جمانة فرحات
تعيش مصر في سباق مع الزمن وربما الفتنة. الجميع بانتظار يوم ٣٠ يونيو/ حزيران. آمال المحتجين معلقة عليه ليكون بمثابة تأريخ لاعادة الروح إلى ثورتهم التي عرفت جماعة الاخوان المسلمين كيف تستولي عليها، بينما تبذل الجماعة ما في وسعها لتجاوز هذا اليوم، لاداركها أنه أخطر الاختبارات التي تواجهها منذ تسلم الرئيس محمد مرسي الحكم قبل عام تحديداً.
من البديهي أن الجزم بمسار أحداث يوم الأحد المقبل مستحيل، لكن التطورات المتلاحقة منذ أيام والتي تسبق خروج المحتجين إلى الشوارع لمطالبة مرسي بالتنحي تشي بالكثير من المخاطر.
على هامش الاستعدادات لهذا اليوم، سواء من قبل تيارات المعارضة أو جماعة الاخوان المسلمين وحلفائها، بات بالامكان تسجيل عدد من الملاحظات المقلقة، لعل في مقدمتها اصرار جماعة الاخوان عبر حلفائها وتحديداً الدعاة الاسلاميين على استخدام الورقة الدينية وتصوير أن الخروج إلى الشارع في يوم ٣٠ يونيو/ حزيران هو خروج عن الحاكم الشرعي وصولاً إلى حد تكفير المشاركين في التظاهرات واباحة قتلهم.
ما نقلته صحيفة “المصري اليوم” عن الداعية الإسلامي وجدي غنيم لجهة وصفه تظاهرات 30 يونيو/ حزيران، بأنها “حرب بين الإسلام وأعداء الدين”، وتأكيده أن “من سيخرج ينازع مرسي في الحكم، ويطالب بإسقاطه، كافر ويُقتل” ليس سوى غيض من فيض الفتاوى التي يجري تداولها في اطار استحضار الدين كعامل رئيسي في المعركة.
هذا الاستحضار بلغ ذروته في الأيام الأخيرة على القنوات المحسوبة على جماعة الاخوان المسلمين وحلفائها، وكان لافتاً حجم التجييش عبر هذه القنوات على المسحيين بصورة خاصة وتصويرهم بأنهم جزء رئيسي في معركة اسقاط “الرئيس الشرعي محمد مرسي”، وخصوصاً بعد تصريحات بابا الأقباط تواضروس الثاني التي أكد فيها أن المشاركة في التظاهرات يندرج في اطار الحرية الشخصية التي يعود لكل فرد اتخاذ قرار فيها.
أمام هذه الواقع، وجد الأزهر نفسه مضطراً للخروج عن صمته والتحذير من خطورة تكفير الخصوم والعنف والفتنة، مؤكداً أن “المعارضة السلميّة لوليّ الأمر الشرعي جائزة ومُباحة شرعاً، ولا علاقة لها بالإيمان والكُفرِ”. وهو ما جعل الأزهر وشيخه أحمد الطيب عرضة لهجوم عنيف في اصرار واضح من هذه الاطراف على إبقاء مستوى الشحن الديني.
شحن كانت من أولى تداعياته مقتل ٤ من المنتمين للمذهب الشيعي في محافظة الجيزة.
صحيح أن مقتل هؤلاء الـ٤ ليس له علاقة مباشرة بتظاهرات ٣٠ يونيو/حزيرات، لكنه كافٍٍٍٍِ ليكون بمثابة جرس انذار إلى أن الأمور قد تسوء سواء ضد المسيحيين أو حتى المحتجين بمختلف أطيافهم، ولا سيما أن التحريض ضد الشيعة تم برعاية من الرئيس محمد مرسي وتحت ناظره وسمعه قبل أن يتم قتل مجموعة منهم. فعندما وقف القيادي السلفي محمد عبد المقصود في مؤتمر نصرة سوريا متحدثاً عن الشيعة وواصفاً إياهم بالأنجاس لم يحاول مرسي تدارك الأمر بأي طريقة. كذلك، عندما رفع عبد المقصود يديه ودعا الله ان ينصر الاسلام والمسلمين في 30 يونيو/ حزيران على الكفار والمنافقين، حل الصمت طويلًا على مرسي لادراكه القدرة السحرية للعامل الديني في تجييش أنصاره بالرغم من مخاطر ما يحمله هذا النهج وانذاره بحمام دم جديد، لم تكن الاشتباكات التي شهدتها عدد من المحافظات خلال الأيام الماضية سوى المؤشر الأحدث على قرب موعده.
من بين ثنايا هذا المشهد المتأزم، لم يكن خروج وزير الدفاع، عبد الفتاح السيسي، محذراً من أن الجيش لن يصمت على انزلاق مصر إلى اقتتال داخلي السياسية، ومانحاً القوى السياسة مهلة حتى آخر الشهر الحالي لوضع حد للازمة بالمفاجىء. الجيش، على الرغم من تراجع دوره منذ اقالة مرسي المجلس العسكري، ظل على الدوام مراقباً للمشهد بدقة، ومتعمداً في كل مرة ارسال الاشارات لجميع الأطراف عن جهوزيته للتقدم خطوة إلى الأمام متى ما استدعت الحاجة إلى ذلك.
وبينما تنظر جيمع القوى السياسية إلى الجيش اليوم بوصفه الورقة الرابحة متنمية أن ينحاز إليها، خرجت أصوات تحذر معارضي مرسي من الوقوع في فخ استدارج الجيش للتدخل. فالعسكر الذين وجهوا رسائل متداخلة خلال اليوميين الماضيين لديهم حساباتهم الخاصة التي تركز على حماية مكاسبهم السياسية والاقتصادية بالدرجة الأولى، فضلاً عن أنه من الخطأ الاعتقاد أن تدخلهم هذه المرة، في حال تم، سيكون على غرار ما حدث بعد ثورة ٢٥ يناير وتنحي مبارك.