التلوث يفتك بالشاطئ اللبناني
بيروت ـ ديانا الزين
رغم المحاولات العديدة التي تقوم بها جمعيات أهلية غير رسمية وناشطون بيئيون، يبقى الشاطئ اللبناني أسير التلوث والأوساخ التي تفتك به جراء عوامل عديدة، أهمها غياب الدولة التام عن مسؤولياتها تجاه البيئة والمرافق الحيوية والطبيعية، وعدم مبالاة المواطن الذي بات يحتاج الى برامج تربوية متكاملة تعيد تأهيله على مستوى كيفية التعاطي مع البيئة والطبيعة وأهمية مصادقتها.
لعل بعض المحاولات الخجولة من التنظيف والتي يشهدها الشاطئ اللبناني بين وقت وآخر، تذكّر المواطن ولو بجزء من مسؤولياته تجاه هذه الثروة الطبيعية التي يتمتع بها لبنان، وانعكاس نظافتها او تلوثها على الحياة البحرية إما إِحياءً او تدميراً.
وربما كانت حملة الشاطئ الأزرق التي كان لها نشاط منذ ايام قليلة، أحد هذه الشموع التي نضيئها بدلاً من لعن الظلام. فمن عكار إلى البداوي في الشمال نزولاً إلى جونية وانطلياس، مروراً بالعاصمة بيروت امتداداً نحو الجنوب باستثناء المناطق القريبة من الحدود مع فلسطين المحتلة، تمتد حملة الشاطئ الأزرق في كل عام تحت شعار: المواطنية الحقة تتمثل بشاطئ نظيف”.
ورغم الغياب الرسمي الواضح عن معظم قطاعات الحياة في لبنان، تبقى هناك مشاركات خجولة تعمل بدعم حكومات ومنظمات غربية. وهذا العام كانت الحملة بحضور مثل عن الرئيس ميشال سليمان ووزارة الشباب والرياضة، وبدعم من ثمان وزارات، منها وزارة البيئة التي قدّمت أكياساً بيئية تتحلل مع الوقت من غير أن تؤذي الطبيعة.
لعل المثل الرائد على ضرورة الاهتمام بالشاطئ أحد الناشطين الذي تعرض لاصابة منذ كان في السادسة من عمره في البحر. مايك الذي شارك في الحملة رغم اعاقته الجسدية البالغة وسيره على عكازين نتيجة إصابته القديمة، يقول لـ “برس نت”من أجل لبنان الأخضر والأزرق شاركنا بتنظيف الشاطئ اللبناني، والمبدأ هو المحافظة على الهوية اللبنانية. نريد إحياء الأرزة ونعيد لبنان لكل مواطنيه من خلال ثقافة الشاطئ”.
مزين صباغ ورغم اعاقتها الجسدية، لم تمتنع عن المشاركة في تنظيف الشاطئ فانضمت للحملة من أجل أن “خدمة المجتمع اللبناني”، مشددة على ضرورة نشر هذه البرامج لدى طلاب الجامعات.
اما سفيرة سويسرا لدى لبنان، روث فلينت، فتحدثت عن مشاركتها في الحملة لـ “برس نت”، قائلة “إني أشارك مع الحملة منذ سنتين. الهدف من الحملة هو الوصول الى طريقة عيش يومي، كعدم رمي القذارة من السيارة مثلاً والحفاظ على الصحة العامة”.
من جهته يقول نائب رئيس جمعية حماية الشاطئ حسام شمس الدين، “إن هذا النشاط هو توعية في الدرجة الأولى، فالطبيعة تستجيب لك عندما تحسنها. البحر معطاء أكثر من الإنسان. نريد أن نؤثر على نوعية تعاطينا اليومي مع البيئة والطبيعة, وذلك يبدأ في البيت، ثم المدرسة، ثم في وسائل الإعلام، انتهاءً بالمجتمع. فالتربية والتعليم يبدآن في الصغر هما كالنقش في الحجر. عملية مستمرة الى أن تصبح ثقافة مجتمع”.
أما المنسق العام للنشاطات الشبابية، نزيه الريس, فيوضح لـ “برس نت” أن الحملة “ابتدأت سنة 1997 نتيجة التلوث في البحر، حيث قرر بعض المهتمين تأسيس الجمعية وبدء الحملة. كان هناك خوف من انقراض الثروة البحرية من حيوانات ونباتات. وقد شارك في بداية التحرك أربعون ألف شخص، إضافة الى وزارات عديدة”.
يضيف الريس أنه “بسبب نجاح الحملة، تحولت من حملة نظافة الى ثقافة للتوعية. فالساحل اللبناني يمتد على مساحة 220 كيلومتر، وهو سياحي بامتياز”، مشيراً الى أن الانجازات التي حققوها هي للفت نظر المجتمع من مسؤولين ومواطنين الى أهمية المحافظة على الشواطيء.
وفي رأي مدرّس المسرح علي عمر علي، أن أهداف مشاركة التلامذة هو المساعدة على خدمة المجتمع، وتلبية للبرنامج الذي أطلقته وزارة التربية، وهي انه على التلامذة خدمة مجتمعهم”.
اما استاذ الجغرافيا، منير فقيه، فيرى أن “الهدف هو التغيير على الصعيد الثقافي والإجتماعي. إضافة الى الاحتكاك بالآخر، فعلى الشاطيء,الجميع سواسية”.
وترى مفوضة تنمية المجتمع في كشافة المهدي، بتول نور الدين، أن الهدف بيئي أولاً، والهدف الثاني هو اشعار الكشفي باهمية المحافظة على النظافة البيئية, وبالتالي المحافظة على نظافة الأماكن العامة.”
لكن الهدف بنظررئيسة الجمعية، عفت ادريس، “بسيط جداً وهو إزالة القذارة لكي لا تقتل الثروة البحرية. فشواطيء بيروت بالأجمال اصبحت نظيفة, وقد وصلنا الى ما يسمى “مشروع المواطن الأزرق” بمساعدة ومجهود المهندس عبد الحفيظ القيسي. وقد ربحت الحملة إحدى الجوائز الأولى في دبي بقيمة ثلاثين الف دولار أميركي.
وتعتبر إدريس أن “على المواطن أن يبدأ بمحاسبة نفسه قبل مساءلة الدولة”. لأن المواطن هو من يتعامل مع البيئة التي يعيش فيها بشكل يومي ويستفيد منها، وبالتالي عليه تُلقى مسؤولية الحفاظ على مجتمعه ووطنه مثلما يحافظ على بيته.