جيشنا الأسير …
نجاة شرف الدين
مما لا شك فيه أن ما حصل في عبرا في مدينة صيدا ، بين الجيش اللبناني ومناصري الشيخ أحمد الأسير ، والتي أدت الى سيطرة الجيش على ما بات يعرف ب ” المربع الأمني ” في تلك المنطقة بعد سقوط عشرات الضحايا والجرحى من الجيش والمسلحين وكذلك المدنيين ، شكل محطة مهمة في مسيرة تعاطي الجيش مع الإعتداءات عليه في العديد من المناطق والتي كان سبقها ما حصل في طرابلس وفي عرسال وغيرها ، والتي كانت تنتهي في كل مرة على طريقة الأمن بالتراضي .
بدا واضحا بعد بدء الإعتداءات على الجيش اللبناني ، ومع سقوط شهداءه ، أن الجيش تجاوز الغطاء السياسي الذي كان ينتظره في المرات السابقة وهو أعطى التغطية لنفسه وأخذ قراره بوأد الفتنة ، في منطقة حساسة هي عاصمة الجنوب ، كونها تشكل ممرا لقوات الطوارئ الدولية وبوابة للمقاومة ، وجاء بيانه ليؤكد موقفه عندما قال ” إن ما حصل في صيدا فاق كل التوقعات. لقد استهدف الجيش بدم بارد وبنية مقصودة لإشعال فتيل التفجير في صيدا كما جرى في العام 1975، بغية إدخال لبنان مجددا في دوامة العنف. وهو أيضا لمح الى ضرورة أخذ الموقف الواضح من السياسيين بالقول ” إن قيادة الجيش ترفض اللغة المزدوجة، وتلفت إلى أن قيادات صيدا السياسية والروحية ومرجعياتها ونوابها مدعوون اليوم إلى التعبير عن موقفهم علنا وبصراحة تامة، فإما أن يكونوا إلى جانب الجيش اللبناني لحماية المدينة وأهلها وسحب فتيل التفجير، وإما أن يكونوا إلى جانب مروجي الفتنة وقاتلي العسكريين” .
هذا الموقف اللافت والحاسم من قبل الجيش ، إستلحقته القوى والأطراف السياسية ، وبعدما تأكدت من موقفه الحازم وتحقيقه إنجازا على الأرض ورفضه التسويات والأمن بالتراضي ، وهو رفض العديد من المبادرات لا سيما من هيئة علماء المسلمين وعلى رأسهم الشيخ سالم الرافعي الذي هدد بأنه لن يفعل شيئا لضبط الشارع ولتتحمل الدولة مسؤوليتها معتبرا أن “الجيش اللبناني متآمر مع حزب الله”، مشيراً إلى أن “الجيش أراد ارتكاب مجزرة في المسجد وهو لا يجيد فرض هيبته إلا في مناطق السنّة” ، وهو حاول اللعب على الوتر الطائفي بدعوته “المسؤولين السنّة إلى حماية طائفتهم المستهدفة بعدما شاركت عناصر حزبية الجيش في هجومه على مسجد بلال بن رباح”، معتبراً أن “انتصار “حزب الله” في القصير بشّر بانتقال الفتنة إلى لبنان”.
هذا الموقف الذي ترافق مع قطع لبعض الطرق بدت خجولة في مناطق الشمال والبقاع وبيروت دعما للأسير ، لم يجد له صدى في إجتماعات فعاليات طرابلس ووزراءها ونوابها ، الذين نددوا بالإعتداء على الجيش ودعوا الى الإلتفاف حوله وتوجه المجتمعون إلى أهل طرابلس بـ”ضرورة التحلي بالصبر والحكمة وعدم الانجرار وراء الشائعات التي تعمل على بث الفتنة. كما طالبوهم بـ”ضرورة الالتفاف حول الجيش للمحافظة على استقرار طرابلس والحفاظ على أمنها، ويكفي طرابلس ما عانت من اضطرابات عبثية لا تخلف سوى الخراب والدماء”.
في المقابل ، جاءت المواقف العربية والدولية ، لتؤكد دعمها للجيش اللبناني حيث ندد الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي بالإعتداء على الجيش مطالبا بالإلتفاف حوله ليتمكن من القيام بواجباته الوطنية ، كما نددت فرنسا بـ”الهجمات على قوات الجيش اللبناني” في صيدا. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية فيليب لاليو ان “فرنسا تؤكد دعمها للجهود التي تبذل تحت سلطة الرئيس ميشال سليمان لضمان الامن ووضع حد للاستفزازات من حيثما أتت، وتدعو الاحزاب السياسية اللبنانية الى العمل من أجل السلم الاهلي والاستقرار في لبنان”. وكذلك أعربت مورا كونيللي، في بيان صادر عن السفارة الأميركية، عن “تعاطف” واشنطن مع الضحايا العسكريين والمدنيين. وأثنت على جهود الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في العمل مع القادة السياسيين للحفاظ على السلام والاستقرار.
