الجهاد في سوريا… فتوى المنيع … والديوان الملكي
بعد غياب طويل «أطل» مجتهد حاملاً المسألة السورية وغرَدَ «مرحبا بكم وإليكم قصة فتوى المنيع بشأن سوريا»
وقد بدأ الجدال حال هذا الأمر عندما أصدر عضو هيئة كبار العلماء الشيخ «عبدالله المنيع» فتوى تقول «إنه لا جهاد في الحروب الأهلية، وأن ما يحصل في سوريا وبلاد الثورات ما هو إلا حروب أهلية لا جهاد بها، كما أن الحروب الأهلية يصعب فيها تحديد الأصدقاء من الأعداء خاصة وإن كانت الدولة مسلمة».
كما استنكر الشيخ المنيع الفتاوى التي تستثير شباب المملكة للقتال في سوريا تحت مسمى الجهاد مشيرا إلى أنه من أركان الجهاد «موافقة ولي الأمر والدولة لم تأذن بالجهاد» وقال : «ينبغي للإنسان في مثل هذه الحروب أن لا يتصرف إلا في إطار رأي ولي الأمر» وتباع بأن الجهاديين اليوم يذهبون دون أي فتوى تجيز جهادهم فقال «وكون أنه يستقل في نفسه ورأيه هذا لا يجوز شرعا».
وأضاف «أن الفرد لا يستطيع تقدير المصلحة العامة كالدولة والحكومة، فلا ينبغي ولا يجوز للإنسان أن يستقل بنفسه ورأيه مما يسبب إحراجاً لدولته وإزهاقاً لروحه، إلى جانب أنه لا يجوز الدخول في الحروب الأهلية، لما فيها من الآثار السلبية وإشعال الفتن، والشرع يسعى لإخماد الفتن».
ما هو الجديد الذي أدخله «مجتهد» إلى هذا الجدل؟
في الواقع … لم يأت مجتهد بأي جديد كل ما عرده هو قوله «لم يكن اتصال الرياض بالمنيع مبادرة من رئاسة التحرير» ،يجزم مجتهد في تغريدته مدافعاً عن ما يسميه صحيفة رسمية فيقول « وليس هذا واردا على صحيفة رسمية»، ولكنه لا يتردد بوصف الأمر بأن «قضية حساسة مثل القضية السورية فيها جدل كبير» وذلك من دون أي اعتبار للشق الإنساني في المسألة السورية وتعداد القتلى الذي هو بالآلاف. فقد يكتفي مجتهد بمسألة الجدل.
ولكنه يقحم السياسة السعودية الداخلية في الأمر بإعطاء صورة عن «حرية الصحافة في المملكة الوهابية» فيغرد «وكل الصحف السعودية التقليدية لا يمكن أن تبادر بمقابلة أو بطلب تصريح أو فتوى في قضايا حساسة مثل هذه إلا بتكليف رسمي من الديوان أو الداخلية».
ثم «يفضح» مجتهد العمل الصحفي في المملكة فيقول «إضافة للصحيفة فالشخص الذي تتم معه المقابلة يكون قد أُخبر بشكل مباشر أوغير مباشر عن التوجه الذي يرغب به الديوان أو الداخلية». ويتابع بكشف ما تبقى من عورات الإعلام السعودي (إن صح ما يغرد به) فيقول «ليس هذا فحسب بل إن الصحف الرسمية ملزمة بأن تعرض هذه المقابلات الحساسة على جهات معينة للمراجعة والتدقيق (تعرفها الصحف) قبل النشر».
وؤكد مجتهد بأن هذه المقابلة مع المنيع «خضعت لكل هذه الترتيبات فقد هيأ (حضر) الشيخ بتوجيه غير مباشر -يعرفه هو- وكلفت الصحيفة بالاتصال وتمت مراجعة الفتوى قبل نشرها».
هل مجتهد متأكد مما يكتبه؟
هل صحيح أن صحيفة كبرى مثل «الرياض» لا تستطيع التصرف من دون إذن الديوان أو الداخلية؟
الله أعلم.
يتوسع مجتهد سياسياً (من دون أي مقاربة سياسية للوضع في سوريا) فيبدو أن كل همه هو «الداخل السعودي» رغم أن السعودية هي لاعب أول في المسألة السورية.
فيعتبر في تغريدة أن «ذلك كان داخلا في مشروع إعلامي ديني سياسي لتغيير الصورة الجميلة للجهاد في سوريا التي أحرجت الدولة من عدة جهات منها توجه الشباب للقتال هناك».
نرى في هذه التغريدة أن مجتهد «يعارض» المنيع من جهة و«يدعم» الجهاديين الذين يتوجهون إلى سورية.
سؤال: لماذا لا يجاهد مجتهد في سوريا؟
سؤال ثان: هل يدعم مجتهد الجهاديين بالمال؟
سؤال ثالث: ما رأيه بالجهاديين الذين «وجهوا ضربات في داخل المملكة»؟
سؤال رابع: هل يميز «مجتهد» بين جهادي في الداخل وجهادي ف يالبلاء الأخرى؟
من دون إجابات على هذه الأسئلة البديهية، يمكن القول إن مجتهد يدعم الثورة السورية (مثل نسبة كبيرة من العرب والمسلمين) فهو يضع فتوى المنيع في مسار «تشكيك في الثورة» ويقول «تضمن
ذلك حملة صحفية للتشكيك في الثورة السورية ثم هجوم من الشيخ عبد العزيز الفوزان على فصائل جهادية ثم إعلان الداخلية اعتقال من يفكر بالذهاب».
