الرئيسية » خاص «برس - نت» »

عرسال والقصير: أهلُ أرض شرّعوا صدورهم للموت

120127610عرسال ــ شهيرة سلّوم (خاص)
بين القصير وعرسال، يتنشر مقاتلون ونازحون سوريين بالآلاف، اضطروا مرغمين على ترك أرضهم ورزقهم بسبب القتال. هؤلاء يدركون موازين القوة في المعارك الدائرة اليوم في بلداتهم. ويُدركون أنّهم وأقرانهم يواجهون مقاتلين شرسين من الجيش السوري وحزب الله. مع ذلك، تراهم يبتسمون للموت المقبل؛ أقلّه يموتون مدركين أنّهم أهل حق.
عشية الهجوم على مدينة القصير عند ساعات الظهيرة. يتقدّم عبدالسلام (من مواليد 1992) بخطى بطيئة على عكّازه لمصافحة زواره، وغالبيتهم من نساء عرسال. أتوا للزيارة والسؤال عن أحوال اللاجئين السوريين. عبدالسلام وصل الى المنطقة قبل أسبوع تقريباً إثر إصابته في رجله خلال معركة بين فرقته التابعة لكتائب الفاروق، والقوات النظامية المدعومة بعناصر حزب الله.
كان محمد جندياً في اللواء 38 بالجيش السوري النظامي في قاسيون. لكن مع تقدّم الثورة وتحولها الى مسلّحة، وانخراط شقيقه الأكبر فيها، قرّر الالتحاق بها. ولما كان الجيش النظامي يحتاط جيداً لعمليات الانشقاق، من خلال سحب كل الأوراق الثبوتية من المجنّدين عند منحهم الإجازات (التي لم تكن تتعدّى الستة أيام في السنة)، طلب مساعدة أهله؛ فأرسلوا له أحد المجنّدين في الجيش، حيث نجح في استصدار ورقة إجازة، ثم تهريبه.
الابتسامة لا تفارق وجه عبدالسلام، وهو يسرد اخبار المعارك. رغم علمه أنه مقبل على الموت، خصوصاً بعد سيطرة القوات النظامية ومعها عناصر حزب الله على مناطق ريف القصير. شابٌ بسيط، لم يعد يحلم بأن يحصل على مهنة أو يتزوج أو يُنجب. كلُ همّه أن يتعافى للعودة الى المعركة، وكأنّه يستعجل الموت. «أخي استشهد، وصهري كذلك. وأخي الآخر معتقل في صيدنايا ومعه صهر آخر لي». لكن مع كل هذا الموت؛ قتلى سوريا تجاوزوا التسعين ألفاً، الا يستحق وقف العنف أي تضحية. يقول إنه لا عودة الى الوراء. لا نملك سوى الأسلحة الخفيفة، في مواجهة طيران وصواريخ ومقاتلين عقائديين، لكن ان كان الموت قدرنا، فليكُن. «لقد استسلمنا لك يا موت».
الى جانب محمد تجلس شقيقته، «زوجة الشيخ إدريس الذي استُشهد قبل عام تقريباً». الشيخ إدريس كان من أوائل الداعين الى التظاهر. شُنّت عليه حملة شرسة، واتُهم بأنّه تكفيري وينتمي الى تنظيم «القاعدة»، بحسب ما تروي الزوجة. وحين بدأت مداهمات القصير، كان منزله أول ما جرى تفتيشه وتكسير محتوياته وإرهاب أهله.
قُتل الشيخ إدريس، وتسلّم زمام الأمور مكانه أخوه مصعب. ترك الشيخ وراءه مجنّدين كُثر، وأرملة وطفلتين صغيرتين. تنصت زوجة الشيخ المنقّبة الى شقيقها وهو يتحدث عن الثورة، ونظرها يتنقل بخجل، قبل أن تشعّ عيناها بابتسامة خجولة، حين يقول مازحاً وساخراً في الوقت عينه إنّ «أخصامنا في المعركة يهتفون يا حُسين ويهاجموننا. فيما نضع نحن الألغام كي نوقف تقدّم دبابات الجيش النظامي ونهتف يا الله؛ لكن لا اللغم ينفجر، ولا الله يعيننا عليهم، لا شكّ أنّه الحُسين!». حديث عبدالسلام يُثير الفضول؛ وتروح تبحث، بشكل عفوي، بين تفاصيله وفي انفعالاته، عن الفزّاعة السلفية.
