلاد؟
– ما هوو موقف الدول الداعمة بشكل بارز للمعارضة السورية المقاتلة (قطر وتركيا والسعودية)؟
– ما هو موقف الأكراد السوريين؟ وما هو موقف الأقليات؟
يتابع المصدر بالقول «يكفي التمعن في هذه الأسئلة وتشعباتها لمعرفة المسار الطويل الذي ينتظر المفاوضات قبل أن تصبح حواراً وقبل أن يتوقف إطلاق النار».
في هذه الأثناء سوف تحاول القوى التي لا تؤمن بأن الحوار يمكن أن يصل إلى ما تبغيه أو التي ترى أن التضحيات كانت كبيرة وبالتالي ترفض الحوار، سوف تحاول هذه القوى المتعددة والمتواجدة في الداخل وفي الجوار الإقليمي أن تسابق الديبلوماسية الروسية وتسرع العمليات الحربية على الأرض. ويبدو أن باريس ولندن في هاذ الاتجاه إذ أن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بات يتحدث بشكل مباشر بالخروج من حظر توريد السلاح إلى المعارضة، وهو ما تدعو إليه بريطانيا منذ فترة.