صحيفة «الشرق الأوسط» تقابل أحد قادة الثوار الليبيين العائد من سوريا
تشرت صحيفة «الشرق الأوسط» الصادرة من لندن والمقربة من الأوساط السعودية مقابلة مع أحد قادة الثوار الليبيين «عبد الله ناكر» أجريت في اسطنيول. ونظراً لأهمية هذه المقابلة . حيث تكلم ناكر عن «متاجرة بدماء السوريين» وتحدث عن «مساعدات بـ ١٠٠ مليون دولار» وأسلحة لم تجد طريقها إلى سوريا إضافة إلى التأكيد على وجود مقاتلين ليبيين وتوانسة وعيرهم، تنشر «برس نت» المقابلة كما وردت بقلم «خالد محمود» المراسل القائم في القاهرة للصحيفة السعودية-البريطانية.
* لماذا ذهبت بالأساس إلى سوريا؟
– هذا أمر طبيعي، أردت تفقد أحوال النازحين والعائلات النازحة، التي فرت من هول المعارك في مناطق الشمال السوري، والاطلاع على أحوالهم المعيشية والإنسانية وظروف النزوح التي يعيشونها بعد تركهم ديارهم وأراضيهم نتيجة التهجير المتعمد الذي تفرضه قوات نظام الرئيس بشار الأسد على أهالي المدن الداعمة للثورة ولـ«الجيش الحر»، كما شملت أيضا زيارة مقبرة الشهداء الليبيين الذين قضوا خلال المواجهات مع الجيش النظامي، بالإضافة إلى زيارة الجرحى والمصابين من السوريين والليبيين الموجودين بالمشافي التركية.
* وما هدفك من الزيارة؟
– الزيارة كان لها جانبان؛ جانب أنساني وجانب لوجيستي، لقد أمضيت أسبوعا في المنطقة الحدودية، متنقلا ما بين الأراضي التركية والداخل السوري، والآن أنا في إسطنبول وموعد العودة إلى طرابلس لم يتحدد بعد، وذلك بسبب اللقاءات التي قد أجريها هنا في إسطنبول.
* وماذا رأيت في سوريا؟
– لقد تفقدنا الوضع على الأرض ورأينا أحوال الثوار والعائلات والجرحى والمرضى، وفهمت لماذا تأخرت الجبهات في مواجهة قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد، هناك متاجرة بدم السوريين.
* ماذا تقصد تحديدا؟
– بكل أسف أقول لك: إن الدول الداعمة، أو التي تدعي أنها داعمة لا وجود لها على الأرض. نجد مؤتمرات ونسمع تصريحات تقول إن المجتمع الدولي مع سوريا، لكن على الأرض غير موجودين، بل على العكس هناك أطراف معينة مدعومة وتعمل وفق أجندات وصراعات حتى فيما بين السوريين وآخرين؟
* ما المناطق التي زرتها، وهل التقيت قيادات من «الجيش الحر»؟
– أكثر المناطق كانت في محافظة إدلب، والمناطق الحدودية في محافظة اللاذقية كمصيف سلمي، وقابلت الثوار، ولدينا ثوارنا يقاتلون أيضا على الأرض، ورأينا الأمر بأم العين كما يقولون، تجد السلاح في سوريا للبيع، مع الأسف الشديد، ويمكن أن تشتريه حتى من السوريين، ورأينا الجرحى والعائلات السورية المهجرة.
* كم عدد المقاتلين الليبيين هناك؟
– دعنا نتحفظ على عددهم لأسباب أمنية وخاصة بالمقاتلين في الوقت الراهن. لكنني أقول لك إني رأيت تشكيلات تضم توانسة وليبين وسوريين، ولدينا جرحى ليبيون نعالج إصاباتهم في تركيا.
* تقصد أنهم أصيبوا في الحرب ضد جيش بشار؟
– نعم. بالتأكيد.
