معرض جمعية الفنانين في بيروت: عريُّ الطبيعة يسبح في مائياتها
بيروت ــ معمر عطوي
“الفنان الذي يرسم بالماء يصور وجوه النفس، كما يخطط بالماء أيضاً خرائط القلب”، بهذه الكلمات الشعرية الجميلة بدأت “جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت” تعريفها بمعرضها الأخير تحت عنوان “مائيات لبنانية”. ففي مقرها الكائن في شارع الشهيد رشيد كرامي (فردان)، تحلّت الألوان المائية الجميلة بأبهى صورها التي أبدعها سبعة فنانين لبنانيين مخضرمين عرضوا بعض أعمالهم التشكيلية بالرسم المائي التي تمثل مدارس عديدة وتعتمد أساليب متنوعة.
فالمائيون في لبنان يستوحون من الطبيعة ويعتبرونها أمهم ومرجعهم، كما يشرح الفنان المشارك في المعرض، ميشال روحانا، لـ “برس نت”، مشيراً الى أن هذا المعرض هو أول معرض للمائيات لفنانين مخضرمين، ويأتي في اطار برنامج الجمعية للنشاطات المُتخصصة.
يضيف روحانا، عضو الهيئة الإدارية للجمعية، أن هذا المعرض يتميز باللوحة المائية ذات المستوى الراقي، وأن لكل فنان مشارك اسلوبه الخاص.
وعن الهدف من هذا المعرض يقول روحانا، “هدفنا ثقافي ونشر الإبداع. نحن لسنا غاليري لنحصي كم بعنا من لوحات، يهمنا المتذوق للفن الذي يسأل عن مواعيد المعارض ويتابعها رغم كل الظروف”.
ويفسر الفنان التشكيلي اللبناني لوحاته التعبيرية الناطقة بجماليات القرية اللبنانية وروحها الصافية، قائلاً “لذّتي أن أعيش في جو صافي وهادئ وفيه موسيقى وفرح ونور وأمل. أفتش عن ذلك فأجد في الطبيعة الملجأ لهذا الشئ”. ويصف لوحاته بأنها واقعية تندمج فيها الألوان بتناغم مع موسيقى تطرب العين، في محاولة أنسنة للطبيعة.
الفنانة جاكلين أوهانيان، متأثرة بالواقع اللبناني، كما ترسم الأشخاص ببعد ماورائي ملائكي يحلّق ابعد من بصمات الوجوه.
لوحاتها تنتمي الى عوالم ما بين التعبيرية والتجريدية، هي ترسم هجرة الشباب والكفاءات بتحسّر على ما يحصل في هذا الوطن. تقول لـ برس نت”، “نحن نمشي مع الوقت نرسم ما هو جميل وما هو حاضر في ذهننا من قضايا لذلك رسمت لوحة عن المهاجرين. لأني احب لبنان وأرزته رمز النصر. أحب رسم الطبيعة والتراث اللبنانيين بالماء لأن الماء برئ له صفة الشفافية الجميلة”، وأوضحت أوهانيان أن لها أيضاً لوحات زيتية لكنها لم تشارك بها لأن موضوع المعرض فقط اللوحات المائية.
من جهته، رئيس جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت الياس ديب، تحدث لـ “برس نت” عن نشاط الجمعية وبرامجها السنوية، مشيراً الى برنامج جديد تم وضعه لهذا العام يتضمن المعرض الحالي الجماعي والشهر الذي يليه لدينا معرض فردي للفنان العراقي محمود شاكر، وفي كل شهر معرض مختلف “مرة جماعي ومرة فردي”.
يوضح ديب أن المعرض الحالي سينتقل الى مركز الصفدي الثقافي في طرابلس مطلع الشهر المقبل (2و3و4 ايار)، إذ أنه يستمر في مقر الجمعية في فردان فقط حتى 28 نيسان 2013.
وعن علاقة الجمعية بجمعيات فنية أجنبية، يفيد الدكتور ديب أن ثمة نشاطات “نسعى للقيام بها خارج لبنان ونحن نقوم لهذه الغاية بحوار مع جمعيتين فنيتين واحدة في فرنسا وأخرى في ايطاليا.
وحول تفاصيل العروض يوضح رئيس الجمعية أن كل فنان يريد أن يعرض لوحاته عليه واجبات مالية مثل دفع مصاريف الإعلان والضيافة وطباعة البطاقات الخاصة بالدعوة والاعلان عن المعرض في الأجندة الثقافية، لكنه لا يدفع للجمعية أي قرش.
وعن تمويل الجمعية يشير الى دعم وزارة الثقافة منوهاً بها وببلدية بيروت التي تدعم بدورها الجمعية اضافة الى الاشتراكات والمساعدات. وعن تقييم الأعمال التي ينوي فنانون عرضها يوضح ديب أن في الجمعية لجنة فنية لدى أعضائها ممارسة وخبرة في تقييم اللوحات قبل الموافقة على عرضها.
لعل وصف الدليل الخاص بالمعرض لأعمال المشاركين فيه خير معبّرعن هذه التظاهرة الطبيعية الرائعة التي تُشعرك بحاجتك الى التماهي مع الطبيعة والماء وصفاء الألوان التي تنقلك من عالم صناعي مُثخن بالصخب والتلوث والقبح الى عالم جميل وهادئ، لذلك تحدث الدليل عن المشاركين قائلاً: إن “جاكلين أوهانيان تقدم لنا حورياتها الراقصات في مدينة المطر. عارضات راشد بحصلي تستريح أمام أسرارالليل على أريكة حمراء، كما يستريح النور في أحضان الطبيعة عند علي شمس في دير القمر. أما عاطف طعمة فتنساب ريشته مع امتداد الضوء فوق قرانا الحالمة. أنطوان مطر يجسّد دينامية المدينة فيرسم بحراً من البشر يتدفق بين منازل ضفتي السوق العتيق. أما فؤاد جوهر فله موعده مع البحر والربيع ولا يفاجئ سوى الدهشة. أخيراً ميشال روحانا يرصد التراث بألوانه ويطرب النظر بإضاءته في الربيع بين شجر الزيتون وحقول شقائق النعمان”.
وبهذه المعارض الجميلة تبقى بيروت عاصمة للثقافة تنبض بالابداع والعبقرية، حيث تتمظهر الطبيعة بعريّها سابحة في الماء الذي بسببه يصبح كل شئ حي.