دمشق: التصريحات حول الكيميائي محض افتراء
وصفت دمشق السبت التصريحات الاميركية حول استخدام النظام السوري لاسلحة كيميائية بانها “محض افتراء”، في وقت حذرت موسكو، حليفة دمشق، من التحجج بهذه الاسلحة للقيام بتدخل عسكري في سوريا.
وقال وزير الاعلام السوري عمران الزعبي في حديث الى تلفزيون “روسيا اليوم” “استطيع ان اؤكد ان كل ما قاله الوزير الاميركي (وزير الدفاع تشاك هيغل) والحكومة البريطانية يفتقد الى المصداقية وهو محض افتراء واسلوب جديد من الضغط السياسي والاقتصادي على سوريا”.
وقال ان هذا الكلام “مفبرك ومزور”.
واضاف الزعبي الذي يقوم بزيارة لموسكو، بحسب مقطع صوتي منشور على الموقع الالكتروني للتلفزيون، “اود ان اشدد مجددا على ان سوريا، لو كانت لديها اسلحة كيميائية، لن تستخدمها، ليس فقط لانها تحترم الاعراف الدولية وقواعد الحرب، بل لاعتبارات انسانية واخلاقية”.
ووجه الرئيس الاميركي باراك اوباما الجمعة تحذيرا جديدا الى سوريا من ان استخدام اسلحة كيميائية يمكن ان يؤدي الى “تغيير قواعد اللعبة”، واعدا باجراء تحقيق جدي حول المعلومات عن استخدام النظام لهذه الاسلحة ضد معارضيه.
واقرت واشنطن للمرة الاولى الخميس باستخدام النظام السوري “في نطاق ضيق” لهذه الاسلحة، لا سيما منها غاز السارين.
واعتبر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الجمعة ان “الادلة المتزايدة” على استخدام النظام السوري لاسلحة كيميائية “امر بالغ الخطورة”، داعيا المجتمع الدولي الى بذل مزيد من الضغط ازاء هذا الواقع.
واكدت وزارة الخارجية الفرنسية من جهتها ان على النظام السوري ان يلبي مطالب المجتمع الدولي لجهة القبول بتحقيق دولي في استخدام محتمل للاسلحة الكيميائية.
وجدد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بدوره دعوته “الملحة” لنظام بشار الاسد للسماح لفريق الامم المتحدة المؤلف من خبراء في حظر الاسلحة الكيميائية بالتحقيق في الاتهامات حول استخدام مثل هذه الاسلحة في النزاع المستمر منذ اكثر من سنتين.
ورفضت دمشق استقبال فريق التحقيق الدولي الذي شكل في آذار/مارس بعد ان طلب بان كي مون بان يسمح له بالتنقل على كل الاراضي السورية، بينما تريد السلطات السورية منه ان يحقق فقط في عملية سقوط صاروخ قالت انه يحمل سلاحا كيميائيا في بلدة خان العسل في ريف حلب. ويتبادل النظام السوري والمعارضة المسلحة الاتهامات باطلاق هذا الصاروخ وغيره في مناطق اخرى في ريف دمشق وحمص.
وذكر الزعبي في حديثه الى “روسيا اليوم” بان سوريا هي التي طلبت “رسميا” من الامم المتحدة التحقيق في حادثة خان العسل “التي استخدمت فيها المجموعات الارهابية المسلحة مادة كيميائية ما”.
ووصف هذا الطلب بانه “مسؤول وشجاع، ويعبر عن سياسة سورية تجاه كل هذا النوع من الاسلحة سواء كانت لدى المجموعات المسلحة او لدى الاسرائيلي او لدى اي دولة مجاورة”.
الا انه اكد ان الحكومة السورية “لا تثق على الاطلاق بالاميركيين والبريطانيين لا بالمعنى السياسي ولا بمعنى الخبرات ولا بمعنى الاهداف المرجوة من هذا الافتراء”، مرحبا في المقابل بحضور خبراء من روسيا “الصديقة”.
وشككت موسكو اليوم في صدقية المعلومات حول الاسلحة الكيميائية.
وقال الموفد الرئاسي الروسي ميخائيل بوغدانوف من بيروت في تصريحات تلفزيونية “اذا كانت هناك دلائل جدية على استخدام السلاح الكيميائي في سوريا، يجب اظهارها على نحو فوري”.