في هذه التغريدة إجابة واضحة على سؤالينا رقم ٣ ورقم ٤. ويتابع في الكشف عن أن الدولة تريد «تجفيف المد الجهادي» فيغرد قائلاً «الدولة كانت بحاجة لدعم علماء أثقل من عبد العزيز الفوزان فلجأت لهيئة كبار
العلماء والذين كان أسهلهم الشيخ المنيع الذي لا يرد طلب لـ آل سعود ابداً».
ويصف كيف تم ترتيب «الأنترفيو» فيقول «اتصلت الصحيفة بالشيخ وتم النشر وكانت النية أن يحتفى بالفتوى من قبل الإعلام السعودي ويكلف مشايخ آخرون بتأييدها لكن حصل ما لم يكن بالحسبان».
ما الذي حصل؟
يكتب مجتهد «انفجر الشعب من خلال التويتر ووسائط أخرى في وجه الشيخ وهيئة كبار العلماء»، إذا برأي مجتهد الشعب يجيب على السؤالين رقم ٣ ورقم ٤ مثله أي «نعم للجهاد في الخارج ولا للجهاد في الداخل». يرى مجتهد أن ردة فعل السلطات كانت الدهشة فكتب «وانصدم الديوان والداخلية بردة الفعل التي قلبت الخطة رأسا على عقب».
ويكتب (كما يحصل عادة في تغريداته، فهو عالم ببواطن الأمور) فيغرد «حصل ارتباك هائل عند الجهات المعنية هل تتراجع أو تترك الموضوع ينساه الناس، واذا تراجعت هل تطلب من صحيفة الرياض النفي أو ينفي الشيخ بطريقته؟».
ولكن هنا يكمن التناقض بين بداية التغريدات حول هذا الموضوع وخلاصتها، فمجتهد جزم بأن الصحف خاضعة للسلطات تفعل ما يشاءه الديوان أو ما تطلبه وزارة الداخلية. فلماذا التردد إذا؟؟ ألا يكفي رعطاء أمر بالنفي؟
لا يغرد مجتهد قائلاً «وتبين أن إلزام صحيفة الرياض بالنفي لن يكون عمليا لأنها لا يمكن أن تنفي إلا أن تقول أنها اختلقت الكلام اختلاقا وهذا يعني تجريم خطير للصحيفة». يظهر هنا «حرصاً من الديوان والداخلية» لم يكن ظاهراً في البداية؟
ويتابع مجتهد «الإرباك لدى السلطات» فيكتب «فكان الحل العاجل هو نفي بأي وسيلة من أي جهة حتى لو كانت اقل مصداقية من صحيفة الرياض عسى ولعل أن يقلل المشكلة فكان نفي جوال سبق».
ويقوم مجتهد بفضح (في حال صح ما يقول) التلاعب لدي السلطات «وكانت النية ان يصادر التسجيل ثم تكلف صحيفة الرياض بكتابة اعتذار فيه زعم بتحريف عبارات الشيخ ويحاسب الصحفي شكليا أمام المحكمة لإقناع الناس».
ويصف مجتهد كيف «تهرب الصحفيون» من الفخ الذي أرادت السلطة حفره لهم «لكن المتورطين في نشر المقابلة أدركوا أنهم سيكونون كبش فداء وربما يتعرضون للمحاسبة والسجن فبادروا بتسريب التسجيل لحماية أنفسهم وهذا ما حصل».
(انقر هنا لسماع التسجيل)
ويصف الارباك الشديد الذي أصاب السلطات (وفي ذلك تناقض مع ما غرده أعلاه !! إذ وجب توجيه سؤال لمجتهد: هل تأخذ السلطات بعين الاعتبار ردة فعل الرأي العام ؟ نعم أم لا ؟)، فيغرد «بعد تسريب التسجيل تضاعف الارتباك وتوصل الديوان إلى أن هذه السقطة من المنيع ستقصم ظهر بعير هيئة العلماء المهيأة للانهيار بسبب سقطاتها المخزية».
ويتابع «وبعد أخذ ورد بين الداخلية والديوان اتفق الطرفان أن مصداقية المنيع وهيئة العلماء أهم من تشوية صورة الجهاد في سوريا فقرروا أن يضعوا ثقلهم معه».
إن وصف مجتهد لهذا «الحدث» هو بعيد جداً عن الواقع الإعلامي… إلا رذا كان ما يحصل في «الداخل السعودي» لا ينتقل إلى الخارج، بينما فقط الجهاديين ينتقلون عبر الحدود.
فيتابع «وهنا استنجدت الداخلية ببعض “علماء الصحوة” للدفاع عن الشيخ المنيع واتفقوا أن يصر المنيع على النفي ويقف معه هؤلاء المتعاونون من علماء الصحوة».
وينهي مجتهد هذه امسألة بوعد لمتابعيه «ترقبوا في الأيام القادمة عبارات من “علماء الصحوة” في الدفاع عن المنيع وأنه استدرج عن غير رغبة منه وأنه مستهدف من التغريبيين لضرب العلماء».
هل يمكن الاستنتاج مماسبق ومن تغريدات مجتهد «أن الشعب السعودي هو مع الجهاديين في سوريا، وأن الدولة الوهابية ضد الجهاد في سوريا؟»
والله أعلم.