سوريا: أميركا تتدخل انطلاقاً من الأردن
قال دبلوماسيون غربيون يوم الجمعة إن الولايات المتحدة تدرس اقامة منطقة حظر جوي في سوريا – في اول تدخل محتمل لها في الحرب المستمرة منذ عامين – وذلك بعد ان قال البيت الابيض ان سوريا تجاوزت “الخط الاحمر” باستخدامها غاز الأعصاب.
وبعد أشهر من المداولات قالت ادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما يوم الخميس انها ستمد المعارضة المسلحة بالسلاح بعد ان حصلت على دليل على ان الحكومة السورية استخدمت الاسلحة الكيماوية ضد المقاتلين الذي يحاولون الاطاحة بالرئيس السوري بشار الاسد.
وقال دبلوماسيان غربيان رفيعا المستوى ان واشنطن تدرس اقامة منطقة حظر طيران قريبة من الحدود السورية الجنوبية مع الاردن.
وقال دبلوماسي “واشنطن تدرس اقامة منطقة حظر طيران لمساعدة معارضي الاسد”. وقال ان المنطقة ستكون محددة “فيما يتعلق بالوقت والنطاق وعلى الارجح ستكون قرب الحدود الاردنية.”
وتستلزم اقامة منطقة حظر طيران ان تدمر الولايات المتحدة الدفاعات الجوية السورية المتطورة التي حصلت عليها دمشق من روسيا وهو ما يقحمها في الحرب بنفس الطريقة التي تدخل بها حلف شمال الاطلسي للمساعدة في الاطاحة بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي قبل عامين. وتقول واشنطن انها لم تستبعد هذا الامر لكن القرار ليس “وشيكا”.
وقال بن رودس نائب مستشار الامن القومي الامريكي يوم الخميس “لم نتخذ اي قرار بشن عملية عسكرية مثل اقامة منطقة حظر طيران. ولدينا مدى من خطط الطواريء التي وضعناها.
“منطقة حظر الطيران ستحمل معها كلفة هائلة ولا نهائية بالنسبة للولايات المتحدة والمجتمع الدولي. ومن الاعقد بكثير القيام بمثل هذا المجهود على سبيل المثال في سوريا عما كان عليه الامر في ليبيا.”
وأي من هذه الخطوات ستواجه ايضا بحق النقض (الفيتو) الذي تتمتع به روسيا الحليفة للاسد في مجلس الامن الدولي. وانكر الكرملين الدليل الذي جاءت به الولايات المتحدة على استخدام الاسد لغاز الاعصاب ضد معارضيه.
وقال يوري يوشاكوف كبير مستشاري الرئيس الروسي للشؤون الخارجية “سأقول صراحة ان ما قدمه الامريكيون لا يبدو مقنعا لنا.
“يصعب حتى ان نسميها حقائق.”
وقالت فرنسا إن اقامة منطقة حظر طيران ستكون ضربا من المستحيل دون ترخيص من مجلس الامن الدولي وهو ما يجعل الامر مستبعدا في الوقت الراهن.
لكن واشنطن اتخذت في هدوء خطوات تجعل من الامر اكثر سهولة اذ قامت رسميا بتحريك أنظمة صواريخ باتريوت ارض جو وطائرات حربية واكثر من اربعة آلاف جندي إلى الاردن خلال الاسبوع المنصرم في اطار مناورة سنوية لكنها اوضحت ان هذه القوات ستبقى في الاردن حتى بعد انتهاء المناورات العسكرية.
وتصاعدت وتيرة الاوضاع في سوريا من احتجاجات سلمية اجتاحت العالم العربي في 2011 لتؤول إلى اكثر الانتفاضات العربية دموية واعصاها على الحل مع استغلال القوى الاقليمية في الشرق الاوسط للنعرات الطائفية.
وقضت الدول الغربية العامين الماضيين تطالب الاسد بالرحيل لكنها رفضت استخدام القوة كما فعلت في ليبيا بسبب خطورة محاربة دولة اقوى تقف على بركان من الانقسامات الطائفية في قلب منطقة الشرق الاوسط وتدعمها ايران وروسيا.
وقبل اشهر فقط كانت الدول الغربية تظن ان ايام الاسد باتت معدودة. لكن الزخم في ميدان المعركة تحول إلى صالحه مما جعل الامال في الاطاحة السريعة به وانهاء الحرب مستبعدة دون تدخل اجنبي.
وانضم الالاف من المقاتلين المدربين من حزب الله اللبناني الموالي لايران إلى الحرب في صفوف قوات الاسد خلال الاسابيع الاخيرة وساهمموا قبل ايام في استعادة الحكومة السورية السيطرة على بلدة القصير الاستراتيجية.
