- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

لبنان سني-شيعي: «شو باخنق مرتي ! ؟»

نقطة على السطر

بسّام الطيارة
«شو باخنق مرتي!؟» بهذه الجملة بادر «أبو و…» الجالسين حوله على مدخل المستودع في قلب بيروت. لم تنتبه شلة الأصدقاء التي ترشف القهوة، إلى ما قاله المعلم وهو ينظر بعيداً بينما «الشغيلة» تدخل وتخرج البضائع من محله. ثم فجأة وضع فنجان القهوة على السحارة المقلوبة بحركة جعلت الشلة تنصت له وتابع في نفس السجل «طيب شو أخي بيخنق مرته؟ ولا أختي بتذبح زوجها؟؟» تنهد قليلاً وعلا صوته قليلاً «شو هالشعب المجنون؟». تململت الشلة. فأشار إلى التلفزيون المركون في مدخل المستودع، وتابع «أنا شيعي وأخي وأختي… طيب متزوجين من سنة…شو منعمل إذا كملوا على هالمنوال…مندبح بعض …مجانين». نهض أبو … ثم استدرك نصف ضاحكاً نصف باكياً «نسيت الأولاد النص متزوج هيك والنص التاني هيك يلعن …».
لم يكمل جملته ودخل ينهر الشغيلة الذين خففوا وتيرة العمل للاستماع إلى ما يقوله المعلم «يلا ولاه…».
ما نطق به أبو و… يعتبر خلاصة «المأزق اللبناني».
لنضع جانباً السياسة. ولنضع جانباً إسرائيل. ولنضع جانباً إيران. ولنضع جانباً السعودية وقطر، وكذلك سوريا وحربها الأهلية.
بيروت فقط (مليون نسمة). لبنان ٤ مليون ما يزيد عن ٣٠ في المئة زواج «مختلط» في كافة الاتجاهات، بمعنى مسلم مسيحي وداخل الطوائف مختلط ضمنها. وإذا توقفنا فقط عند ما يسعى إليه الزعران الذين أوقدوا فتيل الحرب المذهبية باعتدائهم على الشيوخ الأربع يقال ٤٠٠ ألف زواج سني-شيعي. لنلتفت يسرة ويمنة نجد أقارب وأصدقاء ومعارف ضمن مجموعات الزواج المختلط.
لم تقوى حرب الـ ٧٥ على تفكيك لبنان. وعجز نهب الليرة اللبنانية -وتدهورها من ٣ لدولار إلى ١٥٠٠ لدولار- عن إركاع البلد واقتصاده. عجزت إسرائيل ٢٠٠٦ بسبب تضامن اللبنانيين وإيوائهم بعضهم البعض. التفجيرات أرادت لي نظام لبنان ولكن ما زال النظام في لبنان ديموقراطي – بضوضاء وضجة وتخبط وتبويس لحى- ولكن انتخابات تلي انتخابات ورئيس يحل محل رئيس.
الذي يشعل فتيل المذهبية بين السني والشيعي يريد أن يصل إلى تلك الأهداف التي عجزت عنها الحروب والتفجيرات. الذي يشعل هذه الحروب يريد أن دفع لبنان ثمن حداثته المتمثلة في هذه الزيجات المختلطة وانفتاحه على العالم ضمن تقاليد باتت «لبنانية بحتة».
المثال اللبناني عود في عين إسرائيل التي تطالب بدولة يهودية. وعود أيضاً في عين التكفيريين وعين الملالي ،عين القاعدة وجبهة النصرة، وعيون كل ما هو خارج الحداثة أي خارج العصر.
يمكن للبنان أن يكون مثالاً تحتذي به سوريا غداً لأن التاريخ علمنا بأن لكل حدث، مهما طالت تبلوراته نهاية. الذي يريد خراب لبنان لا يريد أن يكون لسوريا الغد أي مستقبل كما لا يريد لكل العرب أي مستقبل في قطار الحداثة.
ملاحظة بشكل تحذير: كل سياسي لبناني يظن أن المناسبة سانحة كي يركب موجة الطائفية أو المذهبية سيكون أول الخاسرين.