كامل تفاصيل اتفاق لافروف وكيري (خاص)
باريس – بسّام الطيارة
«لقاء باريس الثنائى» بين سيرغي لافروف وجون كيري والذي أعقبته وليمة عشاء جمعت وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس «من دون أي مترجم أو مستشار لأي من الوزراء الثلاثة»و كان محور سؤال وجواب في مؤتمر الناطق الرسمي لوزارة الخارجية «فيليب لاليو». ورغم أن أحداً لم يحضر الاجتماع إلا أن الناطق الرسمي اعتمد على «بريفينغ الصباح» أي جلسة نقل «مضمون ما دار حول مائدة العشاء» ليجيب.
الإجابة كانت كما يلي: «المقبلات كانت غير شهية، الصحن الأساسي كان لذيذاً بينما الديسير (التحلية) كانت غير مقنعة». في الواقع واستناداً إلى المعلومات التي حصلت عليها «برس نت» من تقاطع مصادر عدة مقربة من الوزراء الثلاثة فإن ما قاله لاليو هو «صحيح مئة في المئة ويعكس واقعاً بارداً لهذا هذا اللقاء».
ما قصده لاليو ب«المقبلات » هو أن الفرنسيين لم يكونوا راضين عن حصول اللقاء الثنائي في عاصمتهم من دون حضور وزيرهم. أما الصحن الأساسي الذي كان لذيذاً ذلك أن العشاء سمح للوزير بالاستماع لما «تتطرق له القطبين» أي أجندة التحضيرات لجنيف ٢ . أما التحلية فكانت غير مقنعة لأنها أبرزت نتائج اللقاء الثنائي الذي تحمل توافقاً أميركياً روسياً لا يأخذ بعين الاعتبار ما تسعى له باريس.
وحسب ما وصل لـ«برس نت» من معلومات حول «ما دار حول طاولة العشاء» يمكن القول استناداً لمصادر عدة إنه بعد «تجاوز مسألة اللقاء الثنائي» (مقبلات) رحب الفرنسي بمبدأ الحل السياسي المطروح لجنيف ٢ على أساس «أنها تحمل ما سبق لباريس وطرحته» وبالتالي رحبت فرنسا باتفاق القطبين لأنه يحترم «روح جنيف ١» (الطبق الأساسي). أما التحلية فهي تفاصيل الأجندة حيث برز التباين بين الاتفاق الروسي الأميركي وبين ما تراه باريس مقبولاً :
١) بالنسبة للوفد المعارضة،
* ترى باريس ضرورة أن يكون «تحت عباءة الائتلاف» وأن يترأس الائتلاف الوفد، ولا بأس ببعض ككثي المعارضة من خارج الائتلاف، ويشدد مصدر فرنسي مطلع على أن «ليس لنا أن نحدد من هم المشاركون في وفد المعارضة».
* أما ما توافق عليه القطبان فهو التالي: يمثل المعارضة «وفدٌ» يمثل تحت تسمية «وفد المعارضة السورية» من دون رئاسة وفد. وقد اتفق كيري ولافروف على أن «من يحضر ويريد أن ينسحب ينسحب» من دون أن يؤثر على تركيبة الوفد. ثانيا استبعاد «معارضة النظام» (قدري جميل والجبهة الوطنية لانقاذ سوريا). وكشفت المصادر أن «وفد المعارضة سيكون فيه أسماء جديدة من المستقلين وخبرات سورية وعدد وافر من النساء»، إلى جانب ممثلي الائتلاف والتنسيقيات والعلمانيين وبالطبع ممثلين عن الجيش السوري الحر بشكل مستقل عن الائتلاف أي وفد سهيل ادريس.
وفي خلاصة هذه النقطة لا يعترض الفرنسيون على «تمثيل العسكر» لأنهم حسب المصدر «يمثلون شرعية على الأرض». ولكنهم يتهمون الروس بـ«محاولة تقسيم المعارضة» وحتى في بعض الأحيان «فرض بعض الشخصيات».