كثيرة هي التحليلات والآراء التي صدرت عن مراقبين وسياسيين في محاولة لقراءة المشهد الصيداوي ، منهم من إعتبر ان الظاهرة الأسيرية سببها حزب الله ، ومنهم من رأى في موقف الجيش ورفع الغطاء السياسي في توقيته تنفيذا لضوء أخضر إقليمي وربما دولي ، وحتى ذهب البعض لإعتبارها تنفيذا للمقررات السرية لإجتماع الدوحة لإصدقاء سوريا ، إلا أن الثابت الوحيد أن قد تحرر من أسره ،ولو لمرة ، وتجاوز العراقيل الطائفية التي كانت تظهر في كل مرة يحاول فيها تنفيذ قرار قضائي ما أو إلقاء القبض على متهم أو مجرم ما ، بحجة انتماءه الطائفي ، وهو أيضا أخرج المؤسسة العسكرية من أسرها في ظل ما تتعرض له من محاولات لضرب هيبتها وإضعاف دورها لتنضم الى باقي مؤسسات الدولة الفاشلة أو الضعيفة ، فهل سيكون ما حصل في عبرا ، عبرة لباقي المناطق ؟ وهل فعلا تجاوز الجيش الأسر وربح معركة مؤسسته أم هي جولة من جولات الفتن المتنقلة ؟
الصورة
كتبت الانسانة الاعلامية نجاة شرف الدين هذه المقالة و لسان حالها يعاتب أبناء بلدها بعدم الانجرار ورآء الفتنة والرجوع بلبنان لفترة الحرب الأهلية التي راح ضحيتها رجالا و نسائا وهدمت فيها روضة الأطفال…
لم أكن أريد البكآء يوما ولكن هم الزمان أبكاني ,تمنيت أن أعيش كما تريد نفسي و لكن عاشت نفسي كما يريد زماني (كلمات جميلة كتبها ثآئر سوري على أحد الجدران) أما عن جملة ألم تكن في قلبك رحمة ؟؟ فأقولها لمن لم يرحل و آثر سفك الدماء الطاهرة البريئة.
ان توجيه السلاح لجندي لبناني لهو جريمة بشعة وفخ ما كان على الأسير و لا جماعته الوقوع فيه.
والسؤال ,من يوقف هذا الرجل الطليق الذي يمد النظام السوري بشباب لبنان ليقاتل في صفوفه ضد معلم أو فلاح أو بائع صحف سوريا مطلبه الحرية و العيش الكريم ؟؟
تاريخ نشر التعليق: 2013/06/29الفتنة:
تاريخ نشر التعليق: 2013/06/26ان دقة التوقف على أساسيات الخطر الذي يواجه لبنان، وتواجهه بلدان عالمنا العربي بأشكال وأساليب مختلفة، والذي حددته السيدة نجا شرف الدين في هذه المقالة وهو ـ الفتنة ـ إذ يقودنا هذا إلى التاريخ أي يقودنا إلى خمسمائة عاما حيث حدثت الفتنة في قتل عثمان والتي صارت يرمز إلى مخاطرها بقميص عثمان كلما اقتربت الفتنة ودقت نواقيس الموت، فمن رمز الموت اتخذ تبرير الحروب ليتصدع توحد الأمة، وتقاد إلى التفرقة والتشتت مثلما تفرقت أيادي سبأ، وها هي تعيد نفسها بمآساة، وتتكرر، وتزدوج حمالة أوجه كثيرة، متخذين أصحابها من اسم الله الكبير العظيم أيدولوجية القتل، وهذا الأسم الجليل يرفض تماما مبدأ قتل الأخ لأخيه أي كما وبي أن أشير إلى قتل قابيل لهابيل.عجبا لأصحاب الفتنة الذين يلغون الجمال، والوجود الجميل كي نتآلف فيه للعيش بقيمته، ألم يقل نبينا أن الله جميل ويحب الجمال، ألم يقل حينما حكى له ابن جرير بعد الفتح لقرية على دين الأصنام أنه قتل صبيا عاشقا، فلعنته المحبوبة وهي تحتضن حبيبها المقتول فما منه إلا أن أستل سيفه وقتلها لتتمرغ على صدر الحبيب، نعم، ألم يقل نبينا لابن جرير:
ـ ألم تكن في قلبك رحمة ؟!
أجل، أن أصحاب الجمود العقائدي الذي يعودون بنا إلى الوراء هم خالقي الفتنة، هم يكرهون كل ما هو جميل، فماذا يرتجى من هذا الذي يقتل جنديا لبنانيا؟!
أنت يا سيدة نجاة شرف الدين مزهوة بهذه الصورة الجديدة التي تعلو صفحة المقالة، ومزهوة دائما بحداثة المقال السياسي في وصف ـ الفتنة ـ ومعاذ الله أن تجر لبنان الحبيبة في ـ جولات الفتنة المتنقلة ـ كما ورد كسؤال في نهاية المقالة.
اُكتب تعليقك (Your comment):