من قتل المعارض لبوتين الميلياردير بيريزوفسكي؟
لا يزال الغموض يلف الاحد وفاة الملياردير الروسي بوريس بيريزوفسكي المعارض للرئيس فلاديمير بوتين منذ فترة طويلة غداة العثور على جثته في منزله قرب لندن حيث استبعد المحققون وجود مواد مشعة في حين تحدث مقربون منه عن فرضية انتحار.
وطوال الليل، حال الطوق الامني الذي فرضته الشرطة من الاقتراب من منزله في اسكوت المدينة الواقعة على بعد 60 كلم جنوب غرب لندن حيث عمل فريق من المحققين المتخصصين بالمواد المشعة طوال الليل.
واعلن المحققون المتخصصون في المواد النووية والكيميائية والبيولوجية والاشعاعية الاحد انهم “لم يعثروا على اي شيء مشبوه” في المنزل الذي عثر فيه السبت على جثة بيريزوفسكي.
وقالت شرطة منطقة نهر التايمز المكلفة التحقيق “لم يعثر المحققون المتخصصون على اي شيء مشبوه في المنزل ونحن نجري الان التحقيقات المعتادة”.
واضافت الشرطة صباح الاحد ان خبراء علميون وصلوا الى منزل الملياردير حيث كانت لا تزال جثته.
وبحسب بيان للشرطة فان “ضباطا بينهم محققون متخصصون في كشف المواد النووية والاشعاعية والبيولوجية والكيميائية في المكان حاليا لاجراء تحقيقات”.
وكان بيريزوفسكي، العقل المدبر السابق للكرملين في عهد بوريس يلتسين، اصبح رجلا مغضوبا عليه مع وصول بوتين الى السلطة. وحصل على اللجؤ السياسي في بريطانيا عام 2003. وكان في لندن ضمن مجموعة لاجئين روس معادين لبوتين كان ينتمي اليها الكسندر لتيفينينكو العميل الفار من جهاز الاستخبارات الروسي الذي مات مسموما بمادة البولونيوم المشعة في تشرين الثاني/نوفبر 2006.
وكان لتيفينينكو تناول الشاي مع رجل الاعمال ديميتري كوفتون واندري لوغوفوي العميل في الاستخبارات الروسية في فندق بلندن.
ولوغوفوي الذي تعتبره لندن المشتبه به الرئيسي في جريمة القتل، اتهم بيريزوفسكي بالضلوع في عملية التسميم.
وفي موسكو اعلن الكسندر دوبروفينسكي محامي بيريزوفسكي الروسي، لتلفزيون روسيا 24 ان الاخير انتحر.
وقال دوبروفينسكي “اتصلوا بي من لندن لابلاغي بان بيريزوفسكي انتحر” من دون كشف مصدر المعلومة.
واضاف “في الاونة الاخيرة كان بيريزوفسكي في وضع سيء كان مثقلا بالديون ومدمرا … واضطر الى بيع لوحات ومقتنيات ثمينة اخرى”.
وتابع “علمت من اصدقاء مشتركين انه طلب منهم خمسة الاف دولار لشراء بطاقة سفر”.
ونفى احد اصدقاء بيريزوفسكي رجل الاعمال دميان كودريافتسيف ان يكون الملياردير انتحر. وصرح لوكالة انباء ريا نوفوستي “لا يتعلق الامر بذلك! لا احد يعلم ما حدث. ليس هناك ما يدل على الانتحار لا آثار لتناول ادوية او لحقن”.
وذكرت الوكالة نقلا عن مصدر اخر في اوساط بيريزوفسكي ان “الاخير توفي جراء ازمة قلبية. توجه مؤخرا الى اسرائيل للعلاج ثم عاد الى بريطانيا”.
وكان المعارض الروسي اعلن عشية وفاته انه “لم يعد لحياته معنى ولم يعد يعرف ما عليه ان يفعل” في حديث غير رسمي وغير مسجل مع اليا جيغوليف الصحافي في مجلة فوربس.
وكانت موسكو طلبت مرارا من لندن دون جدوى تسليمها رجل الاعمال المتهم في روسيا بالتخطيط لانقلاب.
وبحسب المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف كان الملياردير طلب مؤخرا “السماح” من بوتين.
واعلن بيسكوف السبت على تلفزيون فيستي 24 الروسي “قبل شهرين تقريبا بعث بيريزوفسكي رسالة الى فلاديمير بوتين كتبها شخصيا واقر فيها بانه ارتكب اخطاء وطلب المغفرة من بوتين”.
وردا على سؤال حول رد فعل محتمل من بوتين على نبأ الوفاة قال المتحدث “من المستبعد ان تصدر عن شخص مثله ردة فعل سريعة”.
وكانت عدة تحقيقات فتحت بحق بيريزوفسكي في روسيا اخرها في ايار/مايو بعد ان اقترح مكافأة لكل من “يعتقل المجرم الخطير بوتين”.
والصيف الماضي خسر دعوى في لندن ضد الملياردير رومان ابراموفيتش صاحب نادي تشيلسي البريطاني لكرة القدم.
وكان بيريزوفسكي يتهم شريكه السابق وصديقه بارغامه ب”التهديد” و”الترهيب” على بيع في 2001 حصته في مجموعة سيبنفت بقيمة 1,3 مليار دولار وهو سعر اقل بكثير من القيمة الحقيقية للشركة. ودفع لابراموفيتش 35 مليون جنيه (41 مليون يورو) وهي نفقات الدعوى.
واثار نبأ وفاة بيريزوفسكي ردود فعل ايجابية وسلبية في روسيا. فقد قال احد زعماء المعارضة بوريس نيمتسوف على حسابه على تويتر “لن يأتي مديح من الكثير من الناس فالافضل عدم قول اي شيء”.
وقال زعيم الحزب الشيوعي الروسي غينادي زيوغانوف لوكالة ريا نوفوستي “ان لا يمكنه ان يمدح بيريزوفسكي او يقول عنه امورا جيدة”.
واضاف ان بيريزوفسكي “اقر بنفسه قبل وفاته ان حياته لم يكن لها معنى لانه يجد نفسه دون اسرة او امة او مال او اصدقاء”.
اما الشعبوي القومي المتشدد فلاديمير جيرينوفسكي فقال في حديث لاذاعة صدى موسكو “كان رجلا موهوبا اضطلع بدور كبير” عندما كان العقل المدبر للرئيس بوريس يلتسين في الكرملين.
وقد ذكرت وسائل الاعلام البريطانية الاحد بان بيريزوفسكي سبق ان تعرض لمحاولتي اغتيال على الاقل، احداها في روسيا، والثانية ابلغته بها اجهزة الاستخبارات البريطانية في 2007.