السعودية تطيح بقطر في دعم المعارضة بالسلاح (تحليل)
تفوقت السعودية على جارتها الصغيرة والطموح قطر لتفرض نفسها كقوة خارجية رئيسية داعمة للمعارضة السورية في خطوة قد تقلص من نفوذ متشددين إسلاميين تدعمهم قطر.
واحجمت حكومتا الرياض والدوحة عن التعليق غير أن عدة مصادر بارزة في المنطقة ابلغت رويترز أن الخلافات بين فصائل المعارضة السورية في اسطنبول في الاسبوع الماضي كانت إلى حد بعيد صراعا بين الدولتين الخليجيتين لبسط نفوذهما وكانت الغلبة للسعودية في نهاية المطاف.
وقال قائد عسكري بارز في صفوف المعارضة باحدى المحافظات الحدودية في الشمال حيث كانت قطر حتى هذه اللحظة أكبر مورد للأسلحة لمن بقاتلون ضد الرئيس السوري بشار الأسد “السعودية هي التي تهيمن على القضية السورية رسميا في الوقت الراهن”.
ويأمل العديد من قادة المعارضة السورية أن تكون هذه النتيجة سندا لهم سواء على صعيد المفاوضات أو في ميدان القتال في حين تعوق بعض المتشددين الإسلاميين المناهضين للغرب في صفوف المعارضة ممن يقولون إن قطر تمدهم بالسلاح.
وقالت مصادر إن حالة الغضب – التي اعقبت اخفاق جماعة إسلامية تدعمها قطر في معركة في ابريل نيسان ما افضى لسيطرة القوات الحكومية السورية على طريق سريع مهم – عززت من موقف السعودية في حين اتت محاولة قطر وإسلاميين السيطرة على تكتل سياسي للمعارضة بنتائج عكسية واغضبت الرياض وقوى غربية.
وصرح القائد العسكري بعد مشاركته شخصيا في أحد الاجتماعات “التقى سعوديون مع قادة الجيش الحر ومن بينهم ضباط بالمجلس العسكري في الاردن وتركيا ووافقوا على دعم المعارضة.”
ويتولي الامير سلمان بن سلطان المسؤول الامني البارز في السعودية مسؤولية العلاقات مع المعارضة السورية ويدعمه شقيقه الاكبر بندر بن سلطان رئيس المخابرات العامة.
وقدمت قطر تنازلات على الصعيد السياسي وقبلت اخيرا في ساعة متأخرة يوم الخميس الماضي أن يضم الائتلاف الوطني السوري كتلة ليبرالية تدعمها السعودية.
وقال مصدر قريب من الليبراليين الذين سمح لهم بالانضمام للائتلاف الذي تريد الولايات المتحدة والحكومات الغربية أن يصبح حكومة انتقالية “في النهاية لم تشأ قطر في مواجهة مع السعودية وقبلت بضم اعضاء جدد.”
ولا تزال المعارضة – التي يمثل تفككها حجر عثرة أمام احراز تقدم سواء في ميدان القتال او في محاولات لعقد مؤتمر سلام دولي محتمل في الاسابيع المقبلة – تواجه مهمة شاقة للاطاحة بالأسد الذي يصف خصومه من الإسلاميين “بالارهابيين” إلى جانب وقوف حلفاء اقوياء في صفه لاسيما إيران وروسيا.
وأحجمت واشنطن وقوى غربية عن ارسال اسلحة ويرجع ذلك جزئيا لمخاوف من وصولها لايدي معارضين مناهضين للغرب بما في ذلك بعض المتحالفين مع تنظيم القاعدة.
غير أن فرنسا وبريطانيا اوقفتا هذا الأسبوع الحظر الذي يفرضه الاتحاد الاوروبي على امداد المعارضة بالاسلحة ويمكن للرقابة السعودية الأشد صرامة على قنوات الأمداد ان تيسر ارسال لندن وباريس أسلحة في حالة فشل محادثات السلام المزمعة.
وقال عدد من المصادر من القيادة السياسية والعسكرية للمعارضة السورية ومصدر سعودي – في معرض وصف التحول في دفة الرقابة على الصعيد العسكري – إن اي طرف سواء كان دولة او ثريا عربيا يريد تقديم تبرعات خاصة لمساندة المعارضة ينبعي ان يحصل على موافقة الاميرين السعوديين على ما يقدم من امدادات والطرف الذي يود ان يرسل إليه الأسلحة في سوريا.
ومن المتوقع ان تستمر المساعدات القطرية. ولكن تلاشى الفصل بين دائرة النفوذ القطري عند الحدود الشمالية مع تركيا ودائرة النفوذ السعودية في منطقة الحدود الجنوبية المتاخمة للأردن.