ورغم أنّ الكتيبة التي ينتمي اليها، إسلامية، لكنّها تابعة للجيش السوري الحرّ. وعن عناصر جبهة النصرة، يقول إنهم قلّة، ولا يختلطون بأحد. أما التنسيق بين الحر والجبهة، فيكون عبر قادة الكتائب. لا ينفي وقوع انتهاكات كثيرة في الحرب «ماذا تتوقع من شعب تُرك لمصيره يُذبح. في حرب كالتي نعيشها، حيث تُركنا بلا أي دعم، طبيعي أن ينشط تجار الموت».
مع أنّ عبدالسلام يشير في حديثه عن القتال الى «قوات نظامية ومقاتلين شيعة»، فانّه يؤكّد وجود «ثورجيين» من مختلف الطوائف. عن المسيحيين، يقول إنّهم قدّموا الدعم الى المعارضين من خلال مدّهم بالأدوية وقطع غيار السيارات؛ والإمدادات هذه كانت تصل عبر تهريبها في خزانات أُعدّت خصيصاً لهذه الغاية داخل السيارات. لكن دعمهم هذا كان يتبدّل؛ فان تقدّم النظام لجموه، وان تراجع، بسطوه.
ولا ينسى «أحد الثوار العلويين»، أمجد، الذي قُتل العام الماضي. كان قنّاصاً من طرطوس في الجيش السوري. طلب منه الضابط أن يعمل على «نبض القلب»، بمعنى أن يطلق النار على كل ما يتحرك. ولهذا كان يُقتل العديد من القطط في فترة من الفترات. لكن أمجد كان يغض النظر ويرفض الأوامر العسكرية؛ فجرى تحويله الى المحاكمة. لكنه طلب فرصة ثانية ومهلة للتأقلم مع الأوامر. ولمّا كان علويٌ، استُجيب له، غير أنّه انشق بعد يومين.
وبما أنّه علوي أيضاً، «كان موضع مراقبة داخل كتيبة الثوار». كان عليه أن يقاتل على جبهتين: جبهة النظام وجبهة إثبات صدقه. وكثيراً ما كان يشكّك البعض في ولائه، «لكنّه كان يتقدّمنا على الجبهة، ويرمي بنفسه على القتال، وكأنّه يريد أن يثبت للجميع إقدامه وصدقه واندفاعه»، الى أن مات في إحدى معارك بابا عمرو.
معارك كرّ وفرّ خاضوها على مدى أشهر في مناطق ريف القصير. يؤكّد أنهم بقيوا 6 أشهر دون أن يصلهم أي دعم، فكان لا بد من الاغتنام. كانوا يهاجمون الكتائب ويستولون على ذخيرتها. في آبل صمدوا 16 يوماً. قُتل العشرات من الطرفين، لكنهم عادوا وتراجعوا، فاستولى على البلدة النظام. يثق عبدالسلام أن قوات النظام لا ترتكب المجازر بحق المدنيين، لأن الجيش يريد الحفاظ على صورته أمام جنوده، والا انشقوا. الجيش يقوم بالتمشيط من خلال الدبابات وتأمين الغطاء الجوي، فيما تتولى القوات الداعمة له من حزب الله وغيرها ما يسمونه بعملية «التطهير والتنظيف». في بعض البلدات، قاموا بـ«تطهير» منازل المدنيين منزلاً منزل، عبر حرقه بالكامل.
«لم يُسلّم الثوار بسهولة. قاتلوا حتى الرمق الأخير»، يقول. في كمام والسلومية، صمدت مقاومتهم لأكثر من 5 أيام. لكن كان لديهم نقطة ضعف في المنطقة الشرقية، نجحت القوات النظامية في النفاذ إليها. وكان عبدالسلام آخر من غادر من منفذ الحسينية، الذي ظلّ مفتوحاً لنقل الجرحى، الى أن سدّه النظام.
ليس بعيداً عن مكان عبدالسلام وشقيقته، يمكث بضعة رجال في منزل قديم. يتنقل هؤلاء بين القصير وجرود عرسال. مهمتهم إمداد «الثوار» بالسلاح وإمكانيات البقاء والصمود. فيما يملأ النازحون كل الأمكنة. تراهم يصطفون أمام مركز لتوزيع المساعدات. هناك امرآتان تتفحصان «كرتونة» المعونة، وطفلة تُمسك أمّها من طرف ردائها. وهنا قبو منزل لا تتجاوز مساحته 100 متر مربع، يحضن 7 عائلات، وينام فيه ليلاً 28 شخصاً. وهناك، رب أسرة فتح أبواب منزله لأسرة نازحة، وآخر تذمّر من تضاعف مصاريفه.
