“وجدة” تعرّي المجتمع السعودي… ولبنان نادي الصواريخ
مساء الجمعة الواقع في 15 آذار\ مارس 2012 كان على موعد مع بدء جولة جديدة من نشاطات “أيام بيروت السينمائية”، حيث تم افتتاح مهرجان الأفلام العربية في سينما “ميتروبوليس أمبير صوفيل” في منطقة الأشرفية، بمشاركة نحو خمسين شريطاً تسجيلياً وروائياً من دول عربية عديدة.
ويبدو أن منظمي المهرجان قد وُفّقوا في اختيار فيلم “وجدة” للمخرجة السعودية هيفاء المنصور، ليكون عرض الافتتاح، وهو من انتاج ألماني سعودي مشترك، نجح في تعرية المجتمع السعودي من بعض الأخطاء بإسلوب ناعم وجميل.
“وجدة” طفلة لم تبلغ الثانية عشرة من العمر، شقيّة، منفتحة، جريئة، ولطيفة و”مهضومة” (بحسب التعبير اللبناني). تُعجب بدراجة هوائية في أحد محلات الألعاب، لكن المجتمع لا يسمح للفتاة باقتناء دراجة كما لا يسمح للمرأة بقيادة سيارة.
تحاول وجدة على طريقتها وعفويتها أن تعيش حياتها وتمارس هواياتها، غير آبهة بتقاليد المجتمع وقوانين المدرسة، فتعمد الى صناعة شعارات خاصة بالفرق الرياضية السعودية وبيعها للبنات من أجل تأمين ثمن الدراجة التي رفض والداها شرائها كونها فتاة “لا يجوز لها ذلك في العرف والشرع”.
كما تلجأ الى أساليب أخرى لجلب المال مثل تأمين لقاءات بين بنات مدرستها وشبان من الخارج، بحكم صعوبة الاختلاط بين الجنسين. الى أن تعلن المدرسة عن مسابقة في القرآن الكريم وجائزتها تؤمن لها ثمن الدراجة ونيف. فتقنع وجدة مديرة المدرسة بأنها تغيرت وأصبحت ملتزمة وستشارك في هذه المسابقة.
وبالفعل تمكنت الفتاة من أن تفوز بالمركز الأول في المسابقة، وسط حالة من ذهول مديرة المدرسة ووالديها وكل من يعرف شخصيتها المشاغبة.
بيد أن المفاجأة تكون حين تعلن اثناء استلامها للجائزة وأمام الملأ رداً على سؤال المديرة، أنها ستشتري دراجة هوائية “سايكل”، حسب تعبيرها بقيمة الجائزة. جواب يسبب الضحك وعلامات التعجب على وجوه مدرساتها وزميلاتها والغضب على وجه مديرتها التي تقرر حرمانها من قيمة الجائزة المالية والتبرع بها لفلسطين، حسب قولها.
لكن المفاجأة الأخرى تظهر بعد عودتها الى البيت باكية، حيث تجد أمها قد اشترت لها الدراجة نفسها (التي حجزتها منذ وقت لدى البائع بشريط موسيقى كـ “رعبون”).
أهمية فيلم “وجدة” ليس في قضية الدراجة المُحرمة على الفتيات في السعودية فقط، بل على الطفولة الغائبة عن حياة الأطفال خصوصاً البنات، فيما يقوم رفيق وجدة الطفل، الذي يحلم بالزواج منها والذي يرافقها دائماً في بعض جولاتها ضارباُ بعرض الحائط تعاليم وارشادات وممنوعات الشرطة الدينية والمجتمع، بتعليمها قيادة الدراجة على سطح المنزل، حيث تكتشف والدتها القصة وتطرد الصبي.
رسائل عديدة تمررها المخرجة هيفاء المنصور(خريجة جامعة سيدني التي تقوم بأول اخراج لفيلم روائي شارك في مهرجان البندقية السينمائي الدولي)، من موضوع الاختلاط المحظور وصعوبة ايجاد عمل للنساء، وقضية تعيين المدرسات في أماكن بعيدة عن سكنهن. الى قضية ملاحقة الرجال للفتيات بطريقة شبقة بسبب الكبت، وقضية الطلاق بسبب عدم قدرة والدة وجدة على انجاب صبي لزوجها رغم حبهما لبعضهما. فهو خاضع لوالدته التي زوّجته في نهاية الفيلم من إمرأة أخرى بهدف رؤية حفيد ذكر. إضافة الى موضوع تزويج الصغيرات، حيث تتزوج زميلة وجدة الطفلة، وتصطحب صور العرس معها الى المدرسة.
