
الأسير محاطاً بمسلحيه قبل المعركة
سيطر الجيش اللبناني مساء الاثنين بالكامل على مجمع الشيخ السني المتشدد «أحمد الاسير» في مدينة صيدا (جنوب)، وذلك بعد معارك عنيفة تواصلت لـ ٤٨ ساعة مع انصار الشيخ السني في حين لم يعرف حتى الآن مكان وجود الاسير.
وتمكن مراسل الـ أ ف ب من التجول في المجمع المؤلف من مسجد بلال بن رباح وعدد من الابنية المحيطة، واشار الى ان الجيش كان موجوداً في كل مكان، وبدا عناصره «مرتاحين»، بعد اكثر من ٢٤ ساعة من المعارك التي قتل فيها ١٦ جنديا، وتعد أخطر حوادث أمنية في لبنان منذ بدء النزاع في سوريا المجاورة قبل اكثر من عامين.
وأشار المراسل إلى أن القوى العسكرية سمحت للصحافيين بالدخول إلى مستودع سفلي شبه محترق يقع أسفل المسجد، من دون ان يسمح لهم بالدخول الى حرم المسجد الصغير. وأفاد عن وجود كميات من الأسلحة في داخل المستودع، إضافة إلى قاذفات صاروخية.
كما أفاد عن وجود رشاش متوسط ودشم وبنادق كلاشنيكوف، وعدد من السيارات المحترقة بالكامل جراء المعارك.
وكانت الاشتباكات اندلعت بعد ظهر الاحد بين الطرفين، بعد هجوم شنه مسلحون مناصرون للاسير على حاجز عسكري، بحسب ما افادت قيادة الجيش. وادت المعارك الى مقتل ١٦ جنديا، وهي الحوادث الاكبر يتورط فيها الجيش منذ العام ٢٠٠٧، تاريخ المعركة مع تنظيم «فتح الاسلام» المتطرف في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في الشمال التي استمرت ثلاثة اشهر.
وكان مصدر عسكري في صيدا أفاد بأن الجيش عثر على «عشرات الجثث لمسلحين باللباس العسكري مع سلاحهم» في الابنية والمواقع التي يقوم «بتنظيفها» في محيط المجمع التي يتحصن فيه الاسير وانصاره والذي يتالف من مسجد وابنية عدة.
ولم يعرف حتى الآن مصير أحمد الاسير. وكان شقيقه أمجد الاسير قال في اتصال هاتفي صباحا مع أ ف ب «الشيخ سيبقى في مسجد بلال بن رباح حتى آخر قطرة دم»، قبل ان يقفل خطه الخليوي.
وذكر مدير العمليات في الصليب الاحمر اللبناني جورج كتانة في حديث مع تلفزيون «إل بي سي» أن سيارات الصليب الاحمر نقلت خلال ٢٤ ساعة ٩٤ جريحا الى المستشفيات.
والاسير معروف بعدائه الشديد لحزب الله الشيعي، حليف دمشق، وهو يتهم الجيش اللبناني بغض الطرف عن كل أنشطة الحزب المسلحة. وان كان الاسير لا يعد ذا شعبية واسعة في صفوف الطائفة السنية، لكنه تورط خلال السنتين الماضيتين في سلسلة احداث مع الجيش ومع مسلحين موالين للحزب، وتميز بخطاباته النارية ضد نظام الرئيس بشار الاسد.
ومساء، طلب سياسيون سنة الاثنين من الجيش اللبناني القيام بمهامه الامنية «بشكل عادل وشامل» وبالتساوي بين اللبنانيين، في اشارة الى الدعوات التي تطالب بازالة كل السلاح في لبنان بما فيها ذلك العائد الى حزب الله الشيعي، وذلك بعد العملية العسكرية ضد الاسير وانصاره.
وطلب خمسة رؤساء حكومة لبنانيين حاليين وسابقين اثر اجتماع عقدوه «من الجيش والقوى الامنية القيام بمهماتها الامنية بشكل شامل وكامل وعادل»، معربين عن تضامنهم «مع أهلنا في كل المناطق الذين يشعرون بان القانون يطبق على فريق من اللبنانيين دون سواهم»، وذلك في بيان تلاه رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي.
وكان اجتماع وزاري وامني عقد برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان اكد ان قوى الجيش ستواصل تنفيذ اجراءاتها في منطقة صيدا حتى «الانتهاء من المظاهر المسلحة وازالة المربع الامني” للشيخ احمد الاسير وتوقيف المعتدين والمحرضين على الجيش».
ودعت قيادة الجيش في بيان “المسلحين الذين قاموا بالاعتداء على مراكز الجيش والمواطنين، (…) الى إلقاء السلاح وتسليم انفسهم فورا الى قوى الجيش، حرصاً على عدم اراقة المزيد من الدماء”، مؤكدة ان هؤلاء «معروفون بالنسبة اليها فردا فردا».
وبعد الظهر، أصدرت السلطات القضائية «بلاغات بحث وتحر” في حق ١٢٣ شخصا متورطين في الاشتباكات، في مقدمهم الاسير، بحسب ما أفاد مصدر قضائي. واوضح أن أبرز المطلوبين هم «الاسير وشقيقه ونجله، والفنان فضل شاكر» وهو مطرب لبناني معروف اعتزل الغناء قبل فترة وبات من المقربين من رجل الدين المتشدد.