يصرخ ابو ابراهيم، وهو يقف على سطح قيد التشييد، «أنا والد شهيد». يستأذن معلّمه ويُسرع ليُفرغ ما في صدره من حمل ثقيل. رجل تجاوز الخمسة والستين. يحمل في يد مطرقة وفي أخرى مسامير لتثبيتها على الخشب. عجوزٌ نحيف لكن بنيته صلبة. الشمس لوّنت بشرته ولون عينيه ضاع من الهمّ والبكاء. يجلس تحت شجرة الجوز، احتماء من أشعة شمس الظهيرة الحادة، برفقة مجموعة من عاملي البناء.
غادر ابو ابراهيم منطقة الضبعة بضواحي القصير قبل 10 أيام، بعدما شيّع ابنه وليد الذي لا يتجاوز الـ 17 عاماً، وتُوفي خلال القتال في صفوف الجيش الحرّ. يرنّ الهاتف في الجلسة، فيجيب ابنه ابراهيم (27 عاماً)، الذي بقي يقاتل الى جانب شقيقه خالد (19 عاماً) في البلدة. يسأله عن الأحوال ويوصيه أن يأخذ حذره ويرعى شقيقه.
رجلُ هرم خسر ابنه، وفي كل لحظة ينتظر أن «يزفّ ولديه الآخرين شهيدين»، كما يقول. ولده ينقل له اخبار المعارك كل يوم منذ أتى بلدة عرسال، ويُخبره أن «الثوار يخسرون المعركة وقوات النظام، المدعومة من قوات حزب الله، تتقدّم»، ومع ذلك يتمسّك بالأمل. ويقول «لا تسألوا انساناً خسر كل شيء لماذا يقاتل ولا يستسلم، أنها معركة موت أو حياة، وان سلّمنا العالم كلّه، وتُركنا لمواجهة الموت وحدنا دون أي دعم، فالأفضل أن نموت بكرامتنا».
بين كل جملة وجملة غصّة. يقول «بدي اعمل فدائي وأثأر لأولادي». يرفض قطعاً الإشارة الى وجود متطرّفين في صفوف الثوار، «ما يحصل هو مقاومة شعبية. لكن تجار الحرب يشوهون صورة الثورة». هو لا يتحدّث عن ابناءه وصيرورة المعارك التي شهد بعضها فقط، بل يصرّ عند أي سؤال على العودة لتكرار أسباب اندلاع الثورة. ويؤكّد أن القصير وضواحيها كانت أول من تحرّك ضدّ النظام. يروي عن الفساد الذي نخر النظام من أصغر عنصر الى أكبره؛ عن المعاملة القاسية والإهانات التي كان يتعرّض لها الأهالي، «اذا كنا نريد تخليص معاملة لبناء منزل، كان علينا أن ندفع رشوة». ويضيف «محافظ حمص كان لديه صندوق للشكوى، وتصور أنه كان عليك أن تضع مبلغاً من المال فيه كي تقدّم الشكوى». وكأنّه في التأكيد على تلك الحجج، يريد أن يذكّر من نسي أو تناسى أنّه نمت في احشاء بلدات سوريا ومدنها ومحافظاتها على مدى 40 عاماً بذور ثورات وليس ثورة.
يسرد حكاية أخرى عن قرار أصدره مرّة محافظ حمص حول التدخين، فرفع لافتة كتب عليها «ممنوع التدخين». وفي أحد المرّات، جمع عناصره، وأشعل سيجارته، وطلب منهم أن يشاركوه التدخين، ثم اتصل بمندوب «الريجيه» كي يأتي ويُغرّمهم كل واحد 2000 ليرة سوري، وطبعاً عاد وضمّ الغرامات الى جيبه.
بحسب أبو ابراهيم، فانّ غالبية سكان القرى المحيطة بالقصير نزحوا ولم يبق سوى المقاتلين. وقبل يوم من الهجوم على القصير، كان النظام يسيطر على مناطق عديدة من ريف القصير السورية، وبصحبته عناصر حزب الله.
يقدّر المقاتلون من المعارضة، على ذمّة الرواة، بـ 5 آلاف، غالبيتهم من أهل الأرض، مسلّحون بما تيسر لهم وغنموه. في مقابل، جنود وآليات وطائرات النظام، المدعومة بآلاف العناصر من قوات حزب الله، التي تلقت أفضل التدريبات على يد خبراء إيرانيين وروس لسنوات. وهزموا اعتى جيوش المنطقة في يوم من الأيام، لكن حين كانوا أهل أرض ومقاومين. الأوّلون هم اليوم أهل الأرض.