* ماذا عن الجانب الإنساني؟
– لقد اطلعت على أحوال بعض الأسر السورية الموجودة في بعض المخيمات داخل مدينة أنطاكية، وهي منطقة حدودية تركية، وحتى في الداخل، مع الأسف ظروفهم مزرية. المشكلة هي أن المجتمع الدولي يتصارع في سوريا. داخل المعركة، هناك أطراف تدعم أطرافا بعينها، فـ«الإخوان» يدعمون «الإخوان» فقط، والسلفيون تدعمهم جهات سلفية. كل واحد يدعم من يمثله، ليس الهدف الإطاحة بنظام الأسد، بل كل شخص يريد أن يفرض أجندته.
* وماذا اقترحت عليهم؟
– والله، أعطيناهم النصيحة. إن من يفكر في الإطاحة بالنظام الذي يواصل على مدى عامين إراقة دماء السوريين ويحرق فيهم، عليهم أن يتفقوا أولا فيما بينهم على الأهداف. ولكن الحرب بيد الدول الداعمة، إذا وقفت هذه الدول وقفة جدية ودعمت كل الأطراف وليس طرفا على حساب الأطراف الأخرى. خذ على سبيل المثال، نحن في ليبيا، الدولة الليبية دعمت بمبلغ 100 مليون دولار، لم نجد منها أي شيء على الأرض في سوريا، ربما مبالغ صغيرة، الجماعة من الممكن أن يكونوا تاجروا بها، لقد جمعنا أدوية وأسلحة لم تصلا، والأسلحة على حد علمي استلمتها قطر على أساس أن تنقلها إلى تركيا، والله أعلم هل ذهبت إلى قطر، أم إلى بعض التشكيلات التي تدعم فيها.
* هل التقيت القادة الميدانيين؟
– نعم، التقيت مجموعة من قادة الثوار، من بينهم مالك الكردي نائب قائد «الجيش الحر».
* وما انطباعاتك عن من يقاتلوا ضد الجيش السوري النظامي؟
– لم أعد أعرف من داخل هذه التشكيلات، إذا حضر ناكر مثلا داعما ينضمون إليه، وإذا حضر في اليوم التالي من يدعمهم سينضمون إليه، ليست لديهم قيادة موحدة، هم مشتتون، وهذا ما أراه سبب ضعفهم وسبب عدم انتصارهم على آلة الحرب التي يملكها نظام الأسد.
* هل الحكومة الليبية على علم بهذه الزيارة؟
– لا، ليس لها علاقة بالحكومة، أنا رئيس حزب «القمة»، وهو حزب سياسي ليبي دشناه مؤخرا، وعندما رأينا أن الوضع في سوريا بات مزريا، اضطررنا إلى دعم أهلنا وأشقائنا في سوريا، وهذا واجبنا، وحتى في السابق كنا ندعمهم بشكل غير معلن، لكن الآن سقطت ورقة التوت، نحن كليبيين نريد مناصرة إخواننا السوريين بأي شكل، لأننا مررنا بالمرار نفسه الذي يمرون به، مررنا بالتجارب نفسها وتجارب شبيهة بها مع نظام القذافي، ونتمنى أن تتعاون وتتضافر كل الجهود مع أشقائنا السوريين للقضاء على هذا النظام الفاسد.
* وفي أي صف أنت الآن؟
– نحن لا ندعم طائفة أو جهة على حساب جهة أخرى، نحن ندعم لإنهاء المأساة السورية ولإنهاء قتل الأطفال والمجازر.
* في تقديرك، هل ستطول الحرب؟
– النصر من عند الله، الحرب ستطول لأن هناك إرباكا واضحا في قيادة المعارضة السورية وعدم ترابط، فالسياسيون في واد والثوار في واد، بالإضافة إلى أن المقاتلين أنفسهم فيما بينهم في واد آخر، أنا حاولت تجميع عدد كبير من قيادات الثوار فيما بينهم.
