القتال في الشمال السوري يمهد لوزن التمثيل الكردي في جنيف ٢
شمال سوريا – «برس نت» (خاص)
حرب ثانية تدور في شمال سوريا، إنها «المواجهة الكبرى» بين مجموعات كردية وبين كتائب بعضها منتمي للجيش السوري الحر، وبعضها يعمل خارج إطاره. وعلى صدى ازدياد حمى وطيس معركة القصير في جنوب البلاد تزاد في المقابل حدة المعارك في «الشمال الكردي».
هل هو النفط؟ هل هي السيطرة على المعابر الحدودية مع تركيا؟ هل هو تطهير ما استعداداً لما يمكن أن تؤول إليه مفوضات جنيف ٢؟ أسئلة حملتها «برس نت» وجالت على الفريقين.
بدأت الأمور تتأزم حين اصدر كل من «لواء محمد» و«لواء التوحيد» نداء لـتحرير منطقة تحيط بقريتي «نبل والزهراء» ن شبيحة النظام. وفي الواقع فإن القريتين المسكونتين من سوريين عرب شيعة تقعا ضمن منطقة كردية. من هنا بدأت الكتائب الجهادية تقول إن «الأكراد يحمون رجال النظام». ويقول مسؤول كردي التقته «برس نت»: «في الواقع في هذه المنطقة سكان موالين للنظام ولكنهم ليسوا مسلحين» ويتابع بأن «المشكلة تكمن في أنهم محاطون بقرى سنية فيها قوات للجيش السوري الحر» إلا أن المنطقة فيها أغلبية سنية. ويتابع المسؤول بأن «مستشار حسين الشهرستاني نائب رئيس الوزراء العراقي، اتصل بقيادات كردية يطلب منها حماية القريتين».
فما كان من الأكراء إلا أن جمعوا مسؤولاً من طرف شيعة القريتين ويدعى «الشيخ محي الدين» مع مسؤولين من الجيش السوري الحر، مطالبين بـ«سلم أهلي في المنطقة» وتم الاتفاق بين الأطراف الثلاثة على «تجنب أي نزاع، وفي حال إخلال أي طرف بالاتفاق فإن الطرفين الآخرين يلتزما التكاتف».
وحسب روايات متقاطعة فقد التزم أهل قرية النبل فيما أخل أهالي قرية الزهراء بالاتفاق وظلوا يطلقون النار على بعض السيارات التي تمر في الطريق الموازي لحقول القرية، بحجة «أن الجيش الحر يهدد أهل القرية». فقام الجيش الحر قام بحصار الزهراء والنبل. ودام هذا الحصار عدة أسابيع، وتبين أن للحصار «أهداف إقتصادية وأنه قام بتكالب بين تجار داخل القريتين وبين بعض الكتائب المقاتلة» إذ لاحظ الأكراء أن «٤٠ طناً من الطحين دخل القريتين بموافقة الكتائب ليباع بأسعار عالية جداً للسكان الأكراد والسوريين سواء»، وتبين بأن لبعض تجار المنطقة مصلحة في هذا الحصار وأنه عبارة عن عملية تجارية.
وعادت التدخلات العراقية تطلب من الأكراء إيجاد حل. فعقد اجتماع ثان في «عفرين» في محاولة لإيجاد حل. ويقول متابع للنشاورات التي بدأت من أسابيع أن «مطالب الجيش السوري الحر كانت شبه تعجيزية» مثل تسليم أشخاص من سكان القريتين بتهمة دعم النظام، وهو ما رفضه الفريق الكردي وأهالي القريتين.
وبعد أيام من الأخذ والرد صدر بيان وقعته ٢٣ مجموعة منتمية للجيش الحر يطالب بـ«تحرير عفرين من حزب العمال الكردستاني» ويقول مسؤول كردي إنه لا توجد قوى لحزب العمال الكردستاني وأن إقحام اسمه في البيان ما هو إلا«لإرضاء تركيا». وأكد وجود فقط وحدات حماية الشعب (YPG) الكردي التابعة لـ«حزب الاتحاد الديموقراطي» (PYD).
وبدأت المناوشات باحتلال الكتائب لقرية «باصل» حيث تسكنها أغلبية «يزيدة» وبدأت الدعوات تصدر من الكتائب الجهادية تدعو لـ«تطهير أرض الإسلام من المجوس» ويشير البعض إلى أن هذا الأمر حصل مع قرية «قسطل جندل» في السابق التي تم «تطهيرها».
وبدأت الاشتباكات مع وحدات حماية الشعب أوقعت عدداً من القتلى في الطرفين إلى أن تدخل العميد مصطفى الشيخ يوم البت في مطلع الشهر الجاري الذي طالب بإرسال لجنة وساطة في حين أن الكتائب كانت تتابع «عمليات الاختطاف على الطرق بحيث بلغ عدد المختطفين ٩٠٠ في مطلع هذا الاسبوع».
إلا أن هذا الاقتتال كان له ردات فعل على عمل المعارضة المسلجة في الشمال. إذ أن عدداً من الكتائب الكردية التي كانت تحارب إلى جانب الجيش السوري الحر في حلب، انفصلت عنه و«عادت إلى منطقة عفرين للدفاع عن المناطق الكردية» وعرف منها «كتيبة سعيد بيران» و«لواء جبهة الأكراد». وكذلك الأمر بالنسبة لمجموعات مختلفة من كتائب وألوية الجيش الحر التي توجهت إلى منطقة عفرين لمحاصرة القرى الكردية.
ما العمل في هذه الحالة؟ خصوصاً وأن قوات النظام الحكومية استغلت فرصة تراخي الحصار على مطار منغ العسكري لترسل تعزيزات عسكرية ولوجستية تضمنت كميات من الأسلحة والعتاد العسكري وكميات من المياه والمواد الغذائية والمستلزمات الإسعافية لنجدة القوات التي كانت محاصرة في المطار.
كما علمت «برس نت» أن رتلاً من الدبابات حرج من مدينة حماة باتجاه الشمال ما ينذر بفتح جبهة جديدة شبيهة بجبهة القصير. ولا يبدو أن أخبار استغلال النظام للقتال بين المجموعات الكردية والجيش السوري الحر، لتقوية مواقعه في الشمال ستساهم في تهدئة الوضع. إذ يدفع الجيش السوري الحر بالمزيد من المقاتلين إلى المنطقة بينما يهدد الأكراد بقطع طرق تموين الجيش السوري الحر الأتية من من تركيا «في أعزاز تل رفعت».
في الواقع فإن طيف مؤتمر جنيف ٢ يهيمن على القتال الدائر في الشمال إذ أن هذه المعارك هي تحضير لما يمكن أن تؤول إليه تشكيلة وفد المعارضة المفاوض هل يضم المكون الكردي كقسم من المعارضة للنظام أم أن الأكراد الذي يطالبون بتمثيل يوازي وزنهم الديموغرافي أم وسيطرتهم على المناطق الكردية في الشمال يشكلون وفداً مستقلاً عن المعارضة وعن ممثلي النظام يحمل وثيقة المطالب الكردية؟
التدخلات الإقليمية في هذا الصراع وتوقيته يدل إن لزم الأمر على أن «٬مناوشات الشمال الكردي» هي من ضمن التجاذبات التي تسبق انعقاد مؤتمر جنيف في مطلع الشهر القادم.