كما تشير بشكل غير مباشر الى ظاهرة السحاق في مدارس الفتيات، والذي أحيانا ينشأ بسبب سوء تصرف الإدارة.
شريط متين من حيث حبكته الروائية، وتسلسل الأحداث غير المُعقدة، وموفق من حيث اختيار وجوه نسائية جميلة محببة وممثلين قاموا بآداء جيد، خصوصاً ريم عبدالله ووعد محمد وعبدالله الجهني وعهد.
ذكريات أرمنية
في اليوم الثاني من المهرجان تم عرض ثلاثة أفلام طويلة، ومجموعة من الأفلام القصيرة. ففي شريط “جمر” لتمارا ستيبانيان، ثمة حوار بين جيلين، بين الماضي والحاضر، مع مجموعة رجال كبار في السن من أرمينيا، سافرت المخرجة لتصور شهاداتهم وحنينهم الى المرحلة السابقة، خصوصاً أيام الاتحاد السوفياتي والشيوعية التي كان لها حصة في هذا البلد، الذي يعيش عدد كبير من ابنائه في لبنان منذ مجازر الاتراك عام 1915.
الشريط جميل ولطيف والشخصيات محببة، لكن طول مدته قد يسبب بعض الملل. مع العلم أن هذا الفيلم حاصل على جائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان بوسان السينمائي الدولي عام 2012.
الفيلم الذي شكل مفاجأة وصدمة في آن للشعب اللبناني، كان شريط “النادي اللبناني للصواريخ” الذي أخرجه كل من خليل جريج وجوانا حاجي توما. هذا الشريط الوثائقي الذي عُرض في مهرجان تورنتو عام 2012 وحصل على جائزة افضل فيلم وثائقي في مهرجان الدوحة السينمائي، هو حصيلة بحث مُعمّق عن صناعة الصواريخ الفضائية في لبنان.
يتفاجأ المشاهد بأن بلد الأرز كان سباقاً من بين الدول العربية الى القيام بتجارب صاروخية بعيدة المدى هدفها علمي بحت، لكن الجيش اللبناني في عهد الرئيس فؤاد شهاب كان يدعم هذا المشروع طامحاً الى تحويله برنامجاً عسكرياً للبنان.
المفارقة أن قضية صناعة الصواريخ في لبنان لم تدخل الذاكرة الجماعية وبقيت اسيرة ارشيف بعض الصحف والأفلام حبيسة الأدراج المليئة بالغبرة.
مع أن أحد هذه الصواريخ سقط في قبرص وكاد يتسبب بمشكلة دبلوماسية كبيرة بين لبنان والجزيرة المقابلة.
ففي مطلع الستينات، قام أستاذ رياضيات مع طلبته في جامعة هايغازيان بتصميم صواريخ واطلاقها بهدف دراسة الفضاء واستكشافه. وعلى الرغم من النجاح الذي حققه المشروع، توقف عام 1967 ربما نتيجة الاعتداء على مصر والذي سبب حالة إحباط في العالم العربي. وبدا من خلال شهادات بعض العاملين في هذا المشروع (ومعظمهم أصبح مدرساً في جامعات أميركية وغربية) ان توقف المشروع جاء بضغوط اقليمية ودولية على الرئيس شهاب، خوفاً من تحوله الى مشروع عسكري
في نهاية اليوم الثاني من المهرجان عرض فيلم “السلاحف لا تموت بسبب الشيخوخة” للمخرجين سامي مرمر وهند بنشكرون. الفيلم مغربي كندي مشترك. يلقي نظرة على جيل من كبار السن. ثلاثة رجال في الثمانين من عمرهم من شمال المغرب: صياد وصاحب خان، وموسيقي يعملون لكسب لقمة عيشهم رغم كهولتهم. ويواصل المهرجان أعماله اليوم بفيلم “يما” الجزائري لجميلة صحراوي، و”الجمعة الاخيرة” ليحيى العبدالله من الأردن، و”يا من عاش” لهند بو جمعة من تونس.
الله حرر شعبنا في نجد ةالحجاز من فسق وظلم آل سعود اليهود
تاريخ نشر التعليق: 2013/03/18اُكتب تعليقك (Your comment):