* تعني أنك سعيت للوساطة فيما بينهم؟
– نعم، على أساس إزالة كل الخلافات، وأن يجعلوا سوريا الوطن هي الأساس وإزالة النظام الفاسد، وبعدها يرون من يضعونه رئيسا أو من يسيرهم، هم يقولون إن الائتلاف الوطني لا يمثلنا، وأنه مجلس قادم من الخارج، وهناك من يقول إنه يتبع «الإخوان»، هناك صراع، ثم الاتفاق مع الدول القوية الداعمة بالمال والسلاح… إلى ذلك.
أنا أدعو القادة الميدانيين إلى الاتحاد وأن يجعلوا الوطن هو الأساس وشغلهم الشاغل لإزاحة النظام، وبعدها يدخلون في متاهات السياسة، بدلا من الحاصل الآن، إذ انشغلوا بمتاهات السياسة.
* ماذا عن الدعم الخارجي كما تراه؟
– بالنسبة للدول العربية، عليها أن تستحي حكوماتها أو حكامها لدعم السوريين من دون دعاية أو مبالغة، ثمة حاجة ماسة وملحة إلى وجود دعم حقيقي على الأرض.
* ثمة حديث عن تورط «القاعدة» في القتال؟
– لا، هناك من يقول لا فيه قاعدة ولا شيء، تماما مثل ما لدينا في ليبيا، إطالة اللحى هي الموضة.
* وكيف ترى الدور الأميركي؟
– بالنسبة لأميركا، تقدم مساعدات لأشخاص معينين، طلبنا منهم وضع خطة عمل وتحديد الأسماء وعمل كشف بمن يتسلم السلاح، لأننا نعلم اختلاف الحاجات من جبهة لأخرى، هناك مجموعات كثيرة غير منظمة ولا مرتبة، بسبب السياسيين الذين في الخارج، كما حدث عندنا الفوضى لدينا نتيجة هؤلاء، هم لا يفهمون ماذا تريد الشعوب، وحسبما علمت غدا (اليوم) لديهم اجتماعات هنا في إسطنبول، وأرى هذه الاجتماعات غير ذات جدوى.
* لماذا ترى ذلك؟
– النظام السوري يذبح السوريين، والجانب الآخر يتباطأ، هل لنية في نفس يعقوب، أم الأمور الدولية وكما تعلم فالمطبخ الدولي لا نعرف ماذا يريد.
* والحل في تقديرك؟
– نحن مستعدون لإقناع مجموعات كبيرة، بحكم علاقتي مع الإخوة في سوريا الذين يحاربون النظام، ونحقن دماء السوريين، لم يعد للصلح مكان مع بشار، وأنصحه بالتنحي لأن إرادة الشعب السوري في النهاية ستنتصر، عاجلا أو آجلا، حتى لو منعوا عنهم كل شيء، رأيت مقاتلين مستعدين للموت، ورأيت في المقابل آخرين يتاجرون بالقضية بكل أسف.
*وكيف ترى دور المجتمع الدولي؟
– ليت المجتمع الدولي يتوقف عن اجتماعاته من أجل سوريا، على مدى عامين نرى مؤتمرات ومهاترات والدم السوري ينزف في مجازر، لقد كنت هناك ورأيت القوات السورية النظامية تقتحم قرية على طريقة حروب الإبادة.
* لكنك لم تقترح حلا؟
– تنحية النظام بأي حل هو ما ندعمه لمنع إراقة الدماء من الطرفين فكلهم سوريون، لا نريد التدخل في الجانب السياسي، نحن ننصر إخواننا فقط.
* وماذا عن الموقف التركي؟
– دعني أستغل هذه الفرصة لكي أسجل تقديرنا لمساعدة تركيا لنا، ليبيا في السابق وسوريا الآن، الدور الذي يقوم به رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مهم للغاية في إطار دعم المعارضة السورية ومن يقاتلون ضد جيش بشار ونظامه.