مصر: ملاحظات على الاعلان الدستوري الجديد
خاص – برس نت
علق الصحافي المتخصص في شؤون الرئاسة المصرية والقضاء، محمد بصل، على صفحته على الفايسبوك على الاعلان الدستوري الجديد الذي أصدره الرئيس المؤقت عدلي منصور، مسلطاً الضوء على عدد من الملاحظات. وبعدما أكد أن الإعلان الدستوري جيد كونه يضمن أن يكون لمصر دستور مستفتى عليه في فترة أقصاها 4 شهور ونصف من الآن وبرلمان منتخب بعد شهرين ونصف على الأكثر من وضع الدستور ثم البدء في إجراءات انتخابات رئاسية بعد 15 يوماً على الأكثر من انعقاد البرلمان، تحدث بصل عن ملاحظاته.
ورأى أنه من المفترض ألاّ ينظًّم الإعلان الدستوري باعتباره إعلاناً مؤقتاً أي إجراءات تالية لكتابة وثيقة دستورية مستقبلية ستخرج إلى النور باستفتاء شعبي، بمعنى أن تنظيم الانتخابات التشريعية أولاً أو الرئاسية أولاً، ومدة هذه الانتخابات وطريقة إجرائها يجب أن تترك كاملة للجنة التي ستضع تعديلات الدستور الجديدة.
وأضاف “لكننا رأينا في المادة 30 أن الإعلان مبدئياً يحسم أن تجرى الانتخابات التشريعية قبل الرئاسية، كما يحدد مدة الانتخابات التشريعية لكنه يهمل مدة الانتخابات الرئاسية!”، منهباً إلى أنه يبدو “وكأن الإعلان يفرض وصاية مسبقة على اللجنة التي ستضع تعديلات الدستور، وكذلك على إرادة الشعب الذي سيستفتى عليه”.
الملاحظة الثانية لبصل تطرقت إلى “تحديد فترة شهرين على الأكثر لإجراء الانتخابات التشريعية”، معتبراً أنه “أمر صعب للغاية في ظل زيادة عدد الناخبين وقلة عدد القضاة”. وأشار إلى أن الدليل على ذلك أن “جدول الانتخابات التشريعية الملغاة في مارس/ آذار الماضي، والذي أصدره الرئيس مرسي واللجنة العليا قبل أن تلغيه محكمة القضاء الإداري، وكان الترشح سيبدأ في 9 مارس/آذار والانتخابات ستبدأ في 22 أبريل/ نيسان وتنتهي في 25 يونيو/ حزيران يعني 3 شهور و16 يوم”. وأضاف “أما جدول انتخابات 2011 –التي كانت فيها الأعداد أقل من الآن بكثير- فكان بادئ الترشح في 12 أكتوبر/ تشرين الأول وانتهت الانتخابات 23 يناير/ كانون الثاني أي 3 شهور و11 يوم”. وقارن بصل هذه المهل القديمة بالمهل الجديدة موضحاً أنه وفقاً للاعلان الدستوري الجديد فإن “دعوة الناخبين للاقتراع ستصدر بعد 15 يوماً على الأكثر من موافقة الشعب على الدستور وبعدها تجرى الانتخابات في وقت (إجمالي) من شهر إلى شهرين”، منبهاً إلى أنه لا يعلم كيف ستتمكن اللجنة العليا التي ستشرف على الاستفتاء من انجاز الاستعدادات.
ولم يغفل بصل التوقف عند الاستحقاقات الانتخابية المقبلة خلال الستة أشهر القادمة وتأثيرها على الميزانية العامة للدولة التي تعاني في الأصل.
أما في ما يتعلق بتعديل الدستور، فرأى بصل أن قرار الرئيس بتشكيل لجنة الخمسين التي ستقوم بالمراجعة النهائية للدستور، سيكون وفقاً لتقديره من دون رقابة أو ضوابط محددة تضمن تقسيم عادل للطوائف والنقابات والفلاحين والعمال، وهو ما سيؤدي من وجهة نظره إلى جدل كبير حول هذه النقطة.
مسألة أخرى لا تقل أهمية تتعلق بمواد الحريات التي أكد أنها أخفض سقفاً من مواد دستور 2012، فمثلاً الفقرة الأولى من المادة 6 من الاعلان الدستوري الجدي تنص على أن “الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلاّ بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق (وصيانة أمن المجتمع) ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة، وفقاً للقانون، ويحدد القانون مدة الحبس الاحتياطي”.
أما المادة 35 من دستور 2012 المقابلة لهذه الفقرة فلا تتطرق وفقاً لبصل إلى معيار “صيانة أمن المجتمع” بل تضع “حداً أقصى لفترة تقييد الحرية دون سبب، على أن يوافى بهذا السبب كتابة خلال 12 ساعة، وتضع إجراءات للدفاع عنه وكيفية التظلم من القرار أمام القضاء مع وجوب الفصل فيه خلال أسبوع، وإلاّ وجب الإفراج حتمياً”.
والفقرة الثانية من المادة 6 تقول “للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلاّ بأمر قضائي مسبب وفقاً لأحكام القانون”، بينما المادة 39 من دستور 2012 المقابلة لهذه الفقرة تنص على أن يكون هذا الأمر القضائي “محدد التوقيت والغرض” إلى جانب كونه “مسبباً”، مع “وجوب تنبيه من في المنازل قبل دخولها أو تفتيشها”.
ومن القيود الاضافية في الاعلان الدستوري الغاء المادة 10 من الإعلان نص تشكيل الجمعيات بمجرد الإخطار، وأحالت تنظيم إجراءات تكوين الجمعيات وإنشاء النقابات والاتحادات والأحزاب إلى القانون، مشيراً إلى أنه لا يوجد مبرر منطقي لهذه الردة، حتى إذا كان أمد الإعلان مؤقتاً.
كذلك حذف الإعلان من مجلس الدولة الاختصاصات التي تم التأكيد عليها في دستور 2012، والتي اعتبرت في حينها مكاسب كبيرة، رغم أنها مذكورة في القانون، ولكن ذكرها في الدستور كان يمنحها قوة وإلزامية أكبر. وهي ” الإفتاء في المسائل القانونية للجهات التي يحددها القانون، ومراجعة وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية التي تحال إليه، ومراجعة العقود التي تكون الدولة طرفاً فيها”.
أما إعادة اختصاصات المحكمة الدستورية كما كانت في دستور 1971 فوصفه بصل بالأمر جيد، وعدم تحديد عدد لقضاتها رأى أنه أمر إيجابي وطبيعي ، لأن ما تضمنه دستور 2012 في هذا الشأن “عبث”.
أخيراً، نبه بصل إلى أن الاعلان الدستوري لم ينظم الإجراء الواجب اتباعه عند غياب رئيس الجمهورية لأي سبب قدري، وبصفة خاصة الوفاة. ورأى أنه كان من المفترض “وضع نص يؤكد أن رئيس المحكمة الدستورية العليا –بصفته- يكون رئيساً للجمهورية طوال فترة العمل بهذا الإعلان”.