واضاف “يجب التأكد من هذه المعطيات وفق المعايير الدولية (…). يجب الا يمثل ذلك ذريعة للتدخل العسكري”.
وقال نائب وزير خارجية روسيا الداعمة للنظام السوري “لدينا تجربة تاريخية للتدخل بالعنف في الشؤون العراقية بحجة ان هناك اسلحة نووية… وفي نهاية المطاف تبين انه لم يكن هناك اي شيء”.
وركز الزعبي من جهته على السابقة العراقية. واتهم القوى الغربية الكبرى بانها تريد ان تكرر في سوريا “السيناريو العراقي” الذي ادى الى اسقاط صدام حسين العام 2008 بذريعة وجود اسلحة نووية في العراق.
ولم تعثر القوات الاميركية التي اجتاحت العراق وبقيت فيه اكثر من اربع سنوات على اي اثر لاسلحة نووية.
ويرى خبراء ان استخدام النظام لاسلحة كيميائية قد يرغم الولايات المتحدة على التحرك، مشيرين في الوقت نفسه الى ان الخيارات العسكرية المطروحة امام اوباما محدودة ومحفوفة بالمخاطر، ومذكرين بهاجس التجربة العراقية التي استندت الى معلومات استخباراتية خاطئة.
من جهة ثانية، يحذر المحللون من اقدام النظام السوري على نقل الصراع الى اراضي الدول المجاورة لا سيما الاردن ولبنان والعراق.
وفي العراق حيث حصدت اعمال العنف المتجددة 216 قتيلا على مدى خمسة ايام، قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ان “الطائفية شر ورياح الطائفية لا تحتاج لاجازة عبور من هذا البلد الى اخر”.
واضاف “ما عودتها الى العراق الا لانها اشتعلت في منطقة اخرى في الاقليم”، في اشارة الى سوريا التي تملك حدودا مشتركة مع العراق بطول نحو 600 كلم.
ميدانيا، قتل عشرة اشخاص السبت في قصف مصدره القوات النظامية على مدينة دوما في ريف دمشق، في وقت تمكن مقاتلو المعارضة من السيطرة على مخيم حندرات للاجئين الفلسطينيين الذي كانت تسيطر عليه القوات النظامية شمال حلب، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان.
واستمر القصف لليوم الثالث على التوالي على حي برزة في شمال دمشق الذي شهد الجمعة “اعنف الاشتباكات” في العاصمة منذ بدء الاضطرابات في سوريا قبل اكثر من سنتين، بحسب المرصد السوري.
كما استمرت السبت الاشتباكات في مدينة داريا التي تحاول القوات النظامية السيطرة عليها منذ اشهر.
ونقل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في بيان اصدره السبت عن المجلس المحلي لداريا ان صواريخ “تحمل رؤوسا تحتوي غازات سامة” سقطت في وسط المدينة الخميس والجمعة، وان “سحابة غازية كبيرة نتجت عن انفجار تلك الصواريخ”.
واشار البيان، نقلا عن المجلس المحلي لداريا، الى ان الصواريخ تسببت “بوقوع 42 حالة اختناق ترافقت مع حساسية شديدة وحالات قيء حادة”.
واوضح ان ناشطين اعدوا “تقارير موثقة بالأفلام والصور” حول الحادث الذي ادى ايضا الى “نفوق الكثير من الحيوانات”.
وراى الائتلاف في ذلك “تاكيدا على اصرار النظام على استخدام السلاح الكيميائي ضد المدن والقرى السورية التي استعصت بثبات أبنائها واصرارهم على الحرية”.
ودعا الائتلاف المجتمع الدولي الى “ارسال فرق من الخبراء لجمع عينات لتحليل ما استخدمته قوات النظام ضد المدنيين”، والى “رد جدي وخطوات عملية تضع حدا لجرائمه”.
في حلب (شمال)، افاد المرصد عن “سيطرة مقاتلين من عدة كتائب مقاتلة على مخيم حندرات للاجئين الفلسطينين عند مدخل حلب الشمالي” بعد معارك تستمر منذ اشهر وتهدأ وتعنف بحسب الهجمات التي يشنها الطرفان.
وبلغت الحصيلة الاولية للضحايا الذين سقطوا السبت في اعمال عنف في مناطق مختلفة من سوريا 63 قتيلا.