وتقول حكومة الاسد ان قواتها تستعد الان لشن هجوم كبير على حلب اكبر المدن السورية التي تسيطر قوات المعارضة المسلحة على معظم انحائها منذ العام الماضي.
وقال نشطاء ان هجوما ضاريا على اجزاء من حلب وريفها بالقرب من الحدود التركية وقع خلال الليل مما اسفر عن بعض من اعنف الاشتباكات منذ اشهر.
وتعهد الامين العام لحزب الله حسن نصر الله بأن يواصل حزب الله دعمه العسكري للاسد وقال “حيث يجب ان نكون سنكون وما بدأنا بتحمل مسؤولياته سنواصل تحمل مسؤولياته ولا حاجة للتفصيل.”
واستنفر دخول حزب الله الشيعي الحرب إلى جوار الاسد نبرة الطائفية الخطيرة في انحاء المنطقة. ودعمت جماعة الاخوان المسلمين الحاكمة في مصر دعوة تزعمها رجال دين سنة للجهاد في سوريا.
ويمثل استخدام الاسلحة الكيماوية سببا مباشرا لواشنطن كي تتدخل. وقال رودس ان واشنطن تعتقد الان ان ما بين 100 و150 شخصا قتلوا جراء استخدام الحكومة الغاز السام في هجمات على المعارضة.
وقال “اوضح الرئيس ان استخدام الاسلحة الكيماوية او نقل الاسلحة الكيماوية لجماعات ارهابية خط احمر. لقد قال ان استخدام الاسلحة الكيماوية سيغير حساباته وقد كان.”
وتقول الحكومة السورية ان قوات المعارضة هي التي تستخدم الاسلحة الكيماوية ووصفت البيان الامريكي بأنه عامر بالاكاذيب.
وقالت وزارة الخارجية السورية في بيان ان البيت الابيض اعتمد على معلومات ملفقة حتى يحمل الحكومة السورية مسؤولية استخدام مثل هذه الاسلحة رغم سلسلة البيانات التي أكدت امتلاك “جماعات ارهابية في سوريا لاسلحة كيماوية”.
ويضع التهديد الصريح بدخول الحرب واشنطن في صدام دبلوماسي مع موسكو التي استخدمت حقها في نقض قرارات مجلس الامن الدولي ثلاث مرات لاعاقة قرارات كان من الممكن ان تستخدم للتهديد باستخدام القوة ضد الاسد.
وصرح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن تكثيف الدعم العسكري الامريكي لقوات المعارضة السورية ينطوي على خطر تصعيد العنف في منطقة الشرق الاوسط.
ويقول مسؤولون امريكيون ان اوباما سيحاول اقناع بوتين بالتخلي عن دعم روسيا للاسد عندما يجتمع الرئيسان في قمة مجموعة الدول الثماني في ايرلندا الشمالية الاسبوع القادم.
ويجتمع مسؤولون امريكيون واوروبيون بسالم ادريس قائد المجلس العسكري الاعلى يوم الجمعة في تركيا. ومن المتوقع ان يطلب المجلس اسلحة متطورة واقامة منطقة حظر طيران والمساعدة الدبلوماسية في اقناع روسيا بالتوقف عن دعم الاسد.
واحجمت القوى الغربية في الماضي عن تسليح المعارضة المسلحة السورية خوفا من القوة المتصاعدة للمتشددين السنة الذين اعلنوا الولاء لتنظيم القاعدة في صفوفها.
وقال البيت الابيض انه سيقدم الان “الدعم العسكري المباشر” للمعارضة السورية. وقال مسؤول امريكي طلب عدم الكشف عن هويته ان هذه المساعدات ستتضمن من الان اسلحة على خلاف المساعدات “غير الفتاكة” التي كانت واشنطن تقدمها في الماضي.
ويتلقى مقاتلو المعارضة السورية بالفعل اسلحة خفيفة من السعودية وقطر. وطلبت المعارضة المسلحة اسلحة اثقل من بينها الصواريخ المضادة للدبابات والصواريخ المضادة للطائرات.
ووصف قاسم سعد الدين القائد بالمجلس العسكري الاعلى قرار اوباما بارسال الاسلحة للمعارضة بأنه “قرار شجاع جدا”.
وقال ان المعارضة تامل في ان تصل الاسلحة خلال الاسابيع القادمة.
وكان المقاتلون الاسلاميون في سوريا اقل تفاؤلا وقال ابو بلال المقاتل المعارض السني من حمص لرويترز عبر سكايب “نعد امريكا عدوا ونرى انه من غير المحتمل بتاتا ان تعطي السلاح للمجاهدين.”
وقال قائد ميداني اسلامي للمعارضة في حماة انه سيأخذ السلاح اذا امكنه ذلك وقال “كل واحد هنا الان يعمل بمبدأ ان عدو عدوي صديقي. وامريكا ضد بشار الان على الاقل في العلن