اقرأ للكاتب نفس:

    تعليق واحد

    1. Nabil:

      Propaganda.. La aktar wala akal…

      تاريخ نشر التعليق: 2013/05/26

    اُكتب تعليقك (Your comment):

    صحافة اسرائيل

    إعلان

    خاص «برس - نت»

    صفحة رأي

    مدونات الكتاب

    آخر التعليقات

      أخبار بووم على الفيسبوك

      تابعنا على تويتر

      Translate »
      We use cookies to personalise content and ads, to provide social media features and to analyse our traffic. We also share information about your use of our site with our social media, advertising and analytics partners.
      Cookies settings
      Accept
      Privacy & Cookie policy
      Privacy & Cookies policy
      Cookie name Active

      Privacy Policy

      What information do we collect?

      We collect information from you when you register on our site or place an order. When ordering or registering on our site, as appropriate, you may be asked to enter your: name, e-mail address or mailing address.

      What do we use your information for?

      Any of the information we collect from you may be used in one of the following ways: To personalize your experience (your information helps us to better respond to your individual needs) To improve our website (we continually strive to improve our website offerings based on the information and feedback we receive from you) To improve customer service (your information helps us to more effectively respond to your customer service requests and support needs) To process transactions Your information, whether public or private, will not be sold, exchanged, transferred, or given to any other company for any reason whatsoever, without your consent, other than for the express purpose of delivering the purchased product or service requested. To administer a contest, promotion, survey or other site feature To send periodic emails The email address you provide for order processing, will only be used to send you information and updates pertaining to your order.

      How do we protect your information?

      We implement a variety of security measures to maintain the safety of your personal information when you place an order or enter, submit, or access your personal information. We offer the use of a secure server. All supplied sensitive/credit information is transmitted via Secure Socket Layer (SSL) technology and then encrypted into our Payment gateway providers database only to be accessible by those authorized with special access rights to such systems, and are required to?keep the information confidential. After a transaction, your private information (credit cards, social security numbers, financials, etc.) will not be kept on file for more than 60 days.

      Do we use cookies?