٢) بالنسبة للأجندة،
يبرز هنا «تراجع فرنسي بارز» جاء ليلاقي التقارب الروسي الأميركي بالنسبة لنقطتين أساسيتين: النقطة الأولى «دور الأسد» ويأتي ذلك في مقاربة كانت حتى فترة ماضية قريبة «مرفوضة»، وكان المطلوب فرنسياً «تأكيد استبعداد الأسد قبل بدء المفاوضات» فإذا اليوم الحديث على لسان مصدر مقرب هو «دور الأسد خلال المفاوضات».
النقطة الثانية هي شروط الذهاب إلى جنيف مرة ثانية، يقول الفرنسيون «لا بد من التقدم ولا يجب وضع شروط كثيرة أو تنازلات كثيرة» وبالتالي يأتي ذلك تبريراً لإزالة عدد من الشروط التي كانت «لازمة لا تفارق التصريحات الفرنسية».
٣) بالنسبة لوقف إطلاق النار،
ترى باريس بأن المعارك، وتحديداً «معارك مثل معارك القصير» لا تسمح بأن تكون هناك مفاوضات «هادئة ورصينة».
بينما يبدو أن التوافق الأميركي الروسي تجاوز مسألة وقف إطاق النار ليحاكي ما حصل في نهاية حرب فيتنام حين كان القتال مستعراً بينما المفاوضات قائمة في أوروبا.
بالطبع ترى باريس ومعها المعارضة أن هذه المقاربة تعطي «ميزة» للنظام لأنه يسجل نقاط على الأرض وتقدما في عدة محاور، يمكن أن تشكل وزناً على طاولة المفاوضات.
٤) بالنسبة لمسألة صلاحيات القيادات الأمنية والجيش، وهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بوقف إطلاق النار.
ترى باريس ومعها واشنطن بضرورة «نقل السلطات العسكرية إلى الحكومة الانتقالية» إلا أن موسكو ترى حسب مصدر مقرب بأن «السلطات العسكرية تدخل ضمن سلطات الرئيس وبالتالي بما أنه تم التوافق على ترك مسألة سلطات الأسد للمفاوضات فلا يجب كسر المعادلة». ويبدو أن واشنطن اقتنعت بتلك الجدلية إلا أنها تطلب من موسكو الضغط على النظام للحصول على «مبادرات كسب وبناء ثقة» بانتظار نتيجة المفاوضات، مثل سحب عدد من القطاعات العسكرية في مناطق بعيدة عن مناطق التماس وبعض التغييرات في الجهاز الأمني.
٥) بالنسبة لتسليح المعارضة … والنظام (اتفق الأوروبيون على رفع الحظر عن توريد الأسلحة مع الاتفاق على عدم تسليح المعارضة قبل أيلول /سبتمبر في منتصف ليل الاثنين للثلاثاء أي بعد أن انفض لقاء الوزراء الثلاثة).
ترى باريس ضرورة تسليح المعارضة لفرض «توازن على الأرض يسهل المفاوضات».
بالمقابل ترى موسكو أن تسليح المعارضة يعطي إشرارات سلبية للمتفاوشين وممثلي المعارضة ويمكن أن يصلب مواقفهم ويفشل المفاوضات. ودافعت عن توريدها «أسلحة دفاعية للنظام بموجب عقود قديمة سابقة». إلا أن واشنطن أشارت إلى «زيادة ثقة النظام السوري بسبب حصوله على الأسلحة الروسية والإيرانية» ما ينعكس «آلمزيد من العنف والدمار».
ويقول مصدر روسي بأن الروس وضع تحت بصر كيري خلال زيارته إى موسكو «تقارير تثبت أن فرنسا وإيطاليا واسبانيا وأوكرانيا وردت أسلحة على أساس أن مرسلة لليبيا ولمنها أرسلت إلى تركيا ومنها وصلت إلى المعارضة».
