المفاوضات حول النووي الإيراني: طهران تكسب وقتاً ونقاطاً وحقوقاً
باريس – بسّام الطيارة
كشف ديبلوماسي أوروبي رفيع خفايا اللقاء الاخير في ألماتاي (كزاخستان) الذي جمع الإيرانيين والقوى «٥+١». وبخلاف ما صرحت به البارون كاترين أشتون أن اللقاء لم يكن «سلبياً». وأجاب الديبلوماسي رداً على سؤال لـ«أخبار بووم» بأن نتيجة اللقاء «لم تكن فشلاً ولكنها ليست نجاحاً» وتابع «هناك شيء ما بين النجاح والفشل»، وأكد أن هذا اللقاء سمح «بالحصول على إضاءة لمواقف الإيرانيين»، وشدد على أن المفاوض الإيراني «علي باقري تحلى بمهنية جيدة» وكان ملتزماً بالتفاوض الجدي بعكس المرات السابقة وكان «جو اللقاء مفعماً بالإرادة المسؤولة» لأنه باقري «:ان نزيها وشريفاً» حسب وصف الديبلوماسي.
ويستشف المستمع إلى الديبلوماسي أنه يوجد تقدم لا بأس به بعيداً عن مسار التصلب، ويصب في صالح طهران من دون أي شك.ويعترف الديبلوماسي بأن «وجهات التفاوض ما زالت متباعدة»، مضيفاً «كلما تطرقنا للعقوبات ولتأثيرها على الاقتصاد الإيراني يجيبنا محاورونا بأن «العقوبات غير شرعية ولا أساس قانوني لها» قبل أن يستطرد بالحديث عن معاهدة حظر انتشار النووي وحق إيران بالتخصيب». وكشف هذا االديبلوماسي أن مفاوضاً غربياً قال للإيرانيين «عندما نطلب منكم وقف التخصيب فيما يتعدى الـ ٥ في المئة من اليورانيوم هذا بمثابة اعتراف بحقكم بتخصيب ما دون الـ ٥ في المئة» ويشدد على أن هذه العرض هو «إجراء من إجراءات بناء الثقة».
يدرك المتابعون لهذا الملف بأن اللقاء الأخير هو لقاء «تقديم عروض» (راجع أخبار بووم انقر هنا). فماذا كانت العروض التي قدمتها مجموعة «٥ـ١»؟
مصادر متقاطعة قالت إنها تحت ثلاثة بنود: ١/تجميد التخصيب فيما يتعدى الـ ٥ في المئة، ٢/ تجميد نشاط منشأة فوردو ٣/ إخراج مخزون المخصب بنسبة ٢٠ في المئة الذي لا حاجة له. وذلك مقابل تخفيف العقوبات.
وتضيف هذه المصادر بأن أجوبة الإيرانيين كانت كما يلي: ١/ حق التخصيب بنسبة ٥ في المئة مكتسب ٢/ وقف تطوير منشأة فوردو
٣/ التعهد بعدم زيادة كميات اليورانيوم المخصب بنسبة ٢٠ في المئة.
يقول خبير مفاوض بأن إجابة الإيرانيين لا تتضمن أي ضمانة من جهة فهي ليست مكتوبة، وهي «ضبابية» ويشرح بأن طلب وقف منشأة فوردو يعني تفكيكها بينما يريد الإيرانيون أن يشيروا بقبولهم إلى «عدم زيادة عدد أجهزة الطرد المركزي في المنشأة» ولكن الخبراء الغربيين يدركون أن المنشأة لم تعد تستطيع استقبال أحهزة طرد جديدة لضيق المساحة ومن جهة ومن جهة أخرى يوجد في فوردو عدد لا يستهان به من الأجهزة التي …«لا تعمل حالياً».
أما بالنسبة لمخزون اليوانيوم المخصب بنسبة ٢٠ في المئة، فالقوى الكبرى تطلب «إخراج المخزون» ويقترح الإيرانيون «عدم زيادة المخزون عبر تحويله إلى وقود صلب لمفاعل طهران التجريبي». ويشرح الديبلوماسي بأن هذا التكتيك متبع منذ فترة للمحافظة على مخزون لا يتجاوز الـ ٢٥٠ كلغ وهي العتبة التي تسمح بالحصول على النووي العسكري عبر الانتقال بسرعة إلى تخصيب بنسبة ٩٠ في المئة. لذا تحافظ إيران على مستوى بحدود الـ ١٦٤ كلغ. إلا أن خبيرآً أشار إلى إمكانية «إجراء تحويل معاكس للوقود الصلب لإعادته إلى يورانيوم مخصب».
أما العقوبات التي اقترحت المجموعة رفعها فهي، حسب مصادر متقاطعة، تتعلق برفع حظر تصدير النفط واستيراد مشتقاته ورفع الحظر عن تجارة المعادن الثمينة.
وردا على سؤال حول «هامش العقوبات الجديدة الممكنة»، في حال فشل المفاوضات، أجاب الديبلوماسي من دون أي قناعة بادية « يمكن توسيع العقوبات الأوروبية» أما إمكانات القرار ١٩٢٩ فقد استنفدت ولكن يمكن تعزيزها «أو تعميم العقوبات الأوروبية على الاسرة الدولية» ويضيف بإمكانية «الرجوع عن اعفاءات ممنوحة لبعض البلدان على صعيد الطاقة والمعادن الثمينة».
يبدو عبر هذه الإضاءات أن المفاوض الإيراني استطاع منذ ثلاث سنوات الحصول على الكثير من التنازلات: فالحديث اليوم تجاوز «مبدأ التخصيب» كما تطالب اسرائيل ، وبات الحديث عن «وقف التخصيب بنسبة ٢٠ في المئة»، كما أن رفع العقوبات لم يعد مرتبطاً «بإزالة البرنامج النووي الإيراني».
وعندما نشير للديبلوماسي إلى هذه العلامات المبنية على «آلعروض التي قدمت». يعترف بأن الإيرانيين «أخذوا من عرضنا واحد في المئة وأعادوه لنا مع ٩٩ في المئة من عروضهم»، ويضيف بأنهم ف يالواقع أظهروا هذه المرة مرونة في التعاطي لم يستخدموا لهجة قاسية وفسر ذلك بـ«أفق الانتخابات لأنهم يريدون الإيحاء أنهم يقدمون تنازلات» ويرسلون إشارة إلى مواطنيهم بأن «طوق العقوبات سيتراخى»، وأن المسؤولين يتحرون «مع الغرب كافة الإمكانات».
ويضيف بأن «الحيلة» هذه المرة لم تكن التصلب بل «القبول بجزء من عرضنا وخلطه بجزء كبير من عرضهم»، وشرح سبب «العرض السخي» بأنه يهدف إلى «إعادة بناء الثقة» من دون أن ننسى بأن «هدف المفاوضات هو وقف البرنامج النووي الإيراني». ولكن عندما نلفت نظره إلى أن المفاوضات تبتعد عن هذا الهدف ، يستشهد بقول مفاوض أميركي «لا توجد بدائل لدى الغربيين سوى المفاوضات».