وقال مصدر سعودي بارز “الهدف أن تكون هناك فعالية وتجنب وصول الأسلحة للايدي الخطأ كما حدث من قبل. تشترك السعودية وقطر في الرغبة في تحقيق نفس الهدف ويريدان أن ينتهي حكم بشار ووضع حد لإراقة دم الشعب السوري الأعزل.”
والسعودية وقطر حليفان وثيقان في أكثر من جانب إذ تسلح الولايات المتحدة الدولتين وتجمعهما مصلحة مشتركة في تحجيم نفوذ إيران الشيعية غير العربية وحلفائها العرب في العراق ولبنان والعلويين في سوريا.
كما تريد كل من قطر والسعودية الحفاظ على سلطة الاسرتين الحاكمتين في البلدين واستمرار الطلب الغربي على موارد الطاقة الضخمة فيهما.
ولكن ثمة نقاط خلاف إيضا لاسيما فيما يخص دعم قطر للاخوان المسلمين والجماعات الإسلامية الاخرى التي ينظر إليها الغرب والرياض بريبة. وكما هو الحال في سوريا قدمت قطر دعما ماليا ضخما ومساعدات اخرى للإسلاميين الذين وصلوا لسدة الحكم في مصر وليبيا إثر انتفاضات الربيع العربي للمطالبة بالديمقراطية في 2011.
وتلقي تجربة السعودية السابقة بظلالها على نظرة الرياض للمعارضين الإسلاميين السوريين إذ ساندت المملكة المقاتلين العرب الذين تدفقوا على افغانستان في الثمانينات لمحاربة السوفيت هناك غير ان بعضهم عاد لدياره مثل المليونير السعودي الراحل اسامة بن لادن واشعل شرارة اعمال عنف بهدف الاطاحة بعائلة آل سعود الحاكمة في السعودية.
وقاد عاملان لنفاد صير السعودية والولايات المتحدة إزاء الدور القطري في سوريا الاول في ميدان القتال والثاني بين المعارضين السياسيين في المنفى.
ففي منتصف ابريل نيسان نجحت قوات الأسد في فك حصار تضربه المعارضة على قاعدة وادي الضيف العسكرية على الطريق المهم الذي يربط بين شمال البلاد وجنوبها بعد ان انسحبت كتيبة من القوات المقربة من قطر من الموقع وتركت بقية المقاتلين مكشوفين في مواجهة هجوم مضاد للقوات الحكومية ما اسفر عن مقتل 68 من مقاتلي المعارضة.
وقال قائد للمعارضة يرابط قرب دمشق قرب موقع الكتيبة المنسحبة ان الفشل يرجع لتفضيل قادتها استغلال قوتهم لتحقيق الثراء لا محاربة الاسد وهو اتهام شائع بين فصائل المعارضة.
وتابع القائد البارز لرويترز “فشل الرهان القطري ..لاسيما في وادي الضيف. استطاع النظام اختراقهم بعد ان اصبحوا امراء الحرب الجدد واهتموا بالمال والسلطة وتخلوا عن القضية.”
واضاف “القشة التي قصمت ظهر البعير الاخفاق في السيطرة على معسكر وادي الضيف.”
وعلى صعيد الصراعات الدبلوماسية استشاط غضب الدول الغربية حين اختارت المعارضة غسان هيتو رئيسا للوزراء في المنفى. واعتبره دبلوماسيون غربيون مرشحا اسلاميا مدعوما من قطر كما أن رفض هيتو المحادثات مع حكومة الاسد اعتبر عقبة امام مفاوضات السلام.
وقال دبلوماسي غربي على دراية بالمفاوضات داخل تحالف اصدقاء سوريا الداعم للمعارضة ان اختيار هيتو كان القشة التي قصمت ظهر البعير لحشد دول غربية قواها لكبح قطر من خلال مؤازرة القيادة السعودية.
وذكر القائد السوري من الشمال “ارادوا قص اجنحة الاخوان المسلمين.”
وترى السعودية وقوى غربية – تشعر بالقلق من ان يقود سقوط الاسد لوجود دولة إسلامية معادية – ان خطأ قطر هو التحمس لتحقيق نصر في الحرب مثلما ساعدت المعارضة الليبية في 2011 دون استقراء ما قد يحدث في المستقبل.
وعبر مصدر من المعارضة السورية عن ذلك بقوله “حاولت قطر ان تمنح نفسها دورا ولكن بشكل يفتقر للحكمة ولم تكن لديها خطة واضحة او رؤية لما سيحدث فيما بعد. يريدون الانتصار وحسب.”