ويأتي القرار الأوروبي «ترضية لواشنطن وللمعارضة في نفس الوقت» فهو يعطي إشارة إيجابية للمعارضة يشحعها على الذهاب إلى جنيف ويشير إلى أن «أيلول هو الحد الزمني لانجاح الحل السياسي وإلا فإن أبواب التسليح ستفتح للمعارضة».
٦) بالنسبة للدول المدعوة للمشاركة
بالطبع كانت فرنسا حتى اسبوع تعارض بشدة مشاركة إيران في جنيف ٢ (أنظر «أخبار بووم» أنقر هنا) إلا أن باريس «سمعت» خلال مفاوضات واشنطن في ١٧ الشهر الجاري بأن نتيجة «أن دعوة إيران هي نتيجة للتوافق الأميركي الروسي» قررت أخذ المبادرة وأرسلت إلى طهران في نفس اليوم الذي اجتمع فيه الوزيرين في باريس وفداً ديبلوماسياً ترأسه «جان فرنسوا جيرو»، الذي بحث مع عدد من المسؤولين بوزارة الخارجية الإيرانية، في طهران، التطورات بالمنطقة بما فيها الأزمة السورية، كما ذكرت وكالة «فارس».
وهذا يدل إن لزم الأمر أن إيران التي تدعو لمؤتمر أصدقاء ليبيا والسند الأساسي في المنطقة للنظام السوري ستكون حول طاولة المؤتمر العتيد.
٧) بالنسبة لتاريخ الاجتماع،
لحقت باريس بما اتفق عليه الروسي والأميركي أي ضرورة أن «تنطلق المفاوضات قبل ١٧ حزيران» ويأتي تفسير من باريس ذلك بأنه من الضروري أي يسبق جنيف ٢ لقاء «مجموعة الـ٨» بشكل يسمح بتذليل العقبات، في حال بروزها، بين الزعماء الذين سيجتمعون في إيرلندا. بينما تري مصادر مقربة من الروس والأميركيين أن هذاالتاريخ ملائم ليس فقط لتذيل العقبات التي يمكن أن تبرز بل «لتجسيد روح الاتفاق بين بوتين وأوباما». وفي الواقع فإن في حساب العملاقين حسابان مختلفان فبالنسبة لواشنطن في حال لم تجر رياح جنيف ٢ باتجاه الحل السياسي يستطيع أوباما أن يحصل من بوتين على «رفع يد عن النظام السوري» والتوافق على حل يمر عبر الأمم المتحدة أي «البند السابع». بينما يرى الروس بأن في هذه الحالة يستطيع بوتين الحصول من الأميركيين عى ضمانات من أوباما لنفوذ موسكو في حال سقوط النظام، تعوض ما يمكن أن يحصل عليه في حال نجاح الحل السياسي.
٨) بالنسبة لمشاريع إعمار سوريا
ويبدو أن مسألة «ضمانات النفوذ ومصالح للدول المؤثرة» كانت وراء أفكار الوزراء الثلاثة ولكنها بقيت طي الكتمانو رغم زن الحديث عن «مشاريع إعادة إعمار سوريا» بدأت تطفو على سطح التداول الإعلامي وخلف الكواليس بموازاة الحديث عن «مستقبل سوريا».
وقد علمت «برس نت» أن منظمة الاسكوا تلعب دوراً طليعياً في وضع خطط إعادة الإعمار وأن عدة لقاءات قد تمت مؤخراً في بيروت تاولت مسائل إعادة الإعمار وأن «لقاءات وتواصل وتبادل آراء قائمة بين «أسامة قاضي وعبدالله الدردري أمين عام مجلس الوزراء السوري للشؤون الاقتصادية وحتى فيصل مقداد نائب وزير الخارجية السوري»، في حراك يبدو وكأنه تحضير لـ«مشروع حكومة انتقالية فاعلة»، حسب قول مصدر مقرب من الروس. وعندما نسأله عن دور لغسان هيتو؟ يجيب «انسوه لهيتو».