      Yes (Cookies are small files that a site or its service provider transfers to your computers hard drive through your Web browser (if you allow) that enables the sites or service providers systems to recognize your browser and capture and remember certain information We use cookies to help us remember and process the items in your shopping cart, understand and save your preferences for future visits, keep track of advertisements and compile aggregate data about site traffic and site interaction so that we can offer better site experiences and tools in the future. We may contract with third-party service providers to assist us in better understanding our site visitors. These service providers are not permitted to use the information collected on our behalf except to help us conduct and improve our business. If you prefer, you can choose to have your computer warn you each time a cookie is being sent, or you can choose to turn off all cookies via your browser settings. Like most websites, if you turn your cookies off, some of our services may not function properly. However, you can still place orders by contacting customer service. Google Analytics We use Google Analytics on our sites for anonymous reporting of site usage and for advertising on the site. If you would like to opt-out of Google Analytics monitoring your behaviour on our sites please use this link (https://tools.google.com/dlpage/gaoptout/)

      Do we disclose any information to outside parties?

      We do not sell, trade, or otherwise transfer to outside parties your personally identifiable information. This does not include trusted third parties who assist us in operating our website, conducting our business, or servicing you, so long as those parties agree to keep this information confidential. We may also release your information when we believe release is appropriate to comply with the law, enforce our site policies, or protect ours or others rights, property, or safety. However, non-personally identifiable visitor information may be provided to other parties for marketing, advertising, or other uses.

      Registration

      The minimum information we need to register you is your name, email address and a password. We will ask you more questions for different services, including sales promotions. Unless we say otherwise, you have to answer all the registration questions. We may also ask some other, voluntary questions during registration for certain services (for example, professional networks) so we can gain a clearer understanding of who you are. This also allows us to personalise services for you. To assist us in our marketing, in addition to the data that you provide to us if you register, we may also obtain data from trusted third parties to help us understand what you might be interested in. This ‘profiling’ information is produced from a variety of sources, including publicly available data (such as the electoral roll) or from sources such as surveys and polls where you have given your permission for your data to be shared. You can choose not to have such data shared with the Guardian from these sources by logging into your account and changing the settings in the privacy section. After you have registered, and with your permission, we may send you emails we think may interest you. Newsletters may be personalised based on what you have been reading on theguardian.com. At any time you can decide not to receive these emails and will be able to ‘unsubscribe’. Logging in using social networking credentials If you log-in to our sites using a Facebook log-in, you are granting permission to Facebook to share your user details with us. This will include your name, email address, date of birth and location which will then be used to form a Guardian identity. You can also use your picture from Facebook as part of your profile. This will also allow us and Facebook to share your, networks, user ID and any other information you choose to share according to your Facebook account settings. If you remove the Guardian app from your Facebook settings, we will no longer have access to this information. If you log-in to our sites using a Google log-in, you grant permission to Google to share your user details with us. This will include your name, email address, date of birth, sex and location which we will then use to form a Guardian identity. You may use your picture from Google as part of your profile. This also allows us to share your networks, user ID and any other information you choose to share according to your Google account settings. If you remove the Guardian from your Google settings, we will no longer have access to this information. If you log-in to our sites using a twitter log-in, we receive your avatar (the small picture that appears next to your tweets) and twitter username.

      Children’s Online Privacy Protection Act Compliance

      We are in compliance with the requirements of COPPA (Childrens Online Privacy Protection Act), we do not collect any information from anyone under 13 years of age. Our website, products and services are all directed to people who are at least 13 years old or older.

      Updating your personal information

      We offer a ‘My details’ page (also known as Dashboard), where you can update your personal information at any time, and change your marketing preferences. You can get to this page from most pages on the site – simply click on the ‘My details’ link at the top of the screen when you are signed in.

      Online Privacy Policy Only

      This online privacy policy applies only to information collected through our website and not to information collected offline.

      Your Consent

      By using our site, you consent to our privacy policy.

      Changes to our Privacy Policy

      If we decide to change our privacy policy, we will post those changes on this page.
      Save settings
      Cookies settings