إيران: الانتخابات الرئاسية تخبئ مفاجآت
اختتمت حملة انتخابات الرئاسة الايرانية يوم الخميس استعدادا للانتخابات التي تجرى يوم الجمعة والتي يتمتع فيها المرشح المعتدل الوحيد بفرصة قوية لانتزاع الفوز من منافسيه المتشددين.
وفشل المتشددون في الاتفاق على مرشح واحد مما يحمل امكانية تفتيت الأصوات المؤيدة لهم ويعزز فرص رجل الدين المعتدل حسن روحاني ليدخل جولة الاعادة.
ولا يتوقع ان يجري الرئيس القادم أي تغيير كبير في السياسة الخارجية الإيرانية مثل البرنامج النووي أو تأييد الرئيس السوري بشار الاسد في ظل هيمنة الزعيم الاعلى آية الله علي خامنئي على القرارات المتعلقة بالقضايا الكبرى.
غير ان جميع المرشحين باستثناء كبير المفاوضين في الملف النووي سعيد جليلي دعوا الى انتهاج أسلوب أقل تشددا في المحادثات النووية مع القوى الكبرى. ويمكن للرئيس ان يؤثر بشكل غير مباشر على السياسة الخارجية لايران من خلال اختيار البلاد التي يزورها.
ولا يسافر خامنئي (73 عاما) على الاطلاق خارج ايران.
وسيتعين على الرئيس السعي لاصلاح الاقتصاد المتعثر بسبب تشديد العقوبات الدولية والتضخم المرتفع والفساد.
والانتخابات التي تجري يوم الجمعة هي الاولى في ايران منذ انتخابات الرئاسة عام 2009 التي قال الاصلاحيون انها زورت لضمان اعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد مما أثار أكبر احتجاجات منذ الثورة الاسلامية في عام 1979 .
ويقول محللون ان خامنئي يصر على ان يتولى المنصب رئيس طيع لا يثير المتاعب فضلا عن ضمان عدم تكرار الاضطرابات التي وقعت عام 2009 التي أضرت بالجمهورية الاسلامية.
وبالتالي فان الحملة التي انتهت في الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي يوم الخميس كانت باهتة وجرت في ظل قيود صارمة.
لكن روحاني بدا وكأنه يحقق صعودا ملحوظا في اللحظة الاخيرة من خلال الحشود الضخمة التي تجمعت في شوارع مدينة مشهد في الاجتماع الانتخابي الاخير يوم الاربعاء.
وكتب مؤيد على تويتر “روحاني كان رائعا في اجتماع الامس. كان ترحيبا كبيرا ولم يسبق له مثيل في مشهد.”
وأظهرت صور في مواقع التواصل الاجتماعي ما بدا انه تجمع حاشد لصالح روحاني في طهران استمر حتى ساعة متأخرة من الليل. كما نظمت اجتماعات حاشدة كبيرة في العاصمة الايرانية من جانب مؤيدين للمرشحين المتشددين.
ويمكن لروحاني الذي يشتهر بموقفه المرن في المحادثات النووية مع القوى الغربية في الفترة بين 2003 و2005 ان يستفيد من فشل منافسيه في الاتحاد خلف مرشح واحد رغم المحاولات التي استمرت عدة شهور.
ومن بين المتشددين الثلاثة الرئيسيين قاد جليلي حملة انتخابية قوية لكن وجهت اليه انتقادات حادة حتى من جانب رفاقه المتشددين بسبب تصلبه في المحادثات النووية وفشله في منع فرض عقوبات جديدة.
ورغم عدم خلافهم مع جوهر السياسة الحالية لبلادهم إلا أن المرشحين المحافظين الآخرين يؤكدون على ما يسمونه بسياسة محلية تسعى للجميع وسياسة خارجية تكون عملية بشكل أكبر.
وتعهد علي أكبر ولايتي وهو وزير خارجية أسبق ومستشار لخامنئي باجراء مشاورات موسعة قبل اتخاذ القرارات.
وأدار محمد باقر قاليباف حملته استنادا الى سجله بصفته رئيس بلدية طهران الحالي وربما يجتذب أصواتا في العاصمة حيث يعرفه سكانها على انه اداري كفء لم يقدم على اتخاذ سياسات مكروهة تستهدف الحياة الخاصة للمواطنين.
وتعهد بتوحيد البلاد اذا انتخب.
ونقلت وكالة انباء فارس عنه قوله “يجب أن يكون يوم الجمعة اليوم الذي تنتهي فيه كل الخلافات… آمل أيضا من خلال اختيار المرشح المناسب أن يكون يوم الجمعة اليوم الذي ينتهي فيه كل القمع والرياء.”
وأنحى جميع المرشحين باللائمة في ارتفاع معدل التضخم على سوء ادارة أحمدي نجاد وزيادة المتاعب الاقتصادية التي نجمت عن تشديد العقوبات الدولية لكن لم يقدم أي منهم خطة محددة بشأن ما يعتزمون عمله لحل المشكلة.
ورغم تأييد الاصلاحيين له مازال روحاني من شخصيات المؤسسة الدينية الحاكمة وان كان اقل تشددا وأكثر انفتاحا على المصالحة مع الغرب.
وفي مقابلة مع صحيفة الشرق الاوسط نشرت يوم الخميس قال روحاني ان اسرائيل وراء حملة تشويه لوصف الانشطة النووية السلمية لطهران بأنها برنامج اسلحة.
وقال روحاني للصحيفة يجب على الولايات المتحدة وحلفائها الكف عن هذا الخداع. وأضاف انه سيحكم على الرئيس الامريكي باراك اوباما من خلال أفعاله لا كلماته ودعا الى رفع العقوبات من اجل تحسين العلاقات.
ويمكن أن تؤدي زيادة الاقبال على التصويت الى تعزيز فرص روحاني لكن الايرانيين الاكثر ليبرالية الذين يمكن أن يؤيدوه لم يحسموا أمرهم إن كانوا سيدلون باصواتهم أصلا نظرا لاعتقادهم بأن النتيجة سيتم حسمها مثلما حدث في عام 2009 .
ورغم أن كثيرين ممن ينتمون للطبقة المتوسطة لا يشعرون بالحماس تجاه اي من المرشحين إلا أن بعضهم قد يتوجه الى مراكز الاقتراع في محاولة لمنع فوز متشدد مثل جليلي.
وكتب ايراني آخر على تويتر “حتى اليوم لا أنوي للتصويت. لا يمكنني ان أذهب مضطرا لكني أقول اليوم اذا ادليت بصوتي فسوف أختار روحاني.”
وفي غياب استطلاعات رأي يعتد بها في ايران من الصعب قياس المزاج العام ناهيك عن مدى ما يمكن أن يمارسه خامنئي والحرس الثوري من نفوذ على الانتخابات.