باكستان “ساخطة” لمقتل جنودها وتغلق حدودها مع افغانستان
اعربت باكستان، الاحد، للولايات المتحدة عن “سخطها الشديد” ازاء ضربات جوية تتهم الحلف الاطلسي بتنفيذها عبر الحدود، ما اسفر عن مقتل 24 جندياً، في الوقت الذي أمرت اسلام اباد بمراجعة شاملة لعلاقتها المتوترة اصلا مع الولايات المتحدة والحلف الاطلسي. وتعتمد الولايات المتحدة على باكستان كشريان اساسي لامداد قواتها، التي يناهز عددها 130 الفا في افغانستان المجاورة. وقد سارعت واشنطن بتقديم العزاء، واعدة بتحقيق شامل في الحادث. وما زالت تساؤلات اساسية بانتظار الرد حول ملابسات ما حدث في الساعات الاولى من صباح السبت في مقاطعة مهمند في المناطق القبلية الحدودية بين باكستان وافغانستان، حيث تقول اسلام اباد ان الحلف الاطلسي استهدف موقعين حدوديين “من دون مبرر”. وصرح الامين العام لحلف شمال الاطلسي، اندرس فوغ راسموسن، الاحد، انه وجه رسالة مكتوبة الى رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني يعرب فيها عن اسفه لمقتل 24 جنديا باكستانيا في ضربة جوية، وهو الحادث الذي وصفه بـ”المأساوي وغير المقصود”. وقال راسموسن في بيان: “كتبت الى رئيس الوزراء الباكستاني لاوضح ان مقتل افراد من القوات الباكستانية هو امر غير مقبول وواجب الشجب شأنه شأن مقتل قوات افغانية ودولية”، مضيفاً أنه “كان حادثا مأساويا غير مقصود”. ومن المتوقع ان تنظر التحقيقات في ما اذا كانت القوات الافغانية والاميركية التي تعمل على الجانب الافغاني من الحدود تعرضت لاطلاق النار اولا، سواء من جانب مسلحين او من جانب الجيش الباكستاني. وفي تلك الاثناء اتصلت وزيرة الخارجية الباكستانية هينا رباني خار بنظيرتها الاميركية هيلاري كلينتون للاعراب عن “مشاعر السخط الشديد” لدى باكستان، في الوقت الذي نظم الجيش الباكستاني مراسم دفن جماعية للجنود القتلى. وقالت خار ان الهجمات على مراكز عسكرية “غير مقبولة البتة”، إذ تخالف القانون الدولي وتنتهك السيادة الباكستانية، ما يزيد العلاقات الاميركية- الباكستانية توترا، وهي متوترة اصلا منذ قتلت قوات اميركية خاصة زعيم تنظيم “القاعدة” اسامة بن لادن داخل باكستان في عملية خاصة في ايار/ مايو الماضي. وتحدثت الوزيرة الباكستانية مع كلينتون في وقت مبكر الاحد لابلاغها بالقرارات التي اتخذت خلال اجتماع طارئ بين وزارء في الحكومة وقادة عسكريين وتتضمن اغلاق طريق امدادات حلف شمال الاطلسي الى افغانستان فضلا عن اجراء مراجعة شاملة للعلاقات. وقال البيان ان “وزيرة الخارجية نقلت الى نظيرتها الاميركية مشاعر السخط الشديد التي تسود عموم باكستان بسبب خسارة 24 جنديا في ضربة الحلف الاطلسي التي استهدفت الموقع الباكستاني”. واضافت خار ان “مثل هذه الهجمات غير مقبولة البتة. انها تعبر عن ازدراء تام بالقانون الدولي وحياة البشر وتشكل انتهاكا فاضحا للسيادة الباكستانية”. وفي هذه الاثناء، اصدر وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا وكلينتون بيانا مشتركا من واشنطن اعربا فيه عن “اصدق تعازيهما” ودعمهما “لنية الحلف الاطلسي التحقيق فورا”، مؤكدين اهمية الشراكة الاميركية-الباكستانية، متعهدين بإبقاء التواصل عن كثب مع باكستان “في هذا الوقت المليء بالتحديات”. وأشارت باكستان ان تركيا، العضو في حلف شمال الاطلسي، ستطلب اجراء تحقيق محايد في الهجمات. وكانت باكستان اغلقت السبت حدودها مع افغانستان امام امدادات الحلف الاطلسي، ما اوقف وصول قوافل الامدادات عند معبري طرخام وتشامان على طريق الامداد البري الرئيسي للقوات الاميركية لافغانستان التي لا تطل على بحار، ويتعين نقل غالبية الامدادات التي ترسو في ميناء كراتشي الباكستاني على بحر العرب عبر الاراضي الباكستانية وصولا الى افغانستان. وكانت باكستان اغلقت في ايلول/ سبتمبر 2010 الطريق البري الرئيسي امام امدادات الحلف الاطلسي عند طرخام لمدة 11 يوما بعد اتهامها للحلف بقتل ثلاثة جنود باكستانيين، ثم اعيد فتح الحدود بعد تقدم الولايات المتحدة باعتذار رسمي. كما امرت باكستان القوات الاميركية بالرحيل عن قاعدة شمسي الجوية في غضون 15 يوما، وكانت تقارير اشارت الى ان القوات الاميركية استخدمت القاعدة في اطار توجيه الضربات بطائرات من دون طيار لاستهداف المسلحين في باكستان. وأوضحت اسلام اباد ان حكومتها “ستقوم بمراجعة كاملة لكافة البرامج والانشطة واتفاقات التعاون مع الولايات المتحدة والحلف الاطلسي وقوات “ايساف” (الدولية العاملة في افغانستان)، بما في ذلك العلاقات الدبلوماسية والسياسية والعسكرية والاستخبارية”. واقرت قوات الحلف الاطلسي التي تتزعمها واشنطن في افغانستان بانه من “المرجح جدا” ان تكون طائرات الحلف تسببت في مقتل الجنود قبيل فجر السبت. يذكر ان قوات الحلف تنفذ بشكل منتظم عمليات ضد متمردي طالبان القريبين من الحدود بين باكستان وافغانستان، وهي الحدود غير الواضحة في كثير من المناطق، ومن غير المعروف الى اي مدى تجري تلك العمليات بالتنسيق مع الجانب الباكستاني. وتعتمد باكستان التي تكافح حركة تمرد طالبانية محلية في شمالها الغربي، على مليارات الدولارات من المساعدات الاميركية. وكانت العلاقات بين باكستان والولايات المتحدة قد تردت منذ قتلت القوات الاميركية بن لادن حيث وجدته قرب اكبر اكاديمية عسكرية في باكستان ولم تطلع السلطات الباكستانية مسبقا على العملية. كما قتل متعاقد مع وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية باكستانيين اثنين في لاهور في كانون الثاني/ يناير الماضي.